السبت, 20 أبريل 2024

قال في كلمته بعد ترأسه القمة ندعم حل الأزمة في اليمن بحل سياسي وفق المبادرة الخليجية 

خادم الحرمين للقادة في قمة الظهران: نطرح أمامكم مبادرة للتعامل مع التحديات التي تواجهها الدول العربية .. ونحمّل ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران استمرار معاناة اليمن 

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في كلمته عقب انطلاق قمة الظهران إن المملكة تدعم حل الأزمة في اليمن بحل سياسي وفق المبادرة الخليجية وتدعم المجتمع الدولي في جهوده لإيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن و تحمّل ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران المسؤولية كاملة لاستمرار المعاناة في اليمن، مرحبا بالبيان الصادر عن مجلس الأمن الذي أدان بشدة إطلاق ميليشيات الحوثي الإرهابية صواريخ باليستية إيرانية الصنع تجاه المدن السعودية.

وتابع: من أخطر ما يواجهه عالمنا اليوم هو تحدي الإرهاب الذي تحالف مع التطرف والطائفية لينتج صراعات داخلية اكتوت بنارها العديد من الدول العربية و نجدد في هذا الخصوص الإدانة الشديدة للأعمال الإرهابية التي تقوم بها إيران في المنطقة العربية، ونرفض تدخلاتها السافرة في الشؤون الداخلية للدول العربية وسلوك إيران الإرهابي في المنطقة تهديد للأمن القومي العربي.

وعن القضية الفلسطينية قال: هي قضيتنا الأولى وستظل كذلك حتى حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة.

اقرأ المزيد

وأضاف: نجدد التعبير عن استنكارنا ورفضنا لقرار الإدارة الأمريكية المتعلق بالقدس، فإننا ننوه ونشيد بالإجماع الدولي الرافض له، ونؤكد على أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية.

وحول ليبيا قال الملك سلمان : ندعم مؤسسات الدولة الشرعية في ليبيا، والتمسك باتفاق الصخيرات هما الأساس لحل الأزمة الليبية، والحفاظ على وحدة ليبيا وتحصينها من التدخل الأجنبي واجتثاث العنف والإرهاب.

وتابع: طرحنا أمامكم مبادرة للتعامل مع التحديات التي تواجهها الدول العربية بعنوان (تعزيز الأمن القومي العربي لمواجهة التحديات المشتركة)، مؤكدين على أهمية تطوير جامعة الدول العربية ومنظومتها و نرحب بما توافقت عليه الآراء بشأن إقامة القمة العربية الثقافية، آملين أن تسهم في دفع عجلة الثقافة العربية الإسلامية.

واختتم خادم الحرمين حديثه:” أؤكد لكم أن أمتنا العربية ستظل بإذن الله رغم أي ظروف عصية برجالها ونسائها طامحة بشبابها وشاباتها.

وبدأت اليوم أعمال القمة العربية في دورتها العادية التاسعة والعشرين بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي في الظهران.
وتليت في بداية أعمال القمة آيات من القرآن الكريم.

ثم ألقى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية رئيس القمة العربية السابقة كلمة أعرب فيها عن شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على حسن الاستقبال وكرم الضيافة.

بعد ذلك تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود رئاسة الدورة العادية التاسعة والعشرين للقمة العربية.

وألقى خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – الكلمة التالية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين
الأمين العام لجامعة الدول العربية
الإخوة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يطيب لي في مستهل اجتماعات هذه الدورة أن أرحب بكم جميعاً في بلدكم الثاني المملكة العربية السعودية متمنياً لقمتنا التوفيق والنجاح.
كما أتقدم بالشكر والتقدير لأخي الملك عبدالله الثاني ابن الحسين لما بذله من جهود مميزة خلال رئاسته للدورة السابقة، والشكر موصول لمعالي الأمين العام لجامعة الدول العربية، ولكافة العاملين بها على ما يبذلونه من جهود.
أيها الإخوة الكرام
إن القضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى وستظل كذلك، حتى حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على جميع حقوقه المشروعة وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وإننا إذ نجدد التعبير عن استنكارنا ورفضنا لقرار الإدارة الأمريكية المتعلق بالقدس، فإننا ننوه ونشيد بالإجماع الدولي الرافض له، ونؤكد على أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية.
وفي الشأن اليمني فإننا نؤكد التزامنا بوحدة اليمن وسيادٍته واستقلاله وأمنه وسلامة أراضيه.

كما نؤيد كل الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي للأزمة في اليمن، وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وقرارات مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل تنفيذاً لقرار مجلس الأمن ( 2216 ).
وندعو المجتمع الدولي للعمل على تهيئة كافة السبل لوصول المساعدات الإنسانية لمختلف المناطق اليمنية.
ونحمل الميليشيات الحوثية الإرهابية التابعة لإيران كامل المسؤولية حيال نشوء واستمرار الأزمة اليمنية والمعاناة الإنسانية التي عصفت باليمن.
ونرحب بالبيان الصادر عن مجلس الأمن الذي أدان بشدة إطلاق ميليشيات الحوثي الإرهابية صواريخ باليستية إيرانية الصنع تجاه المدن السعودية.
تلك الصواريخ التي وصلت إلى ( 119 ) صاروخاً ثلاثة منها استهدفت مكة المكرمة برهنت للمجتمع الدولي مجدداً على خطورة السلوك الإيراني في المنطقة وانتهاكه لمبادئ القانون الدولي ومجافاته للقيم والأخلاق وحسن الجوار، ونطالب بموقف أممي حاسم تجاه ذلك.
وفي الشأن الليبي، فإن دعم مؤسسات الدولة الشرعية، والتمسك باتفاق الصخيرات هما الأساس لحل الأزمة الليبية، والحفاظ على وحدة ليبيا وتحصينها من التدخل الأجنبي واجتثاث العنف والإرهاب.
الحضور الكرام
إن من أخطر ما يواجهه عالمنا اليوم هو تحدي الإرهاب الذي تحالف مع التطرف والطائفية لينتج صراعات داخلية اكتوت بنارها العديد من الدول العربية.
ونجدد في هذا الخصوص الإدانة الشديدة للأعمال الإرهابية التي تقوم بها إيران في المنطقة العربية، ونرفض تدخلاتها السافرة في الشؤون الداخلية للدول العربية.
وندين محاولاتها العدائية الرامية إلى زعزعة الأمن وبث النعرات الطائفية لما يمثله ذلك من تهديد للأمن القومي العربي وانتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي.

وإيماناً منا بأن الأمن القومي العربي منظومة متكاملة لا تقبلُ التجزئة، فقد طرحنا أمامكم مبادرة للتعامل مع التحديات التي تواجهها الدول العربية بعنوان (تعزيز الأمن القومي العربي لمواجهة التحديات المشتركة)، مؤكدين على أهمية تطوير جامعة الدول العربية ومنظومتها.
كما نرحب بما توافقت عليه الآراء بشأن إقامة القمة العربية الثقافية، آملين أن تسهم في دفع عجلة الثقافة العربية الإسلامية.
وفي الختام أؤكد لكم أن أمتنا العربية ستظل بإذن الله رغم أي ظروف عصية برجالها ونسائها طامحة بشبابها وشاباتها، ونسالُ المولى عز وجل أن يوفقنا لتحقيق ما تصبو إليه شعوبنا من أمن واستقرار ورخاء لنصل بأمتنا إلى المكانة الجديرة بها في العالم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكان جلالة الملك عبدالله الثاني ،قد أعلن في كلمته التي ألقاها في بداية الجلسة الافتتاحية للقمة عن ختام أعمال القمة العربية الثامنة والعشرين .
وأعرب جلالته عن شكره للأمين العام لجامعة الدول العربية على ما بذلته الجامعة وكوادرها من جهود خلال رئاسة بلاده للقمة العربية في دورتها الماضية ومتابعة قراراتها وتوصياتها.
وقال : في العام الماضي تشرفنا بحمل مسؤولية رئاسة القمة العربية، حيث أعـدنا التأكيد على ضرورة تعزيز وتفعيل العمل العربي المشترك، وعلى تبني خيار السلام الشامل والدائم على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وقد بذلنا كل جهد ممكن خلال فترة رئاستنا للقمة العربية، وبالتنسيق المباشر والوثيـق مع إخواننا القادة العرب، لمواجهة التحديات التاريخية التي تواجهها أمتنا، وسخرنا وإياكم جميع إمكانياتنا وعلاقاتنا الدولية لخدمة قضايا أمتنا العربية العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والقدس الشريف.
وأضاف : لا بد لنـا من إعادة التأكيـد على الـحق الأبدي الخالـد للفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين في القدس التي هي مفتاح السلام في المنطقة، ولا بد أن تكون حجر الأساس لتحقيق الـحل الشامل الذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، استنـادا إلى حل الدولتين ومبادرة السلام العربية.
وبين ملك الأردن ،أن الأشقاء الفلسطينيين، دعاة سلام، وأن تمسكهم بحل الدولتين ونبذ العنف هو دليل واضح على التزامهم الثابت بالسلام، وأن الواجب على الجميع هو الوقوف معهم ودعم صمودهم لنيل حقوقهم المشروعة بإقامة دولتهم المستقلة والعيش بأمن وسلام .
وكد جلالة الملك عبدالله ،أن من الواجب والمسؤولية المشتركـة كمجموعة عربية ومن واجب المجتمع الدولي، توفيـر الرعاية اللازمة للاجئين الفلسطينيين، والعمل على تمكين وكالة الأمم المتحدة للغوث من الاستمرار بتقديم خدماتها الإنسانية والاجتماعية لحين التوصل إلى حل عادل لقضيتهم، فإن أي إضرار بالـخدمات الهامة التي تقدمها الوكالة سينعكس سلبيا على أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في المنطقة .
وأشاد جلالته بما تحقق على أرض العراق من تطورات ، وقال لا بد من الإشادة بالتطورات الإيجابية والنصر الذي حققه الأشقاء في العراق على تنظيم داعش الإرهابي، حيث نبارك لهم ونؤكد وقوفنا إلى جانبهم لدحر الخوارج، ونؤكد على ضرورة استكمال الانتصار العسكري، بعملية سياسية تشمل جميع مكونات الشعب العراقي الشقيق .
وحيال الأزمة السورية قال الملك عبدالله الثاني وفيما يخص الأزمة السورية، وفي إطار السعي المستمر للتوصل إلى حل سياسي يشمل جميع مكونات الشعب السوري الشقيق، ويحفظ وحدة سوريا أرضا وشعبا، ويساهم في عودة اللاجئين، قمنا بدعم جميع المبادرات التي سعت لدفع العملية السياسية وخفض التصعيد على الأرض، كمحادثات أستانا وفيينا وسوتشي، مع التأكيد على أن جميع هذه الجهود تأتي في إطار دعم مسار جنيف وليس بديلا عنه مؤكدا الالتزام بمبدأ حسن الجوار، والايمان أن المصلحة الإقليمية المشتركة تستدعي التصدي لأي محاولات للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، أو إثارة الفتن والنزاعات الطائفية فيها، أو تهديد أمنها بأي شكل من الأشكال.
ودعا المجموعة العربية إلى تكثيف جهودها الدبلوماسية مع جميع الـمنظمات الإقليمية والدولية، لمواجهة التحديات المتزايدة التي يشهدها عالمنا العربي، ومبرزا أهمية إعداد خطة عمل شاملة لتعزيز التعاون والتنسيق مع هذه المنظمات.

 وقد أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود عن تسمية القمة العربية التاسعة والعشرين بـ (قمة القدس) ليعلم القاصي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين.
    كما أعلن عن تبرع المملكة العربية السعودية بمبلغ (150) مليون دولار لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في القدس.
    وأعلن – أيده الله – عن تبرع المملكة بمبلغ ( 50 ) مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).
 ورأس وفد المملكة في القمة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع .

ثم القى معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط كلمة أعرب فيها عن الشكر العميق والامتنان لخادم الحرمين الشريفين ” حفظه الله ” ولشعب المملكة على كرم الوفادة والرعاية منذ وصولهم أرضكم المملكة .
وهنأ معاليه ، خادم الحرمين الشريفين على تبوئه رئاسة القمة العربية في دورتها التاسعة والعشرين .. داعيا الله أن يوفقه إلى ما فيه خير الأمة العربية وشعبها ، معبرا عن التقدير لما قام به جلالة الملك عبد الله بن الحسين من جهود، وما اضطلعت به المملكة الأردنية تحت قيادته من اتصالات وإجراءات خلال عام القمة الثامنة والعشرين في مختلف القضايا والأزمات العربية التي واجهتها .
وقال أبو الغيط : تعود العربي ألا ينام قرير العين وأخوه العربي في محنة أو ضيق .. والأزمات المشتعلة في بعض أركان العالم العربي اليوم تزعج كل عربي أياً كان بلده، وتُلقي بظلال من انعدام الاستقرار على المنطقة بأسرها.. إن هذه الأزمات، سواء في سوريا أو اليمن أو ليبيا، فضلاً عن قضيتنا الرئيسية ؛ فلسطين.. تخصم من رصيد أمننا القومي الجماعي.. واستمرارها من دون حل دائم أو تسوية نهائية يُضعفنا جميعاً ويُعرقل جهوداً مخلصة تُبذل في سبيل النهضة والاستقرار والأمن. 
وأكد أن التهديدات الكبرى التي تواجهنا تتساوى في أهميتها وجديتها، وتكاد تتطابق في درجة خطورتها.. فالأوطان المُهددة هي أوطان عربية ، والدم المُراق هو دمٌ عربي، والتهديدات تمس استقرار دول العرب ومجتمعاتهم .. لافتا النظر إلى أن العامل المشترك في جميع هذه الأزمات هو غياب التوافق على مفهوم موحد للأمن القومي العربي على مدار السنوات الماضية.
وشدد على أن تآكل الحضور العربي الجماعي في معالجة الأزمات هو ما يُغري الآخرين بالتدخل في الشأن العربي والعبث بمقدراته ، وقال ” إن التحديات الحالية تفرض علينا جميعاً التفكير في إجراء حوار جاد ومعمق حول الأولويات الكبرى للأمن القومي العربي، وبحيث يجري تدشين توافق أكبر حولها وتناغم أوسع في شأن كيفية ضبط إيقاع تحركنا الجماعي والمشترك إزاء كافة التهديدات ، وإن هذا التوافق وذلك التناغم هو ما سيعيد للعرب تأثيرهم في مُجريات هذه الأزمات التي صارت ساحة مفتوحة لتجاذبات دولية، ومنافسات إقليمية، وتدخلات خارجية ..لا يتوخى أي منها سوى مصالحه الذاتية ” . 

وقدم الأمين العام لجامعة الدول العربية في سياق كلمته عددا من الملاحظات على الوضع العربي حيث قال : 
أولاً : شهدت قضيتنا المركزية -فلسطين- انتكاسة رئيسية تمثلت في الإعلان الأمريكي غير القانوني بشأن مصير القدس .. وقد نجح الجهد العربي في حشد موقف دولي مناوئ للطرح الأمريكي الذي انحرف عن طريق الحياد .. ولكن الأمر يتطلب مزيداً من الدعم السياسي والمادي لتمكين الفلسطينيين من الصمود أمام مخططات تصفية قضيتهم واختزال حقوقهم السامية في الحرية والدولة المستقلة في مجرد حفنة من الامتيازات الاقتصادية. 
وأضاف إن دعم رؤية فخامة الرئيس محمود عباس في هذا السياق يُعد أمراً ضرورياً حتى تشعر إسرائيل ومن يوالونها أن العرب لا زالوا يقفون بقوة مع أهل فلسطين.. وأن محاولات شق الصف أو إشاعة الفرقة بينهم لن تفلح في تحقيق أهدافها الخبيثة.. وتبقى الوحدة الفلسطينية المنشودة هدفاً محورياً ومُلحاً تأخر إنجازه وطال انتظاره ..برغم الجهود الكبيرة التي بُذلت في هذا المضمار. 
ثانياً : دفع الشعب السوري، ولا يزال، أبهظ الأثمان، في النفس والكرامة والمال، على مدار سنوات سبع لم يجن فيها سوى الخراب والدمار وتفتيت السيادة الوطنية، وتصاعد الافتئات الأجنبي على أراضيه ووحدة ترابه .. وكما يتحمل النظام السوري مسؤولية كبرى عن انهيار الوطن وتهجير الشعب وإهدار الاستقلال والقضاء على الأمل في غد كريم .. فإنني لا أبرئ ساحة لاعبين إقليميين ودوليين يسعى كل منهم إلى تحقيق أهداف سياسية واستراتيجية على جثث السوريين وعلى أنقاض أحلامهم في حياة طبيعية داخل وطنهم العزيز على قلوب العرب جميعاً.
لقد تساقطت الصواريخ والقذائف -المحلية والأجنبية- على رؤوس السوريين لتذكرهم بأن تطلعاتهم المشروعة في استعادة وطن حر وآمن لكل مواطنيه، لا تزال بعيدة مع الأسف .. إنني آمل أن يستعيد حكماء العرب زمام الموقف .. وأن تتمكن الدول العربية من صياغة استراتيجية مشتركة تسهم في الدفع بالحل السياسي على أساس مسار جنيف والقرار 2254، وبما يحقن دماء السوريين ويعيد إليهم الأمل في بناء وطن جديد على أنقاض ما تم تدميره. 
ثالثا : لقد استفحلت التدخلات الإقليمية في الشأن العربي حتى بلغت حداً غير مسبوق من الإجتراء.. وعلى رأسها التدخلات الإيرانية التي لا تستهدف خير العرب أو صالحهم .. ولعل اليمن مثال بارز على هذه التدخلات التخريبية .. لقد استفاد الإيرانيون من هشاشة الوضع اليمني، وما يواجهه أهلنا هناك من تحديات جسام منقلبين على الشرعية الدستورية ومشجعين بعض العصابات المارقة لتضرب عرض الحائط بكل القواعد السياسية والإنسانية .. حتى صارت الميلشيات التابعة لهم مصدراً لعدم الاستقرار داخل اليمن، وتهديداً لأمن المملكة ودول الجوار … وهو ما يستوجب من العرب جميعاً أن يقفوا وقفة واحدة .. ويتحدثوا بصوت موحد .. لإدانة هذا التخريب والتدمير والعدوان .. والتضامن مع المملكة في الإجراءات الجادة التي تقوم بها لصون أمنها ومصالحها وحماية مواطنيها.. وكذلك من أجل استعادة الاستقرار لهذا البلد بعد سنوات من الاحتراب والفوضى.
رابعاً : إن الجامعة العربية هي بيت العرب جميعاً .. لا تقوى إلا بهم وتضعف إن هم وهنوا أو تراجعت إرادتهم .. وإنني أشرف دوماً بكلمات التأييد والمساندة من القادة العرب للجامعة ولأمينها العام … وأتطلع طوال الوقت أن يترجم هذا الدعم السياسي المُقدر إلى دعم مادي تشتد الحاجة إليه من أجل تمكين الجامعة من التحرك الفاعل والفعال في مختلف الساحات والقضايا .. وأثق أن القادة العرب لن يقبلوا أن تنزوي الجامعة أو أن يهمش دورها ويتراجع تأثيرها بسبب ضغوط العجز المالي .. ولا شك أن ما تم من تطوير في أداء الأمانة العامة على مدار العامين الماضيين يُشجعنا على استكمال طريق تطوير الجامعة، أمانة ومنظومة، بما يُلبي طموحات الجميع في منظمة فاعلة، راقية الأداء. 
وفي ختام كلمته قال معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية ” إن الإحباط في مواجهة الأزمات ليس خياراً.. وإن فسحة الأمل باقية ما بقيت الإرادة .. وقد أثبت التاريخ أن وحدة العرب -إن هم أرادوا- أكبر من أي تحد .. وأن كلمتهم – إن هي اجتمعت- تكون العُليا بإذن الله.. إنني أدعو الله العلي القدير أن يوفقكم لما فيه خير أمتنا وشعوبنا” . 

عقب ذلك ألقى معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين ،كلمة أكد فيها بقوله ” إن منظمة التعاون الإسلامي التي تشكل فيها الدول العربية ثلث أعضائها تشارك الجميع الهموم والاهتمام والطموح في عالم تسوده المحبة والأمن والسلام ، كيف لا ؟ وديننا الإسلامي دين المحبة والرحمة والإخاء والتسامح والعيش المشترك، خلاف ما تروُّج له شرذمة ضالة، خرجت عن جادة الإسلام الحق، الإسلام الذي صَدَعَ به نبي الأمة وهادي البشرية محمد بن عبد الله (عليه السلام) من هذه الديار المقدّسة .. شرذمة جعلت من الإرهاب منهجاً، ومن التطرف عقيدةً، ومن القتل والتدمير غاية ” . 
وأضاف ” أحمد الله أن دولنا تنبهت لخوارج العصر، فانبرت لهذا الشر المستطير بأساليب أمنية وأخرى عصّرية نالت إعجاب العالم من خلال مراكز ومؤسسات فاعلة مثل الأزهر الشريف، ومركز اعتدال، ومركز هداية وصواب، ومركز صوت الحكمة وغيرها مما تتبناه دولنا الأعضاء التي تنادت لمحاربة هذه الظاهرة تعاطفاً وتمويلاً وذلك بتبنِّي خطابٍ إسلاميٍ صافي يناهض نزعات التطرف، ويدحض حجج دعاة الإسلاموفوبيا، ومروجي كراهية الأجانب ” .
وأكد معاليه أن القضايا العربية تأتي في مقدمة اهتمامات منظمة التعاون الإسلامي، وفي هذا السياق فقد أصدرت المنظمة قرارات وبيانات متواصلة تدين استهداف المملكة العربية السعودية وأراضيها ومواطنيها والمقيمين فيها بصواريخ ميليشيات الحوثي ومن يمده بالسلاح انطلاقا من ميثاق المنظمة.
ولفت النظر إلى أن القضية الفلسطينية تصدرت اهتمامات منظمة التعاون الإسلامي، مؤكدة قرارات القمم العربية المتواصلة بدعم هذه القضية العادلة، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وفق المبادرة العربية، وحلّ الدولتين وتبنِّي القرارات الأممية ذات الصلة.
وشدد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ، على أن الأوضاع في سوريا واليمن وليبيا تأتي على ذات الدرجة من الأهمية، مؤكدين على القرارات التي صدرت في إطار الجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والقرارات الأممية ذات الصلة ، مشيرا إلى أن المنظمة فيما يخص العراق تسعى جاهدةً مع الحكومة العراقية لدعم مسيرة الاستقرار والمصالحة الوطنية بعقد مؤتمر ” مكة المكرمة 2 ” خلال هذا العام ،إضافة إلى قضايا أخرى مشتركة صدر بشأنها قرارات من المنظمة مثل قضية مسلمي الروهينجيا، والأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية، والوضع في أفغانستان؛ حيث تتواصل جهود المنظمة مع حكومة كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية أفغانستان لعقد المؤتمر الدولي للعلماء حول أفغانستان، بوصفه خطوة مهمة نحو تعزيز أسس السلام وتوفير سبل المصالحة الوطنية في أفغانستان.
وخاطب معاليه أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية قائلا : إن هذه الظلمة القاتمة التي تحيط بالفضاء الإسلامي لا تحجب رؤيتكم الصائبة، وحكمتكم المشهودة، ولا تشغلكم عن معركتكم الحقيقية .. معركة التنمية الشاملة، ومجاراة متطلبات العصــــر، وطموحــات شــعوبكم التوّاقــــة لغــدٍ أفضــل .. غــدٌ يتيح لشباب الأمة أملاً في كرامة لا تهان، وعيش كريم مصان .. وما ذلك على عزائم القادة العظام من أمثالكم بعزيز ” .

إثر ذلك ألقى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي كلمة الاتحاد نقل خلالها تحيات وتقدير قادة الدول الأعضاء في المفوضية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظهما الله – .
وأعرب عن الشكر لخادم الحرمين الشريفين ولمعالي الأمين لجامعة الدول العربية على دعوة مفوضية الاتحاد الأفريقي لهذا الاجتماع العربي عاداً الدعوة تجديدا للشراكة التاريخية بين أفريقيا والعالم العربي ولبناء صرح منيع لهذه العلاقات . 
وقال ” من هذا المنطلق نحن مطالبون بالإعداد الأمثل للقمة العربية الأفريقية الخامسة التي ستقام في العاصمة السعودية الرياض خلال العام المقبل ( بإذن الله) ، التي يجب أن تكون على مستوى من العمل والتخطيط والحزم في حسم قضايانا المشتركة ، ورفض محاولات التدخل والتغلغل والهيمنة في دولنا ” .
وتحدث رئيس المفوضية الأفريقية ، عن عدد من القضايا العربية وفي مقدمتها القضيتين الفلسطينية والسورية ، فقال ” من الأهمية دعم القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين في ظل القدس عاصمة لدولة فلسطين المستقلة ” ، منددا باستعمال الأسلحة الكيميائية في سوريا ، مبرزا أهمية حل القضية السورية في ظل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة .
واستعرض فكي خطة إصلاح الاتحاد الأفريقي لزيادة فعاليته على المستوى الإقليمي والدولي ، مشيرا إلى أن من أبرز ملامح هذا الإصلاح هو إنشاء منظمة التجارة الحرة الأفريقية بين أقطار القارة ، مؤكدا أن هذا القرار سيفتح آفاقا رحبة للاستثمار العربي في أفريقيا بشقيه الحكومي والخاص.
وحذر رئيس المفوضية الأفريقية من خطر التطرف والإرهاب ، مشيرا إلى أن دول الاتحاد تواجه الإرهاب بحزم في عدة دول منها الصومال ومحيط بحيرة تشاد التي تنشط فيها منظمة” بوكو حرام” الإرهابية وفي الساحل الأفريقي وليبيا وجزيرة سيناء المصرية .
وقدم فكي باسمه واسم أعضاء المفوضية الشكر لحكومتي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على دعمهما المستمر لجهود مجموعة دول الساحل الخمس .
وفي ختام كلمته أبان رئيس المفوضية الأفريقية أن ظاهرتي التطرف والغلو عملية معقدة تحتاج إلى معالجات متنوعة في مقدمتها دفع عجلة التنمية الاقتصادية ومكافحة الجهل ، مؤكدا أن دول أفريقيا تأمل في شراكة مثمرة مع الدول العربية لمعالجة مسببات التطرف ودعم التنمية .

بعد ذلك ألقى صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت كلمة ، أكد في مستهلها ضرورة مضاعفة الجهود لحل الخلافات التي تعصف بالعالم العربي، وتشكل تحدياً يؤدي إلى ضعف التماسك بين الدول ويؤثر سلباً على القدرات في مواجهتها وتتيح مجالا أوسع لكل من يتربص ويريد السوء بالأمة العربية .
وأعرب سموه عن شكره لاخيه خادم الحرمين الشريفين وحكومة وشعب المملكة العربية السعودية، على ما أحاطوا به قادة الدول العربية وممثليهم المشاركين في أعمال هذه القمة من حفاوة استقبال وكرم ضيافة واستعدادات مميزة لانجاح هذه اللقاء العربي،مثنياً على جهود المملكة الأردنية الهاشمية خلال رئاستها لأعمال القمة الماضية .
ونوه الشيخ صباح الأحمد الصباح ،برئاسة خادم الحرمين الشريفين لهذه القمة، وتفاؤله بنتائجها، وقال : عرف عنه – رعاه الله – بعد النظر، والإرادة الصلبة، والحرص على المصالح العليا لأمتنا العربية.
وأضاف سموه يقول “ما زالت سماء أمتنا العربية ملبدة بغيوم سوداء ، وكذلك هي الطموحات، ماتزال بعيدة المنال، فيما يتعلق بالوصول إلى أوضاع آمنة ومستقرة لبعض دولنا العربية .
وتطلّع سموه إلى أن تحقيق هذه القمة العربية التي تقودها المملكة العربية السعودية أهدافها، وأن تكلل بالنجاح، لتكون بذلك بادرة انفراج تنعش آمال أبناء أمتنا العربية في الخروج من
حالة اليأس إلى حالة من الأمل والتفاؤل.
وشدد أمير دولة الكويت على أهمية تدارس آليات العمل العربي المشترك لتحديد الخلل والقصور الذي يعتريها وصولاً لتحقيق عمل عربي مشترك قادر على الصمود في مواجهة
التحديات والارتقاء بمنظومة الدول العربية إلى مرحلة من التماسك والقدرة على تجاوز الأوضاع الراهنة . 
ووصف سموه جدول أعمال القمة بالحافل بالموضوعات المتصلة بالعمل العربي المشترك الذي سيخضع للبحث، وسط أمنيات بالخروج بتوصيات وقرارات من شأنها تفعيل العمل المشترك وتعزيزه،
فتكون هذه القمة قد أضافت إلى مسيرة العمل العربي إنجازاً يتطلع إليه أبناء الأمة .
وأشار سموه إلى أن نيل دولة الكويت مطلع هذا العام العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن، بدعم من الدول الشقيقة والصديقة، يحتم العزم على العمل والدفاع عن القضايا العربية، فضلاً عن السعي مع الأشقاء والأصدقاء إلى تفعيل دور مجلس الأمن في حل هذه القضايا والتخفيف من آثارها التي عانت منها الشعوب والبلدان العربية لعقود طويلة ، مستشهداً بجهود الكويت في الوصول إلى القرار 2401 الذي تبناه مجلس الأمن بالإجماع لمعالجة التطورات الأخيرة في منطقة الغوطة الشرقية، الذي وللأسف حالت التطورات الأخيرة والمتصاعدة في سوريا الشقيقة دون تنفيذه وتحقيق الأهداف المرجوة من إصداره.

وتطرق سمو أمير دولة الكويت إلى تطورات الأوضاع في سوريا الشقيقة والتصعيد الذي تشهده منذ ثمانية أعوام،وأدت إلى كارثة إنسانية، قائلاً : تابعنا باهتمام وقلق بالغيين التصعيد المتمثل بالضربات الجوية التي جاءت نتيجة استخدام السلطات السورية للسلاح الكيماوي مؤكدين أن هذه التطورات أتت نتيجة عجز المجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن عن الوصول إلى حل سياسي للصراع الدائر في سوريا متطلعين إلى تجاوز المجلس خلافات أعضاءه وإظهار وحدة مواقفهم للوفاء بمسؤولياتهم التاريخية في حفظ الأمن والسلم الدوليين.
وفي الشأن العراقي قدم سموه التهنئته للأشقاء في بلاد الرافدين، على تحرير كامل أراضيهم من قبضة ما يسمى بتنظيم داعش الإرهابي، معرباً عن سعادته للعمل مع الإخوة العراقيين، لإعادة بناء وطنهم عبر تنظيم مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق، الذي حقق نجاحاً مشهوداً بمشاركة دولية واسعة ،متميناً كل النجاح للانتخابات النيابية التي ستجرى الشهر القادم وأن تعكس نتائجها تمثيل مكونات الشعب العراقي حفاظا على وحدته وتماسكه .
وفيما يتعلق باليمن، شدّد سموه على إدانة الكويت واستنكارها للهجمات الصاروخية المتكررة على المملكة العربية السعودية، مشيداً في الوقت ذاته بجهود دول التحالف العربي بقيادة المملكة لدعم الشرعية في اليمن، ودورها الإنساني الرائد لمعالجة الأوضاع الإنسانية الصعبة في اليمن الشقيق.
وعن المسيرة المتعثرة للسلام في الشرق الأوسط ، قال سموه : إن دولة الكويت تشعر بأسى بالغ لقرار الإدارة الأمريكية نقل سفارتها إلى القدس، في مخالفة لقرارات الشرعية الدولية، داعياً
سموه من هذه القمة العربية، الإدارة الأمريكية إلى أن مراجعة هذا القرار، وممارسة دورها كراعية للسلام عبر إيجاد الطرق وضمان نجاحها والتزام إسرائيل بقرارات الشرعية الدولية.
ودعا الشيخ صباح الاحمد الصباح، المجتمع الدولي عموماً، ومجلس الأمن على وجه الخصوص، إلى القيام بمسؤولياتهم تجاه الممارسات الإسرائيلية، من قمع للفلسطينيين في غزة، ما أدى إلى استشهاد العشرات منهم، مطالباً بحماية الفلسطينيين ووقف العدوان الإسرائيلي الآثم.
وبالنسبة للوضع في ليبيا، قال سموه : أمل أن تنجح الجهود والمساعي الإقليمية والدولية لإعادة الأمن والاستقرار لهذا البلد الشقيق.
وألمح سموه إلى الحاجة إلى مزيدٍ من العطاء والتعاون الدولي لمحاربة الإرهاب ومكافحته، رغم ما تحقق من نجاحات في مواجهته، إلا أن تلك الجهود تظل تحدياً معاشاً، يدعونا بإلحاح
إلى مضاعفة الجهود لوأده وتخليص البشرية والعالم من شروره.
وجدد سمو أمير دولة الكويت، في ختام كلمته التأكيد على ضرورة التزام إيران بمبادئ القانون الدولي المنظم للعلاقات بين الدول من حسن جوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ،
واحترام سيادة الدول ليتحقق الأمن والاستقرار والازدهار لأبناء دول المنطقة.

من جهته أكد فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية في كلمته التي ألقاها أن حكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ، سوف تمنح زخماً كبيراً لآليات العمل العربي المشترك ، لافتا النظر إلى أن بلاده لن تألو جهداً في سبيل دعم رئاسة القمة والدول الشقيقة. 
وقال فخامته يأتي اجتماعنا اليوم والأمن القومي العربي يواجه تحديات غير مسبوقة ، فهناك دول عربية تواجه لأول مرة منذ تاريخ تأسيسها تهديداً وجودياً حقيقياً، ومحاولات ممنهجة لإسقاط مؤسسة الدولة الوطنية، لصالح كيانات طائفية وتنظيمات إرهابية ، يمثل مشروعها السياسي ارتداداً حضارياً كاملاً ، عن كل ما أنجزته الدول العربية ، وعداءً شاملاً ، لكل القيم الإنسانية المشتركة .
وأشار إلى أن دولا إقليمية تهدر حقوق الجوار، وتعمل بدأب على إنشاء مناطق نفوذ داخل الدول العربية، وعلى حساب مؤسسات الدولة الوطنية ،مشيراً إلى أن هناك اجتماعات تجري لتقرير مصير التسوية ، وإنهاء الحرب الأهلية الشرسة ، التي أزهقت أرواح ما يزيد عن نصف مليون سوري، بدون مشاركة لأي طرف عربي، وكأن مصير الشعب السوري ومستقبله، بات رهناً بلعبة الأمم، وتوازنات القوى الإقليمية والدولية.
وحول القضية الفلسطينية أكد فخامته أنها هي قضية العرب المركزية التي توشك على الضياع ، بين قرارات دولية غير مفعلة ، وصراع داخلي يستنزف قواهم ومواردهم الضئيلة ، ويفتح الباب أمام مَن يريد تكريس واقع الاحتلال والانقسام كأمر واقع، ويسعى لإنهاء حلم الشعب الفلسطيني الشقيق في الحرية والدولة المستقلة.
واعتبر فخامته أن الحق العربي في القدس، هو حق ثابت وأصيل، غير قابل للتحريف أو المصادرة مستندا بذلك على مشروع القرار الذي شاركت مصر في إعداده، وأقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر الماضي بأغلبية 128 دولة، مبينا أن المجتمع الدولي كله أمامه مسؤولية واضحة أمام سياسات تكريس الاحتلال، ومحاولة مصادرة الحقوق الفلسطينية في الأراضي المحتلة .

وشدد الرئيس عبدالفتاح السيسي على الحاجة الماسة إلى استراتيجية شاملة للأمن القومي العربي، لمواجهة التهديدات الوجودية التي تواجهها الدولة الوطنية في المنطقة العربية، وإعادة تأسيس العلاقة مع دول الجوار العربي على قواعد واضحة، جوهرها احترام استقلال وسيادة وعروبة الدول العربية، والامتناع تماماً عن أي تدخل في الشأن الداخلي للدول العربية ، مشيرا إلى أن مصر سبق وأن طرحت عدداً من المبادرات لبناء استراتيجية فعالة وشاملة للأمن القومي العربي، وتوفير مقومات الدفاع الفعال ضد أي اعتداء أو محاولة للتدخل في الدول العربية ، معربا عن ثقته أنه بالإمكان التوصل لهذه الاستراتيجية الشاملة، إذا توافرت الإرادة السياسية الجماعية، وصَدَقَ العزم على التعاون لاستعادة زمام المبادرة، بشكل يُفضي إلى وقف الانتهاك المتكرر لسيادة واستقلال بلادٍ عزيزة من دول أمتنا العربية.
وتحدث فخامته عن الخطر الذي يداهم العديد من الدول العربية ابتداء من العراق وصولا إلى اليمن ومن سوريا إلى ليبيا ، خاصة خطر التنظيمات الإرهابية والكيانات الطائفية، التي تبتذل الإيمان الديني والتنوع الثقافي في المنطقة ، لتصادر الآفاق الرحبة للتعاون والتسامح والإثراء الثقافي، لصالح خيالها المريض، الذي يعادي الحضارة الإنسانية، ولا يتصور العلاقة بين البشر إلا في صورة صراع دموي.
وعن الشأن السوري قال الرئيس السيسي إن بلاده تؤكد رفضها القاطع لاستخدام أية أسلحة محرمة دولياً على الأراضي السورية ، مطالبةً بإجراء تحقيق دولي شفاف في هذا الشأن وفقاً للآليات والمرجعيات الدولية ، مؤكدا أنه آن الأوان للتحرك بشكل جدي، لوضع حد لنزيف الدم السوري، الذي أزهق أرواح أكثر من نصف مليون مواطن سوري، وأدى لتحويل الملايين إلى نازحين ولاجئين، داخل بلادهم وفي الدول العربية والمجاورة.

عقب ذلك ألقى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين كلمة عبر فيها عن الشكر والامتنان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – رئيس القمة العربية في دورتها الحالية – على كرم الضيافة وحُسن الاستقبال ، مؤكداً أن قيادته الحكيمة – أيده لله – ستعزز الحضور العربي ، دولياً وتمكن من العمل الفاعل والبنّاء مع كل الحلفاء والأصدقاء، لنكون طرفاً أصيلاً في تحديد مسار مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية وفي مقدمتها التدخلات والأطماع الخارجية، التي تتطلب المزيد من التكاتف والتعاون بما يوحد الكيان العربي ويضمن أمنه واستقراره. 
وأكد أن رئاسة المملكة للقمة في هذه المرحلة المهمة سيعود على جميع الدول العربية بعميم الخير ، وهو ما سيجعلها- بمشيئة الله تعالى- قادرة على المضي قدماً نحو تعزيز العمل المشترك وصون الأمن القومي العربي ، مشدداً على أن التعاون بين الأشقاء هو ما سيحفظ للدول العربية مقدراتها، ويضمن لها أمنها واستقرارها، لتتمكن من صد التدخلات الخارجية المتكررة في الشؤون الداخلية لعدد من الدول، وإعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة وإرجاعها إلى نصابها الصحيح لحماية مصالحنا وحفظ أمن واستقرار شعوبنا .
وقال الملك حمد بن عيسى مخاطباً قادة الدول العربية : إن البحرين لتعبر عن تقديرها الدائم لمواقفكم الداعمة والشجاعة المتمثلة في رفضكم وإدانتكم التدخلات الخارجية التي تمس الشؤون الداخلية لبلادنا التي نعمل على صدها ودحرها بفضل من الله .
وجدد جلالته التأكيد على أن قيادة خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – وجهوده الكبيرة من أجل دور عربي قوي وموقف موحد ورسالة واضحة يفهمها ويقدرها ويتجاوب معها المجتمع الدولي، وصولاً إلى حلول مقبولة على صعيد استقرار المنطقة. معرباً عن عميق التقدير وبالغ الفخر بجميع القوات المسلحة المشاركة في تمرين (درع الخليج المشترك 1)، المقام على أرض المملكة ،ومدى فوائده على أمن دول المنطقة .

ثم ألقى فخامة الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين كلمة شكر فيها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ، على ما أعلن عنه بتسمية القمة العربية التاسعة والعشرين بـ ” قمة القدس ، وعلى إعلانه – حفظه الله – عن تبرع المملكة العربية السعودية بمبلغ (150) مليون دولار لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في القدس. وعن تبرع المملكة بمبلغ ( 50 ) مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا). 
وقال فخامته: إن هذا الدعم ليس غريباً عن المملكة العربية السعودية، فالشكر والتقدير لكم، خاصة وأنكم لم تنقطعوا يوماً عن مساعدة القضية الفلسطينية ودعمها، فالشعب الفلسطيني يقدر لكم كل هذا.
وأضاف أن اجتماع اليوم يأتي والقدس يشهد هجمةً استيطانية غير مسبوقة، تهدف للاستيلاء على أرضها، وتهجير أهلها، وطمس هويتها التاريخية، وانتمائها العربي الإسلامي .
وأكد الرئيس محمود عباس ،أن المساعي لتحقيق المصالحة الفلسطينية وتوحيد أرضنا وشعبنا لم ولن تتوقف، وأتحنا لذلك الفرصة تلو الأخرى، وتجاوبنا مع جميع الجهود العربية. 
وبين أن دولة فلسطين قامت مطلع العام الجاري بطرح خطة سلام في مجلس الأمن الدولي، تستند في الأساس إلى مبادرة السلام العربية، وتؤكد مضامينها ضرورة الالتزام بالمرجعيات الدولية، مشيراً إلى اعتمادها من مجلس وزراء الخارجية العرب .
وقال فخامته : ندعو من خلالها إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في العام 2018، يقرر قبول دولة فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، وتشكيل آلية دولية متعددة الأطراف، لرعاية مفاوضات جادة تلتزم بقرارات الشرعية الدولية، وتنفيذ ما يتفق عليه ضمن فترةٍ زمنيةٍ محددة، بضمانات تنفيذ أكيدة، وتطبيق مبادرة السلام العربية كما اعتمدت، بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967 م وإقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.
واختتم فخامة رئيس دولة فلسطين كلمته قائلاً: إننا على ثقة تامة بأنكم لن تتخلوا عن القدس الشريف وعن قضية شعبنا وحقوقه الوطنية الثابتة، كما أن ثقتنا بكم كبيرة لمواصلة دعم أهل القدس ومؤسساتها، وفق الخطة التنموية الخمسية التي يرعاها البنك الإسلامي للتنمية، آملين تنفيذها ضمن جداول زمنية محددة. 

ذات صلة

المزيد