الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في وقت تترقب الاوساط الاقتصادية الاعلان عن ميزانية الحكومة السعودية للعام المقبل 2019، رجحت مصادر ان يتم الاعلان عن الميزانية خلال جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد يوم الثلاثاء المقبل الموافق 18 ديسمبر. ومن المنتظر ان يشهد العام 2019م بدء ومواصلة العمل، في تنفيذ مشاريع أطلقت خلال الفترة الماضية وخصصت لها استثمارات ضخمة تخطى مجموعها 685 مليار دولار (2.56 تريليون ريال)، وذلك بقيادة صندوق الاستثمارات العامة PIF وهو الصندوق السيادي السعودي.
وانتهجت المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تحديدا نهج الشفافية العالية من خلال الاعلان عن تفاصيل اكثر، حيث يدأت وزارة المالية الاعلان عن نتائج اداء الميزانية بشكل ربع سنوي وذلك لاول مرة في تاريخ المملكة، وتوضيحات تفصلية للايرادات ومصادرها، وكذلك المصروفات، اضافة الى اعلانها الغير مسبوق في سبتمبر الماضي عن بيان تمهيدي لميزانية العام 2019، والذي اكد وزير المالية محمد الجدعان حينها على ان ميزانية العام المقبل لن تختلف كثيراً عن البيان التمهيدي الذي اعلن.
وبحسب البيان التمهيدي للميزانية السعودية للعام 2019 تشـير التقديـرات الاوليـة إلـى أن يبلــغ إجمالــي النفقات نحــو 1.1 تريليون ريــال، وهي أضخم مبلغ مقدر لميزانية الحكومة على الاطلاق، فيما ستبلغ الايرادات المقدرة نحو 978 مليـار ريـال بارتفـاع نسـبته 11% مقارنـة بالمتوقـع تحقيقـه فـي العـام 2018. وبناءا على ذلك يتوقع ان يبلغ العجز 128 مليار ريال، وبنسبة تراجع 34% عن العجز المقدر في ميزانية 2018 البالغ 195 مليار ريال.
ويتوقـع أن تسجل نسـبة إجمالـي الايـرادات إلـى إجمالـي الناتـج المحلـي فـي العـام 2019م حوالـي 31% ومـن المتوقـع أن تسـتمر الايـرادات فـي النمـو لتصـل إلـى 1045 مليـار ريـال (اي 1.04 تريليون ريال) فـي العـام 2021م بمتوسـط نمـو سـنوي يبلـغ 6%. ووفقا للبيان المتهيدي يتوقع أن ترتفع النفقات في ميزانية العام 2019م عن المتوقع إنفاقه خلال هذا العام 2018 بحوالي 7% في إطار السعي إلى تحقيق مستهدفات النمو الاقتصادي وتشجيع القطاع الخاص، وجاءت هذه الزيادة نتيجة ارتفاع باب نفقات التمويل والإعانات، والمنافع الاجتماعية، والمصروفات الأخرى، كحزم تحفيزية للاقتصاد ودعم للمواطنين، إضافة إلى زيادة في النفقات الاستثمارية/الرأسمالية من أجل تعزيز ورفع النمو الاقتصادي.
ويتضح ان الإجراءات والإصلاحات المالية التي تم تطبيقها خلال العامين الماضيين بدأت تؤتي ثمارها وتؤثر مباشرة وبشكل إيجابي على إجمالي الإيرادات النفطية وغير النفطية للدولة، وتزيد من تنوع مصادر الإيرادات. ومــن المتوقــع الاســتمرار بالاعتمــاد فــي تمويــل العجــز علــى إصــدارات الديــن الــذي مــن المتوقــع أن يصــل إلــى نحــو 22% مـن الناتـج المحلـي الاجمالـي فـي العـام 2019م. كمـا يتوقـع ان يصـل الديـن الـى نحـو 25% مـن الناتـج المحلـي فـي العـام 2021م، وفـي نفـس الوقـت فـإن اسـتراتيجية التمويـل تقـوم علـى اسـتخدام الودائـع الحكوميـة لـدى مؤسسـة النقـد العربـي السـعودي عنـد الحاجـة مـع الحفـاظ علـى رصيـد مناسـب لهـذه الودائـع.
وبالنسبة لنتائج ميزانية العام الجاري 2018، فبحسب اداء الميزانية خلال الاشهر الـ9 الاولى من العام بلغ إجمالي الإيرادات 663.113 مليار ريال بنسبة نمو بلغت 47 % مقارنةً بالفترة المماثلة من العام الماضي، وبلغت الإيرادات غير النفطية 211.051 مليار ريال بنسبة نمو وصلت الى 48 % مقارنةً بالربع المماثل من العام الماضي، فيما بلغت الإيرادات النفطية 452.062 مليار ريال بنسبة نمو بلغت 47 % مقارنةً بالربع المماثل من العام الماضي.
ووفقا لاعلان اداء الميزانية الربعي، بلغ إجمالي المنصرف الفعلي بنهاية الـ9 اشهر الاولى من العام الجاري 712.090 مليار ريال، بنسبة 73% من إجمالي الميزانيّة المقدرة خلال العام 2018، وبزيادة 25% عن الفترة المماثلة من العام الماضي، وبلغ العجز حتى نهاية الربع الثالث 48.977 مليار ريال مقارنة مع 121.458 مليار ريال خلال الفترة المماثلة من العام الماضي 2017، ومقابل 194.657 مليار ريال لإجمالي العام 2018 في الميزانية المقدرة.
والمشاريع التي من المنتظر ان تبدأ خلال العام المقبل، تعد الأضخم على مستوى العالم وتؤكد سير المملكة بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف برنامج التحول الوطني 2020 و(رؤية المملكة 2030)، ومن أبرزها مشاريع: “نيوم” و”القدية” و”جدة داون تاون” و”البحر الأحمر السياحي العالمي”، إضافة إلى قطار الحرمين الذي أطلق قبل أسابيع صافرته وراح يجوب الطريق بين المدينتين المقدستين (مكة المكرمة والمدينة المنورة)، مروراً بجدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، خدمة للحجاج والمعتمرين.
ويعد مشروع قطار الحرمين من أهم المشاريع التنموية في المملكة وأضخم مشاريع النقل العام في الشرق الأوسط، بكلفة إجمالية تجاوزت 60 مليار ريال. ويهدف المشروع إلى تسهيل حركة المسافرين، خصوصاً في مواسم العمرة والحج، وتستغرق رحلته المباشرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة 120 دقيقة فقط، وتبلغ طاقته الاستيعابية 60 مليون راكب سنوياً؛ ويعتمد على تشغيل 35 مقصورة بسعة 417 مقعداً لكل واحدة.
ومن المقرر في الربع الأول من العام 2019م، وضع حجر الأساس لمشروع “جدة داون تاون” الذي أعلن عنه صندوق الاستثمارات العامة في سبتمبر أيلول الماضي. ويركز المشروع الذي تقدر كلفته الإجمالية بنحو 18 مليار ريال، على إعادة تطوير الواجهة البحرية لـ”عروس البحر الأحمر” لتصبح ضمن أفضل 100 مدينة على مستوى العالم من حيث التجارة والسياحة، والسكن، والترفيه.
ويُتوقع أن تُفتتح المرحلة الأولى للمشروع الذي سيوفر 36 ألف فرصة عمل، في العام 2022م، على أن يستمر تنفيذ بقية المراحل على مدار عشر سنوات. ويُقسم المشروع الذي تتجاوز مساحته الإجمالية خمسة ملايين متر مربع، إلى مناطق بعضها مخصص للأنشطة الثقافية والترفيه والرياضة، وبعضها لأنشطة الأعمال والابتكار وخدمة أهداف التجارة والتسوق، وبعضها للسياحة والفنادق والمنتجعات، إضافة إلى منطقة الشاطئ والنشاطات البحرية. وكذلك يضم المشروع مسطحات تزيد على خمسة ملايين متر مربع لبناء 12 ألف وحدة سكنية تستوعب 58 ألف نسمة.
ومن المقرر في الربع الثالث من العام 2019م، وضع حجر الأساس لمشروع “البحر الأحمر السياحي العالمي” الذي يهدف إلى تطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه، على بُعد مسافة قليلة من إحدى المحميات الطبيعية شمال غربي المملكة. وتبلغ مساحة المشروع الذي أطلق في أغسطس الماضي، 34 ألف كيلومتر مربع، على أن تنتهي مرحلته الأولى في الربع الأخير من العام 2022م.
ويتولى صندوق الاستثمارات العامة ضخ الاستثمارات الأولية مع فتح الباب لعقد شراكات استثمارية مع كبرى الشركات العالمية في المشروع. ويتوقع أن يُحدث المشروع، نقلة نوعية ضخمة في قطاع السياحة في المملكة، عبر فتح بوابة البحر الأحمر أمام العالم لاستكشاف تنوع الحياة النباتية والحيوانية في المنطقة، بدون تأشيرات دخول، كما سيكون بمثابة مركز فريد للصحة، والاسترخاء، والترفيه.
وكان العام 2017م شهد الإعلان عن مشاريع عملاقة، إذ أطلق ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان في نوفمبر، مشروع “نيوم” الذي يموله صندوق الاستثمارات العامة ومستثمرون محليون وعالميون بنحو 500 مليار دولار. ويعد “نيوم” أضخم مشروع سعودي ويقع شمال غربي المملكة، ويمتد بين ثلاث دول هي السعودية ومصر والأردن على مساحة تبلغ 26 ألفاً و500 كيلومتر مربع، ويطل من الشمال والغرب على البحر الأحمر وخليج العقبة بطول 468 كيلومتراً، وتحيط به من الشرق جبال يصل ارتفاعها إلى 2,500 متر.
ويهدف مشروع “نيوم” إلى الارتقاء بكثير من القطاعات وبالمستوى المعيشي للمواطنين، فيما ينتظر أن تتخطى مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة حاجز الــ100 مليار دولار بحلول العام 2030م، وسط توقعات بأن يكون الناتج المحلي للفرد في هذه المنطقة الأعلى في العالم.
وفي أبريل 2017م، أعلن عن مشروع “القدية”، الذي يساهم صندوق الاستثمارات العامة في تنفيذه كمستثمر رئيس، إلى جانب مستثمرين محليين وعالميين. وتبلغ التكلفة التقديرية للبنية التحتية للمشروع 30 مليار ريال، ومن المقرر افتتاح المرحلة الأولى منه في العام 2022م. ويهدف المشروع إلى إنشاء أكبر مدينة ترفيهية، وثقافية، ورياضية على مستوى المملكة والعالم أجمع على مساحة تبلغ 334 كيلومتراً، في منطقة القِدِيّة الصحراوية الواقعة على بُعد 40 كيلومتراً من وسط العاصمة الرياض.
ويتضمن المشروع أربع قطاعات رئيسة هي: الترفيه، رياضة السيارات، الرياضة، الإسكان والضيافة، فيما يحتوي الجزء المخصص للترفيه على تجارب فريدة من شركات ترفيه عالمية ضخمة مثل “سكس فلاقز” (six flags). وتكمن أهمية المشروع في جذب المواطنين إلى السياحة الداخلية، وخفض نسبة إنفاقهم على السياحة الخارجية التي تجاوزت قيمتها 76 مليار ريال خلال العام الماضي فقط، فضلاً عن تنويع مصادر الدخل عبر رفع نسبة عوائد قطاع السياحة، وإنعاش قطاعي العقارات والمقاولات، وتوفير آلاف فرص العمل للمواطنين.
وكل هذه المشاريع العملاقة وأخرى قادمة ستكون مورداً للإيرادات غير النفطية يصب في خزينة الدولة بما يحقق تنمية مستدامة وتوفير فرص عمل للمواطنين ورفع معدلات الدخل للفرد، وتعكس رؤية القيادة نحو صناعة مستقبل واعد، يشهد تنوعاً في مصادر الدخل القومي للبلاد، وتحسناً في بيئة الأعمال، وزيادة في معدلات الاستثمار وتحقيق الرخاء.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال