مشروع ترميم وقف بئر عثمان .. أنموذجاً لاستدامة الأوقاف عبر الزمن في المدينة المنورة

تحقيقاً لاستدامة أثر الأوقاف عبر الزمن والتزاماً بشروط الواقفين، تعاونت الهيئة العامة للأوقاف مع مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة لتنفيذ مشروع ترميم مزرعة وبئر عثمان بن عفان رضي الله عنه ودراسة وضع البئر الحالي وأعمال الترميم والتوثيق الفوتوغرافي والتاريخي للبئر لضمان استمرارية منفعته في سقيا آلاف النخيل حولها.

ويعد وقف بئر عثمان بن عفان رضي الله عنه من أقدم الأوقاف التاريخية والذي يستمر عطاؤه حتى اليوم، و أحد أهم النماذج في استدامة أثر الأوقاف، ويأتي الاهتمام بالبئر لمكانتها التاريخية العظيمة واتاحة زيارتها ومرافقه للزوار من أهالي المنطقة والسواح وضيوف الرحمن ليشهدوا واحداً من أقدم الأوقاف الحية في تاريخ الإسلام، وله مكانة كبيرة في قلوب المسلمين عامة وأهل المدينة المنورة خاصة، حيث أنه عند هجرة المسلمين للمدينة وجدوا أن مياه المدينة تجف كلها إلا بئر رومة، وحينما سمع الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم “من يشتري بئر رومة وله الجنة” سارع رضي الله عنه بشراء البئر وجعلها وقفاً للمسلمين.

و تقع مزرعة بئر عثمان شمال غربي المسجد النبوي في المدينة المنورة، وظلت منبعاً لسكان المدينة وزوارها، وعلى الرغم من الإهمال الذي أصابها سابقاً إلا أنه في عهد الدولة السعودية قامت الجهات المختلفة بالاهتمام بها واستصلاح الأرض التي تقع فيها البئر والاستفادة منها في زراعة النخيل وتوزيع ثمره على المحتاجين، ولا تزال مياهه تتدفق منذ أكثر من 1400 عام حتى اليوم.

و إستكمالا لجهود الدولة، تسعى هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة إلى وضع حلول إبداعية مبتكرة لتطوير مزرعة وبئر عثمان رضي الله عنه بما يتماشى مع التوجه العالمي المتيني للتطوير المستدام للبيئة الإنسانية وبما يحقق أهداف رؤية المملكة ٢٠٣٠ من خلال إثراء تجربة الزائر للمدينة المنورة والمملكة بشكل عام وتعزيز الإقتصاد وزيادة الفرص الإستثمارية وتوسعة الخارطة السياحية وتوفير فرص وظيفية.

ويهدف مشروع ترميم مزرعة بئر عثمان رضي الله عنه وترميم البئر الذي انطلقت أعماله قبل أربعة أشهر على ثلاث مراحل يتم الانتهاء منها في جماد الأول من العام المقبل، لتقديم تجربة استثنائية لضيوف الرحمن و إثراء الوعي التاريخي والديني لمكانة البئر، و تكوين معلم سياحي تاريخي مستدام بيئياً واجتماعياً واقتصادياً على الخارطة السياحية التراثية للمدينة المنورة، بالإضافة الى إعادة إحياء الموقع ضمن فكر تصميمي معاصر يعرض الموقع التاريخي بشكل تكاملي مع البيئة الزراعية وينتشر نحو النسيج الحضري المحيط، و عمل علامات تجارية من الموارد الطبيعية الموجودة في مزرعة بئر عثمان بن عفان وزيادة الفرص الاستثمارية وكذلك خلق فرص وظيفية جديدة والمساهمة في تمكين مجتمعات شبابية منتجة وتكوين مورد اقتصادي زراعي فعال.