الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في كل عام يحتفل السعوديون باليوم الوطني، معبرين عن فخرهم بوطن عظيم نشأ على التضحيات والإرادة الحديدية. إنه ليس مجرد يوم احتفال، بل رمز لتاريخ طويل بدأه الأجداد، وتجدد عزمه مع الأجيال اللاحقة، ليصل إلى حاضر مزدهر تقوده رؤية مستقبلية واعدة.
البداية كانت في زمن مليء بالتحديات حيث كانت المنطقة تواجه ظروفا صعبة وسط هذه الظروف، ظهر شاب بطموح، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، الذي لم يكن يرى في هذا الواقع نهاية، بل بداية حلم كبير، ففي عام 1902 وبعد نضال طويل، استطاع استعادة الرياض، وكانت هذه الخطوة بداية لمشروع سياسي واقتصادي كبير تمثل في توحيد المنطقة تحت راية واحدة، مما أسس لمرحلة جديدة من الاستقرار الذي أصبح الأساس لنمو اقتصادي مستدام.
استمرت رحلة الملك عبدالعزيز في لم شتات المناطق مقاتلا في سبيل توحيد الوطن وبالرغم من الصعوبات والتحديات، لم يتوقف حتى عام 1932، حيث أعلن تأسيس المملكة العربية السعودية، هذا الإعلان لم يكن مجرد إعلان سياسي، بل كان إيذانا ببدء مرحلة جديدة من التحول الاقتصادي، إذ أصبحت المملكة مستعدة للاستفادة من مواردها الطبيعية وتطوير بنيتها التحتية.
بعد التأسيس دخلت المملكة عصرا جديدا من الاستقرار والتنمية، وأدركت القيادة السعودية منذ البداية أهمية تطوير القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والبنية التحتية، وهي الأسس التي مهدت الطريق للنهضة الاقتصادية الكبيرة. بحلول منتصف القرن العشرين، شكل اكتشاف النفط نقطة تحول حاسمة في تاريخها الاقتصادي حيث أصبحت المملكة أحد أكبر منتجي النفط في العالم، هذا الاكتشاف عزز مكانة المملكة الدولية وأتاح لها بناء اقتصاد قوي قائم على الموارد الطبيعية.
مع مرور الزمن توسعت البنية التحتية للمملكة وشهدت تطوراً هائلاً في مجالات النقل، الكهرباء، والمياه، ما ساعد في تحفيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة، ومع ازدياد عائدات النفط، بدأت المملكة بتأسيس مؤسسات اقتصادية قوية واستثمار عائداتها في التنمية الاجتماعية، ما أسهم في رفع مستوى المعيشة وتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد.
في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، تعيش المملكة واحدة من أعظم مراحل التحول في تاريخها تقود هذه المرحلة رؤية 2030 الطموحة التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، هذه الرؤية لا تهدف فقط إلى تعزيز الاقتصاد الوطني، بل إلى تحويله من الاعتماد الكبير على النفط إلى اقتصاد متنوع ومستدام. تسعى الرؤية إلى تطوير قطاعات جديدة مثل السياحة، الصناعة، والتكنولوجيا، وهو ما يعكس رغبة المملكة في تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام.
التحولات الاقتصادية الكبيرة تتجلى في مشاريع ضخمة مثل نيوم و مشروع البحر الأحمر، والقدية ، والدرعية وغيرها من المبادرات التي تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، وتحفيز القطاع الخاص، وتنمية القطاعات غير النفطية، كما تسعى الرؤية إلى تمكين الشباب والمرأة مما يفتح أمامهم آفاقًا جديدة للإبداع والمشاركة في بناء المستقبل الاقتصادي للمملكة.
رؤية 2030 ليست مجرد خطة اقتصادية بل شملت كافة جوانب الحياة من تمكين الشباب والمرأة إلى تطوير التعليم، وتعزيز الابتكار، وتشجيع ريادة الأعمال، وتعمل المملكة على استثمار إمكانياتها البشرية والطبيعية لبناء اقتصاد معرفي يقوم على الإبداع والتكنولوجيا. من خلال الاستثمار في الابتكار وتعزيز التعليم، تفتح المملكة آفاقاً جديدة نحو اقتصاد رقمي يعتمد على المعرفة والتكنولوجيا الحديثة، ما يجعلها قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
في كل مرة يُحتفل فيها باليوم الوطني، يتجدد العهد بين القيادة والشعب على مواصلة هذه الرحلة الطويلة التي بدأت منذ أكثر من قرن. ما نشهده اليوم من ازدهار وتقدم اقتصادي لم يكن ليتحقق لولا تلك الرحلة التي خاضها الأجداد، والتي تتواصل اليوم بأيدي الشباب السعوديين. إن اليوم الوطني السعودي ليس مجرد احتفال بذكرى، بل هو تجسيد لتاريخ طويل من الكفاح والإنجازات الاقتصادية التي جعلت من المملكة واحدة من أهم القوى الاقتصادية في العالم.
اليوم، تفتح السعودية أبواب المستقبل أمام أجيالها القادمة برؤية واعدة تقوم على تنويع مصادر الدخل واستثمار التكنولوجيا والابتكار في تعزيز الاقتصاد مما يجعل المملكة جاهزة لاستقبال مزيد من التحولات الكبرى في العقود القادمة.
التقرير أعلاه من إصدار (المملكة.. استدامة الاقتصاد) الذي أصدرته (مال) بمناسبة اليوم الوطني 94
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال