الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كشفت شركة جدوى للاستثمار عن توقعاتها بأن يواصل الاقتصاد السعودي غير النفطي النمو بمستوى جيد، بما يتجاوز 5% في عام 2023، مدعوماً بحوافز قوية من الاستثمار والاستهلاك على حدّ سواء. لكن، نمو الناتج المحلي الإجمالي الكلي سيتباطأ إلى 2,8% مقارنة بنسبة كانت بين الأعلى في العالم العام الماضي عند 8,7%، وذلك نتيجة لتراجع إنتاج النفط.
واضافت نحن أكثر تفاؤلاً بشأن مستقبل النفط، نظراً لقوة الانتعاش في الاقتصاد الصيني مرجحة أن الطلب سيكون قوياً بصورة كافية لدفع السوق نحو عجز معتدل هذا العام، مما يؤدي إلى أن يكون متوسط سعر خام برنت عند 90 دولاراً للبرميل. وعلى ضوء ذلك، هناك بعض المخاطر الإيجابية بشأن وضع انتاج النفط في المملكة، ومعه احتمال بعض النمو في الناتج المحلي الإجمالي للهيدروكربونات.
وبحسب “جدوى” سجل الاقتصاد السعودي أعلى معدل للنمو الحقيقي مقارنة بأي دولة رئيسية في العالم عام 2022 حيث بلغت نسبة النمو للعام ككل نحو 8,7% هذا النمو يعادل ضعف معدل النمو الذي تحقق عام 2021، كما أنه يعتبر الأسرع خلال ما يزيد على عشر سنوات. وساهم كل من الاستثمار والاستهلاك في هذا النمو، وهو أمر غير مألوف لأي دولة، ولكنه وضع خاص لمرحلة التطور في المملكة العربية السعودية. فالدول الناجحة تميل إلى تحقيق طفرة في الاستثمار، ثم تليها مكاسب ثابتة في الاستهلاك (تعتبر الولايات المتحدة، واليابان وكوريا الجنوبية، والصين أمثلة جيدة)
وابانت في المملكة، يشهد الاستهلاك اندفاعاً متواصلاً بفضل العدد الكبير من النساء اللائي يواصلن الانضمام الى سوق العمل، وكذلك بسبب النمو القوي في امتلاك المساكن، مما يوفر أساساً لمزيد من الاستهلاك والاقتراض من ناحية أخرى، يعود ارتفاع الاستثمار إلى الوتيرة المتزايدة للعمل في مجموعة من المشاريع العملاقة، وكذلك إلى الشركات الخاصة التي تندفع نحو أسواق الأسهم من أجل زيادة رأسمالها لتنفيذ خططها الاستثمارية على هذا النحو، نمت الاستثمارات الحكومية والخاصة بنسبة مذهلة بلغت 57 % و40 % في الربع الثالث، على أساس سنوي، على التوالي. في معظم الدول، تستلزم مثل هذه المكاسب في الاستهلاك والاستثمار انخفاض صافي الصادرات، حيث يتم امتصاص المزيد والمزيد من الواردات. لكن المملكة العربية السعودية في وضع مؤات لوجود قاعدة ضخمة من صادرات المواد الهيدروكربونية التي تقلل باستمرار من طلبها على الواردات وتوفر محرك نمو إضافي.
ووفقا للتقرير فان هذه البنية للناتج الإجمالي على أساس الإنفاق انعكست على نشاط القطاعات، حيث ساهمت جميع القطاعات الرئيسية تقريباً بقوة في نمو العام الماضي. بقيت الهايدروكربونات هي القطاع المسيطر، حيث نمت بنسبة قوية بلغت 15 %، تماشياً مع الزيادة في انتاج النفط الخام. كذلك ساهم الغاز في النمو، وإن كانت مساهمته حالياً صغيرة، لكنه سيصبح على الأرجح داعماً أكثر أهمية لإنتاج النفط في الأعوام القادمة حقق قطاع تجارة الجملة والتجزئة، وهو أكبر شرائح القطاع غير النفطي، أداء جيداً خلال العام، حيث أنفق المستهلكون السعوديون داخلياً أكثر مما أنفقوه في الأعوام السابقة، كما عاد الزوار إلى المملكة بشكل رئيسي، وليس حصرياً ، الحجاج والمعتمرين). كذلك، تسارعت وتيرة الأعمال في قطاع التشييد، ومعه قطاع النقل والتخزين والاتصالات، حيث استفاد الأخير من زيادة نمو أعداد المشتركين في الخدمات الرقمية. وكان القطاع الذي شهد تباطؤ هو الأنشطة العقارية (رغم أنها لا تزال تسهم في النمو)، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الفائدة لقروض الرهن العقاري في النصف الثاني من العام.
أما فيما يختص بالقطاع غير النفطي، فإن إعادة فتح الصين ستغذي الطلب على البتروكيماويات السعودية، كما أن التقدم في مجموعة من المشاريع العملاقة والضخمة سيعزز النمو في قطاعي التشييد والنقل، وسيتواصل احتواء التضخم انظر أدناه، ما من شأنه أن يسمح بمزيد من التوسع في قطاع تجارة الجملة والتجزئة، مدعوماً كذلك بدعم حكومي إضافي للأسر ذات الدخل المنخفض. ستبقى الأنشطة العقارية على الأرجح ضعيفة، لكنها ينتظر أن تشهد انتعاشاً في نهاية العام وعام 2024، في حال بدأت أسعار الفائدة تتراجع، كما نتوقع.
إجمالاً، يتوقع أن يتباطأ النمو الكلي للناتج المحلي الإجمالي إلى 2,8% في عام 2023، نتيجة لثبات انتاج النفط. يعتبر الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي مقياس أكثر فائدة للوضع الاقتصادي للمملكة ومن المتوقع أن ينمو بنسبة 5,5 في المائة، بزيادة طفيفة عن النسبة المقدرة للنمو العام الماضي.
وتوقعت “جدوى” أن تظل الحوافز مستمرة في عام 2023 وما بعده وسيكون الفرق الرئيسي عن عام 2022 في جانب الهايدروكربونات، حيث يشير حذر أوبك وشركائها، إلى أن إنتاج النفط السعودي سينخفض قليلاً هذا العام ، مما يؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي الكلي للهيدروكروبونات بدرجة طفيفة، بنحو 0.2 %.
واضافت يقدم الاقتصاد العالمي أسباباً للتفاؤل وكذلك التشاؤم، اعتماداً على الأهمية النسبية التي يضعها المرء لـ: أ) ركود أمريكي محتمل، وب) عودة انتعاش الطلب الصيني بعد كوفيد -19. من المرجح أن يكون أي ركود أمريكي خفيفاً وقصير الأجل، نظراً للميزانيات العمومية القوية نسبياً للأسر وإمكانية قيام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بإنعاش الطلب من خلال خفض أسعار الفائدة. بالنسبة للصين، رغم أن القضايا الهيكلية الصينية عميقة الجذور ، لكن من غير المرجح أن تعرقل الانتعاش القوي المتوقع، حيث يسعى المستهلكون في الصين إلى تعويض الوقت الضائع أيضاً، يبدو أن منطقة اليورو مهيأة لنوع من الانتعاش في ظل بدء تبدد الشكوك حول إمدادات الطاقة. مع ذلك، فإن أي ركود اقتصادي في الولايات المتحدة – مهما كان خفيفاً – سيكون له تأثير على النمو العالمي، ويتوقع تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 3.4% إلى 2.9 %، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي. وبافتراض تدخل الاحتياطي الفيدرالي، فإن الأوضاع يحتمل أن تبدو أكثر إشراقاً خلال عام من الآن.
نظراً لهذه الشكوك وعدم اليقين، فمن المقرر أن تبقى السياسة النفطية للمملكة متحفظة. فالسلطات ليست مقتنعة بعد بأن الطلب على النفط قوي بصورة تكفي لامتصاص الزيادة في العرض، خاصة مع احتمال أن يشهد الإنتاج من خارج أوبك انتعاشاً هذا العام. لذلك، تقول المملكة إنها ملتزمة بالإبقاء على الإنتاج عند مستوى نوفمبر 2022.
وبحسب “جدوى” يتسم النمو في الاقتصاد غير النفطي باعتماده بشكل متزايد على قاعدة عريضة. هناك سمة بارزة تتمثل في نمو الاستثمار والاستهلاك جنباً إلى جنب، حيث تقود المشاريع العملاقة الاستثمار، بينما يدعم دخول الإناث إلى القوى العاملة الاستهلاك. في غضون ذلك، سيتحول القطاع الخاص المحلي إلى وضع التوسع، ويتضح ذلك من الزيادة الكبيرة في الاكتتابات الأولية العام الماضي. ومن القطاعات المبشرة بالنمو هذا العام قطاع تجارة الجملة والتجزئة ، الذي كان المستفيد الرئيسي من نمو القوى العاملة وسط الإناث، وهو اتجاه لا يزال أمامه بعض الطريق سيستفيد قطاع “التشييد” من زيادة تكثيف العمل في المشاريع العملاقة، وكذلك سيكون هناك دعم من الانتعاش في مشاريع البنية التحتية التي توقف بعضها خلال فترة جائحة كوفيد – 19. ستحظى الصادرات غير النفطية (البتروكيماويات بصورة أساسية بدفعة من إعادة فتح الصين، رغم أن الصادرات الهيدروكربونية، بما في ذلك المنتجات المكررة، ستتراجع نتيجة لسياسات أوبك وشركاتها. هناك قطاع واحد من المرجح أن يضعف أكثر هذا العام هو قطاع الأنشطة العقارية”، وذلك بسبب استمرار تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على الطلب.
واشارت الى انه خالفت المملكة العربية السعودية اتجاه تفشي التضخم العالمي العام الماضي، ولا نتوقع تسارعاً كبيراً في تضخم أسعار المستهلك في عام 2023. فالتأثير المحتمل لضعف الدولار الأمريكي ستتم موازنته بتوجه الأسعار العالمية عموماً نحو التراجع، مع عودة سلاسل التوريد إلى طبيعتها وإبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة. وعلى أي حال، سيبقى المستهلك السعودي محمي جزئياً من خلال دعم الحكومة للمواد الأساسية.
وستحقق ميزانية الحكومة فائضاً صغيراً هذا العام، حتى مع انخفاض الإيرادات بشكل طفيف. يتوقع أن يزداد الانفاق الرأسمالي، لكن الاتجاه العام لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني لتمويل الكثير من الانفاق على المشاريع يتوقع أن يبقى كما هو. لم يتأثر الحساب الجاري بالزيادة الكبيرة في الإنفاق على الواردات، وسيسجل فائضاً آخر هذا العام، بفضل الانتعاش في الصادرات غير النفطية وكذلك تحسن عائدات السياحة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال