رواتب التنفيذيين .. نمو قوي ومكافآت سخية

أصبحت المكافآت الضخمة التي يتقاضاها الرؤساء التنفيذيين موضوعًا مثيرًا للجدل في السنوات الأخيرة، حيث يكسب الرؤساء التنفيذيون في كبرى الشركات الأمريكية ملايين أكثر، مما يكسبه موظفوهم، فقد ارتفعت أجور كبار المسؤولين التنفيذيين بنسبة 1460% منذ عام 1978 وفقًا لدراسة أجراها معهد السياسة الاقتصادية، وأكثر من 80٪ من رواتبهم مرتبطة عادةً بالأسهم.

اتساع الفجوة:
ونبهت الدراسة الى أن الارتفاع في رواتب التنفيذيين وسع الفجوة في الأجور مقارنة بالموظفين الآخرين. في ذات الاتجاه مضي الاتحاد الأمريكي للعمل (AFL-CIO) والذي يمثل أكبر اتحاد نقابات في الولايات المتحدة، حيث قال في تقرير له في يوليو من العام الماضي أن متوسط ما يتقاضاه الرؤساء التنفيذيين بمؤشر ستاندارد آند بورز 500 وهو مؤشر أسهم يضم أسهم أكبر 500 شركة مالية أمريكية، يعادل 324 ضعفًا لما يتقاضاه العامل العادي في شركاتهم.

ارتفاع التضخم:
ولفت التقرير إلى أنه في عام 2021 ، سارع الرؤساء التنفيذيون للشركات إلى إلقاء اللوم على أجور العمال باعتبارها سببا في ارتفاع التضخم. في وقت انخفضت فيه الأجور الحقيقية للعمال في الواقع بنسبة 2.4% في عام 2021 بعد تعديلها لمراعاة التضخم. فقد واجه العاملون انخفاضًا في الأجور مع كل زيادة في الأسعار بينما تمتعت الشركات الأمريكية بأرباح قياسية وزادت رواتب الرؤساء التنفيذيين بمعدل أسرع، وفقًا للتقرير.

وتلقى الرؤساء التنفيذيون لشركات اس آند بي 500، في المتوسط، 18.3 مليون دولار كتعويض إجمالي. فيما ارتفع متوسط راتب الرئيس التنفيذي بنسبة 18.2%، أسرع من معدل التضخم في الولايات المتحدة البالغ 7.1%.

في ذات السياق، كشفت بيانات تنظيمية قدمتها شركة الفابت الشركة الأم لشركة جوجل، أن ساندر بيتشاي الرئيس التنفيذي, لشركة جوجل قد حصل على ما يقرب من 226 مليون دولار في عام 2022، وجاءت غالبية الأجور من حيازات الأسهم، التي تقدر قيمتها بأكثر من 218 مليون دولار. وجاء باقي التعويض من 2 مليون دولار أمريكي تعتبر الراتب الأساسي وأكثر من 5 ملايين دولار أمريكي تتعلق بتفاصيل أمنية خاصة. وتمثل هذه الحزمة المالية دفعة كبيرة لبيشاي، الذي حقق ما يزيد قليلاً عن 6 ملايين دولار في عام 2021 و 7.4 مليون دولار في عام 2020.

وتأتي تعزيزات أسهم بيتشاي كل ثلاث سنوات، وفي عام 2019 تلقى حزمة مماثلة بقيمة 281 مليون دولار. في غضون ذلك، انخفض سهم الفابت بنسبة 39٪ في عام 2022 وسط تباطؤ أوسع في التكنولوجيا والسوق. وانتعشت الأسهم هذا العام وارتفعت بنحو 19.5% منذ يناير الماضي. كما تلقى كبار المسؤولين التنفيذيين الآخرين رواتب جيدة في عام 2022، على الرغم من عدم قربها من رواتب بيتشاي.

تقليص العمالة:
في يناير ، أعلنت شركة الفابت أنها ستلغي 12000 وظيفة بما يعادل 6% من إجمالي قوتها العاملة. وبحسب الإيداع التنظيمي، فإن متوسط الأجر لموظف الفابت هو أقل بقليل من 280 ألف دولار. هذا يعني أن راتب بيتشاي أكبر منه بما يعادل 800 مرة. أي شخص يحصل على الحد الأدنى للأجور البالغ 15.50 دولارًا في ولاية كاليفورنيا، موطن شركة الفابت، سيتعين عليه العمل 14.6 مليون ساعة، أو ما يزيد قليلاً عن 7000 عام (مع 40 ساعة عمل في الأسبوع وبدون إجازة) للتعويض عن راتب بيتشاي لعام 2022.

انتقادات المساهمين:
خفضن مجالس إدارة الشركات رواتب بعض كبار المديرين التنفيذيين في اتجاه جديد. فقد طالت التخفيضات في الأجور بعض الرؤساء الأكثر شهرة والأكثر ربحًا في أمريكا، بما في ذلك الرئيس التنفيذي لشركة آبل ، تيم كوك، والرئيس التنفيذي لشركة مورجان ستانلي جيمس جورمان، والرئيس التنفيذي لشركة جولدمان ساكس ديفيد سولومان.

وتأتي هذه التحركات في أعقاب عام مروع في سوق الأسهم – فقد كان عام 2022 أسوأ عام لمؤشر إس آند بي 500 منذ عام 2008 – وتأتي مع قيام عدد متزايد من الشركات بتسريح العمال العاديين للاستعداد لركود محتمل.
من جانبه خفض تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة آبل راتبه الخاص لعام 2023 بنسبة 40% بعد أن أثار انتقادات من المساهمين لاكتسابه 100 مليون دولار في عامي 2022 و 2021.

وصوت المساهمون ضد حزمة رواتب كوك بعد أن انخفض سهم آبل بنسبة 27٪ تقريبًا العام الماضي. يعتبر التصويت غير ملزم، لكن لجنة التعويضات التابعة لمجلس الإدارة قالت إن كوك طلب التخفيض.

غالبًا ما يتلقى الرؤساء التنفيذيون، وفقًا لموقع “انفستوبيديا” رواتب أساسية تزيد عن مليون دولار. بعبارة أخرى، يكافأ الرئيس التنفيذي بشكل كبير عندما تعمل الشركة بشكل جيد. ومع ذلك، لا يحرم الرئيس التنفيذي أيضًا عندما يكون أداء الشركة ضعيفًا ولكن قد لاتكون المكافأة بذات المستوى. ويمكن أن تقدم الرواتب الأساسية الكبيرة بمفردها حافزًا للمديرين التنفيذيين للعمل بجدية أكبر واتخاذ قرارات ذكية.