السبت, 20 يوليو 2024

فهد البليهشي: أمانة المدينة هيأت الفرص لجذب رؤوس الأموال للاستثمار في قطاع التراث الحضري

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

اقرأ المزيد

أكد المهندس فهد البليهشي أمين منطقة المدينة المنورة أن أمانة المنطقة عملت على تهيئة الفرص والمناخ المناسب لجذب رؤوس الأموال للاستثمار في قطاع التراث الحضري، مشيراً إلى أن مسألة تحقيق الاستدامة المالية لإدارة مواقع التراث الحضري تعد من أبرز المواضيع التي كانت تشكل هاجساً في الماضي، ومع وضوح مهام وأعمال البرامج التنفيذية لرؤية السعودية 2030 بات الأمر أكثر وضوحاً في الجوانب التشغيلية واستدامتها، منوهاً بالوقت ذاته بالدور المحوري للقطاع الخاص والمستثمرين في هذا الجانب.
وأضاف أمين منطقة المدينة المنورة خلال حديثه في مقابلة أجراها المعهد العربي لإنماء المدن في العدد الرابع من “إدارة التراث الحضري في المدن العربية”، أن للمساهمة الفاعلة للجمعيات الأهلية ومؤسسات القطاع غير الربحي دور مهم في هذا الجانب، مما دفع الأمانة إلى تفعيل برامج المسؤولية المجتمعية، حيث أن ذلك يعود بالنفع على قدرتها على تأمين الاستدامة المالية لإدارة التراث الحضري والمساهمة بشكل أوسع في منظومة التنمية المستدامة التي تشهدها المملكة بدعم الحكومة.
وقال البليهشي “شهدت المدينة المنورة العديد من التحولات العمرانية المتلاحقة من تطوير شامل وعمليات بناء حديثة وتحسين لا زالت أثارها شاهدة حتى اليوم. وخلال العهد السعودي انصبت الجهود لتطوير المدينة المنورة في الجوانب الوظيفية وعمليات التطوير والإعمار لتوفير كافة احتياجات الإسكان والخدمات والطرق والمرافق للزوار والسكان، وقد كان هناك حاجة مستمرة إلى المزيد من التنظيم العمراني لمواجهة النمو والامتدادات وتوفير كافة الاحتياجات الوظيفية والعمرانية والمعمارية، بالإضافة إلى المحافظة على جانب مهم من الشخصية الحضارية للمدينة، وإظهار قيمها العمرانية العريقة والخصائص التاريخية التي تتمتع بها عن مختلف المدن”.
كما أشار إلى أن التحديات الحالية تكمن في استكمال الجهود التطويرية من خلال وضع صياغة شاملة ومتكاملة لمستقبل المدينة تتجانس مع هويتها العمرانية، وعبر ربط مركز المدينة التاريخي بشبكة محطات نقل ومواصلات تصله بمقار الإدارات الحكومية والخدمات اللازمة. مؤكداً أن هناك ضرورة لوضع التشكيلات الفراغية لمحاور المدينة المنورة وشوارعها وساحاتها، وتنسيق فضاءاتها بشكل جمالي يحقق التناسق والانسجام بين توسعة المسجد النبوي الشريف وساحاته ويرسخ بعض من ملامح البيئة الطبيعية والجغرافية ويستلهم بعض ملامحها التراثية العريقة بما يتواكب مع الظروف المعاصرة والمتطلبات المستقبلية.
وحول المشاريع والمبادرات الجاري تنفيذها، ذكر الأمين البليهشي أن من أبرز المشاريع في المنطقة مشاريع شركة رؤى المدينة القابضة، التي يأتي ضمنها مشروع “قرية الحضارة الإسلامية” الذي يمتد على مساحة تتجاوز 257 ألف متر مربع، ليكون وجهة إسلامية جاذبة ومميزة تسهم في إثراء رحلة ضيوف الرحمن والزوار القادمين إلى المدينة المنورة من جميع أنحاء العالم، حيث تتوزع مناطق المشروع على 8 مناطق جغرافية مختلفة تشمل شبه الجزيرة العربية والمشرق العربي، وجنوب آسيا الإسلامية والمغرب العربي، ومنطقة دول شرق آسيا، وطريق الحرير والأندلس وإفريقيا، إضافة إلى تناول الجذور العميقة لتاريخ المملكة العربية السعودية التي تُمثّل مهد التاريخ والحضارة الإسلامية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن المشروع لم يُغفل الجوانب الترفيهية والتجارية والاستثمارية ليرسم ملامحاً من الطابع الثقافي المتميز والتصميم الفريد، إلى جانب العروض التفاعلية المتميزة.
وأضاف أن هذا المشروع يكتسب أهميته من طبيعة المحتوى الثقافي الإسلامي المتنوع الذي سيقدم للزوار بما يتناسب مع مكانة المدينة المنورة، خصوصاً في ظل موقعه الاستراتيجي القريب من المسجد النبوي الشريف. ويقدم المشروع خدمات الضيافة المتميزة والمتكاملة والعروض التاريخية القيمة التي تعكس جوانب متعددة من تاريخ العالم الإسلامي، وتكشف قصة عراقة الحضارة الإسلامية.
من جانب آخر، أشار المهندس البليهشي أن مشاريع تأهيل وتفعيل مواقع التاريخ الإسلامي في المدينة المنورة، التي تقودها هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة والأمانة وكافة الشركاء في الجهات الحكومية، ساهمت في إثراء وتعميق التجربة الثقافية والدينية لضيوف الرحمن زوار المسجد النبوي الشريف، والعمل على توفير خدمات استثنائية تعزز البعد التاريخي والقيمة الحضارية للمدينة المنورة وفق أعلى المعايير بما يترجم تطلعات القيادة ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، ومن بين تلك المواقع على سبيل المثال منطقة المصليات في ساحة الغمامة جنوب غرب المسجد النبوي، والآبار النبوية كبئر غرس وبئر الفقير، والمساجد التاريخية والمتاحف الحضرية التي تقدم محتوى نوعياً للزوار، فضلاً عن المبادرات والبرامج كمسار بدر التاريخي، وهو أحد مخرجات منصة “روح المدينة” وتطبيقاتها المتعددة، مشيراً أن هذه المنظومة الثقافية المتكاملة ستساهم بشكل كبير في تحقيق المستهدفات في هذا الجانب وترتقي بمكانة المدينة كمقصد سياحي إثرائي جاذب للزوار.
وأضاف أن دور المجتمع في الحفاظ على التراث يمثل جزءًا رئيسياً في أنشطة الأمانة وهيئة تطوير المنطقة، حيث يتضمن برنامج أنسنة المدينة تحسين عدد من المواقع والأحياء في المدينة المنورة، ومن ضمنها الأحياء التاريخية، وتحويلها إلى بيئة عمرانية حضارية ترتقي بحياة الإنسان، إلى جانب البرامج الاجتماعية والثقافية وإيجاد مساحات مناسبة تكون متنفساً للسكان والزوار. وإيماناً منا بأهمية مشاركة المجتمع في تحقيق هذه الأهداف، مشيرا إلى إشراك سكان المناطق المستهدفة في خطط إعادة التأهيل والتطوير وتحقيق الشراكة المجتمعية في منظومة التنمية الشاملة وخاصة في الأحياء غير المنظمة. مؤكداً بذات الوقت أن هذه الخطوة حظيت بتفاعل الكثير من السكان الذين أبدوا استعدادهم للتعاون وتعزيز مشاركتهم من خلال الأعمال التطوعية والمساهمة في تعزيز جودة الحياة في الأحياء السكنية، ذاكراً أن من أبرز التجارب المميزة تفاعل السكان في الأنسنة في الحي النموذجي وحي سيد الشهداء وتلعة الهبوب وجادة قباء والكثير من الأحياء التاريخية والمواقع الطبيعية كوادي العقيق ووادي قناة وذلك ضمن مستهدفات برنامج “أنسنة المدينة”، ونجحت المشاركة المجتمعية والبرامج التطويرية في رفع القيمة الاقتصادية لهذه الأحياء وتعززت الحالة النفسية لسكانها وتحققت المواءمة بين متطلبات الإنسان وطبيعة المكان.
وفيما يتعلق بأهمية التنسيق المؤسسي بين الجهات المعنية في الحفاظ على التراث الحصري وكيف تعمل أمانة المدينة مع شركائها لتحقيق هذا الهدف، أشار أمين منطقة المدينة المنورة إلى أن الهيئة والأمانة تعملان وفق إطار مؤسسي مستدام مع كافة الجهات المرتبطة بشؤون التراث الحضري ووفق آليات تنظيمية تضمن نجاح مستهدفات تنفيذ البرامج والمشاريع والمبادرات التي تصب في صالح التراث الحضري على مستوى المنطقة . وأضاف “تجربتنا في المدينة المنورة المتمثلة في تطوير وتفعيل مواقع التاريخ الإسلامي، هي نموذج لهذا التكامل بين مختلف الجهات وصورة من صور التناغم للوصول إلى هدف نبيل وهو الحفاظ على هذا التراث وإبرازه بطريقة تليق بمكانة المدينة المنورة وتاريخها وعمقها الحضاري”.

ذات صلة

المزيد