الثلاثاء, 22 أبريل 2025

بلومبيرج: روسيا تدفع ثمناً باهظاً لإنهاء حرب أسعار النفط

اعتبر تقرير حديث أن اتفاق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع أوبك لخفض إنتاج النفط وزيادة الأسعار قبل ثلاث سنوات كان انتصارًا للزعيم الروسي، مما عزز نفوذه على المسرح العالمي. لكن عليه الآن تقديم تنازلات كبيرة بعد تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء حرب الأسعار.

تنازلات كبيرة:

وقال شخصان مقربان من الكرملين إنه وسط ارتياح موسكو للاتفاق غير المسبوق مع المملكة العربية السعودية والمنتجين الرئيسيين الآخرين لخفض إنتاج النفط، الا أن الاتفاق يمثل انتكاسة مؤلمة لروسيا.

اقرأ المزيد

ويرى تقرير وكالة (بلومبيرج) أن بوتين دفع روسيا إلى دور مهيمن في سياسات الطاقة العالمية خلال السنوات الماضية، الا أن التقرير انتقد الخطوة الأخيرة للزعيم الروسي بتنصله من اتفاق خفض الانتاج ورفضه مطالب المملكة العربية السعودية لخفض انتاج النفط قبل خمسة أسابيع فقط. الأمر الذي دفع أكبر منتج في أوبك – في اشارة للسعودية – إلى زيادة الإنتاج في حرب الأسعار التي دمرت السوق مثلما أدى انتشار الفيروس التاجي إلى هدم الطلب.

ومع انهيار الأسواق، وافق بوتين على خفض أكثر من 2.5 مليون برميل يوميًا من الخام من 11 مليونًا من الخام الروسي الذي كانت روسيا تضخه يوميًا، أي أكثر من أربعة أضعاف التخفيض الذي رفضه في أوائل مارس وأكثر من مستوي خفض الانتاج الذي التزمت به السعودية الشهر الماضي. وفي الوقت نفسه، تبخرت الآمال في أن تلتزم الولايات المتحدة رسميًا بالقيود الخاصة بها، حتى في ظل ما قام به ترامب لضمان إبرام الصفقة الجديدة.

خطأ استراتيجيًا:

من جانبه قال أندريه كورتونوف، مدير مجلس الشؤون الدولية الروسي الذي تأسس في الكرملين أن القرار بمواجهة السعودية في أوائل مارس كان “خطأ استراتيجيًا، وأن مؤسكو تدفع حاليا الثمن، وهو سعر أعلى بكثير مما كان يمكن دفعه، معتبرا أنه انتصار للولايات المتحدة، وخسارة فادحة لروسيا.

ويشير التقرير الى أنه ذا تم تحقيق التخفيضات، فسوف ينخفض ​​إنتاج روسيا للشهرين المقبلين إلى المتوسط ​​السنوي الذي شوهد في العام 2003 لآخر مرة، وفقًا لحسابات بلومبيرج المستندة إلى بيانات من وزارة الطاقة الروسية. حيث وافقت روسيا على مواصلة التخفيضات المتفق عليها حتى مايو 2022، على الرغم من أنها تمكنت من التمسك بامتياز واحد عن طريق إبقاء المكثفات، وهي وقود خفيف منتج رئيسي لها، خارج الحصص.

سوء تقدير:

وقال مسؤول روسي رفيع إن روسيا فشلت تماما في توقع التأثير المدمر لوباء فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي عندما انسحبت من الاتفاقية مع منظمة البلدان المصدرة للنفط وغيرها من كبار المنتجين المعروفين باسم أوبك بلص.

مشيرا الى أن الحفاظ على هذا التحالف كان سيمنع انهيار الأسعار إلى أدنى مستوى له خلا عقدين من الزمان تقريبًا. فيما تعين على الكرملين التفاوض على ترتيب جديد بشروط غير مواتية للغاية.

في ذات الأثناء، قال شخص آخر مقرب من الكرملين إن قرار التنازل عن تخفيضات الإنتاج الخام أمر مؤلم ينال من صورة بوتين السياسية، لكنه ضروري كخطوة نحو التغلب على الأزمة. مشيرا الى أنه تم تنسيق الاتفاقية النهائية، التي تتوقع رفعًا تدريجيًا لقيود الإمداد بدءًا من يوليو، مع جميع شركات النفط الروسية الكبرى ولديها ختم بوتين الشخصي للموافقة. حتى في ظل النظر الى المشاركة الأمريكية الرمزية كمعلم هام.

فيما دافع ديميتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين عن الصفقة الجديدة يوم الجمعة. وقال للصحافيين في مؤتمر عبر الهاتف “لا يوجد خاسرون، هناك فائزون فقط”. فيما أشاد البرنامج الإخباري التليفزيوني الرئيسي بالأتفاق ووصفه بأنه “نجاح غير مشروط”.

الأثر الاقتصادي:

ويرى التقرير أن الصفقة تمثل تراجعا في مسعى بوتين لاستعادة نفوذ روسيا العالمي، خاصة في الشرق الأوسط، حيث أصبح لاعبًا رئيسيًا في التدخلات في أماكن مثل ليبيا وسوريا. معتبرا أن مدى الانتكاسة سيتم تحديده من خلال ما إذا كانت الصفقة الجديدة كافية لعكس اتجاه السوق والحد من الألم الاقتصادي للكرملين.

وعلى الرغم من المواجهة الشجاعة خلال الأسابيع من قبل المسؤولين الروس لانخفاض أسعار النفط، حيث تراجعت قيمة الروبل بشكل حاد وأجبر البنك المركزي على بيع الدولار لاستقرار السوق، فقد شعر الكرملين بالقلق من الضرر الاقتصادي المحتمل.

انعكاس الأدوار:

يشير التقرير الى أن  صعود موسكو يمثل انعكاساً دراماتيكياً في الدور. بسبب المناخ والجغرافيا، يمكن للمملكة العربية السعودية تشغيل الأنابيب وإيقافها بسهولة أكبر بكثير من روسيا، وحتى الآن، تضاءل دور روسيا فيما يتعلق بالتخفيضات، وتجنبت الامتثال الكامل بينما تحملت المملكة العربية السعودية العبء الأكبر من قيود الإنتاج للحفاظ على استقرار السوق، بحسب التقرير.

وقالت داريا كوزلوفا، رئيسة تنظيم النفط والغاز في فيجون الاستشارية ومقرها موسكو، إنه لتلبية الشروط الجديدة، قد يضطر المنتجون الروس إلى تجاوز قطع التدفقات من حقولهم الحالية عالية التكلفة والضريبية بالكامل ومراجعة خطط المشاريع الجديدة. ويمكن أن يكون لذلك آثار لسنوات قادمة.

وبحسب التقرير فقد تضطر روسيا أيضًا إلى توفير إمدادات أرخص للمشترين التقليديين في أوروبا لجذبهم مرة أخرى بعد أن عرضت المملكة العربية السعودية خصومات كبيرة خلال المواجهة التي استمرت خمسة أسابيع.

وقال دميتري بريفالوف، تاجر نفط مستقل ومدير تنفيذي سابق للصناعة “هذه أكبر هزيمة لروسيا منذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين”. “لقد فقدنا أسواقنا ولن يكون من السهل استعادتها”.

ذات صلة



المقالات