الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إزاء الحرب التجارية التي تشتد حينا، وتهدأ تارة بين أميركا والصين، ناهيك عن المشكلات الاقتصادية في عدد من الدول الكبرى، بما في ذلك مثلا انكماش الاقتصاد الألماني أخيرا، وعدم وضوح الرؤية حيال انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فضلا عن إمكانية حدوث ركود عالمي في المستقبل القريب، كلها ازمات مازالت تؤثر بشكل مباشر او غير مباشر في اقتصادات كبرى لعدد من الدول، منها الاقتصاد البريطاني الذي يعاني بالفعل، بعد أن سجل خلال الربع الثاني من العام الحالي أول انكماش ربع سنوي منذ 2012، بالإضافة إلى تراجع ثقة المستهلك في أغسطس الماضي إلى أدنى معدلاتها خلال 6 سنوات، في ظل مخاوف البريطانيين التي كانت سائدة آنذاك من تأثير خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي (بريكست) دون اتفاق على أوضاعهم المالية، وذلك قبل أن يوافق مجلس اللوردات في بريطانيا مؤخرا على مشروع قانون يمنع الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق ليصبح قانونا، ويجبر القانون الجديد رئيس الوزراء بوريس جونسون على التفاوض مع الاتحاد الأوروبي.
وذكرت وكالة «بلومبيرغ» للأنباء أن مؤشر (جي.إف.كيه) لقياس ثقة المستهلك البريطاني تراجع إلى سالب 14. وتتساوى هذه القراءة مع معدلات ثقة المستهلك في مطلع العام الحالي عندما أعلنت رئيس وزراء بريطانيا السابقة تيريزا ماي رفض اتفاقية الخروج للمرة الأولى، حسبما تنالوته “الأنباء”.
ونقلت «بلومبيرغ» عن جوي ستاتون، مدير قسم التحليلات الاستراتيجية للعملاء في (جي.إف.كيه) قوله: «إذا استمر هذا التراجع في ثقة المستهلك بشأن الأوضاع المالية في المستقبل، فمن الممكن أن نشهد قريبا انهيارا ضخما يصل إلى الأرقام المقلقة التي شهدناها خلال الأيام السيئة من الأزمة المالية في عامي 2008 و2009».
وكان رويال بنك أوف سكوتلند قال في الثاني من أغسطس إن تدهور الأوضاع الاقتصادية قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من المرجح أن يؤثر على ربحيته في العام المقبل وان بعض العملاء تأثروا بالفعل.
وقال محللو سيتي جروب إن تأثير عدم التوصل لاتفاق على أسهم البنوك البريطانية الكبرى مثل باركليز وإتش.إس.بي.سي ولويدز قد يكون أقل حدة، حيث إن مخاطر هذه النتيجة قد تم بالفعل حسابها جزئيا في أسعار الأسهم.
انكماش أكبر اقتصاد أوروبي
وفيما يخص ألمانيا، فقد أظهرت بيانات نشرتها الوكالة الاتحادية الألمانية للعمل، أن معدل البطالة في البلاد ارتفع بنسبة 0.1% إلى 5.1% في أغسطس الجاري، ما يعني أن 2.319 مليون شخص عاطلون عن العمل في أكبر اقتصاد بأوروبا.
وقال رئيس الوكالة دتلف شيله إن «تراجع الاقتصاد يترك آثارا طفيفة على سوق العمل، إلا أن سوق العمل لايزال قويا بشكل عام. نمو العمالة مستمر إلا أنه بزخم أقل، كما أن طلب الشركات على الموظفين الجدد لايزال عند مستوى مرتفع إلا أنه يتراجع».
وارتفع عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا بمقدار 44 ألف شخص مقارنة بشهر يوليو الماضي، إلا أنه انخفض بـ31 ألفا بالمقارنة على أساس سنوي.
ورغم الانكماش الاقتصادي، حققت ألمانيا فائضا في ميزانيتها خلال النصف الأول من هذا العام يقدر بالمليارات، وفق أرقام مكتب الإحصاء الاتحادي. والخبراء يتحدثون عن «ركود تقني».
وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني (27 أغسطس 2019)، عن فائض مالي بنحو 45.3 مليار يورو، حققته ميزانيات الحكومة الاتحادية والولايات والمحليات والتأمينات الاجتماعية. غير أن هذا الفائض تزامن أيضا مع انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من هذا العام بنسبة 0.1%، مقارنة بالربع الأول، الذي حقق فيه أقوى اقتصاد في أوروبا نموا بلغ0.4%.
«حزمة تخفيضات» للاقتصاد الروسي
أما في روسيا، فقد خفضت وزارة التنمية الاقتصادية الروسية توقعاتها للنمو خلال العامين المقبلين، بما في ذلك خفض توقعات سابقة لمعدل نمو الدخل الحقيقي للمواطنين، والإنتاج الصناعي، والاستثمارات، وذلك ضمن نسخة «محدثة» من تقرير «توقعات التطور الاقتصادي – الاجتماعي خلال سنوات 2019-2024»، التي نشرتها وزارة التنمية الاقتصادية على موقعها الرسمي.
وأشار التقرير إلى تباطؤ النمو في النصف الأول من العام الحالي حتى 0.7% على أساس سنوي، مقارنة بنمو قدره 2.3% على أساس سنوي خلال النصف الأول من العام الماضي. وأرجعت الوزارة هذا الوضع إلى جملة عوامل، في مقدمتها تباطؤ في الطلب الكلي، وضعف الاقتصاد العالمي، وتراجع الثقة بالمناخ الاستثماري. ولفتت في هذا الصدد إلى نتائج استطلاع للراي كشفت عن تراجع «رضا المواطنين عن أداء الأجهزة الأمنية ومؤسسات إنفاذ القانون» حتى أدنى المستويات. وتحدثت تقارير رسمية سابقة عن ضرورة إصلاحات في المنظومة الأمنية والقضائية فيما يخص العلاقة مع قطاع الأعمال شرطا ضروريا لتحفيز الاستثمارات.
وخفضت الوزارة كذلك توقعاتها لنمو الاستثمارات عام 2019 من 3.1 حتى اثنين%، ومن 7 حتى 5% عام 2020. بينما تم تعديل التوقعات لعام 2021 باتجاه النمو حتى 6.5%، بدلا من التوقعات السابقة بنموها حتى 6.3%.
عاصفة اقتصادية في هونغ كونغ
من جهتها، تعرضت لضربة مزدوجة خلال الأيام القليلة الماضية، عندما وقعت بين ضفتي الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتأثر سمعة المدينة كوجهة استثمارية بعد الاحتجاجات في شوارعها. مما قد يعرضها إلى «إعصار اقتصادي» وفقا لوزير المالية بول تشان.
وهددت الاضطرابات السياسية خلال الأيام القليلة الماضية الوضع المالي في هونغ كونغ كمركز مالي رئيسي في المنطقة، خاصة مع إلغاء رحلات الطيران، حيث قالت شركة طيران كاثي باسيفيك التي تتخذ من هونغ كونغ مقرا لها، إن الاضطرابات قد أثرت على أكثر من 55 ألف مسافر، حيث تم إلغاء 272 رحلة.
وكتب تشان أن الاحتجاجات التي أغلقت المطار وأسفرت عن تراجع الأسهم في البورصة قد وجهت ضربة للاقتصاد المحلي في هونغ كونغ في الوقت الذي كانت فيه الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تقطع بالفعل الصادرات. ووصف العاصفة الاقتصادية بأنها خطيرة من المستوى 3، مستخدما المصطلحات التي يستخدمها مرصد هونغ كونغ لإصدار تحذيرات من العواصف.
وأثرت الاحتجاجات على بيئة العمل في هونغ كونغ، حيث تم إغلاق فروع البنوك القريبة من الاحتجاجات مؤقتا في يونيو الماضي، بينما قدر أحد المحللين أن تعطل المطار الأخير كلف اقتصاد هونغ كونغ نحو 38 مليون دولار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال