الخميس, 28 مارس 2024

تعرف على أفضل طريقة لإبلاغ مديرك عن حاجتك للتغيب عن العمل 

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

الذهاب للعمل أثناء المرض قد يلحق ضررا بالغا بالعاملين، فإليك بعض النصائح المتعلقة بكيفية إبلاغ المدير بالحاجة للتغيب لحين التماثل للشفاء.

انخفض عدد أيام الإجازات المرضية للعاملين في بريطانيا بقرابة النصف منذ عام 1993، بحسب البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني. فبينما كان العامل يتغيب 7.2 أيام في المتوسط كل عام بسبب المرض، انخفض هذا الرقم إلى 4.1 أيام في عام 2017.

ولا تُرجِع كايلي إينسلي، وهي باحثة بقسم الأمراض المُعدية والأوبئة بجامعة إمبريال كوليدج لندن، ذلك لحدوث طفرات في المجال الطبي ولا لأن الناس أصبحوا أقل إصابة بالمرض.

اقرأ المزيد

وبحسب ” بي بي سي” يقول خبراء إن السبب في ذلك هو حدوث تغيير على ثقافة العمل حتى أصبح التغيب أمرا مستهجنا. وتشير دراسات إلى أن الخوف من المديرين وعدم الاطمئنان لردة فعلهم أجبر المزيد من العاملين على مواصلة العمل أثناء المرض.

وعادة ما تزداد أيام الغياب المرضي خلال موسم انتشار الإنفلونزا الذي يشتد خلال الفترة بين ديسمبر/كانون الأول وفبراير/شباط في نصف الكرة الشمالي، حيث يكون الطقس باردا وجافا، وهي الظروف المواتية لسرعة انتقال العدوى.

ويتفق الأطباء على ضرورة المكوث بالمنزل في المراحل الأولى للإصابة بالإنفلونزا، وبالتحديد خلال اليوم الأول والثاني من التقاط الفيروس، حين تزداد احتمالات العدوى، حفاظا على الموظف المريض والسليم على حد سواء.

لكن مسحا أجرته شركة “أكسا بي بي بي” البريطانية للتأمين عام 2015 أظهر أن قرابة 40 % من الموظفين لا يخبرون مديريهم بالسبب الحقيقي لتغيبهم حين يتصلون للإبلاغ عن مرضهم خشية ألا يصدقونهم.

خلال موسم الإنفلونزا يجب بقاء المريض بالمنزل طالما كان المرض في طور العدوى ومن هنا تظهر أهمية اتباع أسلوب سليم للتعبير عن ضرورة التغيب، خاصة بالنسبة لمن يتعرضون لضغوط من جهات العمل، لأن ذلك سيكون جيدا لصحتهم وإنتاجيتهم.

وصمة المرض

لكن ما السبب الذي يجعل بعض المديرين لا يهتمون بمرض موظفيهم؟

لقد طرأ تغير كبير على طبيعة وحركة العمل في ظل الاعتماد على تقنيات جديدة ووسائل تواصل فورية على مستوى العالم. وبينما يختلف الأمر من قطاع لآخر، فإن الوجود فعليا في المكاتب لم يعد مطلوبا دائما لضمان إنتاجية الموظف، إذ تتوافر لدى كثير من العاملين كافة الوسائل المطلوبة للعمل عبر شبكة الإنترنت دون الحاجة للذهاب إلى مقر العمل.

ويقول جورج بويه، نائب رئيس شؤون العاملين بمؤسسة “ستايلز كوربوريشن” للعقارات التجارية، إن الجيل الأقدم لا يتقبل فكرة عمل الشخص من المنزل، وهو ما يظهر في صورة رفض شديد للامركزية العمل وعدم الثقة بمتابعة الموظفين للمهام المنوطة بهم.

ونتيجة لمزيج من الارتياب والرغبة المستمرة في زيادة الإنتاجية، ينظر بعض المديرين إلى تغيب الموظف عن العمل بعين الشك.

يطلب كثيرون من أرباب العمل من الموظفين ملء إقرار بعدم القدرة على العمل للارتياب في أسباب التغيب

وفي المسح الذي أجرته “أكسا بي بي بي”، رأى 42 في المئة فقط من كبار المديرين أن الإصابة بالإنفلونزا تعد سببا وجيها للتغيب عن العمل، فيما اعتبر أقل من 40 في المئة ألم الظهر سببا يستحق الغياب.

كما وجدت الدراسة أن الموظفين يميلون أكثر للكذب على مديريهم بخصوص سبب المكوث في البيت حين يتعلق الأمر بالصحة العقلية، إذ قال 39 في المئة ممن شملتهم الدراسة إنهم يكذبون على مديريهم في هذا الشأن.

ولا تقتصر أسباب الذهاب للعمل خلال المرض على عدم تفهم الإدارة، ففي ظل تسارع حركة الاقتصاد وتقلبه أصبحت وظائف كثيرة غير منتظمة وغير مضمونة، وهو الأمر الذي يجعل العامل حريصا على الذهاب لعمله حتى أثناء مرضه.

وفي عام 2017، كتب بيت روبرتسون، وهو أستاذ مشارك بجامعة نابير بمدينة أدنبرة: “يمكن أن يكون العمل مؤقتا، أو محدد الأجل، أو موسميا، أو مرتبطا بمشروع، أو جزئيا، أو غير محدد الساعات، أو مرتبطا بحاجة العمل، أو حرا، أو هامشيا، أو طارئا، أو غير اعتيادي، أو مقترنا بقسم دون آخر، أو غير رسمي، أو غير معلن”.

ومع ارتفاع معدل انتقال الموظفين بين الوظائف، بات العاملون أكثر تشبثا بوظائفهم حتى لو لزم الأمر مواصلة العمل خلال المرض، أو ما بات يعرف بـ”الوجود تحت أي ظرف”.

“تحت أي ظرف”

وبحسب المعهد المعتمد لتطوير العاملين في بريطانيا، تضاعفت نسبة ذهاب الأشخاص للعمل رغم المرض بأكثر من ثلاث مرات خلال العقد الماضي.

وفي دراسة أجراها المعهد عام 2018 وشارك فيها أكثر من ألف شخص، قال 86 في المئة ممن شملتهم الدراسة إنهم شهدوا أمثلة على موظفين ذهبوا للعمل رغم مرضهم خلال العام السابق على الدراسة، بينما لم تتعد النسبة 26 في المئة عام 2010.

وفي عام 2015، كتب غلين باركينسون، مدير المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشركة “أكسا بي بي بي”، يقول: “عدم تفهم المديرين لظروف الموظفين أثناء مرضهم وعدم دعمهم يفسران قلق الموظفين وترددهم في الاتصال للإبلاغ بمرضهم. يتعين على أصحاب العمل أن يثقوا بالعاملين فيما يتعلق بالغياب عن العمل بسبب المرض والسماح لهم، حسب الظروف، بالعمل من المنزل”.

وقد تجد الشركة أن حضور الموظف المريض قد يكلفها أكثر من غيابه، نظرا لأن المرض ينتقل من موظف لآخر. وحين يتعلق الأمر بالصحة العقلية وأمراض أخرى، فإن السماح للمريض بالراحة في بداية المرض سيقلل من تغيبه عن العمل لاحقا.

وتشير دراسة أجرتها جامعة بيتسبرغ عام 2013 إلى أن الذهاب إلى مكان العمل يوما واحدا خلال المرض قد يزيد حالات الإصابة بالإنفلونزا في مكان العمل بما يصل إلى 40 في المئة.

وللوصول لتلك النتيجة، استعان الباحثون ببيانات أكثر من نصف مليون موظف لتطبيق نموذج محاكاة لسيناريو انتشار المرض بمقاطعة أليغيني بولاية بنسلفانيا وحساب الانتشار الافتراضي لفيروس الإنفلونزا. وخلص النموذج إلى حدوث 66 ألف حالة إصابة – ما نسبته 11.5 في المئة من مجموع العاملين – نتيجة انتقال العدوى بأماكن العمل.

وأشارت الدراسة إلى أن منح الشخص المصاب بالإنفلونزا إجازة لمدة يوم أو يومين قد أدى لتقلص حالات العدوى، بنحو 17 ألف حالة عند منحه يوما واحدا (بانخفاض قدره 25 في المئة) و26 ألف عدوى أقل في حالة منحه يومين (بانخفاض يصل لنحو 40 في المئة).

الصدق
وينصح الخبراء الموظف بسرعة إبلاغ المدير في حال إصابته بالمرض، نظرا لأن إبلاغ المدير في بداية المرض قد يمنحه وقتا كافيا للتخطيط لتغطية غياب الموظف، لكن أهم شيء الالتزام بالصدق تحاشيا لسوء الفهم.

ويقول مارك مارسن، وهو مدير شؤون العاملين بشركة “ألايز فور هيلث آند ويلبيينغ” المعنية بالخدمات الصحية ومقرها بيتسبرغ، إن السبيل الأفضل هو “اتباع السياسات والإجراءات المعتمدة بالمؤسسة، بينما الأسوأ هو الكذب أو التهويل”.

ويشير مارسن إلى أن هناك نوعين من المديرين، أولهما يعتقد على الفور أن الموظف يبحث عن أي فرصة للتهرب من العمل، ومن ثم يضع الكثير من اللوائح. ويميل المديرون من هذه النوعية لتوقع الأسوأ من موظفيهم، خاصة حين يتغيبون عن العمل بسبب المرض. أما النوع الثاني فيعمل على وضع معايير معقولة ويثق بالموظفين.

وبالتالي، يرى مارسن أن الأمر يتوقف على المدير وما إذا كان سيخلق بيئة مواتية لتغيب الموظفين أم لا، لكن أفضل شيء هو أن يكون المدير نفسه قدوة للآخرين.

ويضيف: “هذا يعني أن يلتزم المدير بالبقاء في المنزل ولا يتابع العمل عن بعد أثناء مرضه، حينها سيعرف الفريق أنه من المقبول فعل الشيء نفسه حين يصابون بالمرض. ومن المهم أيضا تجنب الاتصال بالموظفين في المنزل أثناء مرضهم ما لم تكن هناك حاجة ماسة لذلك”.

وعلى أي حال، يتعين الوصول إلى وضع يلائم الطرفين بحيث يفكر كل طرف، سواء الموظف أو المدير، في مسؤوليات ومصلحة الطرف الآخر قبل ممارسة أي ضغط. لكن خلال الموسم الذي تزداد فيه فرص الإصابة بالإنفلونزا، ولا يجب أن نتوقع أن تكون طاقة العمل على نفس مستوى الأوقات الأخرى.

ذات صلة

المزيد