(مال) ترصد استضافة المملكة لمعرض إكسبو 2030 وكأس العالم 2034… لماذا تنفق الدول مليارات الدولارات على هذه الأحداث العالمية.. وما العوائد التي تجنيها؟ 

بات من المرجح أن تستضيف المملكة معرض إكسبو العالمي 2030 وكأس العالم لكرة القدم 2034، ويعتبر الحدثان من ضمن أهم ثلاثة أحداث عالمية يهتم بهما العالم من حيث الاثر الاقتصادي والثقافي وهم بالترتيب (كأس العالم لكرة القدم والألعاب الأولمبية ومعرض إكسبو العالمي). وفي 31 أكتوبر 2023 أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) فوز المملكة العربية السعودية باستضافة بطولة كأس العالم 2034، وحالياً تنتظر المملكة قرار الجمعية العامة رقم (173) للمكتب الدولي لمعرض إكسبو التي ستعقد في 28 نوفمبر2030 بشأن اختيار الدولة المضيفة لمعرض اكسبو الدولي 2030 وذلك ما بين ثلاثة منافسين (العاصمة السعودية الرياض، والإيطالية روما، ومدينة بوسان في كوريا الجنوبية). وحصلت المملكة على دعم نحو 102 دولة لاستضافتها معرض اكسبو 2030.

ويعتقد مراقبون أن استضافة المملكة لإكسبو 2030 سيحقق منافع كبيرة وسيحدث زخما اقتصاديا وماليا وثقافيا كبير يؤدي بصورة عامة إلى تعزيز اقتصاديات المملكة. وسيؤثر بالإيجاب وبشكل مباشر في بعض القطاعات والأنشطة الاقتصادية مثل السياحة والعقارات والضيافة والترفيه وسينشط حركة البناء والتشييد والسفر وتجارة التجزئة فضلاً عن الرواج وارتفاع الطلب في نشاط الدفع الاليكتروني والأعمال المالية وعلي رأسها البنوك العاملة بالمملكة كما أنه يعتبر سوق لإبرام الكثير من الصفقات الاستثمارية والتجارية وجسر للتواصل بين الدول وخلق أسواق تصديرية جديدة بما يتضمنه من الكثير من الفرص لدفع الاعمال التجارية العالمية، فضلا عن دوره في تعزيز القوة الناعمة للمملكة.

لمحة تاريخية عن معرض اكسبو العالمي 

“إكسبو” هو معرض دولي عريق وأحد أقدم الأحداث في العالم حيث تم البدء فيه عام 1851 بإنجلترا أي منذ (172) عام، عن طريق فكرة مبتكرة خطرت للأمير البرت زوج الملكة فيكتوريا بإطلاق تحدي لإبهار العالم بمخرجات الثورة الصناعية والتكنولوجية وعرضها للجمهور لتشهد لندن في ذلك العالم ما سمي “المعرض العالمي العظيم” الذي تم افتتاحه في بداية مايو 1851 وكان أول مره يشهد العالم حدثاً مثل هذا وكان نجاح الفكرة مبهراً ومناسبة أدت الى ظهور أهم العلماء والمخترعين وأصبح وسيلة لإظهار مواهبها وما تستطيع الدول القيام به وتقدمه للعالم عن طريق تقسيمه لأجنحه وطنية مخصصة لكل دولة علي حدي تعرض فيها ثقافاتها وتاريخها والابتكارات التي حققتها، واقتصر تقديم معرض أكسبو العالمي علي ثلاث قارات في العالم هي (أوربا وأمريكا الشمالية وآسيا) وذلك علي النحو التالي :

ماذا ستسفيد الرياض والمملكة من تنظيم إكسبو :  

جلب إكسبو منذ تنظيمه للبشرية في ذورته إختراعات عديدة مثل ماكينة الخياطة والهاتف اللاسكي وأول كمبيوتر وأول غسالة وأول مصعد والكهرباء والاشعة السينية وحتي الكاتشب، وهو الحدث الذي شهد ولادة برج ايفل الذي بات أيقونة باريس بعدما صمم ليكون بوابة إكسبو باريس عام 1889، ومنذ إنطلاقتة وهو يشبه كأس العالم بين الامم في ليس في كرة القدم أو الالمبياد في الالعاب الرياضية بل في عالم الإختراعات والابتكارات والفرص الاستثمارية والإقتصادية الهائلة . 

وفقاً لموقع الرياض اكسبو 2030 تقترح الرياض في حال فوزها بتنظيم المعرض أن يقام في شمال الرياض علي بعد حوالي 5-10 دقائق بالسيارة من مطار المللك خالد الدولي وعلي مساحة 6 ملايين متر2 ومتوقع مشاركة 246 مشارك من دول ومنظمات عالمية ومشاركين غير رسمين من أنحاء العالم فضلاً عن الشركات والمستفيدين في العالم، بالإضافة الي ان عدد زوار المعرض يتوقع أن يصل الي 40 مليون زائر طبيعي(Physical) للموقع، ومليار زيارة -عن بعد-عبر الواقع الافتراضي (Virtually)، الأمر الذي يعني أضعاف زوار كأس العالم كرة القدم قطر 2022 الذي بلغ نحو 1,4 مليون زائر، وبالتالي من المتوقع أن يكون العائد الاقتصادي لتنظيم إكسبو هائل وجذاب وسيخلق مئات الالاف من فرص العمل وسيحدث إنتعاشه للاقتصاد السعودي خاصة لقطاعات واسعة مثل العقارات وشركات الطيران والفندقة والترفيه والطاقة المتجددة والبنوك وغيرها من القطاعات الاساسية في المملكة وغيرها من القطاعات الأخري، وسيخلق فرص استثمارية وتجارية عديدة، وسيضيف إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.

وفيما يلي المدن التي نظمت اكسبو منذ البدء فيه وأهم الابتكارات التي قدمتها للبشرية:

لماذ رصدت المملكة 7.8 مليار دولار لمعرض إكسبو… وهل يعتبر ذلك إنفاق مبالغ فيه؟

بداية يجب التفرقة بين الإنفاق الجاري والاستثماري للحكومات، رغم أن كلاهما ضمن النفقات العامة للدولة، إلا أن الإنفاق الجاري هو عبارة عن مصروفات الحكومات الجارية سواء التي تتم بشكل يومي أو شهري أو سنوي ولا يترتب عليها منافع مستقبلية كبيرة ودائما يكون علي المدي المنظور، وذلك عكس الإنفاق الاستثماري والذي لايستهدف فقط تحقيق عوائد حالية وإنما يتعدي لتحقيق عوائد مستقبلية لتكوين رأس المال بهدف تنمية الثروة القومية وإمتلاك أصول استثمارية بأنواعها ويتميز بإتساع نظرته علي الاجل المتوسط والطويل ويساعد في توفير فرص العمل للمجتمعات ويؤدي إلى تحسين وتنويع وزيادة الميزان التجاري للدول علاوة على القيمة المُضافة لتلك المشروعات الناتجة عن الإنفاق الرأسمالي على المدى المنظور والمُستقبلي.

وبالنسبة للتكاليف والإنفاق الخاص بإكسبو الرياض 2030 فمعظمها تكاليف إستثمارية عبارة عن بنية تحتيه ومنشآت وطرق ومزارت سياحية وأماكن للترفيه ومرافق تعليمية وحدائق عامة وفنادق فضلاً عن مناطق جذب تجارية مزودة بأحدث تكنولوجيا الاتصالات في وقت التنظيم ومراكز لوجيستية عالمية وبالتالي ستستفيد منها المملكة بعد فترة المعرض(6 أشهر)،حيث ستتدفق علي المملكة حصيلة مصروفات الزائرين سواء في المطارات والفنادق والنقل والاتصالات والمطاعم واماكن الترفيه والمراكز التجارية التي سيزورنها وستنال المملكة ثقة المستثمرين وسيؤدي ذلك علي إنتعاش قطاعات الضيافة والترفيه وقطاع تجارة التجزئة وقطاعات أخري مما يعني تحقيق إيرادات كبيرة أثناء الحدث ذاته.

أما بالنسبة للفترة اللاحقة بعد الإنتهاء من تنظيم المعرض فسيتم الإستفادة من إرث كسبو الرياض وإستثماراته وإستغلالها من جانب المملكة بعد الإنتهاء من تنظيمه وبشكل دائم ومستمر قد تستمر لعقود وتجارب الدول المنظمة السابقة هي خير دليل حيث أن الكثير من المعالم السياحية التى تم إنشائها خصيصًا لمعارض إكسبو لازالت قائمة حتى يومنا ويتم إستغلالها للاستفادة منها من جانب الدول المضيفة رغم مرور عشرات العقود من الزمان علي إنشائها. بل قد تكون من أهم مصادر الدخل الدائمة والمستمرة بتلك الدول مثل برج إيفل فى باريس ومتحف فكتوريا والبرت فى لندن ومتحف التاريخ الطبيعى في لندن ، والتى تعتبر مزاراً سياحياً ومصدرًا هامًا ودائمًا من مصادر الدخل القومى فى تلك البلدان، ومؤخراً قامت الامارات بإستضافة معرض اكسبو دبي 2020 بإجمالي تكلفة وإنفاق إستثماري وصل لنحو 7 مليار دولار. واستثمرت بعد 80 يوما فقط من إنتهاء المعرض المنشآت والمباني والبنية التحية والرقمية وإنشاء مدينة المستقبل “ديستركيت” وهي مدينة ذكية ومستدامة عالية التكنولوجيا وبمؤشرات إستدامة عالمية كمزار سياحي ومقر للعديد من الشركات العالمية والتكنولوجية والإبتكارات ومراكز البحوث والتطوير العالمية .

إكسبو 2030 وكأس العالم 2030 فرص ذهبية لدفع الاستثمار بالمملكة:

يمكن للمملكة وضع خطة لكيفية الاستفادة من كافة المباني والمنشآت لعرض اكسبو 2030 والتي ستكون مجهزة بأحدث التكنولوجيا المتطورة العالمية كمركز عالمي للإبتكار وكحاضنات ومسرعات الاعمال، فضلاً عن تخصيص جزء من هذه المباني والمنشات لإستقطاب الشركات العالمية متعددة الجنسيات والتي تستهدف المملكة في الوقت الحالي حثهم علي أن يكون مقرهم الإقليمي داخل المملكة وهو القرار الجيد والذي سيغير من خريطة الاستثمار بالمنطقة ويساعد في توطين الصناعة والخدمات في المملكة، كما يجب أن تستهدف الحكومة تشجيع الشركات وجزء من الزائرين أن يقرروا الاقامة داخل المملكة عن طريق تشجيع الاسثتمار وعمل حوافز وضمانات للاستثمار وتسهيل وتبسيط وسرعة في الاجراءات الخاصة بتأسيس الشركات والحصول علي الرخص ….الخ – وهو ما تقوم بالفعل الحكومة به في الوقت الحالي- ليشجع الشركات والزائرين علي الاقامة في المملكة.