الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كشف مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك) أن حجم النفط المباع في السوق السوداء عالميا يبلغ 133 مليار دولار في العام، ويقصد بالنفط المباع بالسوق السوداء هو المنقول خارج قنواته القانونية (سواء بالسرقة أو التهريب أو الغِّشِّ أو الاحتيال) على امتداد سلسلة التوريد في صناعة النفط والغاز، ويعد النفط هو السلعة الأوسع انتشارًا في العالم، إذ قُدِّرت قيمة تجارته في عام 2019 بما يقارب 1.5 تريليون دولار .
ووصف”كابسارك” في دراسة بحثية حديثة له هذه الأعمال الغير شرعية، (بالنفط الشبحي) كون هذا النوع من النفط يتم إخراجه من سلاسل التوريد المرئية ،وإدخاله في سلسلة توريد “خفيَّة”، سواء كان ذلك في جزء من رحلته أو على امتدادها كاملة، فلا يكون النفط مسجَّلًا أو معروفًا مكانه. فعلى سبيل المثال، عندما يُنقل نفطٌ شبحي من سفينة إلى أخرى، فإن المَركبَين المتورطين بإمكانهما إطفاء أجهزة الاستقبال والإرسال ، للتهرُّب من التعقُّب. ومع ذلك، فإن بالإمكان رصد النفط المنقول بسهولة، إما بصورة مباشرة وإما بسبب تداعياته على السوق والمخزونات.
وحسب الدراسة تُـعَــد التحويلات بين السـفن وسـيلة مهمَّة لتيسـير التهرّبُ من العقوبات، ففي عام 2021 نُقل 75% من النفط الإيراني بوسـاطة تلك التحويلات. وفي عامي 2020 و2021، ُشُـحنت كميات مـن النفـط الفنزويلي الثقيل تبلـغ قيمتُها نحو 3.5 مليار دولار بالسـفن إلى ماليزيا. وتشـير تقارير استخباراتية متعـددة إلـى أن هذا الخـام الفنزويلي الثقيل قد خُلِط بنفـط آخر، وصُدِّر على أنه خليط “سـينجما الماليـزي إلـى الصين ،حيث اعتُمـدت التحويلاتُ بين السـفن بوتيرة متزايدة لإعادة إدخال النفط المسـروق إلى الأسـواق العالمية ، بعد ان يتم خلطها مع نفوط أخرى.
ومع تأكيد أن الربح هو الدافع الأساسي لعمليات نقل النفط الشبحي، فإن هناك عدة عوامل أخر معتبرة ، فالدول المُصدِّرة للنفط، الخاضعة لعقوبات ،غالبًا ما ترحِّب ببيع نفطها بتخفيضات كبيرة سعيًّا لتلبية حاجتها الفورية إلى العملة الأجنبية، وتمويل المشاريع الاجتماعية. وفي سياق مشابه، نجد أن الدول المشترية للنفط، التي تخضع للحظر التجاري، تكون مستعدة لدفع سعر أعلى كي تُؤمِّن لنفسها مصادر للطاقة.
حيث تنشا فرصة الربح في أغلب الأحيان عن الاختلالات السوقية مثل الإعانات الوطنية، والضرائب المفروضة على الاستهلاك، والعقوبات الدولية. فضلًا عن أن وجود باعة مستعدين لشراء نفط مسروق أو مغشوش أو جرى تحصيله عبر عمليات احتيال يخلق فرصًا للربح من نقل النفط إلى قنوات غير مراقَبة.
وحتى في حالة الأشكال الأكثر بدائية من أنماط هذه التجارة، فسيظل بالإمكان تحقيق أرباح ضخمة. فتجارة الوقود المدعوم حكوميًا، عبر الحدود بين الجزائر والمغرب مثلًا، بلغتْ قيمتها مليارَي دولار، في حين بلغت قيمة تجارة شبيهة، بين الإكوادور وكولومبيا ،600 مليون دولار .
وتحمل مراكب الصيد ما يصل إلى ثلاثة ملايين لتر من النفط غير المُسجَّل من ماليزيا إلى تايلاند. ويُمكن لهذا المستوى من التجارة عبر الحدود أن يضطلع بدور محوري في اقتصاد الدولة المتلقِّية. فعلى سبيل المثال، يجري تهريب 80% من إمدادات الوقود في بنين من نيجيريا.
وأشار التقرير الى لكن التكلفة التي يتكبَّدها الاقتصاد العالمي تزيد عن 133 مليار بكثير حيث ان المساوئ المالية “لعمليات نقل النفط الشبحي”اسواء بكثر من مجرد الخسارة المادية للنفط. فعلى سبيل المثال، قَدَّر بنك التنمية الإفريقي قيمة تجارة النفط المحرَّمة في إفريقيا بقرابة 100 مليار دولار سنويًا.
وقد أشارت دراسةٌ لمعهد تشاتام هاوس إلى أن قرابة مائة ألف برميل، في أدنى التقديرات، كانت تُسرَق يوميًا في نيجيريا عام 2017، ما يستتبع خسارة كبيرة في العوائد الضريبية. وفي عام 2015، خِسِر الاتحاد الأوروبي أكثر من 4 مليارات دولار من العوائد الضريبية نتيجة عمليات احتيال متعلِّقة بالوقود.
فضلًا عن أن عمليات نقل النفط الشبحي تُسفر عن تأثيرات خارجية، تؤذي اللُّحمة الاجتماعية للمجتمعات على مستوى الدولة وعلى المستوى المحلي أيضًا، وهي بذلك تدعم الاقتصاد غير الرسمي، وتتسبَّب في تلوُّث للبيئة، وتخلق تهديدات أمنية داخلية. ولكل هذه الأسباب تلقى عمليات نقل النفط الشبحي اهتمامًا عالميًا متزايدًا.
واثناء رحلة النفط الشبحي غالبا ماتنشاء تجارة مصاحبة لهذا النوع من التجارة إذ يُنقَل الوقود عادةً مع سلع مهرَّبة أخرى، ما يتيح فرصة تحقيق استفادة أكبر من شبكات التوزيع غير القانونية القائمة بالفعل. وعلاوة على ذلك فقد تُستَغل عمليات نقل الوقود لنقل بضائع أخرى، مثل المخدِّرات وموادِّ الغّشّ. وكثيرًا ما تترافق هذه النشاطات الخارجة عن القانون مع عمليات غسل للأموال. وتجميع النشاطات من هذا النوع تحت راية واحدة يحدث سريعًا في كثير من الأحيان، لتحقيق أكبر مكسب للتنظيمات الضالعة فيه، ومن ثمَّ يُشكِّل هذا ظاهرة تمتدُّ خارج نطاق تجارة النفط، وذلك حسب ما ورد في دراسة تحت عنوان “فهم النفط الشبحي ” صادر عن مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البرتولية (كابسارك).
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال