الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ALMESSNID@
كان عام 2016 حافلاً بعمليات الاندماج والاستحواذ. في شهر أكتوبر وحده، تم الإعلان عن صفقات بحوالي 490 مليار دولار بما في ذلك شراء شركة AT&T لشركة تايم وورنر في صفقة بلغت 85.4 مليار دولار. ورغم أن هذا الاندماج الضخم في قطاع الاتصالات قد استحوذ على اهتمام إعلامي كبير، إلا أن معظم الناس لم يُبدُوا اهتماماً كبيراً لعمليات الاندماج أو الاستحواذ بين الشركات، وهذا خطأ. في عام 2015م، بلغت قيمة أصول الشركات التي أجرت عمليات اندماج واستحواذ أكثر من 4 ترليون دولار على المستوى العالمي، في حين أشارت دراسة حديثة إلى أن لهذه الصفقات آثاراً سلبية كبيرة على المستهلكين، حيث يمكن أن ترتفع الأسعار بين 15% إلى 50% دون ارتفاع مقابل في مستوى جودة البضائع المباعة.
من الناحية النظرية، يمكن أن يكون للاندماج والاستحواذ آثاراً إيجابية أو سلبية على الاقتصاد. في الماضي، كان عدد من الاقتصاديين يجادلون بأن عمليات الاندماج والاستحواذ تؤدي إلى إنشاء شركات جديد وكبيرة ترفع من مستوى الكفاءة، أي القدرة على توفير سلع بنفس المستوى من الجودة وبأسعار أقل من السابق، أو تقديم منتجات جديدة أفضل للمستهلكين. لكن في المقابل، تؤدي الاندماجات والاستحواذات إلى زيادة حجم الشركات مما يزيد من هيمنتها على السوق. هذا يحسن من قوة السوق ولكن من خلال ارتفاع الأسعار بدلاً من انخفاضها وبنفس الجودة السابقة. ويبقى السؤال: أي تأثير يتغلب على الآخر، تأثير الإنتاجية المرغوب أم تأثير قوة السوق غير المرغوب؟.
في الماضي، كانت الإجابة على هذا السؤال أقل وضوحاً نظراً لصعوبة التمييز بين هذه التأثيرات المتعارضة. ومع ذلك، طورت دراسة حديثة (من إعداد Bruce Blonigen من جامعة أوريغون و Justin Pierce من مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي) منهجية تجريبية جديدة للتغلب على هذه المشكلة. باستخدام بيانات تفصيلية من مجموعة واسعة ومتنوعة من الصناعات إلى جانب تقنيات تجريبية جديدة، وجدت الدراسة أن الاندماج والاستحواذ يزيدان بشكل كبير من هوامش الربح في المتوسط تتراوح بين 15% وأكثر من 50%، لكن ليس هناك دلالة إحصائية على وجود تأثير على الإنتاجية. وهكذا، في المتوسط، فإن التأثير الضار لقوى السوق يطغى على الفائدة المرجوة من تأثير الإنتاجية. أحد الآثار المترتبة على هذه النتائج هو ضرورة أن يصبح المنظّمين أكثر حذراً من السابق عندما يؤيدون هذه الصفقات.
لا يعني هذا أن جميع عمليات الاندماج والاستحواذ متعارضة. فالنتائج تعبر عن متوسطات عبر شركات عديدة، وفي بعض الحالات كان الاندماج والاستحواذ مفيداً. لكن التأثير السلبي الكبير – في المتوسط – يشير إلى أنه كان ينبغي عدم الموافقة على العديد من الصفقات السابقة. ما يحتاجه المنظّمون هو إيجاد طريقة لتحديد سمات الشركات والأسواق بحيث تتغلب الآثار النافعة عند اكتمال الصفقة. للأسف، نظراً لطبيعة سرية البيانات المستخدمة في الدراسة، لم يستطع الباحثان تقديم الكثير من التوجيه بشأن هذه المسألة، لكنهما استطاعا تقديم التقنيات التجريبية التي يمكن استخدامها لتوفير هذا النوع من المعلومات للمنظّمين.
لكن أفضل المعلومات قد لا تصنع الكثير من الفرق. في السنوات المقبلة، أهم عامل يحدد درجة تطبيق القوانين التي تحارب تركز السوق هو المؤسسات الحكومية كلجنة التجارة الفيدرالية ووزارة العدل اللذان نصبهما دونالد ترامب لتولي هذا الملف.
ونظراً لوعد ترامب بالحد من الأنظمة، فإنه من الصعب التفاؤل بتغيير حالة الاتجاه العام نحو الهيمنة على السوق نتيجة اندماج الشركات في السنوات الأخيرة. على أية حال، سبق وأن تعهد ترامب بمحاولة منع صفقة اندماج AT&T وتايم وورنر، والتي كانت من المحتمل أن تؤدي إلى رفع الأسعار على المستهلكين. كما أنه قد أبدى رغبته في خفض قوة أمازون في السوق. لكن يظهر أن كلتا الحالتين قائمتان على الثأر من ترامب عبر التغطية الإعلامية المضادة لحملته الانتخابية وتحديداً من شبكة CNN (وهي جزء من شبكة تايم وورنر) وصحيفة واشنطن بوست (المملوكة لـ Jeff Bezos مؤسس ومدير أمازون)، أكثر مما هي انعكاس لمواقف ترامب السياسية العامة.
لقد قدم ترامب الكثير من الوعود، مع تحيزه أحياناً لكل الأطراف في بعض القضايا اعتماداً على مواقف الجمهور. إن الاختبار الحقيقي ليس فيما يقوله عن تطبيق قانون منع الاحتكار (أو أي مسألة أخرى)، وإنما فيما سيفعله بمجرد أن يصبح رئيساً. إذا ما كان هناك مؤشرات حول وعود ترامب، فإن تنظيم النشاط التجاري سيكون في ذيل جدول أعماله، بل ربما ليست في دائرة اهتمامه إطلاقاً. سيكون هذا خبراً سيئاً بالنسبة للمستهلكين، وسبب آخر لعدم تجاهل اندماج واستحواذ الشركات.
(مترجم عن CBS)
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال