الجمعة, 29 مارس 2024

خبراء في ندوة “مال”: اندماج الأهلي وسامبا سيعيد رسم خارطة القطاع المصرفي بالمملكة ويجب أن يتخطى المستوي المحلي إلى الإقليمي والعالمي

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

عقدت صحيفة مال ندوة افتراضية مساء اليوم الإثنين عن اندماج الأهلي وسامبا، والتي استضافت فيها الصحيفة اثنين من الخبراء الأكاديميين والاقتصاديين المعروفين، وهم الدكتور سعيد الشيخ، كبير الاقتصاديين بالبنك الأهلي سابقاً ومدير عام مركز الدراسات والاستشارات وأستاذ الاقتصاد في جامعة الأعمال والتكنولوجيا حالياً، والخبير الاقتصادي والكاتب المعروف، الدكتور إحسان بوحليقة، حيث أكد المحاضران على أن عملية الاندماج لا تقتصر فقط على تكوين كيان مصرفي كبير يدير عمليات كبرى بالمملكة، ولكنه يتخطى ذلك إلى إعادة رسم خارطة القطاع المصرفي في المملكة، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى سيؤدي الاندماج إلى ظهور كيان يكون دوره الخروج لممارسة الأعمال المصرفية على المستويين الإقليمي والعالمي.

وأكد الدكتور سعيد الشيخ أن كثيراً من الاندماجات حول العالم حققت العديد منها نجاحات، خاصة أن الاقتصاديات الكبيرة تحتاج إلى كيانات كبيرة، وأشار إلى أن المصارف كانت من أقل القطاعات تضرراً بجائحة كورونا، خاصة مع ما تتمتع به من إمكانات تقنية. وأوضح أن مستقبل القطاع المصرفي يتجه نحو الرقمنة وهو أمر لا يمثل عائقاً أمام إدارة البنكين، بل سيوفر لهما إمكانيات تقنية هائلة.

اقرأ المزيد

وأشار الشيخ إلى أن وجود كيان كبير يحد من سيطرة المصارف الأجنبية على القطاع، وهو أحد أهم المكاسب التي يمكن أن نجنيها من الاندماج، بالإضافة إلى أن الاندماج يتوافق مع رؤية 2030 وتمويل المشروعات الكبيرة.

وأكد الدكتور إحسان بوحليقة أن الاندماجات لها أهمية كبيرة على مستوى جميع القطاعات، ومن منظور الشركات فهي تندمج لرفع الكفاءة وزيادة الحصة السوقية ولتجنب مخاطر معينة نابعة من طبيعة القطاع الذي تعمل به تلك الشركات.

وحسب بوحليقة ترجع أهمية الاندماج بين البنكين إلى أننا بحاجة إلى كيانات كبيرة تدخل ضمن التصنيفات العالمية، مثل بنك قطر الوطني الذي هو ضمن أكبر 100 بنك من حيث الأصول على مستوى العالم. مشيراً إلى أن تطوير القطاع المالي يحتاج إلى مضاعفة الأصول بالنسبة للقطاع المصرفي، فأصول القطاع المصرفي السعودي حاليا تعادل 2.6 تريليون ريال تقريباً وهى تساوي الناتج المحلي الإجمالي للدولة، ونحن في حاجة لرفعها إلى 4.5 تريليون ريال في 2030.

واتفق الدكتور بوحليقة مع الدكتور الشيخ في أهمية الاندماجات لتحقيق أهداف رؤية 2030، ورشح بوحليقة أن يتم دمج بنوك أخرى لتكوين كيانات أكبر.

وأوضح الشيخ أن رؤية 2030 تحتاج إلى كيانات كبيرة لتمويل المشروعات الضخمة التي تهدف إليها الرؤية، حيث تحتاج المملكة إلى رؤوس أموال كبيرة لتمويل تلك المشروعات، مثل نيوم والقدية والبحر الأحمر، كذلك هناك خطة لتطوير القطاع الصناعي، وهناك 13 برنامجاً لتطوير العديد من الصناعات كل منها في حاجة إلى عشرات وربما مئات المليارات لتمويلها.

وأكد أن اندماج الأهلي وسامبا قد يكون محفزاً لاندماجات أخرى في القطاع المصرفي بل وفي القطاعات الأخرى، ولا يقتصر الأمر فقط على ضم أصول البنكين.

وأشار إلى أن من تلك الفوائد على سبيل المثال أن العملاء غير المشتركين بين البنكين سوف يستفيدون من الخدمات التي يقدمها كل من البنكين، والتي لم تكن متاحة لهم قبل الاندماج.

وأكد مرة أخرى أن مثل هذه الكيانات قد تلعب بالفعل دوراً إقليمياً وعلى المستوى الدولي، بحيث يمتد نشاط البنك إلى المناطق الأخرى في العالم، هذا بالإضافة إلى أن المملكة تنمو اقتصادياً وهي بحاجة إلى مواكبة هذا النمو، وخاصة النشاط الاستثماري والتجارة العابرة للحدود، ومثل هذه الكيانات تتيح للمملكة ذلك.

وأوضح إحسان بوحليقة أنه لا داعي للقلق من عمليات الاندماج، خاصة أن هيئة المنافسة أجازت الاندماج ومن المؤكد أنها أخذت معايير من أهمها التركز.

ونوه الدكتور بوحليقة على أنه لابد أن نأخذ الاندماج في سياق متكامل، حيث إن رؤية المملكة وخاصة تطوير القطاع المالي لها متطلبات كبيرة ومنها أن يكون للقطاع المصرفي دور في تحفيز القطاع غير النفطي، وذلك عن طريق تكوين رأس المال الثابت، وهو دور غير واضح حتى الآن في البنوك السعودية.

وأشار إلى أنه وعلى الجانب الآخر فإن المنشآت الصغيرة والمتوسطة وإن كان للبنوك دور مميز في هذا الجانب إلا أن القطاع في حاجة لمضاعفة مساهمته في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وخاصة أن المشروعات الكبيرة تدعمها الحكومة عن طريق صندوق الاستثمارات العامة، موجها بأهمية أن تستفيد البنوك من توجه الدولة لدعم البنوك الصغيرة، وذلك عن طريق الدمج أو الاستحواذ.

ومن الجوانب التي تحتاج البنوك من أجلها لتكوين كيانات كبيرة أيضا المشاركة في عالم الرقمنة أو التقنية المالية والتي أصبح البنك المركز السعودي يهتم بها الآن، وهو القطاع الذي أصبح للبنوك فيه منافسين كثر وبشكل كبير، حيث لم تصبح مقتصرة على البنوك، فعلى سبيل المثال لشركة الاتصالات السعودية شركة تابعة تعمل في هذا المجال.

وعن سلسلة الاندماجات التاريخية، قال يقول الدكتور سعيد الشيخ، إنه لا شك أن سامبا لم يكن ليكون على ما هو عليه الآن إلا عن طريق اندماج ثلاثة بنوك، والتي أدت إلى واحد من البنوك المميزة والناجحة، والتجربة السابقة في القطاع المصرفي مؤشر إيجابي لعملية الاندماج الحالية.

وهناك مكاسب أيضاً وهي خفض التكلفة للوحدة من الخدمة من خلال الوفورات الاقتصادي، وهو ما ينتج عنه تحقيق أرباح أعلى، بالإضافة إلى تخفيض المخاطر، حيث قد يكون هناك بعض التركز لدي بعض المحافظ الإقراضية لدى بنك من البنكين مقابل غيابها بالبنك الآخر، وهناك مكاسب أخرى، ومنها الاستفادة من رأس المال البشري والتقني بشكل أكبر، كذلك عملية التآزر والتعاضد، من خلال خلق قيمة إضافية تفوق مجموع القيمتين، متوقعاً أن تكون الفوائد أعلى بكثير من التي تحققت في اندماج البنوك الثلاثة التي نتج عنها سامبا في السابق.

ويرى الدكتور بوحليقة أن الاندماجات في الخليج، لم تعيش نفس الظروف التي مرت بها عمليات الاندماج في السعودية، حيث إن بنك مثل بنك قطر الوطني نجد أن الداعم الأساسي له كان الودائع الحكومية، ولكن اندماجه كان لظروف مفروضة عليه، حيث نجد أن البنوك على سبيل المثال في دولة مثل الإمارات هناك عدد كبير جدا من البنوك، والتي قد تفرض الاندماج، أما بالنسبة للنوك في المملكة فالأمر مختلف.

وأكد أنه على الكيان الجديد إعادة اكتشاف نفسه، منوهاً على أن التحدي الكبير أمام البنوك متمثل في قطاع التجزئة، ولكي تأخذ مكانة عالمية لابد من أن تمتلك الأدوات وتعمل على الانتفال على العالمية وليس فقط الاهتمام بالشأن المحلي، منوهاً على أن تواجد البنوك السعودية ضعيف جداً في الخارج على عكس بعض البنوك غير السعودية الموجودة بالمملكة، ولذا على الكيان الجديد أن يسعى لذلك.

ونوه على أن دور البنك في الخارج ليس البيع ولكن هو إقناع المستثمرين في العالم بالاستثمار في المملكة، وهو ما تقوم به البنوك الصينية مثلا.

وأوضح الدكتور الشيخ أن البنكين يستحوذان حالياً على 32 – 33% من ناحية الأصول، وتتفاوت تلك النسبة بين القطاعات الفرعية (الأفراد والشركات)، ويرى أن هذه النسبة في حالة زيادتها أكثر من ذلك فقد يكون هذا مضر حيث يكون هناك تركز في كيان واحد يضر بالبيئة التنافسية بالقطاع.

وعن المنافسة مع البنوك الأجنبية التي تسعى المملكة لاستقطابها بالفترة الحالية، أكد الشيخ أن دخول مثل تلك البنوك يعزز من البيئة التنافسية في القطاع، خاصة أن البنوك الخليجية عندما دخلت على سيبل المثال لم تضيف كثيراً لأنها شبيهة بالبنوك لدينا، أما البنوك الأجنبية فتتجه إلى تمويل الشركات والمشروعات الكبيرة، خاصة أن إمكاناتها تساعدها على ذلك، بينما مصرفية الأفراد تتطلب خبرة واسعة ببيئة مصرفية الأفراد، ولذلك من غير المتوقع أن تزاحم البنوك الأجنبية البنوك المحلية عندما تدخل إلى المملكة.

ويقول الدكتور بوحليقة، أتفق مع الدكتور سعيد وأضيف أن الحديث الآن وبزخم عن برامج التخصيص، وهي برامج تتطلب أنواع معينة من المصرفية، وبالتالي هذه البرامج تحتاج إلى مصارف كبرى ومتعددة، وفي الوقت نفسه فإن الانفتاح على الخارج من خلال التشريعات والجهود المبذولة لاستقطاب استثمارات كبيرة وفي أنشطة غير مسبوقة في المملكة وبالتالي فنحن في حاجة إلى بنوك لها خبرة في مثل هذه الصناعات.

مضيفاً أن التحدي يظل تحدي اقتصادي وهو التعامل مع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهي تتطلب حرص شديد في التعامل معها ودراستها بشكل جيد، حتي تستطيع زيادة مساهمتها في الناتح المحلي للمملكة.

ويرى بوحليقة أنه وبالنسبة لقصة التركز فإذا ظلت البنوك على وضعها الحالي فمن الممكن وفي حالة اندماج بنوك كبرى سيحدث تركز ولكن المطلوب لتطوير القطاع المالي فلابد من نمو البنوك على كل المستويات، منوهاً على أن اندماج البنكين بمثابة إعادة رسم لخارطة البنوك أكثر منه مجرد اندماج للبنكين.

 

ذات صلة

المزيد