الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تصاعدت حدة المخاوف لدي العديد من الحكومات في الأونة الأخيرة تجاه شركة هواوي خاصة بعد قيام الولايات المتحدة الأمريكية ، نيوزلاندا، استراليا واليابان بحذر استخدام أجهزة الاتصالات الخاصة بالشركة في أنظمة شبكات التليفون المحمول الخاصة بخدمات الجيل الخامس ، فضلا عن قيام وكالات استخبارات أخري في بريطانيا وكندا بدراسة المخاطر المعلوماتية المتعلقة بتلك الأجهزة وفقا لتحقيق صحفي نشرته جريدة الجارديان البريطانية ، ما زاد من تعقد الأمر أيضاً هو قيام السلطات الكندية في فانكوفر مطلع هذا الشهر وبناءاً علي طلب من وزارة العدل الأمريكية بإلقاء القبض علي “منغ وانزو” مديرة العمليات المالية وإبنة مؤسس الشركة “رين شينغفي” والحديث عن إمكانية ترحيلها إلي الولايات المتحدة الأمريكية ، وبالرغم من عدم الإعلان عن أسباب اعتقال منغ وانزو إلا أن العديد من المتابعين وفقا لما نشرته رويترز يشيرون إلي أن ذلك يرتبط بعمليات توريد أجهزة ومعدات اتصال قامت بتوريدها شركتي هواوي و ZTE إلي إيران اشتملت علي قطع مصنعة لشركات أمريكية في عملية خرق واضحة للحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة علي إيران بسبب برنامجها النووي ، وقد أدي ذلك إلي قيام الصين بتصعيد لهجتها الإعلامية والدبلوماسية تجاه كندا والولايات المتحدة خاصة – وفقا لما اوردته صحيفة الجارديان ، خاصة أن عملية الاعتقال تمت في نفس اليوم الذي التقي خلاله الرئيسين الأمريكي والصيني علي هامش اجتماعات قمة العشرين في بوينس آيرس لمناقشته الخلافات التجارية بينهما.
من جهتها فقد أشارت شبكة CNBC الاخبارية الي أن الموقف المتشدد الذي يثير حفيظة الدول ضد أجهزة الاتصالات الخاصة بخدمات الجيل الخامس التي تنتجها هواوي يرجع بشكل أساسي إلي مخاوف تتعلق بالأمن السيبراني للمعلومات وإمكانية التحكم في الشبكات مع احتمال سيطرة السلطات الصينية علي البيانات الخاصة بالشبكات أو التجسس عليها خاصة مع وجود مزاعم تشير إلي وجود تقارب بين إدارة الشركة والسلطات الصينية ، ففي ظل اتجاه العالم اليوم نحو تبني خدمات الجيل الخامس أصبح الحديث عن أمن المعلومات وحمايتها من الاختراق أو التجسس أمراً أكثر أهمية من ذي قبل خاصة أن تلك الخدمات سوف تُحدث ثورة غير مسبوقة في تكنولوجيا الاتصالات.
أشارت CNBC كذلك الي أنه ومنذ عام 2012 فإن السلطات الأمريكية تقود حملة قوية ضد شركتي الاتصالات الصينيتين هواوي وZTE بسبب مخاوف تتعلق بأمن المعلومات حيث قامت بمنع مشغلي خدمات التليفون المحمول من استخدام أجهزة الشركتين في بناء شبكات الاتصالات الخاص بهم ، كما قامت لجنة الأمن القومي بالكونجرس الأمريكي وفقا لـ CNBC بالضغط علي شركة AT&T للتراجع عن اتفاقية أبرمتها لتوزيع أجهزة التليفون المحمول الخاصة بهواوي ، واضطرت كذلك شركة Sprint تحت ضغط للتخلص من أجهزة ومعدات الاتصالات الصينية الخاصة بشركة Clearwire مقابل السماح بتمرير عملية استحواذ بينهما ، فضلا عن ذلك فقد قامت السلطات الأمريكية في إبريل الماضي بسن تشريع يحظر علي الشركات الأمريكية شراء أي أجهزة أو معدات تمثل تهديداً للأمن القومي الأمريكي الأمر الذي يحول دون شراء معدات الاتصالات من شركتي هواوي و ZTE الصينيتين ، وقد اضطرت شركة ZTE إلي إجراء تسوية مع وزراة الخزانة الأمريكية دفعت بموجبها مليار دولار مقابل استثنائها من الحظر المفروض عليها ، بل أن الأمر وصل إلي قيام أجهزة الأمن والاستخبارات الأمريكية وعلي رأسها FBI, NSA, CIA بحث الأمريكيين علي عدم شراء أجهزة التليفون المحمولة الصينية التي تنتجها هواوي وZTE – وفقا لتقرير اخباري نشرته شبكة CNN الاخبارية ، وعلل ذلك كريستوفر راي رئيس الـ اف بي أي وفقا لـ CNN بسبب وجود مخاطر كبيرة جراء السماح لأي منشأة او شركة أجنبية لا تتقاسم معهم نفس القيم بامتلاك أو التحكم في شبكات الاتصالات الخاصة بهم ، كما قامت الولايات المتحدة بالضعط علي نظرائها في القارة الأوربية للقيام بإجراءات مماثلة والذين أبدوا نفس المخاوف أيضا حيث صرح نائب رئيس المفوضية الأوربية للسوق الرقمية الموحدة أندروس أنسيب – وفقا لموقع EUROACTIV الاخباري بأن أوربا يجب أن تشعر بالقلق من هواواي وشركات الاتصالات الصينية الأخري بسبب قانون الاستخبارات الصيني الإلزامي والتعاون المحتمل بين تلك الشركات والسلطات الصينية.
قامت الصين في منتصف عام 2017 بإصدار قانون الاستخبارات الوطني والذي يُلزم جميع المواطنين والشركات والمنظمات الصينية بالتعاون مع أجهزة التحقيقات والاستخبارات الصينية وإمدادهم بكافة البيانات والمعلومات المطلوبة سواء كانت متعلقة بأفراد أو شركات داخل الصين أو خارجها كما أتاحت لتلك الأجهزة الأرضية القانونية للقيام بعملها داخل الصين وخارجها مع احتجاز من يخالف هذا القانون أو تجريمه ، وقد أثار هذا القانون حفيظة الشركاء التجاريين للصين وأجهزة مخابراتهم – وفقا لتقرير اخباري نشرتة شبكة BBC البريطانية ، لدرجة أن ثلاثة مما يعرف بتحالف مخابرات العيون الخمسة – Five Eyes intelligence alliance – والذي يضم الولايات المتحدة الأمريكية ، استراليا ، نيوزلاندا ، كندا والمملكة المتحدة – أصدورا قرارات بمنع هواوي من توريد أجهزة شبكة الجيل الخامس وهم الولايات المتحدة ، استراليا ونيوزلاندا ، وتقوم كندا بمراجعة الأمر للوصول لقرار بهذا الشأن بينما إكتفت المملكة المتحدة إلي الأن – وفقا لـ BBC ، بتحذير شركات الاتصالات المحلية بضرورة الحصول علي الموافقات الأمنية عند إجراء أي تعدلات علي البنية التحتية للشبكات دون الاشارة إلي شركة هواوي علي وجه التحديد علي الرغم من الضغوط التي تتعرض لها من الولايات المتحدة إلا انها في نفس الوقت تسعي إلي عدم الدخول في أي صدامات اقتصادية مع الصين تزامنا مع خطة الانسحاب من الاتحاد الاوربي التي تنوي القيام بها.
من جانبها تنفي هواوي هذا المزاعم وتشير إلي أنها شركة خاصة مستقلة عن السلطات الصينية تتعامل من منطلق اقتصادي وتوفر نظم الأمن والحماية لعملائها وتقوم أيضاً بتوفير التكنولوجيا المتطورة لعملائها من الأفراد والشركات كما أنها تخصص مبالغ ضخمة للإنفاق علي عمليات البحث والتطوير حيث أنفقت 13.2 مليار دولار في عام 2017 في هذا المجال وأكثر من هذا المبلغ خلال العام الحالي.
جدير بالذكر أن شركة هواوي تأسست في عام 1987 علي يد الجنرال السابق في الجيش الصيني “رين شينغفي” بعد أن تقاعد من الخدمة في الجيش بثلاث سنوات وتتخد الشركة من إقليم شينزين في جنوب الصين مقراً لها ، وتتوزع ملكية الشركة علي عدد 80 ألفاً من موظفيها من إجمالي عدد الموظفين والبالغ حاليا 180 الفاً ، وقد شهدت مبيعات الشركة نمواً مطرداً في العشر سنوات الأخيرة حيث بلغت مبيعات الشركة 93.5 مليار دولار في عام 2017 وتستهدف الوصول لحجم إيرادات بقيمة 102.2 مليار دولار خلال عام 2018.
وقد بدأت هواوي نشاطها بتصنيع الأجهزة والمعدات الخاصة بشبكات الاتصالات وتمكنت خلال فترة وجيزة من إزاحة العديد من المنافسين الكبار من الصدارة مثل نوكيا واريكسون وسامونج لتصبح المُصنع الأول لأنظمة ومعدات الشبكات عالمياً بحصة سوقية بلغت 28% في نهاية عام 2017 ، وبعد ذلك اقتحمت الشركة سوق تصنيع الهواتف المحمولة وحققت نموا متسارعاً مكنها من احتلال المركز الثاني كأكبر بائع للهواتف المحمولة بعد سامسونج بحصة سوقية تبلغ 15% بعد أن تمكنت من بيع 54.2 مليون هاتف محمول خلال الربع الثاني من هذا العام.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال