الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تفضل الدول النامية استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر على الاقتراض، لما للاستثمار المباشر من ميزة توفير النقد الأجنبي و الامكانيات اللازمة لبدء أو توسيع مشروعات التنمية الاقتصادية من دون تولد فوائد و أقساط واجبة الدفع. من أهم ما يتميز به الاستثمار المباشر أن هذا التدفق المالي يصاحبه في كثير من الأحيان معدات تكنولوجية، و خبرات معلوماتية و تنظيمية و إدارية يكون البلد المضيف في أمس الحاجة إليها. لا يخفى على القارئ تعدد بدائل الاستثمار أمام الشركات الأجنبية. و بما أن رأس المال يختار ما يزيد من ربحيته و يقلل من تكاليفه، فإن المناطق و الدول المصنفة آمنة و مستقرة في ترتيب الدول ضمن مؤشرات الاستثمار تبقى الجاذب الأكبر لرأس المال.
ووفقا لـ “فوربس” تزايد المنافسة بين دول العالم لاستقطاب الاستثمارات يحمل الدول النامية عامة، و دول الشرق الأوسط خاصة، مسؤولية مضاعفة لزيادة جهودها من أجل تحسين المناخ الاستثماري. يعرف المناخ الاستثماري بأنه “مجموعة العوامل الخاصة في البلد المضيف و التي تحدد شكل الفرص و الحوافز التي تتيح للشركات الاستثمار بطريقة منتجة، و خلق فرص للعمل و التوسع”.
وشهدت بعض الدول العربية في العقد الأخير جهودا حثيثة لتحسين البنى التحتية، الاتصالات، خدمة المطارات الدولية، خفض تكاليف الإنتاج الصناعي، حماية الحقوق الفكرية، تطوير القطاع البنكي و المحافظة على استقرار العملة المحلية و غير ذلك من المحددات الاقتصادية لمناخ الاستثمار. هناك مسوغات استراتيجية حكومية للتركيز على المحددات الاقتصادية لمناخ الاستثمار لكونها قابلة للمعاينة و التقييم بيسر من قبل المختصين. كما أن إنجازات و تقدم الدولة المضيفة في تطوير المحددات الاقتصادية يعد بحد ذاته ترويج لتحسن المناخ الاستثماري.
لكن يجدر الإشارة هنا أن هذه الإنجازات، برغم كونها معلما تنمويا، إلا أنها لا تفي بكل العوامل التي تخضع للتقييم من قبل الشركات المستثمرة.
يعد تطور و شفافية النظام الإداري و القانوني، بالإضافة إلى الاستقرار السياسي و الأمني، من العوامل المهمة في تحديد أهلية البلد المضيف للاستثمار المباشر، و احتمال استدامة عائد الاستثمار على المدى البعيد. تكمن صعوبة إحراز تقدم ملموس في تطوير المحددات غير الاقتصادية للمناخ الاستثماري أن الدولة المضيفة ليست الجهة المفضلة لتقييم تلك المحددات. صعوبة أخرى تكمن أن الاستهداف الإعلامي أو التقييم الغير مهني يربكان المشهد بحيث يفضل المستثمر تجنب مخاطر الاستثمار في تلك الدولة. يمكن للدول النامية المساهمة في تصحيح التخوف غير المبرر و الاجحاف الغير مهني، و ذلك اولا بتوجيه و تشجيع الشركات الأجنبية للاستعانة بشركات استشارية مستقلة و مهنية مختصة بتقييم و إدارة المخاطر المقترنة بالعوامل غير الاقتصادية.
ثانيا في زيادة الوعي الإداري و التنظيمي الداخلي أن المحددات غير الاقتصادية للبيئة الاستثمارية هي واجهة البلد لدى عالم الاستثمار الدولي.
التقدم في مسار التنمية الاقتصادية و تهيئة الظروف الملائمة لجذب الاستثمار يبقى أولوية متفق عليها في دول الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ، على رغم اختلافاتهم البيئية و البنيوية. احقاق التوازن بين المحددات الاقتصادية و غير الاقتصادية إذا مصلحة عابرة للحدود، و استراتيجية مهمة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال