مراعي وغابات المدينة المنورة .. ثروة طبيعية ومقصداً للسياحة البيئية

تزخر المملكة بالعديد من الغابات والمراعي الموزعة على المناطق الادارية بالبلاد، وهي مواقع طبيعية تتمتع بنظام متوازن يُعد هو الأكثر تطوراً ومن أكثرها إنتاجية وحفاظاً على البيئة، هذا بخلاف كونها مقصداً للزوار والسائحين الباحثين عن التأمل والاكتشاف.

تغطي الغابات والمراعي حوالي 1% من مساحة المملكة بما يُعادل أكثر من مليوني هكتار يقع معظمها في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة على سلسلة جبال السروات، حيث تتميز الأشجار في غابات السعودية بالتنوع لتصل إلى أكثر من 100 نوع، بالإضافة لما يتجاوز 2500 نوعاً من الشجيرات والأعشاب التي تشكل غطاءاً نباتياً واسعاً وعاملاً مهماً من عوامل الجذب السياحي.

ويوجد في المملكة نحو 280 غابة متنوعة، وفقاً لإحصائيات عام 2021، يتركز الجانب الأكبر منها في منطقة عسير ومواقع مختلفة للغابات الكثيفة، فيما تحظى منطقة المدينة المنورة بعدد غابتين كلاهما في محافظة العلا وهما غابة “وادي آدم” وغابة “وادي ارنط”.

أبرز النباتات التي تنمو في غابتي المدينة المنورة هما نبات السمر (الأكاسيا) والعوشز، فالأول ينتمي للعائلة البقولية وله أكثر من 1300 نوع موزعين في أنحاء العالم ويتميز بنموه السريع وعمره الطويل وقدرته على تحمل ظروف الجفاف نظراً لامتداد جذوره في عمق التربة، وهو مفيد للجهاز الهضمي ويُستخدم في علاج الجروح والعديد من الأمراض الجلدية، بالإضافة إلى استخدامه في علاج نزلات البرد والسعال.

أما العوشز (العوسج)، فهو شجر ينبت عادة في الأراضي الجافة والحارة، وهو نبات غني بالمعادن كالنحاس والمنجنيز والنيكل، كما يحتوي على قلويدات ومواد سكرية وحمض الهيدروسيانيك، ويُفيد في علاج أمراض العيون، كما أن ثماره – بحسب الدراسات الطبية الحديثة – تُفيد في حماية الكبد من التلف الناتج من التعرض للسموم، بينما تُستخدم جذوره كعلاج لمرض ضغط الدم وتخفيض آثار الحمى وبالأخص الملاريا.

وتحظى المملكة بما يقرب من 140 مرعى طبيعي في المناطق المنتشرة بجميع أنحائها، بداية من العاصمة الرياض التي تتصدر القائمة بنحو (26) مرعى، تليها منطقة عسير بواقع (22) مرعى، بينما تُعد الشرقية أقل المناطق من حيث عدد المراعي الطبيعية بواقع (2) فقط وهما “مسيج” و”أراضي مراعي”.

ويوجد في المدينة المنورة عدد (3) مراعي طبيعية وهي: مراعي سليع والبليطيح، وكلاهما في محافظة العلا، بينما توجد مراعي الحرة على طول الهضبة الممتدة من شرقي المدينة.

المراعي في المملكة تكون في معظم العام شبه خالية من النباتات، بينما المساحات التي يوجد بها نباتات يكون غطائها النباتي قليل الكثافة، ويشهد هذا الغطاء تدهوراً مستمراً بسبب الاستغلال المُكثف والتوسع الزراعي والعمراني على حساب أفضل المناطق الرعوية.

وتُعد المدينة المنورة منطقة واعدة للجذب السياحي من خلال الموارد الطبيعية المتواجدة في باطن الأرض وظاهرها مما يجعلها منجماً لاستكشاف فرص التنمية السياحية مع استدامة مواردها بما يجعلها مقصداً للمستثمرين، وهو ما يُعزز أهداف التنمية السياحية واستداماتها في المملكة بما يتوافق مع رؤية السعودية 2030.

كان المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر قد كشف، في مطلع مايو الماضي، عن ارتفاع بلغت نسبته 300%  في مؤشر الغطاء النباتي بمنطقة المدينة المنورة خلال العام الجاري (2023).

وارتفعت مساحة الغطاء النباتي في العام الحالي بواقع 3914.5 متراً مربعاً مقارنة بالعام السابق، لتصل حتى الآن إلى 15651.8 متراً مربعاً. ويمثل الارتفاع من 2.1% إلى 8.5% من مساحة منطقة المدينة المنورة، نتيجة زيادة معدلات هطول الأمطار.

وتعمل هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة على رفع نسبة الغطاء النباتي في حديقة الملك فهد من 130 ألف متر مربع إلى مليون متر مربع، بالإضافة إلى استهداف المركز الوطني للغطاء النباتي زراعة 300 ألف شجرة محلية بمنتزه البيضاء الوطني بمنطقة المدينة المنورة.

مع المساحة الضئيلة التي تغطيها المراعي والغابات من مساحة المملكة، استشعرت الحكومة السعودية أهمية المحافظة على هذا الغطاء النباتي والأشجار التي عُمرت على مر السنين. لذلك، أولت الحكومة الرشيدة أهمية خاصة لتنمية الغابات والمراعي وتعزيز تواجدها في مختلف مناطق المملكة من خلال التعاون مع بيوت الخبرة لتنمية هذا الغطاء الطبيعي.

التنوع النباتي في المملكة بشكل عام، ومنطقة المدينة المنورة على وجه الخصوص، يساهم في زيادة الجذب السياحي، فالمدينة المنورة تتميز بوجود عدد كبير من النباتات والأشجار بجانب العديد من الحرات والجبال والفوهات والطفوح البركانية التي تُعد من الثروات الطبيعية التي تحرص المملكة على تنميتها بما يجعلها مناطق جذب سياحي هام داخل المملكة وخارجها.