الأحد, 16 مارس 2025

المملكة رابع اكبر شريك تجاري للهند .. و زيارة ولي العهد لتعزيز العلاقات وزيادة الاستثمارات

تأتي زيارة ولي العهد إلى الهند، سعياً إلى تعزيز علاقات قديمة وراسخة تأسست منذ أكثر من 7 عقود، مع واحدة من أهم بلدان القارة الآسيوية، وتعد سابع أكبر اقتصاد في العالم، وعلى مدى العقود الـ7 السابقة شهدت علاقة المملكة العربية السعودية وجمهورية الهند تميزًا في جميع المجالات ويأتي من أهمها الشأن الاقتصادي .

وتعدّ المملكة والهند دولتين مهمتين في استقرار الاقتصاد العالمي وكذلك في أمن و استقرار المنطقة، وتتميّزان بعلاقة فريدة أسهمت في تشكيلها روابط اقتصادية واجتماعية وثقافية تاريخية، واتصالات مكثفة بين الشعبين، وتجارة قوية يعود تاريخها إلى عدة قرون, والعلاقة بينهما تتطور بشكل يناسب مكانتيهما كعضوين فاعلين في مجموعة العشرين .

والمملكة هي رابع أكبر شريك تجاري للهند بعد الصين والولايات المتحدة الأميركية والإمارات العربية المتحدة ، ومصدر رئيس للطاقة، حيث تستورد الهند نحو 19% من الزيت الخام من المملكة، وهو ما يجعل توطيد العلاقات الثنائية أمرًا إستراتيجيًا للبلدين .

اقرأ المزيد

وتأتي زيـارة ولي العهد فرصـة لجـذب الاستثمار الهنـدي الى السعودية مـن خلال رؤيـة 2030 والمشـاريع الكبرى، وكذلـك تعزيـز وتنسـيق المواقـف في القضايا المالية والتنموية في مجموعة العشرين والبنـك والصنـدوق الدولي، حيث انه في المجال الاستثماري، نوقشت فرص الاستثمار في مجال البنية التحتية من خلال صندوق الاستثمارات العامة، وكذلك فرص الاستثمار في المجال الزراعي بهدف إحلال الواردات الهندية الزراعية محل الواردات الزراعية من دول أخرى في المملكة.

وفي مجال الطاقة، بُحث استعداد المملكة لإمداد الهند بكل ما تحتاجه من النفط والمنتجات البترولية، وكذلك استثمار شركة أرامكو السعودية في قطاع تكرير النفط في الهند وبخاصة المصفاة العملاقة في الساحل الغربي للهند وفي مجال تخزين النفط. كما اُتّفق على الاستثمار في مجال الطاقة الشمسية من خلال صندوق (رؤية سوفت بانك) عبر الشركات السعودية التي ستقوم بتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية.

وتعتبر الهند أحد الأسواق الاقتصادية الهامة للسعودية، في مجالات النفط والطاقة المتجددة، وستعمل زيارة ولي العهد على تعزيز تلك المجالات وتنميتها، وإمكانية زيادة تزويد الهند باحتياجاته من النفط

ويبلغ عدد الشركات الهندية العاملة في المملكة أكثر 400 شركة، وهناك رغبة متزايدة لدخول العديد من الشركات والمستثمرين من الجانب الهندي إلى السوق السعودي في حين يبلغ عدد الشركات السعودية في الهند نحو 40 شركة.

وبلغت قيمة صادرات المملكة لجمهورية الهند 73.801 مليون ريال خلال عام 2017م في حين بلغت قيمة الواردات 20.176 مليون ريال، وبلغ حجم التجارة بين البلدين خلال عام 2017م 93.977 مليون ريال سعودي.

وتبلغ قيمة الصادرات الغذائية الهندية إلى السوق السعودي من الأرز البسمتي وغير البسمتي ولحوم الأبقار والفواكه الطازجة والمعالجة ولحوم الأغنام أكثر من مليار دولار سنويًا .

ويعد مجلس الأعمال السعودي الهندي المشترك مساهمًا في عقد اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني بين حكومتي البلدين التي وُقّعت في 1981 م، وله دور فاعل في دفع وتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين وتعزيز التفاعل والتعاون المستمر بين قطاعي الأعمال بما في ذلك الزيارات المتبادلة والمنتظمة للوفود التجارية وغيرها من الفعاليات التي قام بتنظيمها، حيث بلغت 19 فعالية ما بين عامي 2009 / 2016م ، خاصة وأن الهند تعكف على المشاركة في الدور الاستثماري لتحقيق برامج رؤية المملكة 2030م في ظل وجود فرص كبيرة للشركات الهندية للعمل في المملكة خاصة في مشاريع الطاقة الكهربائية من توليد ونقل وتوزيع وبناء شبكات ذكية، مع تنامي الطلب على الطاقة الكهربائية في المملكة بشكل مستمر ، وأمام الشركات الهندية فرص واعدة للاستثمار في قطاع الكهرباء السعودية سواء في مرافقه أو بنيته التحتية ،أضافة إلى أن الفرص كبيرة أمام المستثمرين للدخول في شراكات اقتصادية كبيرة مع المملكة ، في ظل جاهزية المملكة لتصدير الألومينيوم وخام البوكسيت بكميات كبيرة وموثوقة، وهي مكونات رئيسة في صناعة السيارات.

وللشركات الهندية حضور قوي في السوق السعودي، حيث تعمل بشكل رئيس في مجالات الطاقة وتكنولوجيا المعلومات والصناعات التحويلية،ومن ضمن هذه الشركات شركة تاتا موتورز، كما أصدرت الهيئة العامة للاستثمار أكثر من 400 رخصة حديثًا لشركات هندية حتى تبدأ في مشاريع مشتركة، مما رفع القيمة الإجمالية للاستثمارات الهندية لحوالي 1.6 مليار دولار أمريكي.

ويقدم قطاع البترول والبتروكيماويات بالمملكة العديد من الفرص لشركات النفط الهندية، خاصة في قطاع التكرير والتسويق، حيث يمكن للشركات الهندية استكشاف الإمكانات للاستثمارات والمشاريع المشتركة مع الشركات السعودية في البلدان الأخرى, والشركات الهندية مستعدة بشكل جيد للمشاركة في هذا القطاع، لا سيما في التشغيل وتحديث وصيانة معامل التكرير، وتنفيذ مشاريع خطوط الأنابيب من مرحلة التصور إلى بدء العمل، وتشغيل وصيانة خطوط الأنابيب، والدراسات عن الجدوى، وتقنية ومراجعة وسلامة الحسابات، والتدريب والخدمات الاستشارية.

وتولي أرامكو السعودية السوق الهندية اهتمامًا بالغًا ليس فقط كعميل ومورد للخدمات والمواد، بل لكونها أولوية استثمارية لأعمال أرامكو السعودية المستقبلية ،ففي الثامن من أكتوبر 2017م افتتح رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين بالعاصمة الهندية نيودلهي, مكتب شركة أرامكو آسيا الهند إذ أحدث فصلًا جديدًا في العلاقة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الهند, ويمثل المكتب حلقة وصل إستراتيجية بين مقر إدارة الشركة في الظهران ونيودلهي لتلبية الإمدادات المستقبلية من الطاقة لدفع عجلة النمو والتطوّر الذي تشهده البلاد، خاصة أن الهند لديها رأس المال البشري والخبرة اللازمة التي يمكن أن تساعد على النمو .

وتعد أرامكو السعودية طرفًا رئيسًا في السوق الهندي عبر واردات الطاقة لمصافي التكرير الهندية، وهناك إمكانية كبيرة أعلى من توريد النفط الخام والمنتجات المكررة والغاز المسال، إلى مجالات جديدة للبحث والتطوير، والهندسة، والتقنية , في حين، يمكن للهند أن تقدم مزايا تنافسية من حيث التكلفة والقدرات .

حيث وقّعت أرامكو السعودية في الـ 11 من إبريل 2018 م مذكرة تفاهم مع مجموعة شركات “راتانجيري التكرير والبتروكيميائيات المحدودة”، المكونة من تحالف شركات البترول الهندية الكبرى وهي مؤسسة النفط الهندية المحدودة، وشركة بهارات بتروليوم كوربوريشن المحدودة، وشركة هندوستان بتروليوم كوربوريشن المحدودة, وتنص مذكرة التفاهم على تطوير مصفاة ضخمة ومجمع بتروكيميائيات متكامل في مدينة راتانجيري في الساحل الغربي من الهند، ومن المحتمل أن تسعى أرامكو السعودية إلى ضم شريك إستراتيجي كمستثمر في المصفاة.

وستجمع هذه الشراكة الإستراتيجية بين إمدادات النفط الخام والموارد والتقنيات والخبرات والمعرفة التي تتمتع بها الشركات الموقعة التي تحظى بوجود تجاري في جميع أنحاء العالم.

وستكون المصفاة قادرة على معالجة 1.2 مليون برميل من النفط الخام في اليوم، وستوفر مجموعة من المنتجات النفطية المكررة، بما في ذلك البنزين والديزل، ومنتجاتها تلبي المعايير الأوروبية لكفاءة الوقود، كما ستوفر المصفاة الإقليم لمجمع البتروكيميائيات المتكامل الذي تبلغ طاقته الإنتاجية نحو 18 مليون طن سنويًا من المنتجات البتروكيميائية، بالإضافة إلى المصفاة ووحدات التكسير ومرافق معالجة المواد البتروكيميائية، وسيتضمن المشروع تطوير المرافق المرتبطة بالمصفاة مثل المرافق اللوجستية ومحطة توزيع النفط الخام والمنتجات النفطية ومشروع توفير المياه، فضلًا عن مرافق المنافع المركزية والمشتركة.

وسيُصنف هذا المشروع، حال اكتماله، ضمن أكبر مشاريع التكرير والبتروكيميائيات في العالم ، وهذا الاستثمار الإستراتيجي الجديد والكبير في بُعده الاقتصادي يأتي كعلامة فارقة وتتويج لسنوات طويلة من التعاون مع المؤسسات والشركات البترولية في الهند، كما يشكل الاستثمار في الهند عنصرًا رئيسًا في برنامج الاستثمار العالمي لأرامكو السعودية، ونقلة نوعية في العلاقات المتنامية مع الهند .

ومن الشركات الكبرى المستثمرة في الهند شركة سابك ولديها مركز أبحاث ، كما فازت الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري بجائزة ” أفضل خط شحن للعام ” عن فئة مشغل ناقلات البضائع العامة، وذلك ضمن ” جوائز ماريتايم الهندية ” لعام 2017، لتؤكد المكانة الريادية للشركة في القطاع البحري في منطقة آسيا والشرق الأوسط ، ومحفز على توسيع وجود الشركة في الهند التي تُمثل سوقًا إستراتيجي مهمًا لها ، وتأتي هذه الجائزة دليلًا على التزام البحري تجاه السوق الهندية، وعلى ثقة قاعدة عملائها المتنامية بها، وكانت شركة ” البحري ” قد افتتحت مؤخرًا مكتبًا جديدًا في مومبي ضمن جهودها الرامية إلى تعزيز وجودها في القطاع البحري الهندي الذي يشهد نموًا سريعًا، حيث يعمل المكتب مع كبرى الشركات المُصنِّعة للمعدات الأصلية لنقل صادرات البضائع من الهند .

وهناك فرصة واسعة للتعاون بين البلدين في القطاع الصحي, وبناء المستشفيات العامة والمتخصصة الفائقة والعيادات, إضافة إلى توجه الهند للمشاركة النشطة في قطاع الصناعات الدوائية خاصة وأن المملكة العربية السعودية هي أكبر سوق للأدوية في منطقة الخليج وتنمو بنحو 18.5 % سنويًا ، ويقدر حجم السوق بالمملكة بنحو 1.5 مليار دولار, كأكبر مستهلك للمنتجات الدوائية في منطقة الخليج .

ومن القطاعات الأخرى التي تحظى بفرص واسعة للتعاون قطاع الأسمدة والنقل والطاقة المتجددة والإسكان والتعدين والأمن المعلوماتي والتصنيع الغذائي والتأمين, وذلك من خلال إنشاء مشاريع مشتركة في مجالات جديدة والعمل على حماية الاستثمارات المشتركة .

ذات صلة



المقالات