الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
وصف الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان علي بوحليقة، البيان التمهيدي لميزانية العامة للدولة السعودية عام 2025 بأنه ألقى تفاصيل شفافة اقتصادياً ومالياً وتمويلياً للمدى المتوسط حتى العام 2027، حيث أوضح البيان توقعات الأداء الاقتصادي حتى العام 2027، وأن هناك تغيرات إيجابية في هذا الصدد، أخذاً في الاعتبار أن الاقتصاد انكمش في العام الماضي ثمانية أعشار من واحد في المئة، ومن المتوقع لهذا العام 2024 أن يأخذ الاقتصاد منحى نحو نمو طفيف في حدود 1%، مما يؤكد أن الاقتصاد السعودي استطاع عكس الاتجاه من انكماش 8 أعشار في المئة في 2023 إلى نمو ثمانية أعشار في المئة لعام 2024، كما أن التوقعات تشير إلى أداء الاقتصاد سيتجه للتحسن الفارق في العام 2025 في حدود 4.5%، وسيحافظ في المدى المتوسط على هذا المستوى.
كما تطرق الدكتور بوحليقة إلى التضخم، وأنه في حالة مستقرة دون 2%، بعد أن تجاوز العام الماضي (2023) فعليا 2.3. وقال: وبالمقارنة فإن مستهدف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هو خفض مستوى الأسعار المستهلك في الولايات المتحدة إلى 2%، وأشار إلى أن هذا المستهدف متحقق حاليا في المملكة عند 1.7%، وأنه من المتوقع أن يواصل دون 2بالمائة في المدى المتوسط بالنسبة للمملكة.
وأكد أن استقرار الأسعار وتوجه الاقتصاد لوتيرة أعلى من نمو الناتج المحلي الاجمالي، وخروج من انكماش عام 2023 إلى نمو محدود في العام 2024، ثم إلى انطلاق إلى مستويات أعلى تتجاوز 4% للمدى المتوسط، هي مؤشرات تعزز الثقة في قدرة الاقتصاد السعودي التعامل مع التحديات الجيوسياسية الخارجية بما في ذلك هشاشة سوق النفط العالمية.
أما فيما يتعلق بالإيرادات والنفقات، ذكر الدكتور إحسان أن هناك تحدي واضح، وعزا السبب إلى الضعف في سوق النفط بالنظر للفائض من المعروض، فمن المتوقع في هذا العام أن يكون متوسط سعر برميل النفط في حدود 80-82 دولار، هذا من حيث السعر بالإضافة إلى التخفيضات التطوعية من قبل المملكة مما يؤثر سلباً على حصيلة الخزانة العامة من الإيرادات النفطية.
وأكد أنه وأخذاً في الاعتبار هشاشة السوق النفطية العالمية، فأي زيادة في العرض تستوجب تحوطاً حيث ستلعب: العوامل الجيوسياسية، ونمو الاقتصاد العالمي، والطلب في الصين، وتسويق النفط الروسي، واستقرار انتاج بعض صغار المنتجين مثلا في ليبيا، ستلعب دوراً مؤثراً في تحديد سعر النفط، لكن وفي المحصلة فيمكن الجدل أن الأرجح أن الإيرادات النفطية ستكون ضعيفة ومتذبذبة.
وأفاد فيما يتعلق بالنفقات بأنها مستقرة للمدى متوسط وفقاً للتوقعات الرسمية، في حدود 1.3 تريليون ريال وستصعد إلى 1.4 تريليون في عام 2027 مما يعني توسعاً في الانفاق، فيما سيتواصل العجز في الميزانية حتى العام 2027، وهذا استمرار للعجز الذي شهدته الميزانية في العام الماضي وبلغ 81 مليار ريال في عام 2023، وخلال هذا العام متوقع ارتفاع العجز بمقدار 45 بالمائة عما كان عليه في العام الماضي إلى 118 مليار ريال، ولكن سيبقى العجز دون 3 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي.
وبالنسبة للمدى المتوسط قال د. بوحليقة إنه العجز سيستمر دون 3بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، ويرتفع في العام 2027 إلى 3% وفقاً للتوقعات الرسمية، وهو بذلك يكون ضمن الحدود الموصى بها لأفضل الدول جدارةً ماليةً.
وقال إنه رغم كل هذه التحديات إلا أن الإنفاق مستقر ومع زيادة طفيفة وهذا نتيجة للمرونة التي اكتسبتها الخزانة نتيجة لإعادة الهيكلة التي انطلقت منذ العام 2016، بأن لا يعتمد الانفاق على التذبذب في الإيرادات النفطية؛ إن هبطت تراجع الإنفاق، وأن صعدت زاد الإنفاق، بل يعتمد على هيكلية ترتكز إلى الاحتياجات الانفاقية الكافية لتمويل الإنفاق الرأسمالي، والإنفاق التشغيلي، والنفقات الجارية للحكومة. وإن تطلب الأمر يمكن الاقتراض إستفادةً من الفسحة المالية التي تحظى بها المملكة، فليكن ذلك، وقد تم تحديد سقف للاقتراض ألا يتجاوز الدين العام 30 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، حتى الآن لم يبلغ ذلك السقف، لكن من المتوقع بلوغه مع حلول 2027 حيث سيصل مستوى الاقتراض وفقاً للتوقعات الرسمية إلى السقف (30 بالمائةمن الناتج المحلي الإجمالي).
وأشار إلى أن الهيكلة المالية إضافة إلى تنمية الإيرادات غير النفطية التي تضاعف مستواها سواء نسبةً من إجمالي الإيرادات أو نسبة من الناتج المحلي الإجمالي، عما كانت عليه في العام 2016، قد أدى قطعاً إلى تعزيز استقرار إيرادات الخزانة العامة.
وأضاف أن المملكة تواصل انفاقها العام الترليوني في المدى المتوسط، مدعوماً بتوقعات بتحسن للعائد الضريبي، ولا يقتصر فقط على الاستفادة من إيرادات ضريبة القيمة المضافة، بل أيضا الاستفادة من إقبال المستثمرين الأجانب، وذكر أن المستثمر الأجنبي يولد وظائف، ويدفع ضرائب دخل، ويأتي هذا تحقيقا لمستهدفات رؤية المملكة 2030 لرفع تدفقات الاستثمار الأجنبي وتنفيذاً للاستراتيجية الوطنية للاستثمار.
وفيما يخص البطالة ذكر الدكتور إحسان أن معدل البطالة انخفض إلى 7.1 خلال الربع الماضي، مما يجعل معدل البطالة في المملكة قريب من مستهدف رؤية 2030 وهو 7 بالمائة، لبقي عُشر من واحد في المئة، مشيرا إلى أن ذلك يعد انجازا تاريخياً فمعدل 7.1 بالمائة هو أدنى معدل منذ أن بدأت الهيئة العامة للاحصاء نشر بيانات البطالة، فضلاً عن أن هناك توسعاً ملحوظاً في التوظيف، وأبرز مؤشرات ذلك أن عدد الموظفين السعوديين تجاوز 2.3 مليون موظف وموظفة وهو كذلك مستوى قياسي.
وقال إن التوقعات تشير إلى أن النمو سيكون إيجابي لهذا العام، وإن كان أقل من 1%، وخلال 2025 سيكون أعلى من 4% وكل هذا مدعوم لدرجة كبيرة بالأنشطة غير النفطية، والذي يمثل نجاحاً لسياسات التنويع الاقتصادي، وهذا يعكس النجاح في أن الاقتصاد غير النفطي أصبح هو الذي يتصدر ويدفع الاقتصاد ككل لنمو من جهة، وان الإيرادات غير النفطية هي التي تساهم في تحقيق استقرار إيرادات الخزانة العامة.
أخيرا أكد الدكتور بوحليقة على أهمية دور القطاع الخاص في دعم النمو الاقتصادي، موضحا أن أهمية إيرادان تصدير النفط الخام ستبقى محفوظة لعقود عديدة قادمة، ولكنها لن تكون هي المحرك الوحيد للاقتصاد السعودي؛ فالاقتصاد يتجه لأخذ منحى صعود نحو مستويات أعلى من النمو مدعوما بعدد من المحركات: النفط، والأنشطة الاقتصادية التقليدية كصناعة التحويلية وصناعة البتروكيمياويات السلعية والمتخصصة وصناعة التكرير، وكذلك الانشطة الاقتصادية المستجدة خصوصا قطاع الخدمات مثل السياحة والترفيه، بالاضافة للقطاعات المعتمدة على الرقمنة كما مثل التقنية المالية والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال