الجمعة, 29 مارس 2024

رؤية 2030 .. فهم الفرص واستغلال نقاط القوة

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

جاءت رؤية المملكة 2030، لتفتح المجال بأن تكون المملكة في المكانة التي تستحقها، وتؤسس لقاعدة صلبة يُبنى عليها لأعوام قادمة، مستعينين بالله ثم بخطط وتوجهات واضحة لأبرز الممكنات التي يتمتع بها وطننا، والفرص التي يمكن الاستفادة منها واستغلاها، ومن خلال هذه الرؤية أثبتنا للعالم جديتنا في التغيير، وأن ما وضعته من مستهدفات ستتحقق بعون الله، وأثبت أبناء المملكة لأنفسهم وللعالم أيضًا أنهم قادرون على خلق الأثر وتجاوز التحديات وصناعة المستقبل.

بعد مرور 5 أعوام على إطلاق رؤية المملكة 2030، نستحضر اليوم الإنجازات التي لم تكن لتتحقق إلا بالدعم اللا محدود والتمكين الكبير من قبل مولاي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو سيدي ولي عهده الأمين، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظهما الله -، فكل ما تحقق من إنجازات هو نتاج لدعم القيادة الحكيمة وإيمانها بشباب المملكة، ورغبتها الصادقة في تقديم كل ما من شأنه أن يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار والرفاهية للمواطن السعودي.

لقد عمدت رؤية 2030 إلى تشخيص الخلل ووضع الحلول المناسبة، ولِتُحدد مواطن القوة وتُعَظم أثرها، ولتشمل كافة الجوانب التي تمس حياة المواطن ومستقبل الوطن، وهو ما تعبر عنه مرتكزاتها الرئيسية (مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، ووطن طموح)، ولتحقيق اقتصاد مزدهر تم النظر في تطوير قطاعات النمو الواعدة (الطاقة والتعدين والصناعة والخدمات اللوجستية) ومحوري المحتوى المحلي والثورة الصناعية الرابعة عبر تحقيق التكامل بين هذه القطاعات على كافة المستويات، وأُسندت أهداف الرؤية الاستراتيجية المرتبطة بها إلى برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب)، والذي يعمل بالشراكة مع قرابة 40 جهة تنفيذية لتحقيق مستهدفات طموحة من شأنها أن تساهم في تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية عالمية.

اقرأ المزيد

منذ إطلاق برنامج “ندلب” في مطلع عام 2019، تحققت قفزات نوعية في القطاعات المستهدفة، حيث نجحت وزارة الطاقة ومنظومتها في تحقيق قفزة غير مسبوقة بالقدرة الاستيعابية لمعالجة الغاز في المملكة إلى ما يزيد عن 18مليار قدم مكعبة قياسية في اليوم بمعدل زياده يبلغ 20% خلال مدة قياسية، وعلى صعيد مستهدف زيادة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة تم إطلاق باكورة مناقصات مشاريع الطاقة المتجددة لترفع قدرة إنتاج المملكة إلى 3.37 جيجا واط، كما تم تحقيق أرقام قياسية عالمية في أسعار شراء الطاقة الشمسية (8.78 هللة/لكل كيلو واط ساعة) وطاقة الرياح (7.46 هللة/لكل كيلو واط ساعة) فأحلام الأمس أصبحت اليوم واقعًا نعتز به، فمشروع الطاقة الشمسية بمدينة سكاكا ينتج 300 ميجا واط وهو ما يعادل حاجة 45 ألف منزل من الطاقة، فيما يتم الآن تنفيذ مشروع طاقة الرياح بدومة الجندل لينتج 400 ميجا واط معادلة لاستهلاك 60 ألف منزل، كما أن كفاءة توليد الطاقة الكهربائية ارتفعتْ متجاوزةً 39% ليتم توفير قرابة 56 مليون برميل مكافئ من النفط.

وفي قطاع التعدين وبهدف تعظيم القيمة المتحققة من الثروات المعدنية في الدرع العربي، تم إطلاق المسح الجيولوجي الأضخم من نوعه في المنطقة، وإطلاق نظام الاستثمار التعديني الجديد الذي دخل حيز التنفيذ بداية هذا العام، وتأسيس شركة خدمات التعدين؛ حيث يجري العمل على رفع مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 281 مليار ريال بحلول العام 2030.

وخلال هذا العام حققت منظومة الصناعة والثروة المعدنية والجهات التنفيذية ذات الصلة، العديد من المستهدفات المهمة، بدأت بإطلاق بنك التصدير والاستيراد السعودي لدعم المنتجات الوطنية، وتعزيز ريادتها عالميًا عبر توفير العديد من المنتجات التمويلية لخدمة المصدرين والمشترين الدوليين، بهدف دعم تصدير المنتجات السعودية، والوصول للأسواق العالمية لتكون منتجات المملكة بحلول العام 2030 منتجات منافسه في غالبية الأسواق في العالم، وتم إطلاق برنامج صنع في السعودية بهدف دعم الشركات السعودية وتسريع نموها، وذلك من خلال تشجيع المستهلكين محليًا على شراء المزيد من المنتجات الوطنية، وتحفيز الشركات السعودية على التصدير إلى الأسواق ذات الأولوية، كما تم رفع رأس مال صندوق التنمية الصناعية إلى 105 مليار ريال؛ ليكون الممكن المالي الرئيسي لقطاعات برنامج “ندلب” عبر طرح منتجات تمويلية متنوعة تسرع وتيرة الإنجاز وترفع من تنافسية قطاعات البرنامج وقدرتها على جذب المستثمرين. وقد تم أيضا إطلاق مبادرة المصانع الجاهزة والانتهاء من إنشاء 129 مصنعًا، إذ يوجد مصانع تم طرحها للتنفيذ، وبعضها تم الانتهاء من تصميمها، واستفاد منها خلال أزمة كورونا عدد من المستثمرين في إنشاء مصانع ساهمت بفضل الله في مواجهة تحديات الأزمة.

وفيما يتعلق بمنظومة الخدمات اللوجستية بقيادة وزارة النقل، فقد حققت تقدمًا كبيرًا في عدد من المؤشرات العالمية، من ذلك: تقدم ترتيب المملكة بمقدار (72) مركزًا في مؤشر التجارة عبر الحدود من المرتبة (158) إلى المرتبة (86) ضمن تقرير ممارسة الأعمال 2020 الصادر من مجموعة البنك الدولي، ونسعى للوصول إلى الترتيب 65 في 2030، إلى جانب ارتفاع ترتيب المملكة إلى المرتبة الخامسة عالميا والأولى عربيا في مؤشر أسرع الدول في التعامل مع سفن الحاويات، كما تم إطلاق 5 خطوط ملاحية جديدة لزيادة قوة ربط موانئ المملكة بالأسواق العالمية. وتم أيضًا توقيع عقود الإسناد بميناء جدة الإسلامي وميناء الملك عبد العزيز بالدمام باستثمارات تجاوزت 16 مليار ريال، إضافة إلى تقليص مدة الفسح الجمركي من 288 ساعة إلى 9 ساعات.

وعلى صعيد المحتوى المحلي، جاء تأسيس هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية لتحقيق جملة من مستهدفات رؤية المملكة 2030، وفي مقدمها تعظيم الناتج المحلي غير النفطي، وتعزيز قدرات وإمكانات المملكة للاكتفاء الذاتي في قطاعات عدة، بالإضافة إلى تعظيم الفائدة من القوة الشرائية الوطنية وتفعيل دورها في التنمية الاقتصادية، والتي تمثل قناة إنفاق رئيسية في المملكة وتتمتع بفرص هائلة لرفع الطلب على المحتوى المحلي، حيث إن تنمية المحتوى المحلي تنعكس إيجابيا على تحقيق الأهداف التنموية للاقتصاد الوطني. وخلال الفترة الماضية استطعنا تحقيق عدد من المكتسبات على مختلف المستويات بدءًا من تحديد تعريف وطني للمحتوى المحلي معتمد من قبل مجلس الوزراء، وهو إجمالي الإنفاق في المملكة العربية السعودية من خلال مشاركة العناصر السعودية في القوى العاملة والسلع، والخدمات، والأصول الإنتاجية، والتقنية. بالإضافة إلى تضمين المحتوى المحلي كعنصر أساسي في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الجديد من خلال لائحة تفضيل المحتوى المحلي والمنشآت الصغيرة والمتوسّطة المحلية والشركات المدرجة في السوق المالية في الأعمال والمشتريات. كما أسسنا شراكات مع القطاعين العام والخاص تهدف إلى تنمية المحتوى المحلي، وتم تأسيس مجلس تنسيق المحتوى المحلي بعضوية كبرى الشركات الوطنية والجهات الحكومية ذات العلاقة.

ومن خلال تضمين المحتوى المحلي كعنصر أساسي في نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، أصبحت هناك متطلبات واضحة للمحتوى المحلي في منافسات حكومية تقدر بقيمة 90 مليار ريال سعودي منذ بداية تفعيل النظام. كذلك تم إصدار 3 قوائم إلزامية للمنتجات الوطنية في قطاعات: البناء والتشييد، الدواء والمستحضرات الطبية، المستلزمات الطبّية، تحتوي على أكثر من ٢٤٠ منتج وطني، والتي سينعكس الالتزام بها بتوجيه قرابة 14 مليار ريال سعودي كحجم الإنفاق المتوقع إلى المصانع الوطنية المصنعة لهذه المنتجات. في حين قمنا بتطوير سياسات المحتوى المحلي لعدد من القطاعات، والتي تهدف إلى تحديد الأدوات والممكنات اللازمة لتنمية المحتوى المحلي في قطاعات محددة.

وأطلقت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أكبر برنامج للجينوم بالشرق الأوسط، وتوثيق 7500 متغير للأمراض الوراثية والجينية بالمملكة، بالشراكة مع وزارة الصحة والعديد من الجهات ذات العلاقة، كما فعّلت مركز قدرات الثورة الصناعية الرابعة، وذلك بهدف تحفيز تبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وتعزيز دور منظومة البحث والتطوير والابتكار.

هذا ويستمر العمل بهمة القيادة الرشيدة، وصلابة جيل يتنفس العزيمة، لتحقيق المستهدفات الطموحة لبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، وتعميق أثر مبادراته للوصول إلى اقتصاد مزدهر، يليق بتطلعات المملكة وقيادتها الحكيمة بمشيئة الله.

وزير الصناعة والثروة المعدنية - رئيس لجنة برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية

ذات صلة

المزيد