الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كشف صندوق النقد الدولي عن توقعاته أن يشهد الاقتصاد العالمي انكماشا حادا بواقع -3% في العام الجاري 2020، وهو أسوأ بكثير مما ترتب على الأزمة المالية العالمية في 2008-2009.
ووفقا لصندوق النقد فيمكن أن تكون الخسارة التراكمية في إجمالي الناتج المحلي العالمي على مدار العامين 2020 و 2021 بسبب أزمة جائحة كورونا حوالي 9 تريليونات دولار أمريكي، أي أكبر من اقتصادي اليابان وألمانيا مجتمعين.
وتوقع تقرير صندوق النقد ان ينكمش اقتصاد المملكة العربية السعودية 2.3%، خلال العام الجاري، وذلك بعد ان سجل نمو 0.3% في العام 2019، على ان يعاود النمو في 2021 ويسجل 2.9%.
وبحسب التقرير فان اقتصاد الولايات المتحدة سينكمش 5.9%، في 2020، واقتصاد منطقة اليورو سيكون الاكثر تضررا بانكماش 7.5%، خلال العام الجاري، وجاءت التوقعات لاقتصاد اوروبا بانكماش قدره 5.2% خلال العام الجاري، واقتصاد روسيا سينكمش 5.5%، والبرازيل والمكسيك 5.3% و6.6% للدولتين على التوالي.
واشار تقرير صندوق النقد الى فانه في أحد السيناريوهات الأساسية، الذي يفترض انحسار الجائحة في النصف الثاني من عام 2020 وإمكانية تخفيف جهود الاحتواء بالتدريج، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بمعدل 5,8% في 2021 مع عودة النشاط الاقتصادي إلى طبيعته، بمساعدة الدعم المقدم من السياسات.
ومع افتراض انحسار الجائحة في النصف الثاني من عام 2020 وأن إجراءات السياسة المتخذة حول العالم فعالة في منع انتشار حالات الإفلاس بين الشركات، واتساع نطاق فقدان الوظائف، والتوترات المالية النظامية، يتوقع تعافي النمو العالمي في عام 2021 مسجلا 5.8%.
وهذا التعافي المتوقع لعام 2021 ما هو إلا تعافٍ جزئي لأن من المتوقع أن يظل مستوى النشاط الاقتصادي أقل من المستوى الذي أشارت إليه توقعات الصندوق السابقة لهذا العام، قبل أن يوجِّه الفيروس ضربته.
واضاف تواصل جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) إلحاق خسائر فادحة ومتزايدة في الأرواح في مختلف بلدان العالم، وحتى يتسنى حماية الأرواح وإتاحة الفرصة لنظم الرعاية الصحية لكي تواكب الأزمة، كان من الضروري اللجوء إلى عمليات العزل والحظر العام وإغلاق واسع النطاق لإبطاء انتشار الفيروس. وبالتالي، تتمخض الأزمة الصحية عن انعكاسات حادة على النشاط الاقتصادي.
ووفقا للتقرير هناك عدم يقين شديد يحيط بتنبؤات النمو العالمي. فالتداعيات الاقتصادية تعتمد على عوامل تتفاعل بطرق يصعب التنبؤ بها، بما في ذلك مسار الجائحة، وكثافة جهود الاحتواء ودرجة فعاليتها، ومدى الاضطرابات المتعلقة بالعرض، وتداعيات التشديد الحاد لأوضاع الأسواق المالية العالمية، والتحولات في أنماط الإنفاق، والتغيرات السلوكية (كأن يتجنب الناس مراكز التسوق والمواصلات العامة)، والآثار على الثقة، وأسعار السلع الأولية المتقلبة.
وتواجه كثير من البلدان أزمة متعددة الأبعاد تتألف من صدمة صحية، واضطرابات اقتصادية محلية، وهبوط حاد في الطلب الخارجي، وتحولات في وجهة تدفقات رؤوس الأموال، وانهيار في أسعار السلع الأولية. وتهيمن على الأجواء مخاطر أيلولة الأمور إلى عاقبة أسوأ.
والسياسات الفعالة أمر ضروري لمنع الوصول إلى نتائج أسوأ. وسيتأثر النشاط الاقتصادي على المدى القصير بما يتخذ من إجراءات ضرورية للحد من العدوى وحماية الأرواح، لكن هذه الإجراءات ينبغي أن تعتبر أيضا بمثابة استثمار مهم في الصحة البشرية والاقتصادية على المدى الطويل. وتتمثل الأولوية العاجلة في احتواء تداعيات تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19)، وخاصة عن طريق زيادة المصروفات على الرعاية الصحية لتعزيز القدرات والموارد في هذا القطاع مع اعتماد إجراءات للحد من العدوى. وينبغي أن تعمل السياسات الاقتصادية أيضا على تخفيف أثر تراجع النشاط على الأفراد والشركات والنظام المالي؛ وتقليص الآثار الغائرة والمستمرة للتباطؤ الحاد الذي لا يمكن تجنبه؛ وضمان إمكانية بدء التعافي الاقتصادي بسرعة بمجرد انحسار الجائحة.
ولأن التداعيات الاقتصادية تمثل في الأساس انعكاسا للصدمات الحادة التي تتعرض لها قطاعات معينة، بيّن الصندوق في تقريره انه ينبغي أن يطبق صناع السياسات إجراءات جوهرية موجهة على مستوى المالية العامة والسياسة النقدية والأسواق المالية، لدعم الأسر والأعمال المتضررة.
وستساعد هذه الإجراءات على الاحتفاظ بالعلاقات الاقتصادية طوال فترة توقف النشاط، كما أنها ضرورية لتمكين النشاط من العودة إلى طبيعته تدريجيا بمجرد انحسار الجائحة وإلغاء إجراءات الاحتواء. وقد كانت استجابة المالية العامة سريعة وكبيرة في كثير من الاقتصادات المتقدمة المتأثرة بالأزمة (كأستراليا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة). وفي كثير من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية أيضا (كالصين وإندونيسيا وجنوب إفريقيا)، بدأ تقديم دعم كبير من المالية العامة للقطاعات والعمالة الأشد تضررا، أو أُعلِن أنه تَقَرر تقديمه. وسيتعين تكثيف هذه الإجراءات المالية إذا استمر تعطل النشاط الاقتصادي أو كان انتعاش النشاط شديد الضعف بعد رفع القيود. وقد يتطلب الأمر دعما خارجيا للاقتصادات التي تواجه قيودا تمويلية في سعيها لمكافحة الجائحة وآثارها. ويمكن أن يؤدي القيام بعملية تحفيز مالي واسعة النطاق إلى الحيلولة دون انخفاض أكبر في مستوى الثقة، وزيادة الطلب الكلي، وتجنب هبوط اقتصادي أعمق. لكن الأرجح أن يكون هذا التحفيز أكثر فعالية بمجرد انحسار الفاشية وفتح المجال أمام حرية حركة الأفراد.
ومن الإجراءات المهمة التي اتخذتها البنوك المركزية الكبرى في الأسابيع القليلة الماضية توفير تسهيلات للتحفيز النقدي وإتاحة السيولة من أجل تخفيف الضغط النظامي. وقد دعمت هذه الإجراءات الثقة وساهمت في الحد من حجم الصدمة، مما هيأ للاقتصاد وضعا أفضل يؤهله للتعافي. ويمكن أن يكون للإجراءات المتزامنة تأثير معزز على الاقتصادات المنفردة، كما أنها ستساعد على إتاحة المجال أمام اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية لاستخدام السياسة النقدية في الاستجابة للأوضاع الدورية المحلية. وينبغي لأجهزة الرقابة أيضا أن تشجع البنوك على إعادة التفاوض بشأن القروض المقدمة للأسر والشركات التي تمر بضائقة في الوقت الراهن مع الحفاظ على تقييم شفاف لمخاطر الائتمان.
ويشكل التعاون الوثيق متعدد الأطراف مطلبا ضروريا للتغلب على آثار الجائحة، بما في ذلك لمساعدة البلدان التي تفتقر إلى الموارد المالية على مواجهة الصدمة الصحية والتمويلية المزدوجة، ولتوجيه المعونة للبلدان التي تمتلك نظما ضعيفة للرعاية الصحية. وينبغي أن تسارع البلدان بالعمل معا من أجل إبطاء انتشار الفيروس والتوصل إلى لقاح وعلاجات لمقاومة المرض. وإلى أن تصبح هذه الابتكارات الطبية متاحة، لا يوجد بلد آمن من الجائحة (بما في ذلك إمكانية تكرارها بعد انحسار الموجة الأولى)، ما دام انتقال العدوى يحدث في أماكن أخرى.
تغير العالم كثيرا في الأشهر الثلاثة التي أعقبت صدور آخر عدد من تقرير “مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي” في شهر يناير.
فتسببت كارثة نادرة، هي جائحة فيروس كورونا، في إزهاق عدد كبير من الأرواح البشرية بصورة مأساوية. وإذ تطبق البلدان عمليات الحجر الصحي الضرورية وممارسات التباعد الاجتماعي لاحتواء الجائحة، أصبح العالم في حالة “إغلاق عام كبير”. وأعقب ذلك انهيار في النشاط بحجم وسرعة لم نر مثلهما في حياتنا.
إنها أزمة منقطعة النظير، وهناك عدم يقين كبير حول تأثيرها على حياة الناس وأرزاقهم. والكثير يعتمد على الخصائص الوبائية للفيروس، وفعالية إجراءات احتوائه، وتطوير العلاجات واللقاحات لمواجهته، وكلها أمور يصعب التنبؤ بها. وبالإضافة إلى ذلك، فكثير من البلدان يواجه الآن أزمات متعددة – أزمة صحية وأزمة مالية وانهيار في أسعار السلع الأولية – وكلها يتفاعل معا بطرق معقدة. ويقدم صناع السياسات دعما غير مسبوق للأسر والشركات والأسواق المالية؛ ورغم ضرورة هذا الإجراء لتحقيق تعافٍ قوي، فإن هناك عدم يقين كبير حول شكل المشهد الاقتصادي حين نخرج من هذا الإغلاق العام.
ومع افتراض أن بلوغ ذروة الجائحة والاحتواء اللازم لها في الربع الثاني من العام بالنسبة لمعظم بلدان العالم، ثم انحسارها في النصف الثاني من العام، نتوقع في عدد إبريل من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي انخفاض النمو العالمي في عام 2020 إلى -3%، هبوطا من 6,3 نقطة مئوية في يناير 2020، وهو تعديل كبير في فترة قصيرة جدا. وهذا ما يجعل “الإغلاق العام الكبير” أسوأ ركود منذ سنوات “الكساد الكبير”، وأسوأ بكثير من الأزمة المالية العالمية.
إنها أزمة عالمية بحق، فما من بلد أفلت منها. والبلدان التي يعتمد النمو فيها على السياحة والسفر والضيافة والترفيه تعاني من اضطرابات ضخمة. وتواجه اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية تحديات إضافية مع الخروج غير المسبوق لتدفقات رؤوس الأموال نتيجة لتراجع الإقبال على المخاطر عالميا، وضغوط العملة، بينما تحاول مواكبة الأزمة بنظم صحية أضعف، وحيز مالي أضيق لتقديم الدعم. وبالإضافة إلى ذلك، فقد دخلت عدة اقتصادات هذه الأزمة وهي في وضع هش نظرا لتباطؤ النمو وارتفاع مستويات المديونية.
وللمرة الأولى منذ “الكساد الكبير” يصيب الركود كلا من الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
وطالب الصندوق صناع السياسات أن يخططوا للتعافي. فعند وقف تطبيق إجراءات الاحتواء، ينبغي أن تتحول السياسات بسرعة إلى دعم الطلب، وتحفيز التشغيل في الشركات، ومعالجة خلل الميزانيات العمومية في القطاعين العام والخاص، لمساندة التعافي. وسيؤدي التحفيز المالي المنسق بين البلدان التي تمتلك حيزا كافيا في ماليتها العامة إلى تعظيم النفع لصالح كل الاقتصادات. وقد يتطلب الأمر مواصلة تأجيل سداد الديون وإعادة هيكلتها أثناء مرحلة التعافي.
ويمثل التعاون متعدد الأطراف مطلبا حيويا لسلامة التعافي العالمي. ولدعم الإنفاق اللازم في البلدان النامية، ينبغي أن يقدم الدائنون الثنائيون والمؤسسات المالية الدولية تمويلا ميسرا ومنحا وتخفيفا لأعباء الديون. وقد ساعد تفعيل وإنشاء خطوط تبادل العملات بين البنوك المركزية الكبرى على تخفيف نقص السيولة الدولية، وقد يتطلب الأمر التوسع فيه ليشمل مزيدا من الاقتصادات. فالجهود التعاونية مطلوبة لضمان ألا يتراجع العالم عن العولمة، فلا يتضرر التعافي من جراء زيادة الخسائر في الإنتاجية.
وخلص صندوق النقد الدولي الى انهم يبذلون جهودا نشطة لتسخير طاقتهم الإقراضية البالغة تريليون دولار أمريكي لدعم البلدان المعرضة للخطر، من خلال تسهيلات كالتمويل الطارئ القائم على الصرف السريع، وتخفيف أعباء خدمة الدين لأفقر البلدان الأعضاء.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال