الأربعاء, 2 أبريل 2025

الليرة التركية  والسقوط الحر أمام الدولار

ربما سيظل تاريخ العاشر من أغسطس 2018 عالقًا في أذهان الأتراك لفترة طويلة باعتباره يعد يومًا اسودًا على الليرة التركية عندما هوت في عدة ساعات بأكثر من 16% بعد سلسلة من التراجعات دفعتها للانخفاض بنسبة 40% خلال العام قبل أن ترتفع لتعوض جزء من خسائرها بعد ذلك علي نحو طفيف.

بعد فوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو الماضي عَول الأتراك علي إحداث دفعة للاقتصاد الذي بدا يظهر عليه علامات الضعف تأثراً بسياسة تركيا الخارجية وتوتر العلاقات مع كثير من الأطراف الدولية ، إلا أن ذلك التحسن المنشود سرعان ما تبدد بعدما لاحت في الأفق بوادر لاشتعال أزمة جديدة مع الولايات المتحدة الأمريكية علي اثر قيام السلطات التركية باعتقال القس الأمركي إنرون برونسون بتهمة التجسس والمساعدة علي القيام بانقلاب عسكري الأمر الذي استدعى القيام برد عنيف من قِبل الرئيس الأمريكي رونالد ترامب والذي بادر علي الفور بمضاعفة الرسوم الجمركية علي واردات الصلب والألومنيوم المستورد من تركيا بنسبة 50% و20 % لكل منهما علي التوالي خاصة أن تركيا تعد واحدة من اكبر مصدري الصلب في العالم حيث بلغت قيمة صادرات الحديد والصلب العام الماضي 11.5 مليار دولار تمثل 7.3% من قيمة الصادرات التركية بلغ نصيب الولايات المتحدة منها 1.1 مليار دولار، ولم يتردد المتعاملون عقب ذلك من تعبيرهم عن الخوف والقلق من مستقبل الاقتصاد التركي فقاموا بالتخلص من الليرة التركية ما دفعها للسقوط الحر أمام الدولار الأمريكي.

اقرأ المزيد

وقد فاقم من قلق المستثمرين التباين القوي في التوجهات ما بين البنك المركزي التركي والرئيس رجب طيب اردوغان والذي عارض القيام برفع أسعار الفائدة وفقا لرؤية البنك المركزي التركي، وعوضاً عن ذلك دعا المواطنين الأتراك لدعم الليرة وبيع ما بحوزتهم من دولار وربما لم يكن لذلك الصدي المنشود الأمر الذي استدعى قيام المركز التركي بالتدخل من أجل رفع أسعار الفائدة لمنع حدوث مزيد من الانهيارات لليرة التركية ولكن في وقت متاخر جداً فقدت خلاله الليرة الكثير من قيمتها.

ولعل الآثار الاقتصادية لانهيار الليرة التركية في عام 2018 كان بمثابة الصفعة التي أصابت الاقتصاد التركي، حيث أدت إلي حدوث انكماش في الناتج المحلي الإجمالي  المقوم بالدولار في الريع الثالث من العام وساهمت في ارتفاع تكلفة الاقتراض لمستويات غير مسبوقة منذ فترة طويلة وتسببت في انهيار القوة الشرائية لليرة التركية وأرسلت كذلك صدمة لأسواق الأسهم العالمية بسبب التخوف من انكشاف البنوك الأوربية على الديون التركية والتي تناهز نحو 457 مليار دولار تخص الشركات التركية منها 171 مليار دولار معظمها  للبنوك الإسبانية والفرنسية والإيطالية صاحبة النصيب الأكبر من تلك الديون، أدي تراجع الليرة أيضا الي احداث صدمة عند المستثمرين الأجانب الذين يقومون بالاستثمار في السوق التركية جراء تحملهم خسائر ضخمة ناتجة عن انهيار قيمة العملة بالإضافة إلي تخوفهم من مستقبل الاقتصاد التركي بسبب التراجع القوي في ثقة المستثمرين.

وبالرغم من أن الليرة التركية تمكنت من التماسك أمام الدولار خلال الربع الاخير من العام السابق والربع الأول من العام الحالي، إلا أن معاودة التراجع مرة أخرى لسعر الليرة أمام الدولار منذ بداية مارس 2019 وصولا لمستوى 6.17 ينذر بامكانية حدوث مزيد من التراجع ويشير الى اتجاه ثقة المستثمرين في الاقتصاد للتبدد مرة أخرى.

ذات صلة



المقالات