السبت, 3 مايو 2025

السعودية تستحوذ على أعلى نسبة من مشروعات قطاع التعليم في المنطقة 

جلوبل: دور أكبر للقطاع الخاص لمواكبة الطلب على المدارس الخاصة والمناهج العالمية في الخليج

شهد قطاع التعليم في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تطوراً ملحوظاً على مدى السنوات الأخيرة. حيث ارتفعت معدلات محو الأمية والالتحاق بالمدارس إلى أعلى مستوياتها في الوقت الحاضر. فقد تخطى متوسط معدلات محو الأمية للشباب والبالغين أكثر من 97 في المائة و90 في المائة على التوالي. 

كما تحسن المعدل الإجمالي للالتحاق بشتى المستويات التعليمية في دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات القليلة الماضية. وعلى مدى العقد الماضي، اكتسب قطاع التعليم أهمية كبرى بين دول مجلس التعاون الخليجي حيث شهد القطاع تحسناً متواصلاً واستثمارات مرتفعة (معظمها حكومية). وقد أصبح نمو قطاع التعليم من أهم الأولويات في أعقاب أحداث الربيع العربي التي اندلعت في مطلع العام 2011.

اقرأ المزيد

المصدر: اليونسكو ومصادر أخرى (للعام 2015)

إن التوجه الحالي في قطاع التعليم بدول مجلس التعاون الخليجي إلى تفضيل المدارس الخاصة وذات المناهج الاجنبية وتزايد استخدام التكنولوجيا. وقد شهد الطلب على المدارس الخاصة إرتفاعاً من قبل الوافدين والمواطنين على مدى العقد الماضي كون الإعتقاد السائد بأن المدارس الخاصة، ولاسيما تلك التي تتبع المناهج الأجنبية، توفر نوعية أفضل من التعليم. ويشهد القطاع فرص نمو من حيث المشروعات التعليمية الجديدة المرتقبة (مدارس وكليات)، كما يجذب سوق التعليم الالكتروني المستثمرين ومشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في قطاع التعليم. بالإضافة إلى أن التركيبة السكانية المواتية ومشاركة القطاع الخاص، وارتفاع مستويات الدخل، والميل نحو تحسين جودة التعليم تعتبر محركات نمو قطاع التعليم. 

وعلى الرغم من ذلك، يواجه القطاع عدد من التحديات تتمثل في نقص أعداد المعلمين المؤهلين، والانخفاض النسبي في معدلات الالتحاق بالتعليم العالي، وارتفاع تكلفة البناء، وعدم موائمة جودة التعليم مع المعايير الدولية. وقد أدت هذه التحديات إلى اختلال التوازن بين المهارات التعليمية وسوق العمل. ويتم موازنة هذا الخلل بين العرض والطلب عن طريق المبادرات الحكومية وزيادة التركيز من خلال الإصلاحات والاستثمارات المختلفة في هذا القطاع.

الحكومة تتصدر الانفاق على التعليم
عمدت الحكومات بدول مجلس التعاون الخليجي إلى تخصيص حصة كبيرة من موازناتها لقطاع التعليم. وعلى الرغم من أن تراجع أسعار النفط قد أثر على الموارد الرئيسية للدخل، إلا ان عُمان والسعودية والامارات خصصت أكثر من 20 في المائة من إجمالي موازنة العام 2016 لتنمية قطاع التعليم. ويشير تخصيص الدول إلى حصة كبيرة من ميزانياتها لصالح قطاع التعليم إلى توجه الحكومات للتركيز على التنمية الشاملة للمنظومة التعليمية.

 ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى توفير قوى عاملة مؤهلة تناسب متطلبات العمل وتعالج مشكلة البطالة. وتعد الحصة المخصصة للتعليم في دول مجلس التعاون الخليجي أعلى مقارنة بالدول المتقدمة مثل ألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية. ففي العام 2016، رصدت السعودية (22.7 في المائة)، والامارات (21.2 في المائة)، وعُمان (21.0 في المائة) أعلى نسب للقطاع التعليمي من الناتج المحلي الإجمالي، تلتها الكويت (15 في المائة)، وقطر (10.1 في المائة)، والبحرين (9.2 في المائة). وبالمقارنة بالدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية (15.2 في المائة)، والمملكة المتحدة (11 في المائة)، وألمانيا (5.2 في المائة)، فإن دول مجلس التعاون الخليجي الثلاث الأولى قد انفقت نسبة أعلى على التعليم. وإذا نقارنا الإنفاق الحكومي لكل طالب، نجد أن دول مجلس التعاون الخليجي تنفق أقل من كثير من الدول المتقدمة ولكن أعلى من متوسط منظمة التعاون والتنمية. فتنفق دول المنطقة حوالي 11,000 دولار لكل طالب مقابل متوسط يبلغ 9,000 دولار لبلدان منظمة التعاون والتنمية وحوالي 12,000 دولار أمريكي لكل من استراليا والولايات المتحدة.

المصدر: اليونسكو وموازنات دول مجلس التعاون الخليجي ومصادر أخرى (للعام 2015)

دول مجلس التعاون الخليجي في مراتب متأخرة في جودة التعليم
إن جودة التعليم في دول مجلس التعاون الخليجي أقل من الدول المتقدمة، وبالأخص من حيث مؤهلات العاملين والمناهج التعليمية. ووفقاً للبيانات الصادرة عن تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي للتنافسية للعام 2016-2017،  فيأتي ترتيب دول مجلس التعاون الخليجي كالتالي:

المعايير

البحرين

الكويت

قطر

عُمان

السعودية

الإمارات العربية المتحدة

الولايات المتحدة

المملكة المتحدة

المانيا

مستوى التعليم الابتدائي

36

103

6

78

64

12

25

24

20

مستوى نظام التعليم (التعليم العالي والتدريب)

25

86

5

80

48

10

17

21

13

مستوى المواد العلمية والرياضيات

29

105

5

89

65

10

33

38

17

مستوى الادارة  في المدارس

34

92

5

119

55

16

7

2

23

استخدام الانترنت في المدارس

39

91

11

84

65

4

17

14

37

توفر خدمات التدريب المتخصص

35

113

18

112

76

22

16

6

13

توفر تدريب للموظفين

26

80

8

49

57

16

15

20

12

تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي التنافسي لعام 2016-2017

ويعد مستوى التعليم في كل من قطر والامارات مرتفعاً أسوة بالدول المتقدمة. وقد جاء ترتيب كلا من قطر والامارات والبحرين في مراتب متقدمة في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي للتنافسية للعام 2016-2017 من حيث مستوى وجودة نظام التعليم مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. وكان معدل الالتحاق بالتعليم الابتدائي مرتفعا في كافة دول مجلس التعاون الخليجي، في حين كان معدل الالتحاق بالتعليم الثانوي مرتفعاً في السعودية وقطر وعمان، وأقل نسبياً في كل من البحرين والكويت والامارات. وتشهد المنطقة ازدياد عدد الطلاب المسجلين في الجامعات لتلقي التعليم العالي في الخارج بهدف الحصول على مستوى عال من التعليم تفتقره جامعات المنطقة. وقد جاءت كافة دول مجلس التعاون الخليجي في مرتبة متدنية من حيث معدل الالتحاق بالتعليم العالي. وجاء ترتيب قطر والبحرين والامارات ضمن أفضل الدول من حيث جودة إدارة المدارس، في حين كان ترتيب باقي الدول أقل نسبياً. كما جاء ترتيب كل من الامارات وقطر والبحرين ضمن المراتب المتقدمة من حيث توفر الإنترنت في المدارس، في حين كان ترتيب باقي الدول أقل نسبياً. أما نسبة التلاميذ إلى المعلمين للتعليم الابتدائي، فإن متوسط دول مجلس التعاون الخليجي يعد أفضل من الاقتصادات الأخرى حيث تبلغ النسبة في دول مجلس التعاون الخليجي حوالي 12.3 تلميذ لكل معلم مقابل 23.8 في العالم و25.7 في الدول النامية و14.3 في الدول المتقدمة.

 

المصدر: اليونسكو (للعام 2014)
زيادة مشاركة القطاع الخاص من المتطلبات الحالية     
ارتفع الطلب على المدارس الخاصة من قبل الوافدين والمواطنين في دول مجلس التعاون الخليجي على مدى العقد الماضي. حيث توفر المدارس الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي تعليماً أساسياً بالمجان للمواطنين فقط. لذا كان هناك طلباً متزايداً على المدارس الخاصة مع ازدياد عدد الوافدين في المنطقة. وقد جاءت قطر والامارات في طليعة الدول الجاذبة للاستثمارات الخاصة نحو قطاع التعليم نظراً لكونهما موطن لعدد كبير نسبياً من المجتمعات الوافدة. وتبرز كلا من قطر والامارات كمراكز للتعليم العالي لما لديهما من أعداد كبيرة من المدارس والجامعات والمعاهد التعليمية العالمية نتيجة البيئة الاستثمارية المشجعة. وقد بلغ عدد الطلاب في الامارات في العام 2015 حوالي مليون طالب (بمعدل نمو سنوي مركب 4 في المائة للفترة ما بين 2010 و2015) معظمهم في المدارس الخاصة (حوالي 71 في المائة من إجمالي عدد الطلاب). كما ارتفع عدد الطلاب في المدارس الخاصة بمعدل نمو سنوي مركب 5.5 في المائة خلال الفترة ما بين 2010 و2015. وعلى الرغم من توفير المدارس الحكومية للتعليم بالمجان، إلا ان المواطنين، كما الوافدين، يفضلون المدارس الخاصة، ويعزى هذا لنوعية التعليم الأفضل التي تقدمها تلك المدارس. كما ينظر للمدارس الأجنبية على انها توفر جودة أفضل للغة الإنجليزية للطلاب. وتقوم الحكومات بزيادة دعم القطاع الخاص من خلال توفير سياسات مواتية للمستثمرين وتذليل الصعوبات التي تواجههم. حيث تهدف الحكومات نحو رفع مشاركة القطاع الخاص لتحسين النظام التعليمي. كما ان النمو التدريجي لمجتمع الوافدين قد ساهم في ارتفاع عدد المدارس الخاصة في السعودية.

التركيبة السكانية أساسية لنمو الطلب
 لدى دول مجلس التعاون الخليجي أعلى معدلات النمو السكاني على مستوى العالم. وقد سجل النمو السكاني بدول مجلس التعاون الخليجي نمواً سنوياً بعدل 3.1 في المائة خلال الفترة ما بين 2010 و2015، ويتوقع أن يرتفع بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 2.4 في المائة خلال الفترة ما بين 2015 و2020 ليصل إلى 60 مليون نسمة. ووفقاً لشعبة السكان في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، فإن حوالي 40 في المائة من التعداد السكاني المقدر بدول مجلس التعاون الخليجي كانت أعمارهم دون 25 سنة في العام 2015. حيث أن تحسن معدلات المواليد ومتوسط الأعمار المتوقعة للمواطنين، إلى جانب ازدياد عدد الوافدين، قد أدى إلى نمو مطرد في القاعدة السكانية بالمنطقة. كما يتوقع أن يؤدي الازدياد المطرد للقاعدة السكانية في سن الالتحاق بالمدارس والكليات إلى تزايد عدد الطلاب، الأمر الذي من شأنه أن يزيد الطلب على التعليم في المنطقة، بما يصب في مصلحة قطاع التعليم في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. إلى جانب ذلك، تجذب المنطقة العديد من المدارس والجامعات الدولية لتلبية متطلبات المناهج الدولية للوافدين.

ارتفاع مستويات الدخل تبقي على ازدهار معدلات الطلب
تعد دول مجلس التعاون الخليجي من أغنى دول العالم. ففي العام 2015، جاءت أربع من ضمن الستة دول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي (وهي قطر والكويت والامارات والسعودية) ضمن قائمة أغنى 10 دول على مستوى العالم، حيث اتت قطر في الصدارة. ويعزى ذلك اساساً إلى ارتفاع المخزون النفطي إلى جانب توسع القطاع غير النفطي. وعلى الرغم من التأثير الذي احدثه تراجع أسعار النفط مؤخراً على موارد تلك الدول، فمن غير المحتمل أن تتحول الى ظاهرة على المدى الطويل. وسوف يكون الانفاق الحكومي مدعوماً في الغالب بالتنوع في القطاعات غير النفطية، والاحتياطات الكبيرة من النقد الأجنبي، والتدابير المالية مثل خطة تطبيق ضريبة القيمة المضافة. إن توافر مستويات مرتفعة من الدخل الفردي القابل للصرف، إلى جانب وجود ميل قوي للإنفاق على التعليم الجيد، سيكون أكبر قوى دافعة لنمو قطاع التعليم. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، يقدر متوسط دخل الفرد الواحد من الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي (بالأسعار الحالية) بحوالي 26,458 دولار أمريكي في العام 2015، ويتوقع أن يرتفع بمعدل سنوي مركب بنسبة 3 في المائة تقريباً ليصل إلى 30,434 دولار في العام 2020. 

ويتمتع المواطنون بالعديد من المزايا مثل مجانية التعليم الحكومي ومجانية الرعاية الصحية، وبيئة خالية من الضرائب، ضمن العديد من المزايا الأخرى، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع مستوى الدخل الفردي بين السكان. لذا يتوقع أن يؤدي ارتفاع مستوى الدخل، إلى جانب التفضيل القوي للتعليم الجيد في دفع القطاع قدماً.

استمرار الدعم والمشاركة الحكومية بقوة
قامت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي في اتخاذ بعض المبادرات لتنمية قطاع التعليم من حيث تخصيص نفقات في الموازنة والإصلاحات طويلة المدى واستراتيجيات التنمية. حيث قامت السعودية بتخصيص مبلغ 53.3 مليار دولار ضمن موازنة العام 2017 (وهي اعلى نسبة مساهمة، أي بنسبة 22.5 في المائة من إجمالي النفقات) للإنفاق على التعليم والتدريب.

 وقد تم تأسيس مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام (تطوير) في العام 2007 بهدف اصلاح النظام التعليمي في المملكة. ويهدف برنامج تطوير، بميزانية قدرها  2.4 مليار دولار أمريكي، إلى تحسين جودة الخريجين في المملكة.

 كما تم تأسيس برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للابتعاث الخارجي في العام 2005 ليوفر التمويل الكامل لدعم آلاف الطلبة السعوديين للدراسة بالخارج والذي يتوقع أن يمول حوالي 55 ألف طالب حتى العام 2020. وفي مايو 2014، قام الملك عبد الله بالموافقة على خطة خمسية بقيمة تفوق 80 مليار ريال سعوي (21.3 مليار دولار أمريكي) لتطوير قطاع التعليم. وتتضمن تلك الخطة بناء 1,500 روضة أطفال، وتوفير التدريب اللازم لعدد 25 ألف معلم، وانشاء مراكز تعليمية. وكجزء من الجهود الحكومية الرامية نحو تنويع مصادر الدخل وتقليص الإنفاق العام، تقوم الحكومة أيضاً بالتخطيط لخصخصة بعض المدارس والمنشآت الحكومية. 
وتتوقع الحكومة ارتفاع اعداد الطلبة الملتحقين بالمدارس الخاصة من 15 في المائة إلى 25 في المائة. كما تعتزم شركة تطوير للمباني المملوكة للحكومة ان تشكل شراكة بين القطاعين العام والخاص لبناء وتمويل منشآت تعليمية بتكلفة قدرها 45 مليار ريال سعودي على مدى الخمس سنوات القادمة.

من جهة أخرى، يتمثل نهج الحكومة الكويتية في تطير قطاع التعليم من خلال تطوير المناهج، وتشجيع التعليم الفعال، وبناء الجامعات المتميزة، وتحفيز التعليم العالي، بما يصب في مصلحة القطاع. وقد قامت الحكومة بإطلاق المرحلة الثانية من مشروع تطوير جودة التعليم في المدارس بنهاية مارس 2015. حيث بدأت وزارة التربية الكويتية والمركز الوطني لتطوير التعليم والبنك الدولي في تنفيذ اتفاقية التعاون الفني لمدة خمس سنوات والتي تركز على إصلاحات نظام التعليم. ويتمثل جدول الأعمال الرئيسي للبرنامج في توفير الدعم لبناء القدرات، وتحسين جودة التعليم والتدريس، والاشراف على تأثيره على المدارس والطلبة. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يتوقع لمشروع المدينة الجامعية أن يزيد اعداد الملتحقين بالتعليم العالي.

اما في الإمارات، تهدف الحكومة لبناء أفضل نظام تعليمي، لذا تقوم بالاستثمار لتحسين جودة التعليم والمدارس، وتزويد المدارس والكليات بالأجهزة الذكية، وتوظيف المعلمين المعتمدين دولياً. حيث تهدف خطة العشر سنوات لوزارة التربية والتعليم الاستراتيجية للأعوام 2010 – 2020 إلى تزويد الطلبة بمناهج عالية الجودة وتعليم ممتاز وتحسين الحياة الطلابية وتوفير تعليم عالي الجودة بتكلفة مقبولة، فضلاً عن تعزيز الهوية الوطنية وتأكيد الكفاءة الإدارية. في حين يهدف برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي، الذي يبلغ تكلفته 1 مليار درهم اماراتي، إلى تزويد كل طالب بجهاز لوحي ذكي وتوفير شبكات انترنت الجيل الرابع فائقة السرعة بحلول العام 2019. وفي يونيو 2009، قام مجلس أبو ظبي للتعليم بإطلاق خطته الاستراتيجية لتطوير التعليم للسنوات العشر المقبلة لمواجهة تحديات توفير التعليم منذ مرحلة رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر. 

نمو قطاع التعليم العالي يشير إلى توافر الفرص الاستثمارية
شهدت معدلات الالتحاق بمراحل التعليم المختلفة تحسناً ملحوظاً في الأعوام الماضية. وكان صافي معدل الالتحاق بالتعليم الابتدائي في البحرين هو الأعلى بنسبة 96.9 في المائة مقارنة بمتوسط دول مجلس التعاون الخليجي البالغ 93.3 في المائة. في حين بلغ المعدل الإجمالي للالتحاق بالتعليم الثانوي في قطر 109.4 في المائة مقابل متوسط دول مجلس التعاون الخليجي البالغ 100.8 في المائة (النسبة تفوق الـ 100 في المائة كونها تضم طلاب تتجاوز أعمارهم الفئة العمرية المحددة مسبقا للمرحلة الثانوية). اما في السعودية، فقد كان المعدل الإجمالي للالتحاق بالتعليم العالي هو الأعلى حيث بلغ نسبة 61.1 في المائة مقابل متوسط دول مجلس التعاون الخليجي البالغ 31.9 في المائة.

 وجدير بالذكر أن المعدل الإجمالي للالتحاق بالتعليم العالي قد بدأ يشهد نمواً مطرداً على مدى السنوات. ويعزى هذا النمو في الأساس لافتتاح جامعات وكليات عالمية وتزايد المبادرات الحكومية مما يشير إلى أن الجهود التي تبذلها الحكومة ومواطنيها للحصول على التعليم العالي وتنمية القدرات من اجل تنويع  اقتصادها والتوافق مع الصورة العالمية قد أتت بثمارها.

معدل الالتحاق بالمدارس

معدل الالتحاق بالتعليم الابتدائي (صافي)

معدل الالتحاق في التعليم الثانوي (اجمالي)

معدل الالتحاق بالتعليم العالي (إجمالي)

البحرين

96.90%

99.40%

36.80%

الكويت

92.90%

93.60%

27.00%

عُمان

91.10%

101.90%

28.60%

قطر

92.10%

109.40%

15.80%

السعودية

96.40%

108.30%

61.10%

الإمارات العربية المتحدة

90.70%

92.30%

22.00%

تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي التنافسي لعام 2016-2017 واليونسكو
سوق التعليم الالكتروني من المناطق الواجب تقصيها 
من ضمن 143 دولة على مستوى العالم، جاءت دول مجلس التعاون الخليجي ضمن أفضل 50 دولة باستثناء دولة الكويت التي جاءت في المرتبة 72. وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية، استمرت دول مجلس التعاون الخليجي بزيادة استثماراتها لتحديث نظمها التعليمية. وبغية تسهيل فعالية التعليم الإلكتروني، تقوم الدول بالتبني تدريجياً تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

 ومن المتوقع ان يتسع سوق التعليم الالكتروني بالشرق الأوسط بمعدل نمو سنوي مركب 8.2 في المائة ليصل إلى 560.7 مليون دولار أمريكي خلال الفترة ما بين 2014 و2016 ويتوقع أن تشهد عُمان والكويت وقطر أعلى معدلات النمو. وقد ارتفعت حصة قطاع التعليم من شحنات الأجهزة اللوحية إلى الشرق الأوسط إلى 10.3 في المائة في النصف الأول من العام 2014. وقد دشنت الكويت برنامج التعليم الالكتروني في العام 2011، بهدف تحويل الكتب الدراسية إلى كتب رقمية وطرح منتجات التعليم الالكتروني في المدارس. وأصبح موقع «دورات دوت أورج» الذي أسسه محمد السريع في الكويت في العام 2011 هو المركز الرئيسي للدورات التدريبية لدول مجلس التعاون الخليجي، كما قام بإطلاق دورات واسعة النطاق على الانترنت باللغة العربية في مجال التسويق والأعمال التجارية والتصوير الفوتوغرافي.

بالإضافة إلى ذلك، تم تقديم العديد من برامج التعليم الالكتروني المبتكرة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. فعلى سبيل المثال، يوجد في الامارات برنامج محمد بن راشد للتعلم الذكي، وهو برنامج متكامل للتعليم الالكتروني يهدف إلى خلق بيئة تعليمية جديدة في المدارس. ويقوم هذا البرنامج الذي تصل مدته إلى خمس سنوات بتكلفة إجمالية 1 مليار درهم اماراتي بتغطية كافة المدارس الحكومية. وفي العام 2012، أطلقت وزارة التربية والتعليم السعودية برنامج المدرسة الذكية بتكلفة 800 مليون ريال سعودي، والذي يهدف إلى تجهيز الفصول الدراسية بوسائل التكنولوجيا الحديثة بهدف جعل العملية التعليمية أكثر سهولة ومرونة ومتعة. في حين قام المجلس الأعلى للتعليم في قطر بإطلاق برنامج التعليم الالكتروني لتحديث النظام التعليمي من خلال تبني التقنية الرقمية.

توفر فرص عديدة للشراكة بين القطاعين العام والخاص
تأثر الوضع المالي لدول مجلس التعاون الخليجي نتيجة الهبوط الحاد في أسعار النفط مما أدى إلى  تأخير العديد من مشاريع البنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك، فقد تم تمديد فترات السداد للعديد من المشاريع قيد التنفيذ. ويحمل هذا الوضع فرصاً وفيرة للشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجالات التشغيل،  والتمويل لأصول البنية التحتية العامة. حيث يتوقع أن تتوجه حكومات دول مجلس التعاون الخليجي إلى القطاع الخاص لتمويل مشروعات البنية التحتية. وتوفر قطاعات البنية التحتية الاجتماعية مثل التعليم فرصاً لمجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وفي حقيقة الأمر، فقد بدأت الحكومات بالفعل بتشجيع تعزيز مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد وايضاً في محاولات التنويع. وفي فبراير 2016، اطلقت وزارة التربية والتعليم السعودية مبادرة جديدة لتشجيع مساهمة القطاع الخاص في قطاع التعليم. وتهدف تلك المبادرة إلى زيادة عدد الطلبة في المدارس الخاصة من نسبة 15 في المائة إلى 25 في المائة خلال السنوات القليلة القادمة. 

من جهة أخرى، صرح المدير العام لمجلس أبو ظبي للتعليم بضرورة الشراكة بين القطاعين العام والخاص لنقل قطاع التعليم إلى المستوى التالي. كما ذكر أن الشراكة مع الشركات الخاصة لإصلاح نظام التعليم تعد السبيل الأكثر مهنية للمضي قدما، ويعد جزءاً من رؤية أبو ظبي 2030.

نقص المعلمين المؤهلين هو العائق الأساسي
مع اتساع القاعدة الطلابية وتضاؤل عدد المعلمين، يصبح من الصعب على دول مجلس التعاون الخليجي جذب المعلمين المؤهلين. ويعزى سبب نقص المعلمين المؤهلين إلى عدة عوامل من ضمنها انخفاض أجور المعلمين وضعف الإدارة في المدارس. توفر المدارس الخاصة للمعلمين منافع اقتصادية تفوق تلك التي توفرها المدارس الحكومية كما أن المعلم لم يعد يحظى بالمكانة الاجتماعية والاحترام الذي كان يتمتع بهما سابقاً مما يجعل من الصعب إيجاد المعلمين المؤهلين والاحتفاظ بهم. ويتم تعيين نسبة كبيرة من معلمي دول مجلس التعاون الخليجي من دول أجنبية، تتراوح مدد تعاقدهم لفترات بين عامين وثلاثة أعوام. وتعد تكاليف الإقامة والسفر والسكن من اعلى النفقات التي تتكبدها المدارس نظراً لارتفاع تكاليف المعيشة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.

ونظراً لقلة عدد المعلمين المحليين وتضاؤل نسبة المواطنين الراغبين في التدريس، تعتمد منطقة دول مجلس التعاون الخليجي بصفة أساسية على الوافدين لتلبية النقص في أعداد المدرسين. وقد أطلقت مجموعة “جيمس” للتعليم عدة مبادرات مثل جائزة المعلم العالمية، بقيمة مليون دولار أمريكي لإلهام جيل الشباب للانضمام إلى قطاع التدريس. كما أطلقت قطر برنامج “علم من أجل قطر”، وهو يدار من قبل الحكومة القطرية بهدف توفير التدريب والتنمية للخريجين والمهنيين للتدريس في الفصول الدراسية والمدارس عالية الحاجة ولاتخاذ التدريس كخيار مهني. وعلى الرغم من التدابير المتخذة لمعالجة النقص، إلا أن المدارس تقوم بإستقطاب المعلمين المؤهلين من خلال تقديم حوافز مالية أعلى. أما في الامارات، هنالك نقص في عدد المعلمين مما يمثل تحدياً كبيراً، فهناك حاجة لتعيين ما لا يقل عن 14 ألف معلم خلال 4 إلى 5 سنوات القادمة. وتقوم الحكومة والقطاع الخاص على حد سواء بتطبيق برامج تدريب المعلمين لتعزيز القوى العاملة. حيث يؤدي المعلمين غير المؤهلين إلى التأثير سلباً على الأداء الأكاديمي للطلبة، وخاصة بسبب تعليم المناهج بأسلوب غير منتج.

ارتفاع تكاليف بناء المدارس يعد أحد عوائق دخول السوق  
ارتفعت تكاليف البناء في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي نظراً لارتفاع أجور المقاولين والعمال، بالإضافة إلى أسعار مواد البناء والتشييد مثل الحديد والاسمنت. حيث يعد ارتفاع تكلفة إنشاء المدارس والجامعات والكليات من أكبر العقبات. وتعد تكلفة البناء في قطر هي الأعلى على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. كما يضع ميناء الدوحة قيوداً على حجم الواردات، الأمر الذي أدى إلى زيادة ارتفاع التكاليف وجعل تكاليف البناء في قطر هي الأعلى على مستوى العالم. وقد أنشأت الحكومة في قطر مجلساً لترتيب أولويات المشروعات الكبرى، ومراجعة التكاليف وطرح طرق بديلة للتمويل والتعاقد. ويعتقد قلة من الاقتصاديين أن تراجع أسعار النفط قد تكون بادرة لانطلاق قطاع الإنشاء في منطقة الخليج. وذلك نظراً لأنه يتوجب على الحكومات في الفترة الحالية ترتيب أولويات المشروعات الكبرى، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع الطلب على العمالة والمواد الخام، ومن ثم التأثير على الأسعار.

معدلات الالتحاق بالتعليم العالي
لاتزال معدلات الالتحاق بالتعليم العالي منخفضة في دول مجلس التعاون الخليجي مقارنة بالدول المتقدمة (بلغ المعدل الإجمالي للالتحاق بالتعليم العالي في الولايات المتحدة نسبة 86.7 في المائة وفي ألمانيا 65.5 في المائة)، بما يعكس التفاوت بين مهارات الخريجين ومتطلبات سوق العمل. حيث تعد فجوة المهارات سبب ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب في المنطقة مما يؤدي إلى عزوف الطلبة عن الالتحاق بالتعليم العالي. وبعد إدراك دول مجلس التعاون الخليجي لتلك الفجوة، قامت بالسعي لتحسين التعليم العالي. وقد ضاعفت دول مجلس التعاون الخليجي استثماراتها في مجال التعليم العالي بمعدل 4 اضعاف على مدى العشر سنوات الماضية.

مشروعات جديدة قيد الإنشاء
يوجد لدى دول مجلس التعاون الخليجي عدد من المشروعات الكبرى قيد الإنشاء. وقد أدت الاستثمارات الحكومية إلى جانب مساندة القطاع الخاص إلى تزايد مشروعات قطاع التعليم في المنطقة. وتستحوذ السعودية على أعلى عدد من المشروعات، تتبعها قطر، ثم الامارات والكويت. إلى جانب ذلك، يتم انشاء عدد من المدارس والكليات في جميع أنحاء المنطقة كجزء من الخطط الاستراتيجية للحكومات لزيادة الكثافة الطلابية. ووفقاً للمدير العام لهيئة المعرفة والتنمية البشرية د. عبد الله الكريم، سيتم افتتاح ما بين 15-20 مدرسة خاصة جديدة في دبي خلال العام الدراسي 2016-2017. كما أنه من المقرر أن يقوم مجلس أبو ظبي للتعليم بافتتاح 100 مدرسة حكومية في العام 2020 ضمن مشروع مدارس المستقبل. 

من جهة أخرى، وفي إطار معالجة الكويت لقضية جودة التعليم، قامت الحكومة الكويتية بالشراكة مع القطاع الخاص بطرح البرنامج الحكومي والخطة الإنمائية لوزارة التربية لتحسين جودة المدارس. حيث سيتم في المرحلة الأولى من البرنامج، إنشاء تسع مدارس (مدرسة متوسطة واحدة، وثلاث مدارس ابتدائية، وخمس رياض أطفال)، بالإضافة إلى سكن لأعضاء هيئة التدريس وحمام سباحة اوليمبي. وبهدف تعزيز البنية التحتية للتعليم في دولة قطر، قامت هيئة الاشغال العامة بترسيه عقود بقيمة تفوق 343 مليون دولار أمريكي لأنشاء 17 مدرسة جديدة و6 رياض أطفال. ويتم العمل حالياً لإنجاز 38 مدرسة ورياض اطفال بتكلفة 474 مليون دولار أمريكي. كما وقعت شركة مدينة لوسيل للتطوير العقاري اتفاقا مع أربع مدارس خاصة لافتتاح فروعاً لها في المدينة الجديدة في قطر. وتم تخصيص قطعة أرض بمساحة 75 ألف متر مربع لإقامة تلك المدارس. وتخطط المدينة على المدى البعيد لإقامة 26 مدرسة بطاقة استيعابية تصل إلى 26 ألف طالب. وفي البحرين، يتوقع إفتتاح فرع لجامعة البحرين في العام 2018 على قطعة أرض بجوار مستشفى الملك حمد الجامعي في المحرق.

ذات صلة



المقالات