الخميس, 25 أبريل 2024

تمكين المرأة في ظل رؤية المملكة العربية السعودية 2030

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

تطلعات رؤية 2030 للمرأة السعودية

وافق مجلس الوزراء على “رؤية المملكة العربية السعودية 2030″ في 25 أبريل 2016م كـ”خطة جريئة … تستند على مكامن القوة والقدرات الفريدة لوطننا.” وضعت الرؤية 96 هدفًا، و13 برنامجًا لترجمة الأهداف إلى حقائق ملموسة “غايتها إنشاء مجتمع نابض بالحياة يستطيع فيه جميع المواطنين تحقيق أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم في اقتصاد وطني مزدهر”.

اعتبرت الرؤية المرأة أحد مكامن القوة في الوطن، فالمرأة تشكل 49% من نسبة المجتمع السعودي، وبنصف النساء دون سن السابعة والعشرين، أضحت المرأة مكونًا هامًا في ثروة المملكة الأولى “التي لا تعادلها ثروة مهما بلغت: شعب طموح، معظمه من الشباب”.

اقرأ المزيد

بَنَت الرؤية على مكتسبات تمكين المرأة في العقد الذي سبقها، حيث نصت تشريعات تلك الحقبة على زيادة فرص ومجالات عمل المرأة (2004م)، وتشغيل النساء في أقسام وفروع المنشآت الخاصة (2005م)، وتحديد ضوابط “تشغيل النساء” في نظام العمل (2005م)، وزيادة الطاقة الاستيعابية للتدريب التقني والمهني والبرامج الصحية وبرامج التوظيف الإلكتروني للمرأة (2009م)، والتوسع في توظيف المواطنات الراغبات في العمل ضمن استراتيجية التوظيف السعودية (2009م)، وتوسيع دائرة العمل للمرأة في الوزارات والقطاعات الحكومية والأهلية وفي المدن الصناعية (2011م)، وتعيين النساء في مجلس الشورى بما لا يقل عن 20% من الأعضاء (2013م)، وإلزام النساء باستخراج الهوية الوطنية (2013هـ)، ومشاركة المرأة في انتخابات المجالس البلدية كمرشحة وناخبة (2014م).

من هذه الأرضية رسمت الرؤية للمرأة السعودية خطة انطلاق تحقق للمرأة طموحاتها في مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح، حيث تستفيد المرأة -كمواطنة- من تطلعات جميع برامج الرؤية مثلها مثل الرجل، مع تخصيص مستهدفات لتمكين المرأة في ثلاثة برامج للرؤية، هي: برنامج التحول الوطني، وبرنامج جودة الحياة، وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية.

برنامج التحول الوطني

ذكرت وثيقة برنامج التحول الوطني من ضمن أبرز التحديات “محدودية الوعي بدور المرأة الإيجابي في سوق العمل ومساهمتها في التنمية الاقتصادية وزيادة الناتج المحلي”، و”محدودية برامج التدريب والتطوير لرفع كفاءة المرأة”، و”ضعف تمثيل المرأة في المناصب القيادية”.

لذا نص البرنامج على “زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل”، وقياس ذلك بمؤشرات أحدها “رفع معدل المشاركة الاقتصادية للإناث السعوديات من 17% إلى 25%” بحلول عام 2020، كما وضع البرنامج مستهدفات، منها: “زيادة حصة المرأة في المناصب الإدارية”، و”تعزيز ثقافة العمل وتطوير المهارات (شخصية وفنية) لدى النساء”، و”تطوير ممكِّنات الدعم لعمل المرأة”.

وقدم البرنامج قائمة من المبادرات لرفع جاذبية سوق العمل، كرفع الوعي بأهمية مشاركة المرأة في سوق العمل، وتشجيع العمل المرن، والعمل عن بعد، والتوطين النسائي، وتوفير خدمات رعاية الأطفال للنساء العاملات، والتدريب والتوجيه القيادي للكوادر النسائية، ودعم وتسهيل نقل المرأة، والتدريب الموازي لمتطلبات سوق العمل، وتحسين آليات التوظيف، وتمكين المرأة في الخدمة المدنية، وتعزيز دورها القيادي.

برنامج جودة الحياة
أكدت وثيقة برنامج جودة الحياة على “تشجيع المرأة على العمل تمشيًا مع أفضل البلدان عيشًا” و”تحقيق المشاركة الكاملة للمرأة في المجتمع”، ونصت على “وضع التشريعات اللازمة لإدماج المرأة في جميع قطاعات سوق العمل”، و”زيادة الوعي بأهمية مشاركة المرأة في سوق العمل”، و”تعزيز إدماج المرأة في الرياضة وتنويع أنشطتها داخل القطاع”.

برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية

أبرزت وثيقة برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية أهمية “معالجة انخفاض مشاركة المرأة في المجالات ذات الصلة بالعلوم والتقنية والهندسة والرياضيات”، ونصت على “توفير وظائف ذات مهارات عالية ووظائف مميزة” من الممكن أن تجذب المواهب الوطنية، وتسهم في رفع مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل من ضمن علماء البيانات ومصممي التداخل الرقمي.

التشريعات الممكِّنة للمرأة منذ انطلاق رؤية 2030
مع إعلان الرؤية في عام 2016م، واستهداف “وضع التشريعات اللازمة لإدماج المرأة في جميع قطاعات سوق العمل”، تسارعت وتيرة الإصلاحات التشريعية والتوجيهات التنفيذية لتذليل العقبات في طريق المشاركة الكاملة للمرأة في المجالات التنموية الأساسية كالصحة، والتعليم، والمجتمع، والاقتصاد، وتمثيل المرأة في المناصب القيادية.

ففي مجال الصحة نصت التشريعات الممكِّنة للمرأة منذ إعلان الرؤية على إصدار تراخيص مزاولة المهنة للكوادر الصحية النسائية السعودية في الصيدليات الواقعة في المجمعات التجارية (2016م)، وإضافة برامج صحة المرأة للنظام الصحي، ووضع السياسة الوطنية لصحة المرأة (2016م)، وكان من ضمن التوجيهات التنفيذية -على سبيل المثال لا الحصر- السماح بدخول العائلات للملاعب الرياضية (2017)، وإطلاق أول دوري كرة قدم نسائي (2020م) لتحقيق هدف “تعزيز إدماج المرأة في الرياضة وتنويع أنشطتها داخل القطاع”.

وفي مجال التعليم نصت التوجيهات الممكِّنة للمرأة والمحققة للرؤية على استحداث وكالات في الجامعات بمسمى وكالة الجامعة لشؤون الطالبات (2018م)، إلى جانب تطبيق برنامج التربية البدنية في مدارس البنات (2017م)، وطرح بكالوريوس “الرياضة والنشاط البدني” للطالبات (2019م)، واستحداث كلية للهندسة بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن (2018م)، وفتح أقسام للطالبات في كليات الهندسة القائمة في الجامعات (2019م)، واستحداث جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن 21 برنامجًا تخصصيًا لمرحلتي البكالوريوس والدبلوم (تشمل علوم الذكاء الاصطناعي، وعلم البيانات وتحليلها، والأمن السيبراني، ودبلوم تصميم الوسائط المتعددة، ودبلوم فني هندسة إلكترونية، ودبلوم هندسة الاتصالات، 2020) لـ”معالجة انخفاض مشاركة المرأة في المجالات ذات الصلة بالعلوم والتقنية والهندسة والرياضيات.”

واجتماعيًا، شملت التشريعات الممكِّنة للمرأة منذ انطلاق الرؤية تنظيم مجلس شؤون الأسرة وتشكيل “لجنة المرأة” كإحدى اللجان الفنية للمجلس (2016م)، ودراسة الإجراءات المثلى لمعالجة القضايا المتعلقة بالولاية والحضانة (2017م)، وتنظيم صندوق النفقة للمطلقات والأبناء بهدف ضمان صرف النفقة للمستفيدين دون تأخير (2017م)، وإنشاء مركز متخصص لتلقي بلاغات العنف الأسري (2017م)، وتقديم المساعدة الحقوقية للنساء والأطفال في حالات الإيذاء (2018)، ودخول نظام مكافحة جريمة التحرش حيز التنفيذ (2018م)، وتعديل نظام مكافحة جريمة التحرش لتشمل نشر العقوبات في الصحف على نفقة المحكوم عليه (2021م)، وضبط زواج القاصرات (2019م)، وأصبح رب الأسرة هو الأب أو الأم بالنسبة إلى الأولاد القصر (2019م)، وتم السماح لكلا الزوجين بالإبلاغ عن حالة الزواج أو الطلاق أو الرجعة أو التطليق أو المخالعة (2019م)، ومنح المرأة الحق لطلب الحصول على سجل الأسرة من إدارة الأحوال المدنية (2019م)، والحق في التبليغ عن حالات الوفاة بعد أن كان الأمر يقتصر على الذكور البالغين 18 عامًا وما فوق (2019م)، والسماح للمرأة بالتبليغ عن المواليد مثلها مثل الرجل (2019م)، وإلغاء تنفيذ الحكم القضائي بالعودة إلى بيت الزوج أو كما كان يُسمَّى «بيت الطاعة» (2020م).

واقتصاديًا، نصت التشريعات الممكِّنة للمرأة لتحقيق “زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل” على عدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي أمرها حال تقديم الخدمات لها، ومطالبة الجهات الحكومية باتخاذ ما يلزم من إجراءات لتوفير وسائل النقل المناسبة لمنسوبات الجهة من النساء (2017م)، وتحفيز التوظيف النسائي في مجال أمن المعلومات والاتصالات (2017م)، وتطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية -بما فيها إصدار رخص القيادة- على الذكور والإناث على حد سواء (2017م)، واعتماد اللائحة التنظيمية لعمل الأسر المنتجة (2018م)، وإطلاق برنامج دعم ضيافة الأطفال “قرة” (2018م)، وإطلاق برنامج دعم المواصلات للمرأة العاملة “وصول” (2018م)، وبرامج العمل المرن والعمل الحر والعمل عن بعد لـ”تطوير ممكِّنات الدعم لعمل المرأة”، وتطبيق التنظيم الموحد لبيئة عمل المرأة (2018م)، ووضع ضوابط المساواة في الأجور مع الرجال (2019م)، ومنح المرأة حق استخراج وثائق السفر دون الحاجة لموافقة ولي الأمر (2019م)، والسماح للنساء لمن تجاوزوا 21 عامًا بالسفر إلى الخارج بدون تصريح أو موافقة مسبقة من ولي الأمر (2019م)، وإلغاء سن التقاعد للنساء في عمر الخامسة والخمسين سنة (2019م)، وعدم الجواز لصاحب العمل فصل العاملة أو إنذارها بالفصل أثناء حملها أو تمتعها بإجازة الوضع (ويشمل ذلك مدة مرضها الناشئ عن أي منهما، 2019م).

وفيما يخص تمثيل المرأة في المناصب القيادية تم منذ انطلاق الرؤية وتحقيقًا لـ”زيادة حصة المرأة في المناصب الإدارية” تعيين الدكتورة تماضر بنت يوسف الرماح نائبًا لوزير العمل والتنمية الاجتماعية (2018)، وتعيين الدكتورة إيمان بنت هباس المطيري مساعدًا لوزير التجارة بالمرتبة الممتازة (2018م)، وتعيين صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود سفيرة في الولايات المتحدة الأمريكية بمرتبة وزير وتعد أول سفيرة في تاريخ المملكة (2019م)، واستحداث وكالة تمكين المرأة في وزارة الخدمة المدنية (2019م)، وتعيين الأستاذة آمال بنت يحيى المعلمي سفيرة في النرويج (2020م)، وتعيين الأستاذة الدكتورة حنان بنت عبد الرحيم الأحمدي مساعدًا لرئيس مجلس الشورى بالمرتبة الممتازة (2020م)، وتعيين الأستاذة الدكتورة إيناس بنت سليمان العيسى مديرة لجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن (2019م)، وتعيين الدكتورة ليلك بنت أحمد الصفدي رئيسة للجامعة السعودية الإلكترونية، وهي أول امرأة ترأس جامعة سعودية يضم طلابها الجنسين من الذكور والإناث (2020م)، وتعيين 13 سيدة في مجلس هيئة حقوق الإنسان بما يمثل نصف عدد أعضاء المجلس (2020)، بالإضافة إلى تعيينات لعدد من الأكاديميات كملحق ثقافي، وعدد من وكيلات الوزارة، والرئيسات التنفيذيات.

انعكاسات رؤية 2030 على واقع المرأة السعودية
انعكست مستهدفات الرؤية والتشريعات والتوجيهات المصاحبة لها إيجابًا على واقع المرأة السعودية بحسب التقارير العالمية، والإحصاءات الرسمية، والمؤشرات المحلية، فعالميًا قفز ترتيب المملكة العربية السعودية 56 مرتبة في تقرير “المرأة، وأنشطة الأعمال، والقانون” الصادر عن البنك الدولي في عام 2020م، و37 مرتبة في عام 2021م، ورسميًا أظهرت أحدث إحصاءات سوق العمل من الهيئة العامة للإحصاء زيادة مشاركة المرأة السعودية في القوى العاملة من 25.9% في الربع الأول من عام 2020م إلى 33,2% في الربع الرابع من نفس العام، وانخفاض معدل البطالة للسعوديات إلى 24,4% خلال الربع الرابع من 2020 مقابل 30,2% في الربع السابق، ومحليًا وبحسب “مؤشر مشاركة المرأة في التنمية” الصادر عام 2019م عن المرصد الوطني لمشاركة المرأة في التنمية، أوضحت النتائج أن المرأة السعودية تشارك في التنمية بنسبة 69% من المشاركة المثلى، بحيث تشارك في التنمية من الجانب الصحي بنسبة 98% من المشاركة المثلى، وتشارك في التنمية من الجانب التعليمي بنسبة 92% من المشاركة المثلى، وتشارك في التنمية من الجانب الاجتماعي بنسبة 86% من المشاركة المثلى، وتشارك في التنمية من الجانب الاقتصادي بنسبة 54% من المشاركة المثلى، وتشارك في التنمية من الجانب التنظيمي (مواقع صنع القرار) بنسبة 13% من المشاركة المثلى.

وضعت الرؤية أمام المواطنات تصورًا مشرقًا للمستقبل، وطلبت منهن المشاركة في النهوض لتحقيقه. شجعت الرؤية على الصحة البدنية والنفسية، فألهمت النساء لممارسة الرياضة والترفيه. وفَّرت مبادرات الرؤية فرص العمل في مناشط متنوعة، وقدمت التسهيلات اللوجستية والاقتصادية، فدفعت الشابات لتحصيل المؤهلات المختلفة، والالتحاق بالتدريب، والدخول والبقاء في سوق العمل. أسهمت الرؤية في سن التشريعات لتمكين المرأة، فكفلت للمرأة حقوق المواطَنة والحماية. جددت الرؤية الثقة في المرأة، فولَّتها المناصب العليا والمحورية. أزالت الرؤية الحواجز التشريعية، فتلاشت تدريجيًا الحواجز الثقافية والمجتمعية، مما جعل المرأة السعودية في عام 2021م -بعد مرور خمس سنوات على الرؤية- مرئية وحاضرة ومتفاعلة ومعطاءة في المطارات والوزارات والأجهزة الأمنية والشركات والمحلات والإعلام.

قطعت المرأة السعودية مسافات معتبرة للوصول إلى المشاركة الكاملة في التنمية، لا سيما في الصحة والتعليم، وما زال أمامها اجتياز مسافات لتحقيق مشاركة أوسع في المجتمع والاقتصاد وصنع القرار، والمرأة السعودية تملك الرغبة والكفاءة والهمة لتحقيق مستهدفات الرؤية بحلول عام 2030م، مستدلة بكلمات عراب الرؤية سمو ولي العهد بأن: “لن ننظر إلى ما قد فقدناه أو نفقده بالأمس أو اليوم، بل علينا أن نتوجه دومًا إلى الأمام.”

مديرة المرصد الوطني لمشاركة المرأة في التنمية في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن

ذات صلة

المزيد