الخميس, 28 مارس 2024

الدرب المثير للرؤية

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

في مثل هذا الشهر عام 2016 وقف سمو الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، أمام حشد من الصحافيين السعوديين والأجانب، وأعلن عن رؤيته لما يريد أن تكون عليه المملكة في 2030، سبق ذلك اليوم، والعام الذي قبله، اجتماعات طويلة متواصلة، جرت فيها مراجعات الخطط المرسومة، ومناقشتها واحدة واحدة، ووزارة وزارة، على طاولة المجلس الاقتصادي الأعلى برئاسة ولي العهد رئيس المجلس. كانت تدوم طوال اليوم وإلى منتصف الليل.

تفاصيل هائلة، والمجلس مكتظة صفوفه الأمامية والخلفية. كنتُ مشرفًا على الترتيبات الإعلامية لإطلاق المشروع الجديد. لم يكن يوم الإعلان التاريخي الشهير إلا مجرد بداية، تلَته الكثير من الإعلانات التي لم تتوقف إلى الآن، برامج ومبادرات ومشاريع طموحة. الحقيقة، لا أدري كم استغرقت من ولي العهد من الوقت ليرسمها قبل أن يطرحها ومعها خارطة طريق مترابطة، جاءت شاملة لكل القطاعات والنشاطات والتشريعات. ورغم كثافة التفاصيل إلا أن الصورة كانت واضحة.

في يوم الإطلاق توافدت حشود الإعلاميين من أنحاء العالم، ولم تكتف بالأسئلة الطويلة، بل وعبرت عن تشكيكها في أن “الخطة خيالية”، “غير واقعية”، “مجرد تمنيات” و”دعاية سياسية”. دولة النفط الأولى في العالم ستبحث عن موارد إضافية، ستبني مدينة للطاقة، وستعتمد، أيضًا، وغير النفط مصادر إضافية، الشمس والرياح. ستفتح البلاد للسياحة. ستبني مدنًا جديدة. سيكون هناك صندوق للاستثمار من 300 مليار دولار إلى ثلاثة تريليونات دولار.

اقرأ المزيد

وستفتح أرامكو المغلقة، قالها في المؤتمر للصحافيين المتشككين، “نحن نتحدث عن تقييم بأكثر من تريليون دولار”. سنستفيد من طاقة كل النساء والشباب، وسيتم تصحيح الأداء الحكومي، ووضع آليات للقياس، وإعادة كتابة التشريعات التجارية، وتغيير إدارة الإسكان وفلسفته، واعتماد خطة تصنيع عسكري تضمن نسبة من المحتوى المحلي، وغيره الكثير.

كان يومًا مشهودًا، كنا نرى بلدًا يعاد رسمه، ومنظومة عمل جديدة متكاملة. طرح سموه الخطة وأعلن تفاصيلها على الملأ، واستغرقت عملية عرض المبادرات والبرامج أكثر من شهر ونصف، للإعلاميين ورجال الأعمال، والمؤسسات العامة والخاصة، وورش العمل التوضيحية.

وبعد هذه السنوات الخمس السريعة لا أحد الآن يشكك في جدية الانتقال والتحديث والنموذج المأمول. لكن، منذ أول يوم، كانت الطريق صعبة جدًا، هبط سعر برميل البترول في السوق العالمية إلى 43 دولارًا بعد أن كان قبلها بعامين، 2014، أكثر من 93 دولارًا للبرميل. مع هذا سارت الخطة على الدرب الذي رسمه ولي العهد، ولم يتراجع مرة واحدة رغم التحديات.

وبرهنت الأشهر التالية أن إصلاح الأداء الحكومي، وتطوير ممكنات السوق، هي أفضل حل لحماية المملكة من أخطار تقلبات أسعار النفط، الدخل شبه الوحيد لها. وأن التفكير بطريقة جديدة لمداخيل إضافية غير النفط، سترفع المستوى الاقتصادي للبلاد إلى حيث يريده مهندسها، إلى مرتبة متقدمة بين دول العشرين الكبرى.

المحصلة كما نراها اليوم على الأرض مزدهرة، تبدلات كبيرة وكثيرة، هي نتاج وعود رؤية 2030 التي بانت ملامحها واضحة اليوم، دولة صاعدة بطموحات لا حدود لها.

 

ذات صلة

المزيد