الإثنين, 29 يوليو 2024

كيف سيوفر العالم 3 تريليونات دولار سنويا للتحول المناخي مع وجود 700 مليون شخص تحت خط الفقر؟

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

في ظل التوجهات المناخية الجديدة والتصريحات الأخيرة التي أدلت بها جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية، بشأن الحاجة إلى استثمارات ضخمة تصل إلى 3 تريليونات دولار سنويا للتحول نحو اقتصاد مستدام، يتساءل البعض عن جدوى هذا التوجه في وقت يعاني فيه العالم من تحديات اقتصادية واجتماعية جسيمة، وكذلك عن قدرة دول العالم على توفير هذا المبلغ الذي يعني انه سيستثمر 75 تريليون دولار كما أوضحت يلين.

ويعد تامين 3 تريليون دولار سنويا هدفا طموحا للغاية وتكلفة باهظة تفوق قدرة الدول خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، حيث تشير الأرقام إلى أن هذا المبلغ يعادل حوالي 14% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، مما يمثل عبئًا ماليًا كبيرًا يصعب على العديد من الدول تحمله، ويثير هذا التساؤلات حول مدى واقعية تخصيص هذا القدر الهائل من الموارد المالية في الوقت الذي تعاني فيه العديد من الدول من عجز مالي وديون متزايدة.

أن الآثار الاقتصادية السلبية على القطاعات التقليدية نتيجة التحول السريع نحو الاقتصاد الأخضر قد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية سلبية على القطاعات التقليدية مثل النفط والغاز، حيث يعمل في هذا القطاع ملايين الأشخاص في الولايات المتحدة وحدها فقط، والانتقال المفاجئ إلى الاقتصاد الأخضر قد يهدد هذه الوظائف ويؤدي إلى بطالة واسعة النطاق، مما يسبب تأثيرات اجتماعية واقتصادية خطيرة يمكن التعامل معها بحكمة اكبر

اقرأ المزيد

العدالة المناخية

وهناك من يرى ان المسؤولية التاريخية الأكبر في انبعاثات الكربون تقع على عاتق الدول الصناعية حيث كانت هي المصدر الرئيسي لانبعاثات الكربون منذ الثورة الصناعية حتى اليوم، وتتحمل الدول الصناعية تاريخيًا الجزء الأكبر من الانبعاثات التي أدت إلى تغير المناخ. لذلك، من العدالة أن تُعطى الدول النامية بعض الفسحة في الانبعاثات لتحقق نفس مستويات النمو الاقتصادي التي حققتها الدول المتقدمة والصناعية، وحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة فان الولايات المتحدة الامريكية مسؤولة عن 19 % من انبعاثات الكربون التاريخية منذ 1950 الى 2021 والاتحاد الأوربي مسؤول عن 13 % منذ 1950 الى 2021

وعدم التأكد من العوائد الاقتصادية التي يشير اليها بعض النقاد والتي تدعي أن العوائد الاقتصادية من الاستثمارات في الاقتصاد الأخضر ليست مضمونة، وقد يتطلب تحقيق الربحية من هذه المشاريع وقتًا طويلاً يصل إلى 30 عاما وفقا لتقرير وكالة الطاقة الدولية.

هذا الانتظار الطويل قد لا يكون مستداما بالنسبة للكثير من المستثمرين والدول، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الحالية، إضافة الى تحديات التمويل والاستدامة المالية حيث ان الاعتماد على القطاع الخاص لتأمين التمويل اللازم للتحول نحو الاقتصاد الأخضر قد يكون غير مستدام في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية وعدم الاستقرار المالي.

وحول التباين في الأولويات الوطنية وبالنظر إلى أن أكثر من 700 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر المدقع وفقًا للبنك الدولي (أقل من دولار واحد يوميا)، قد ترى الدول النامية أن أولوياتها تتعلق بتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية قبل التركيز على التحول البيئي، هذه الدول تحتاج إلى تحسين مستويات المعيشة والبنية التحتية الأساسية، قبل التحول البيئي وتخصيص موارد ضخمة للتحول البيئي قد لا يكون الأولوية القصوى لها في هذا الوقت.

وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الحالية، يثير التوجه نحو تخصيص 3 تريليونات دولار سنوياً للتحول نحو اقتصاد مستدام جدلا واسعا، و يشير النقاد إلى التكلفة الباهظة للأثار الاقتصادية السلبية على القطاعات التقليدية في حال هذا التحول، الى جانب عدم التأكد من العوائد الاقتصادية، فضلا عن تحديات التمويل واختلاف الأولويات الوطنية كأسباب تستدعي التروي في اتخاذ مثل هذا القرار.

كما أن توفير هذا المبلغ الضخم سنوياً في ظل وجود أكثر من 700 مليون شخص تحت خط الفقر، يعد اكبر التحديات التي تواجه العالم لتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية.

ذات صلة

المزيد