الإثنين, 5 أغسطس 2024

سيناريو يتكرر على مر التاريخ .. كابوس (الاثنين الأسود) في وول ستريت

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

«التاريخ يعيد نفسه».. أثبتت هذه العبارة صحتها خلال تعاملات اليوم الاثنين عندما افتتحت أسواق الأسهم العالمية على انخفاضات حادة هي الأكبر منذ يوم الاثنين الأسود عام 1987، ما يسلط الضوء على عدد المرات التي شهدنا فيها انخفاضات حادة في وول ستريت.

جاء هذا التراجع في أعقاب تسجيل مؤشرات وول ستريت مستويات قياسية منذ بداية عام 2024 بدعم من طفرة في أسهم التكنولوجيا، وهو سيناريو تكرر أكثر من مرة على مر التاريخ، عندما تقفز السوق إلى مستويات قياسية ثم تشهد انهياراً حاداً.

ولدينا هذه المرة عدد من العوامل التي أسهمت في انهيار الأسواق العالمية، على رأسها انتشار مخاوف بشأن دخول الاقتصاد الأمريكي في ركود في حالة استمرار أسعار الفائدة المرتفعة لفترة طويلة من الوقت، بعد صدور بيانات سوق العمل التي كشفت تباطؤ التوظيف بأعلى من المتوقع وارتفاع معدل البطالة بشكل غير متوقع إلى 4.3%، وهي الأعلى منذ أكتوبر 2021، حسبما تناولته CNN.

اقرأ المزيد

كما أسهمت أرباح شركات التكنولوجيا المخيبة للآمال بمزيد من الخسائر، وسط قلق المستثمرين بشأن ارتفاع تقييم الأسهم، ما دفعهم إلى عمليات بيع هزت أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم.

الاثنين الأسود.. 5 أغسطس 2024
هبطت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز الصناعي في تعاملات ما قبل افتتاح وول ستريت بأكثر من 900 نقطة مقارنة بتعاملات يوم الجمعة، مسجلة أكبر تراجع يومي منذ الاثنين الأسود المشهود في مارس 2020 خلال جائحة كورونا.

كما انخفضت العقود الآجلة لمؤشر إس آند بي 500 بما يتجاوز 165 نقطة، في حين فقدت عقود مؤشر ناسداك 100 نحو 1041 نقطة أو بما يتجاوز خمسة في المئة، لكن تظل التراجعات أقل من المستويات المنخفضة تاريخياً المسجلة خلال عام 1987 وخلال جائحة 2020.

وجاء هذا وسط تراجع جماعي في أسواق الأسهم العالمية الأخرى، إذ أغلقت السوق اليابانية منخفضة 13%، وهو أكبر انخفاض منذ عام 1987، كما تكبدت سوق العملات المشفرة خسائر تجاوزت 270 مليار دولار في 24 ساعة بعد انهيار البيتكوين والإيثيريوم بنسبة 14%، و21% على الترتيب.

في غضون ذلك، لا يزال المستثمرون يقيمون أداء الأسواق المالية قبيل افتتاح السوق الأمريكية، على أن تكشف لنا إغلاقات وول ستريت اليوم الاثنين 5 أغسطس قيمة التراجع الفعلية للمؤشرات الرئيسية، ولكن بالنظر إلى التاريخ، فكم اثنين أسود شهدنا في تاريخ وول ستريت؟

ما قبل الكساد العظيم.. الاثنين الأسود 1929
شهدت الأسواق المالية انهياراً حاداً يوم الاثنين الأسود، 28 أكتوبر 1929، إذ انخفض مؤشر داو جونز بنحو 13 بالمئة، ثم في اليوم التالي، الثلاثاء الأسود، انخفضت السوق بنسبة 12 في المئة، وبحلول منتصف نوفمبر، كان مؤشر داو جونز قد فقد ما يقرب من نصف قيمته.

وقبل الاثنين الأسود صعدت أسواق الأسهم الأميركية بقيادة مؤشر داو جونز الذي ارتفع بواقع ستة أضعاف من 36 نقطة بين أغسطس 1921 إلى 381 نقطة في وسبتمبر 1929، ثم بدأ الانخفاض يوم الجمعة السوداء 28 أكتوبر 1929.

وفي حين أدى انهيار عام 1929 إلى تقليص النشاط الاقتصادي لفترة من الوقت، إلا أن تأثيره تلاشى في غضون بضعة أشهر، وبحلول خريف عام 1930 بدا الانتعاش الاقتصادي وشيكاً.

ولكن بعد ذلك، أدت المشكلات في جزء آخر من النظام المالي إلى تحويل ما كان يمكن أن يكون ركوداً قصيراً إلى أطول وأعمق كساد في الولايات المتحدة، وهو ما يعرف بالكساد العظيم الذي استمر حتى عام 1941.

الاثنين الأسود في 1987
تكشفت الأزمة المالية في 19 أكتوبر 1987، وهو اليوم المعروف باسم «الاثنين الأسود»، عندما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 22.6 في المئة في جلسة تداول واحدة، وهي أكبر خسارة في سوق الأسهم في يوم واحد في التاريخ، وبأكبر انخفاض منذ الكساد الكبير.

أدى يوم الاثنين الأسود إلى عدد من الإصلاحات الجديرة بالملاحظة، بما في ذلك وضع البورصات قانوناً لإيقاف التداول مؤقتاً في حالة حدوث عمليات بيع سريعة في السوق.

وسبق الانهيار في سوق الأسهم ارتفاع سريع خلال النصف الأول من عام 1987، وبحلول أواخر أغسطس، ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 44 في المئة في غضون سبعة أشهر، ما أثار المخاوف من حدوث فقاعة في وول ستريت.

وفي منتصف أكتوبر، بدأت التقارير الإخبارية في تقويض ثقة المستثمرين، إذ كشفت الحكومة الفيدرالية عن عجز تجاري أكبر من المتوقع وانخفضت قيمة الدولار، وبدأت الأسواق في الانهيار بشكل يومي منذ 14 أكتوبر استعداداً للاثنين الأسود.

وبحلول نهاية يوم التداول في 16 أكتوبر، والذي كان يوم جمعة، كان مؤشر داو جونز الصناعي قد خسر 4.6 في المئة، ولم تقدم استراحة التداول في عطلة نهاية الأسبوع سوى مهلة قصيرة؛ إذ هدد وزير الخزانة جيمس بيكر يوم السبت 17 أكتوبر علانية بخفض قيمة الدولار من أجل تضييق العجز التجاري المتزايد في البلاد ما دفع الأسواق للافتتاح يوم الاثنين يوم 19 أكتوبر 1987 على هبوط حاد.

انهيار الاثنين الأسود عام 2008
في يوم الاثنين 29 سبتمبر 2008، بعد فشل الكونغرس في تمرير خطة إنقاذ البنوك بقيمة 700 مليار دولار في أعقاب انفجار الفقاعة العقارية والأزمة المالية التي اجتاحت النظام المصرفي، هبط مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 777.68 نقطة، وكانت هذه هي أكبر خسارة في يوم واحد في تاريخه في ذلك الوقت.

كما انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 7 %، وهي خسارة أكبر من هبوط بلغ 684.81 نقطة في 17 سبتمبر 2001 (أول يوم تداول بعد حادثة 11 سبتمبر)، وتراجع مؤشر ناسداك 9.1 %، وهي أكبر خسارة له في يوم واحد منذ ثماني سنوات.

جاء هذا الانخفاض الكبير في أعقاب إفلاس شركة الوساطة المالية في وول ستريت ليمان براذرز، وبنك التوفير والقروض واشنطن ميوتشوال، بالإضافة إلى إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه سيقدم خطة إنقاذ بقيمة 85 مليار دولار لشركة التأمين أمريكان إنترناشيونال جروب المعروفة باسم إيه آي جي، في محاولة لمنع إفلاسها.

في نهاية المطاف، أقر الكونغرس مشروع قانون الإنقاذ، مع توقيع بوش على قانون الاستقرار الاقتصادي الطارئ لعام 2008، وظل انخفاض مؤشر داو جونز أكبر خسارة في يوم واحد من حيث النقاط حتى عام 2020.

شهدت الأسواق أحد أكثر الانهيارات الفريدة في سوق الأسهم خلال مارس 2020، عندما أدرك المستثمرون خطورة جائحة كورونا والتأثير الذي يمكن أن تحدثه على الاقتصاد العالمي.

وفي يوم الاثنين 16 مارس 2020، انخفض مؤشر داو جونز بما يقرب من 3000 نقطة، أو نحو 13%، في أكبر انخفاض له على الإطلاق من حيث النقاط، وأكبر انخفاض بالنسبة المئوية في يوم واحد منذ انهيار عام 1987.

كما هبط مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 34% بحلول 23 مارس متخلياً عن أعلى مستوياته على الإطلاق آنذاك التي حققها في 19 فبراير 2020، وهو أحد أكبر الانخفاضات في التاريخ.

ولكن مع تدخل بنك الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة الأمريكية لدعم الاقتصاد وتعزيز الدعم لأولئك الأكثر تأثراً بالجائحة، بدأت السوق في التعافي، وبحلول أغسطس، وصلت السوق إلى مستويات مرتفعة جديدة واستمرت في الارتفاع خلال معظم عام 2021، وحققت مستويات قياسية جديدة في الأعوام التالية.

ذات صلة

المزيد