الجمعة, 29 مارس 2024

كرة الثلج تتدحرج .. «موديز»: «عاما من الألم» ينتظر الاقتصاد التركي

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

على عكس البداية الوردية في المجال الاقتصادي التركي منذ وصول حزب العدالة والتنمية بقيادة طيب رجب أردوغان لسدة الحكم في تركيا عام 2002، شهد العام 2018 الكثير من الأحداث التي تهدد مسيرة اقتصاد تركيا، ما ينذر بالدخول في خريف الإضطرابات الاقتصادية وربما الدخول في سنوات عجاف للاقتصاد تفقده الكثير من المكتسبات التي حققها طوال السنوات الماضية.

يأتي ذلك بعد بصيص أمل كان قد شاع منذ 2002 حيث شهدت الفترة التالية معدلات نمو قوية على كافة المستويات الاقتصادية، وتمكنت الدولة التركية من إقامة ما يمكن تسميته تحول صناعي واصبح بيئة جاذبة للاستثمار، وأنفقت الكثير في مجال البنية التحتية وشهد الميزان التجاري تحسناً كبيراً، أدى إلى تخفيض مستويات الديون السيادية المرتفعة أصلا، وشهد مستوي المعيشة ومعدلات الدخل للأفراد تحسناً كبيرا.

لكن كل هذه الآمال تبددت الآن، فقد دفع التراجع المخيف في الاقتصاد التركي مؤسسات التصنيف الائتماني إلى إبداء القلق من مستقبل الاقتصاد التركي حيث قالت وكالة التصنيف الائتماني موديز في نوفمبر الماضي إن “عاما من الألم” ينتظر الاقتصاد التركي خلال العام 2019 خصوصا بعد تسجيل الليرة التركية أسوأ أداء لها. ووفق مراقبون فإن مرد ذلك إلى الأحداث السياسية المضطربة والمعارك السياسية التي خاضتها الحكومة التركية مع العديد من شركائها التجاريين أضرت كثيرا بمناخ الاستثمار والاقتصاد المحلي، ومحاولاتها المستمرة في استعداء شركائها عبر التدخل السافر في كثير من الدول العربية.

اقرأ المزيد

واشارت كذلك إلى أن الانخفاضات التي شهدتها الليرة ستترجم إلى مشاكل اقتصادية حادة، في وقت يتباطأ فيه النمو بالأسواق المتقدمة والناشئة، كما أكد صندوق النقد الدولي أن نمو الاقتصاد التركي قد ينخفض إلى 0.4% خلال 2019، مقابل 3.5 % عام 2018.

وترصد صحيفة مال في سلسلة تقارير سيتم نشرها تباعاً ملامح عن الاقتصاد التركي وما يشهده من اضطرابات والتي ظهرت مؤشراته جلية خلال العام الماضي 2018 وتأثير ذلك مستقبلاً علي مناخ الاستثمار والأوضاع الداخلية في تركيا، وكيف يدفع الاقتصاد ثمن دخول تركيا في خلافات سياسية مع شركائها الاقلميين والدوليين؟.

ويأتي الرصد بحكم وجود استثمارات سعودية متنوعة في تركيا سواء كانت استثمارات تجارية او عقارية تأثرت بموجة التراجع الذي يعاني منه الاقتصاد التركي. حيث شهد التبادل التجاري بين البلدين انخفاضا كبيرا بسبب السياسة العدائية التركية تجاه المملكة، إذ توضح بيانات الهيئة العامة للإحصاء عن تراجع قوي في واردات المملكة من تركيا خلال العام 2018 لتسجل نحو 9.96 مليار ريال مقابل 12.7 مليار في العام 2015، حيث سجلت بذلك تراجعا نسبته 21.6% خلال الثلاثة أعوام الاخيرة. فيما تراجع حجم التجارة بين المملكة وتركيا إلى نحو 19 مليار ريال في العام 2018 بعد أن وصلت لأعلى مستوياتها في العام 2012 عند 29.6 مليار ريال.

ومن المؤكد أن الأحداث السياسية المضطربة والمعارك السياسية التي خاضتها تركيا مع العديد من شركائها التجاريين أضرت كثيرا بمناخ الاستثمار والاقتصاد المحلي، فخلال السنوات الاخيرة فقدت تركيا الكثير من الدعم الذي حرص شركائها الاقليميين والدوليين على تقديمه في شكل زيادة في حجم الاستثمارات الموجهه نحو تركيا أو في توطيد العلاقات التجارية والتوسع في استيراد المنتجات التركية أو حتى في تنشيط مجال الخدمات والسياحة، وكنتيجة لذلك فقد تأثرت علاقات تركيا السياسية كثيرا مع شركائها التجاريين في منطقة الخليج العربي وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، وكذا مع دول الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية.

وقد أدي توتر العلاقات ما بين تركيا وشركائها التجاريين في بث القلق والخوف لدى المستثمرين والمقرضين الإقليميين والدوليين والتي عولت عليهم كثيرا تركيا للوصول لما حققته الأن، الأمر الذي انعكس مؤخراً في تقلص الاستثمارات الأجنبية الموجهة نحو تركيا، وتخوف المقرضين وتحوطهم نحو إقراض الدولة والشركات المحلية وإرتفاع تكلفة الإقراض، وبدا الأمر وكأنه كرة من الثلج تضرب الاقتصاد بحيث يكاد لا يفيق من ضربة إلا ويتلقي التالية. وأدي كذلك إلى تدهور مؤشرات الاقتصاد على المستوي الكلي متمثلاً في انهيار قيمة الليرة أمام الدولار لمستويات غير مسبوقة وارتفاع تكلفة الدين على الأذون والسندات لنحو 24% وكذا ارتفاع تكلفة التأمين على القروض لأعلي مستوي منذ 10 سنوات فضلا عن ارتفاع معدل البطالة وانكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 21% خلال الربع الثالث من العام 2018 وانهيار القوة الشرائية لليرة وتقلص الاستثمارات الاجنبية.

وتشير التقارير إلى ان انهيار العملة التركية في الفترة الاخيرة ادى إلى انكشاف الاستثمارات الاجنبية بها وعلى وجه الخصوص الاستثمارات الخليجية وفي مقدمتها الاستثمارات السعودية حيث تقدر الاستثمارات الخليجية في تركيا بنحو 19 مليار دولار . ويعتبر القطاع العقاري والمالي أكثر القطاعات التي استحوذت على الاستثمارات الخليجية في تركيا والتي تشارك السعودية بأكبر نسبة منها، الأمر الذي يجعلها أكثر انكشافا بسبب انهيار الليرة‪.

ذات صلة

المزيد