الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كشفت صحيفة لوموند الفرنسية في تقرير لها أن مئات الآلاف من المهاجرين الآسيويين العاملين في مشاريع كأس العالم في قطر يُذبحون بالعمل في درجات حرارة تتجاوز الـ 50 درجة مئوية وهو ما أدى إلى سقوط العديد من حالات الوفاة مشيراً إلى أن العالم قد صُدم من هذا الوضع الذي لم يقابل من قبل النظام القطري إلا بالتعتيم وتضارب الأرقام.
ووصف التقرير الظروف التي يعملون فيها بالظروف الصعبة القريبة من “العبودية”، فالحد الأدنى للأجور تم تحديده عند مستوى بخس يقدر بـ 750 ريال قطري ( 176 يورو) شهريا، فيما دقت منظمات حقوق الإنسان ناقوس الخطر مطالبة بإلغاء نظام الكفالة والذي يربط العمال بصاحب العمل ويخضعهم لرغبة الأخير في تغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد.
وأشار التقرير إلى التحقيقات المدوية التي قامت بها صحيفة الجارديان في العام 2013 بعد أن أكد الاتحاد النقابي الدولي (CSI) أن 4 آلاف عامل معرضين لخطر الهلاك في قطر بحلول المباراة الافتتاحية في عام 2022، وهى التحقيقات التي لم يعارضها سوى المسؤولين المحليين في قطر على الرغم من أن تلك البيانات تم الحصول عليها من الإحصاءات الرسمية القطرية للعام 2012 والتي كشفت عن فناء 520 عامل من نيبال والهند وبنغلاديش، من بينها 385 حالة وفاة غامضة، حيث يشكل العمال القادمون من تلك الدول ثلاثة أرباع القوى العاملة في قطر، والذين يُقدر عددهم بنحو مليوني شخص.
وأكد التقرير بشكل واضح أن قضية الضحايا من العمل، والتي تم تجاهلها من قبل الاتحاد الدولي لنقابات العمال، لا يزال التعتيم قائما، حيث لم تنشر الحكومة أي إحصائيات منذ عام 2012. وفي عام 2016، وبعد الضغط من قبل هيومان رايتس ووتش، اعترفت السلطات بمقتل خمسة وثلاثين عامل.
ووفقا لتقرير الصحيفة الفرنسية فإن اللجنة المنظمة لبطولة كأس العالم كانت قد أعلنت من جانبها عن مقتل 10 عمال بين أكتوبر 2015 ويوليو 2017 من بين عمال الملاعب، ثمانية منها اعتبرت “خارج العمل”. ومع ذلك، وفي عام 2016، وردًا على إحدى المنظمات غير الحكومية في نيودلهي، كشفت الممثلية الهندية في قطر عن أن 241 من رعاياها قد ماتوا في عام 2013، و279 خلال عامي 2014 و2015. وفيات نادرًا ما تكون طبيعية، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الفئة من الشباب صغيرة في السن.
وأوضحت الصحيفة أن التناقض في الأرقام المقدمة إلى “هيومان رايتس ووتش” تشير إلى أن غالبية حالات الاختفاء هذه توصف بأنها “غير مبررة”، أو تنسب إلى “قصور في القلب”، مشرة إلى أن هذا التوصيف للوفاة يمثل صيغ للتلاعب تسمح للحكومة بعدم احتسابها كحوادث في مكان العمل. ومع ذلك، ووفقا للصحيفة فإن بعض الخبراء يعتقد أن الفرن الحقيقي يكمن في الإمارة خلال فصل الصيف والذي يمكن أن يسبب صدمة فرط الحرارة مما يؤدي إلى السكتة القلبية.
وبين التقرير أنه على الرغم من تضارب الأرقام والتعتيم على الاعداد الحقيقية للضحايا فإن منظمة العمل الدولية (OIL) أقنعت بإغلاق قضية “العمل القسري”، التي كانت قد بدأت التحقيق فيها منذ عام 2014 ضد قطر، وبدلا من التحقيق افتتحت هذه المنظمة التابعة للأمم المتحدة مكتبًا في الدوحة، مهمتها مرافقة قطر نحو إلغاء الكفالة والمخطط له الانتهاء خلال عام وذلك بحسب هوتان هومايونبور، ممثل منظمة العمل الدولية في قطر.
وانتقد تقرير لوموند أداء منظمة العمل الدولية والتي قامت بإنشاء لجنة لحل النزاعات العمالية، التي من المفترض أن تعمل أسرع بكثير من الهيئة الموجودة من قبل، حيث قامت تلك اللجنة بوضع الحد الأدنى للأجور، الذي حُدِد حاليًا بـ 750 ريال قطري (176 يورو)، وهو مبلغ بخس حتى لو كان يشمل السكن والطعام والنقل.
وانتقد التقرير أيضا اقتناع نقابيو الاتحاد الدولي لنقابات العمال (OIL) بأن هنالك ثمة نقطة تحول قيد التنفيذ في قطر، مشيراً إلى أن نقطة التحول المشار إليها تترك العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان في حيرة من أمرهم، مثل نيكولاس ماكغيهان، الخبير السابق في هيومن رايتس ووتش (HRW) حول قضايا الهجرة في الخليج، والذي قال: “من الطبيعي أن تركز منظمة العمل الدولية على الجوانب الإيجابية لشراكتها مع قطر”. لكن سنوات مرت ونحن موعودون بإلغاء الكفالة، لم يتبق سوى أربع سنوات على كأس العالم، وما زلنا ننتظر الإصلاحات البنيوية لإثبات أن قطر تسير في الاتجاه الصحيح”.
وتدرك اللجنة المنظمة لكأس العالم، والتي تشرف على بناء الملاعب الجديدة الثمانية لعام 2022، أنها في مرمى هدف المنظمات غير الحكومية والإعلام، لذلك فهي تخضع الشركات التي فازت بالعقود لمواصفات أكثر تقييدًا من المتوسط. هذه الشركات، عمالقة البناء، والتي تواجه خطر فقدان سمعتها، لديهم أيضا مصلحة في ضمان الامتثال لمعايير السلامة ورفاهية العمال.
ونقلت صحيفة لوموند عن صحفي نيبالي سابق، موجود في قطر منذ عشر سنوات، “تواصل الشركات انتهاك التشريعات، التي تحظر العمل في الهواء الطلق خلال الساعات الأكثر سخونة في الصيف”. وقال نيكولاس ماكغيهان: “من الغريب أننا ما زلنا لا نعرف عدد العمال الذين ماتوا منذ عام 2012 ولماذا؟”. ويجب على FIFA أن تطالب الحكومة القطرية بتسليط الضوء على هذه القضية”.
ونقلت الصحيفة عن “رام”، وهو سائق سيارة أجرة نيبالي، لن يدلي بأفضل من ذلك. منذ عام 2011، توفي أربعة أشخاص من قريته “التي بها قرابة المئة منزل” في شبه الجزيرة. شقيقه وعمه توفيا نتيجة حادث على الطريق الذي يعملون فيه. واثنين من الجيران، واحد عن طريق الانتحار، وفقًا للنسخة الرسمية، والآخر وهو نائم، كما هو الحال في كثير من الأحيان بسبب صدمة فرط الحرارة. ولدى رام الكثير من الأسى في قلبه، “فنحن النيباليين لسنا بالشيء الكبير في قطر”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال