الأربعاء, 24 أبريل 2024

رئيس غرفة الوسطاء العقاريين في اسطنبول: الأسعار هوت 30% 

المستثمرون في تركيا بين أزمتين .. عقار وليرة

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

أثرت الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها تركيا على القطاع العقاري بشكل بالغ، فمع انهيار سعر الليرة التركية وارتفاع أسعار الفائدة إلى نحو غير مسبوق وتراجع ثقة المستهلكين فقد أحجم المستثمرون الأجانب عن الاستمرار في ضخ الأموال في القطاع العقاري التركي الأمر الذي دفع الأسعار للتراجع بشكل حاد. كما ان الكثير من المشاريع العقارية داخل تركيا، توقفت نتيجة الكساد الذي عانى منه الاقتصاد التركي بسبب سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان.

 وبحسب ما قاله رئيس غرفة الوسطاء العقاريين باسطنبول نظام الدين باشا لشبكة سي إن إن فإن أسعار العقارات في اسطنبول انخفضت خلال العام الماضي بنسبة 30%، كما انخفضت في مناطق أخرى بنسبة 50%، حيث لم يكن ممكناً شراء عقارات بـ 700-800 الف ليرة قبل عامين يمكن الأن شرائها بـ 500-600 ألف ليرة وفقا لما قاله.

ولا تتمثل أزمة القطاع العقاري في تركيا فقط في تراجع الأسعار وإنما في تراجع حجم عمليات التداول كذلك، وتعد اسطنبول أهم واجهات الأجانب لشراء العقارات في تركيا حيث استحوذت على 36% من حجم الصفقات العقارية للاجانب في شهر اكتوبر الماضي.

اقرأ المزيد

وقد دفعت الأزمة التي تشهدها السوق العقارية، الحكومة التركية إلى إعطاء المزيد من التسهيلات أمام الاجانب في محاوله منها لدعم القطاع ومنعه من الدخول في مرحلة الركود، فقامت بتخفيض القيمة المادية المطلوبة للحصول علي الجنسية مقابل شراء عقار من نحو مليون دولار إلى 250 الف دولار فقط في خطوه منها لمنع الدخول في مرحلة ركود في القطاع.

ورغم المميزات الا ان جزء كبير من قلق المستثمرين من خيار الاستثمار في تركيا، يعود إلى طريقة إدارة الاقتصاد التركي، حيث تتدخل الدولة فيه بشكل يشوه قانون حرية السوق، وهو ما يبدد الثقة في النظام الاقتصادي الحالي الذي يتحكم به أردوغان والحزب الحاكم بما يخدم أجندتهم السياسية. فبيئة الاستثمار في تركيا باتت سلبية للغاية، ولم تعد آمنة لأصحاب رؤوس الأموال، بسبب تدخلات أردوغان في سياسات البنك المركزي وهو ما تسبب بانهيار الليرة التركية بأكثر من 45% العام الماضي فيما بلغت مستويات التضخم وقتها نسبة 24%.

واللافت للنظر هو أن الزيادة في معدل شراء العقارات في تركيا من الخليج والمنطقة العربية خلال العام الماضي 2018 كانت من إيران، قطر، ليبيا والعراق بينما شهد شراء العقارات معدل تراجع من قِبل المستثمرين السعوديين. وبحسب تفسير المراقبين فإن ارتفاع حجم الشراء في العقارات التركية من قبل الايرانيين والعراقيين يعود إلى الظروف المعيشية الصعبة داخل الدولتين، بينما يعود التراجع في شراء العقارات من قِبل السعوديين إلى حالة العزوف العام التي تسيطر على المستثمرين السعوديين تجاه تركيا خلال الفترة الحالية.

ويأتي عزوف المستثمرين السعوديين الى تنامي حالة عداء أردوغان ورموز حزب التنمية والعدالة الحاكم في تركيا ضد السعودية وسعيهم لتشويه صورتها والتعريض بها في خطاباتهم السياسية وهو أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل من بيئة الاستثمار في تركيا طاردة وغير جاذبة، وخصوصًا للمستثمر السعودي، فهذه الاجواء المشحونة التي يغذيها خطاب الكراهية الذي يقوده اردوغان والحزب الحاكم ضد المملكة ومواقفها وقيادتها تجعل من الطبيعي أن تتأثر الاستثمارات السعودية في تركيا بتلك الأجواء.

فالمستثمرون السعوديون على الدوام يبحثون عن أجواء استثمارية إيجابية وآمنة ولا تتأثر بتصاعد الاستهداف السياسي والإعلامي، وهو ما لا يتوفر في تركيا في هذه الأثناء التي تعيش بيئة استثمار موبوءة ومسيطر عليها من قبل المتنفذين في الحزب الحاكم، وهذه السياسات الخاطئة والعدائية لأردوغان تجاه المملكة، ستفقد الاقتصاد التركي الاستثمارات السعودية والتي تعد أكبر الاستثمارات الخليجية، حيث تسيطر على نصف الاستثمارات الخليجية هناك.

وتتجاوز مشكلة الركود العقاري في تركيا، الخسائر المسجلة، وتصل لعدم القدرة على التأجير أو البيع بسبب ضعف القوة الشرائية، أو إحجام المشترين من خارج تركيا وتحديدا من الخليجيين – عدا القطريين الى حد ما- الذين يشكلون الشريحة المستهدفة للمستثمرين السعوديين؛ بسبب فقدان الثقة بالسوق التركية والخشية من المخاطر الأمنية، حتى وصل الامر الى وصف اي خطوة استثمارية بانها “مغامرة غير محسوبة” من خلال الدخول بأية مشاريع عقارية.

مبيعات المنازل الجديدة في تركيا خلال 3 سنوات:

وبالرغم من أن انخفاض سعر الليرة التركية انعكس إيجابياً على مشتريي العقارات من الأجانب خاصة مع تراجع أسعار العقارات في ذات الوقت، إلا أن الأمر لم يكن على نفس المنوال بالنسبة للاجانب الذين اشتروا عقارات بقصد الاستثمار او من رغب منهم التخارج نتيجة الاوضاع غير المستقرة استثماريا وامنيا خلال الفترة الماضية، واصبح التفكير بالتخارج منها بأقل الخسائر الممكنة قبل تفاقمها احد الحلول المطروحة.

كما ان المواطنين الأتراك تراجعت القوة الشرائية عندهم بسبب عوامل التضخم وانهيار قيمة المدخرات المحلية مع تراجع الليرة وكذا إحجام الكثير من المشتريين عن اللجوء لبرامج التمويل العقاري التي تقدمها البنوك بعد ارتفاع اسعار الفائدة إلى 24%. 

فالاقتصاد التركي يمر بأجواء حرجة وبالغة الصعوبة، مما يجعل من خيار سحب الاستثمارات الحالية في هذا الوقت، سواء في الأسواق المالية أو قطاعات التجزئة أو العقار، خيارًا مهمًا، وخصوصاً بعد منح وكالة فتش تركيا تصنيف BB بنظرة سلبية مستقبلية. كما ان النمو الاقتصادي في تركيا حاليًا متواضع جدًا ويقدر بحدود 1.5% وجاء بعد 6 أشهر من الكساد، وهو معدل غير محفز لجذب الاستثمارات المالية أو بقاء الاستثمارات الحالية، فضلًا عن انخفاض الاحتياطات النقدية الأجنبية إلى 27 مليار دولار مع بقاء مستويات التضخم مرتفعة وسط توقعات بوصولها إلى 20.4%.

ذات صلة

المزيد