الثلاثاء, 27 أغسطس 2024

الصراع العالمي على سوق الرقائق الإلكترونية .. السعودية تدخل الساحة

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

في خضم تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية يبرز قطاع الرقائق الإلكترونية كأحد أكثر القطاعات حيوية وسرعة في النمو على مستوى العالم، حيث يقدر حجم السوق العالمي للرقائق الإلكترونية بحوالي 600 مليار دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن يتجاوز 800 مليار دولار بحلول عام 2030 وتعد هذه الرقائق حجر الزاوية في التكنولوجيا الحديثة، إذ تدخل في كل جهاز إلكتروني بدءًا من الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وصولاً إلى السيارات الذكية والأجهزة الطبية، مما يجعل السيطرة على هذه الصناعة مسألة استراتيجية ذات أهمية قصوى.

في قلب هذا الصراع العالمي تهيمن شركات أمريكية مثل “إنفيديا” و”إنتل” و”تي إس إم سي” (TSMC على السوق، حيث تتسابق لتطوير تقنيات متقدمة ولتوسيع حصصها السوقية إنفيديا، على سبيل المثال، تمتلك حصة سوقية تصل إلى حوالي 80% في سوق معالجات الرسوميات، بينما تحتل إنتل المرتبة الأولى في سوق معالجات الحواسيب بحصة سوقية تبلغ نحو 60% إلى 65%. من جهة أخرى، تهيمن تي إس إم سي على سوق تصنيع الرقائق المخصصة بحصة تصل إلى 55% إلى 60%.

مع تصاعد هذه المنافسة العالمية، تبدأ السعودية في رسم طريقها الخاص في هذا المجال الاستراتيجي. مدفوعة برؤية 2030، تتخذ المملكة خطوات جادة نحو الدخول في سوق الرقائق الإلكترونية، معتمدة على استثمارات ضخمة في تطوير البنية التحتية والبحث والتطوير. تسعى السعودية إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز قدراتها الصناعية من خلال شراكات استراتيجية مع شركات عالمية، بالإضافة إلى الاستثمار في التعليم والتدريب لتهيئة جيل جديد من المتخصصين في هذا المجال.

اقرأ المزيد

في الوقت نفسه، تواصل الصين جهودها المكثفة لبناء قدراتها التكنولوجية الخاصة عبر شركات مثل “هاي سيليكون” و”شياومي”، وتسعى لتقليل اعتمادها على التقنيات الغربية، مما يزيد من حدة التوترات التجارية والتكنولوجية بين الصين والولايات المتحدة. تعتبر الصين المنافس الرئيسي في هذا السباق، حيث تستثمر بشكل كبير في تطوير تقنيات جديدة لمواجهة الهيمنة الغربية.

في إطار هذه الاستراتيجية، أطلقت السعودية صندوقاً بقيمة مليار ريال للاستثمار في الشركات العاملة بأشباه الموصلات، والذي يهدف إلى تعزيز وتحفيز الشركات الناشئة الصغيرة والمتوسطة لتبني هذه الصناعة. كما أطلقت المملكة شركة “آلات” لدعم قيادة التحول في القطاعات العالمية، بما في ذلك القطاع الإلكتروني والصناعي. تهدف “آلات” إلى إنشاء مركز صناعات عالمي في المملكة يعمل بالطاقة النظيفة، وتبني منهجية التصنيع المستدام لمساعدة الشركات العالمية على تقليل انبعاثاتها والتحرك نحو تصنيع خالٍ من الكربون. تُعد “آلات”، وهي إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة، عاملاً مهماً لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، التي ترمي إلى تعزيز التنوع الاقتصادي، والتنمية الصناعية، والابتكار، وتوفير المزيد من فرص العمل.

في النهاية تظل صناعة الرقائق الإلكترونية ساحة للصراع العالمي المستمر، بينما تستعد السعودية لتأخذ مكانها بين اللاعبين الرئيسيين. مع استثماراتها الكبيرة وخططها الاستراتيجية، قد تتمكن المملكة من تعزيز مكانتها في هذا القطاع الحيوي، مما يساهم في تنويع اقتصادها ويحقق لها مكانة مرموقة في مجال التكنولوجيا على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ذات صلة

المزيد