الجمعة, 29 مارس 2024

مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات: مبادرتا (السعودية الخضراء) و (الشرق الأوسط الأخضر) .. نهج يختلف كليا عن مبادرات المناخ الأخرى وهما مشروعين طموحين للغاية ويمكنهما إحداث تحول

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

كشف مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات أن مبادرتا (السعودية الخضراء) و (الشرق الأوسط الأخضر) تتركز على مكافحة تغير المناخ من خلال زيادة استخدام الطاقة الخضراء والحفاظ على البيئة من خلال العديد من المشاريع، مبينا أن الاختلاف الهيكلي الرئيسي بينهما يكمن في نطاقهما الجغرافي.

وتتميز المبادرة السعودية الخضراء SGI بالعديد من الأنشطة التي تجري داخل الأراضي السعودية. بينما مبادرة الشرق الأوسط الأخضر MEGI، لديها طموح دولي. وتسعى المملكة للتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي ، ودول الشرق الأوسط ، لمواجهة تغير المناخ من خلال مشاريع مشتركة.

وتحتوي مبادرة السعودية الخضراء SGI على أربعة أهداف طموحة وهي:

اقرأ المزيد

1. تحقيق 50٪ من مصادر الطاقة المتجددة في المملكة بحلول عام 2030

2. خفض انبعاث الكربون بأكثر من 4٪ من المساهمات العالمية

3. زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية

4. رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30٪ من إجمالي مساحة السعودية.

وتهدف مبادرة الشرق الأوسط الأخضر MEGI إلى:

1. زراعة 40 مليار شجرة إضافية في جميع أنحاء الشرق الأوسط ، مما يجعل هذا المشروع أكبر برنامج تشجير في العالم

2. اصلاح مساحة تعادل 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة ، تمثل 5٪ من الهدف العالمي في زراعة 1 تريليون شجرة

3. تقليل 2.5٪ من مستويات الكربون العالمية.

مقارنة الخصائص الرئيسية للمبادرة السعودية مع سياسات الاقتصادات الكبرى:

تختلف المبادرة الخضراء السعودية ومبادرة الشرق الأوسط الاخضر اختلافًا كبيرًا عن مبادرات تغير المناخ المقترحة في البلدان الأخرى. وأهم ما يميز المبادرتين هو عدم وجود حد الزامي للانبعاثات على الشركات الكبرى العاملة في السعودية، أو تحديد لتكلفة (سعر) الانبعاث الكربوني للشركات الملوثة.

فبينما تركز الولايات المتحدة على مثل هذه الاجراءات الإلزامية للانبعاثات على الشركات العاملة فيها، ويركز الاتحاد الأوروبي على تسعير الكربون من خلال نظام يسمح للشركات بمقايضة مخصصات الانبعاثات الإضافية ، لم تفرض المملكة العربية السعودية حتى الآن أي تخفيضات إلزامية أو تسعير إلزامي على انبعاثات الكربون ، مؤكدة أن ما يهم ليس التخفيضات ، بل التخفيضات الصافية.

بعبارة أخرى ، تهدف السعودية إلى توفير بيئة حاضنة للمشروعات الصناعية دون إثقال أصحاب الأعمال برسوم إضافية وبالمقابل تساهم المملكة في خفض الانبعاثات من خلال العزل المباشر للكربون المنبعث ، و غرس مزيد من الأشجار. ويتم تداول هذه الأفكار تحت شعار الاقتصاد الدائري للكربون ، من أجل تقليل الكربون أو إزالته أو إعادة استخدامه أو إعادة تدويره.

البنك المركزي للنفط:

المملكة العربية السعودية وعلى مدار الخمسين عامًا الماضية هي الدولة الوحيدة القادرة على تثبيت أسعار النفط، لأنها الوحيدة التي لديها طاقة إنتاجية فائضة ، وبالتالي يمكنها زيادة الإنتاج وخفضه بسرعة وقتما شاءت.

وبمرور الوقت. وخلال تحول الطاقة، سيكون دور المملكة العربية السعودية مهما كدولة تعمل على استقرار أسعار النفط (ما يسمى بالبنك المركزي للنفط) ، وبالتالي من غير الحكمة – من أجل استقرار الاقتصاد السعودي والاقتصاد العالمي – أن تلزم المملكة العربية السعودية نفسها بأي تخفيضات أو إجراءات تسعير للكربون والتي ستقلل من الاستثمارات في قطاع النفط.

2. الصعوبة الكامنة في قياس مستوى التقدم
إن عدم فرض المملكة العربية السعودية لأي نوع من الإجراءات الإلزامية على الشركات ، أو آليات تسعير الكربون ، يجعل من الصعب قياس أثر أهداف المبادرة لأنه يصعب تحديدها كميًا. ومع ذلك، هذا لا يعني أنه لا توجد إمكانية لتقييم التقدم المحرز في السعودية. ففي الواقع ، يجري بالفعل تنفيذ العديد من المشاريع الخضراء داخل المملكة العربية السعودية ، وقد أدى بعضها بالفعل إلى تحقيق إنجازات ملموسة في هذا المجال.

إلا أن الصعوبة تكمن في مبادرة الشرق الأوسط ،فالطبيعة الإقليمية والطموحة للمبادرة تتطلب تعاونًا وشراكات قوية وجادة حتى تنجح. لذلك لا تزال مبادرة الشرق الأوسط الأخضر في مرحلة أولية. ولربما تكون الدورة السادسة لمؤتمر الأطراف26 التي ستجرى في نوفمبر في اسكتلندا ساحة اختبار جيدة لـمبادرة الشرق الأوسط الأخضر مع الشركاء الدوليين.

ودعا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قادة من الدول العربية لمناقشة مشروع التشجير الإقليمي الضخم. وأعلنت مصر دعمها للمبادرة ، ولكن لا توجد معلومات دقيقة حتى الآن بشأن مواقف الدول العربية الأخرى.

وهناك اقتراحات أن تتوسع مبادرة الشرق الأوسط الأخضر لتشمل دول جنوب آسيا، وقبل رئيس وزراء باكستان عمران خان دعوة ولي العهد السعودي للمشاركة في قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، في حين لم يستجب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بعد للدعوة التي وجهت له.

وبينما رحب كل من مجلس الطاقة العالمي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بمبادرات السعودية، وأعرب المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للمناخ جون كيري أيضًا عن تقديره للمبادرات الخضراء التي تقودها السعودية في مكافحة تغير المناخ و الانخراط مع المجتمع الدولي على مستوى متعدد الأطراف. يجب الإشارة إلى أن كلمات التقدير هذه إلى حد كبير لاتزال رمزية وتحت مظلة الاستحسان المعنوي وأن السعودية لازالت بانتظار قبول مبادراتها في الدورة السادسة لمؤتمر الأطراف26 التي ستجرى في نوفمبر في اسكتلندا.

قضيتان أساسيتان تتعلقان بتقييم أهداف المبادرة السعودية الخضراء.

كل ما تم من إجراءات للتقييم من حيث – القياس والتحقق – للتطورات المتعلقة بمبادرة السعودية الخضراء و مبادرة الشرق الأوسط الأخضر تمت بشكل حصري من قبل مصادر سعودية دون أي طرف دولي مطلع عليها ، مما يعني أن المعلومات محدودة للغاية حول هذه المبادرات.

ثانيًا، إن الأهداف غير واضحة من حيث الكميات، فباستثناء السعي لتحقيق 50٪ من مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة بحلول عام 2030، فإن هذه الأهداف ليس لها حتى مواعيد نهائية محددة. وليس من الواضح تمامًا ما تعنيه المملكة العربية السعودية بحد انبعاثات الكربون بأكثر من 4٪ من المساهمات العالمية، و ليس من الواضح متى سيتحقق ذلك. وينطبق الشيء نفسه على زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية ورفع المناطق المحمية إلى أكثر من 30٪ من إجمالي مساحة الأرض..

و الهدف الأول بتحقيق مزيج طاقة بنسبة 50٪ بحلول عام 2030 طموح للغاية، فمنذ تم الإعلان عن رؤية السعودية 2030 لأول مرة في عام 2016 ، اعتمدت الدولة على الوقود الأحفوري في 99،99٪ من استهلاكها للطاقة ومنذ ذلك الحين لم يتغير هذا الرقم تقريبًا ، لكن يجب اتخاذ مبادرات في الاتجاه المطلوب كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح ، وكذلك الهيدروجين ، ستلعب دورًا حاسمًا.

في أبريل 2021 أطلقت شركة الطاقة ACWA Power مشروعها الأول للطاقة المتجددة على نطاق المرافق ، مبادرة سكاكا للطاقة الشمسية 300 ميجاوات. وتمتلك صناعة الطاقة الشمسية في المملكة العربية السعودية إمكانات كبيرة ، لا سيما في ضوء الكميات الكبيرة جدًا من ضوء الشمس المتاح ، والتي تميل إلى أكثر من 3200 ساعة/سنويًا ، (بالمقارنة ب 1600 ساعة/سنويا في فرنسا).

وأخيرًا ، فيما يتعلق بطاقة الرياح ، ربطت المملكة العربية السعودية مزرعة دومة الجندل للرياح ، وهي أول مزرعة رياح في السعودية ، في أغسطس 2021. وتتكون من 99 توربينًا للرياح وهي الأكبر في المنطقة وتبلغ 400 ميجاوات.

ومن المتوقع أن مزرعة الرياح في دومة الجندل ستوفر ما يقرب من مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

ومنذ أن تم توقيع اتفاقيات شراء سبعة مشاريع إضافية للطاقة الشمسية في مناطق متعددة من المملكة العربية السعودية، من المتوقع أنه بمجرد اكتمال هذه المشاريع ، سيكون لها ناتج أكثر من 3600 ميغاواط. وسيؤدي إلى تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بأكثر من 7 ملايين طن.

وأعلنت شركة أرامكو المملوكة للدولة أنها تخطط لاستخدام حقل غاز الجافورة لإنتاج الهيدروجين الأزرق بدلاً من تصدير الغاز الطبيعي المسال.

وفي يوليو 2020 ، وقعت الحكومة السعودية أيضًا اتفاقية استثمار بقيمة 5 مليارات دولار أمريكي لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مدينة نيوم المستقبلية، والتي سيتم تطويرها في الركن الشمالي الغربي من البلاد.

أما بالنسبة للهدفين المتبقيين، وهما زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية ورفع المناطق المحمية إلى أكثر من 30٪ من إجمالي مساحة الأرض، لم يتم تحديد الأطر الزمنية الدقيقة. وترجح مصادر سعودية أنه خلال عام 2020 تم زرع 10 ملايين شجرة كجزء من حملة “لنجعلها خضراء” ، مما يعني أنه تبقى 9.99 مليار منها. وتم زراعة 0.1٪ فقط من إجمالي الأشجار حتى الآن ، مما يعني أنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به.

وفي هذا الصدد، أعلنت الهيئة السعودية للحياة الفطرية في أغسطس 2020 أن محمية عروق بني معارض هي أول محمية نموذجية في المملكة. و أبرزت وسائل الإعلام السعودية أن توسيع البلاد للمناطق المحمية يعد أمرًا أساسيًا أيضًا في محاولة لحماية مجموعة كبيرة من الأنواع المحلية ، مثل المها العربي والنمر العربي ، وكلاهما معرض للانقراض.

وتجدر الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية تجمع بين أهدافها الطموحة المتمثلة في زيادة “المناطق المحمية” ، مع أهداف طموحة بنفس القدر لإنشاء قطاع سياحة مستدام.

ويشتمل مخطط العلا الرئيسي ، الذي يهدف إلى تحويل مدينة العلا القديمة إلى مركز ثقافي عالمي ، “إنشاء قرابة 10 ملايين متر مربع من المساحات الخضراء والمفتوحة” ، على الرغم من عدم توفر معلومات حول عدد الأشجار التي سوف تزرع.

بالنسبة لمشروع الرياض الخضراء، الذي يهدف إلى جعل عاصمة المملكة العربية السعودية أكثر صداقة للبيئة، فهو يتضمن مشروعًا لزراعة أكثر من 7 ملايين شجرة بحلول عام 2030. ومع ذلك ليس من الواضح عدد الأشجار التي تم زراعتها حتى الآن.

وضمن هذين الهدفين أيضًا، هناك مجموعة متنوعة من العوامل تعقد عملية تحديد مدى نجاح المملكة العربية السعودية في المضي قدمًا بـمبادرة السعودية الخضراء.

وتشمل العوامل الأكثر أهمية عدم وجود خارطة طريق محددة وجدول زمني فيما يتعلق بالأهداف المحددة قصيرة المدى للبلد لتحقيق هذين الهدفين من أهداف مبادرة السعودية الخضراء، فضلاً عن عدم وجود تقييم من قبل الهياكل المستقلة والمصادر الإعلامية.

الخلاصة: تصادم الطموح مع الواقع

الانطباع السائد هو أن كلاً من مبادرة السعودية الخضراء و مبادرة الشرق الأوسط الأخضر لا يزالان مشروعين طموحين للغاية ويمكنهما إحداث تحول، إذا تم تحقيق ذلك، أو حتى تنفيذه إلى حد كبير، فإن الفوائد التي تعود على المملكة العربية السعودية، فضلاً عن البيئة العالمية، ستكون هائلة.

ربما يكون هذا بسبب الطبيعة متعددة الأبعاد لهذه المبادرات، والتي تهدف إلى الحد من الانبعاث، مع تخضير الصحارى وحماية أنواع مختلفة من الأراضي. بعبارة أخرى ، هناك بعض المزايا لمفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، والذي لا يهدف فقط إلى تقليل الانبعاثات، ولكن أيضًا إلى تعويض الانبعاثات بجميع أنواع المبادرات “الخضراء”.

ان الدولة – بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان – التزمت بالفعل باستثمارات ضخمة، ومع ذلك ، باستثناء الالتزام بزيادة مزيج الطاقة بحلول عام 2030 بنسبة 50٪ ، تظل الأهداف الكلية الأخرى غامضة ويصعب تقييمها.

علاوة على ذلك ، فإن عدم وجود أهداف صغيرة إلزامية للشركات – سواء تلك الأهداف مباشرة أو من خلال تسعير الكربون -لذا يجب وضع خارطة طريق للعمل المناخي السعودي واضحة. لا يزال هناك قدر كبير من الغموض المرتبط بمبادرة السعودية الخضراء و مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، ويجب المزيد من العمل لتحسين مصداقيتها وفعاليتها.

———————-
المصادر:
Al-Monitor
The Guardian
Egis-Group
Saudi Green Initiative Org.
The News International
UNEP
Arab News
The Independent
Gulf News
Our World in Data Org.
Exbulletin
Sp Global
Reuters
Renewable Energy World
WORLD ENERGY COUNCIL

ذات صلة

المزيد