الخميس, 1 مايو 2025

(مال) تحاور نائب الرئيس للأبحاث في هيفولوشن: الأمراض المزمنة المرتبطة بالشيخوخة ترفع تكاليف الرعاية الصحية وتؤثر على الاقتصاد

اقرأ المزيد

يمر العالم بتحديات ديموغرافية وصحية متزايدة تشكل ضغطا كبيرا على اقتصادات الدول وأنظمتها الاجتماعية ومواردها المالية، وتظهر هذه التحديات بشكل واضح في ارتفاع أعداد كبار السن، وتراجع معدلات الولادة، هذه العوامل تهدد توازن القوى العاملة، وتضعف قدرتها على دعم نمو اقتصادات الدول والاقتصاد العالمي بشكل عام.

والمملكة ليست استثناء عن هذا العالم، حيث تشكل الأمراض المزمنة المصاحبة للشيخوخة ارتفاعا كبيرا، وهذه الأمراض تستحوذ على جزء كبير من إنفاق وزارة الصحة في سبيل علاجها، إضافة إلى تحدي آخر وهو انخفاض أعداد المواليد في السعودية من 6 أطفال قبل 30 عاما إلى طفلين حاليا.

ولمواجهة هذه التحديات، استحضرت المملكة هذا الواقع من خلال تأسيس مؤسسة هيفولوشن الخيرية بأمر ملكي عام 2018 ، الهادفة إلى تحفيز الجهود العالمية لإطالة العمر الصحي للإنسان، وفهم مراحل وبيولوجية الشيخوخة بشكل أفضل، وإقامة شراكات استراتيجية وتشجيع الابتكار في الأبحاث، لتقديم حلول مبتكرة تُسهم في تقليل العبء الصحي والاقتصادي الناتج عن الأمراض المرتبطة بالشيخوخة، وتعزيز جودة الحياة على المستوى المحلي والعالمي.

وللحديث بشكل أعمق عن هذا الموضوع والتحديات التي تواجه المملكة و العالم في هذا السياق، أجرت صحيفة (مال) حوارًا صحفيًا مع  الأميرة الدكتورة هيا بنت خالد بن بندر آل سعود، نائب الرئيس للأبحاث في مؤسسة هيفولوشن الخيرية، تحدثت فيها عن رؤية المؤسسة ودورها في مواجهة التحديات الصحية والاقتصادية المتعلقة بالأمراض المزمنة والشيخوخة فمعا نطالع نص الحوار.

-لو تعطينا نبذة عن مؤسسة هيفولوشن الخيرية

.. مؤسسة هيفولوشن تسعى جاهدة للتركيز على دراسة علوم الشيخوخة. – ففي حين أن الشيخوخة أمر لا مفر منه، فإنها تُعد عامل الخطر الأول لمعظم الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب، ولذلك فإننا ننظر إلى الشيخوخة كعملية قابلة للعلاج. نحن نعمل لتحقيق رؤية واضحة تتمثل في إطالة العمر الصحي للإنسان، مع تحسين نوعية الحياة وتقليل الأعباء الصحية والاقتصادية المرتبطة بالأمراض المزمنة، هذه الأهداف تأتي في ظل التحولات الديموغرافية الكبيرة التي يشهدها العالم، حيث يزداد متوسط الأعمار بشكل مستمر، مما يطرح تحديًا يتمثل في ضمان أن تكون هذه السنوات الإضافية مليئة بالصحة والإنتاجية.

– ما التحديات الاقتصادية الناتجة من ارتفاع عدد المسنين؟

.. الأمراض المزمنة المرتبطة بالشيخوخة لها آثار اقتصادية كبيرة، حيث ترتفع تكاليف الرعاية الصحية بشكل كبير، وتؤثر على إنتاجية الأفراد والمجتمع، وتشير الأرقام العالمية إلى أن حوالي مليار شخص اليوم تجاوزوا سن الـ 60 عاما، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم الى مليارين بحلول عام 2050. في المملكة نلاحظ انخفاضًا كبيرًا في معدل المواليد، حيث تراجع متوسط عدد الأطفال لكل أسرة من 6 أطفال قبل 30 عامًا إلى طفلين في 2024، وهذا التحول الديموغرافي يشير إلى زيادة متوقعة في أعداد كبار السن على مدى العقود القادمة، ما يجعل دراسة الأمراض المصاحبة للشيخوخة ضرورة ملحة. وفي السعودية تحديدا، فإن ظهور  الأمراض المزمنة يبدأ بوقت مبكر، حيث تبدأ في عمر الـ 30 عاما، مقارنة بدول أخرى، حيث تظهر في الستينات.

ونحن في  هيفولوشن نركز على التصدي لتحدي الشيخوخة من خلال فهم العوامل البيولوجية التي تؤدي إلى الشيخوخة وبالتالي الأمراض المزمنة المصاحبة لها، حيث نعمل على تطوير حلول بيولوجية وعقاقير للحماية منها، مع التركيز على الابتكار والبحث العلمي، وعندما نتحدث عن الأمراض المزمنة لا تقتصر على مرض أو اثنين، بل تشمل عشرات الأمراض، من خلال فهم العوامل البيولوجية المتداخلة التي تؤدي إلى الشيخوخة.

-أنتم مؤسسة بحثية بالدرجة الأولى، ما آلية تطوير الأبحاث لديكم؟
.. فيما يخص الأبحاث، نحن ندعم المراكز البحثية المحلية والعالمية، حيث تعاقدنا مع العديد من المراكز المتخصصة التي تنتج أبحاثًا علمية تساعد في تطوير المجال، نقدم منحًا للباحثين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك السعودية، ونطلق هذه المنح كل 4 إلى 6 أشهر لدعم العلماء في دراسة الشيخوخة وإطالة العمر الصحي للإنسان. إلى جانب ذلك، نستثمر في شركات تركز على إيجاد حلول طبية للتقليل من آثار الشيخوخة على الفرد ومنها الأمراض المزمنة. بالإضافة إلى الدعم البحثي، نسعى لتأسيس مجالات بحثية خاصة بالمؤسسة وندعم مبادرات طبية مع شراكات متنوعة في السعودية وحول العالم. كل هذه الأنشطة تعمل بطريقة متداخلة لإيجاد حلول للتعامل مع الشيخوخة وآثارها وتحقيق هدفنا بإطالة العمر الصحي للإنسان.

-كم تبلغ ميزانية هيفولوشن لتمويل الأبحاث؟

خصصت المملكة دعما قدره مليار دولار سنويا لمؤسسة هيفولوشن لدعم الأبحاث، ودعمنا حتى الآن أكثر من 160 مشروعًا علميًا في جميع أنحاء العالم، وموّلنا أكثر من 200 عالم ومؤسسة بحوث، بنحو 400 مليون دولار، ومن بين المستفيدين مراكز وباحثون سعوديون مثل مركز الملك فيصل للأبحاث.

– هل لديكم استثمارات مباشرة في الشركات؟
.. نحن نستثمر في شركات التكنولوجيا الحيوية بهدف إطالة العمر الصحي. هذه الاستثمارات طويلة الأجل، نظرًا لأن البحوث في هذا المجال تستغرق سنوات عديدة قبل أن تصل إلى نتائج قابلة للتطبيق. على سبيل المثال، علاجات مرض السرطان استغرقت عقودًا من البحث قبل تحقيق التقدم الذي نراه اليوم. نحن نختار استثماراتنا بعناية لضمان تحقيق الابتكار والتأثير الإيجابي على الصحة.

أما بالنسبة للأبحاث التي تؤدي إلى عقاقير جديدة، فنحن نركز على جودة الأبحاث ونشرها في مجلات علمية عالمية، كما نستثمر في الشركات التي تجاوزت مرحلة الأبحاث لتقديم حلول بيولوجية فعلية. حاليًا، لدينا استثمارات في 3 شركات تعمل على منتجات متقدمة للوقاية من الأمراض المزمنة.

-ماذا عن تطوير الباحثين السعوديين في هذا المجال وهل لديكم مبادرات في هذا الخصوص؟
فيما يخص تطوير الباحثين، خصصنا 1,9 مليون دولار أمريكي لتمويل الدورة الأولى من برنامج المنح الذي يهدف لدعم الباحثين السعوديين في مجال الشيخوخة، ويقدم هذا البرنامج الدعم لـ 11 مؤسسة بحثية ومستفيد منها ، مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث ومركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST) وغيرها من المؤسسات الأخرى.

ولدينا برنامج آخر وهو زمالة ما بعد الدكتورة والهدف منه هو تطوير وتنمية قدرات الباحثين السعوديين في مجال الشيخوخة وتم تخصيص 1.9 مليون دولار لهذا البرنامج ، وهذه البرامج تعزز دور مؤسسة هيفولوشن ودور المملكة في الريادة العلمية ودعم جهود تطوير الأبحاث المتعلقة بالشيخوخة وجودة الحياة.

ولدينا مبادرات تركز على تأهيل الباحثين في المنطقة، ونقدم دورات تدريبية تساعدهم في كتابة المبادرات البحثية وتحسين مهاراتهم. جميع المنح لدينا مفتوحة للمنافسة عالميًا، مما يتيح الفرصة للباحثين من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الدول العربية، للمشاركة والتطوير.

-يمر القطاع الصحي في المملكة بعملية تحول كبير قد يشكل فرصة لكم للتعاون ورسم سياسات جديدة تساهم في رفع الوعي وجمع البيانات واستحداث برامج وقائية، هل تعملون مع الجهات المعنية في هذا الخصوص؟

نحن نعمل مع الهيئات المتعلقة في المملكة لتقديم الأبحاث والبيانات التي تساعد في وضع سياسات وبرامج وقائية. كما نستفيد من التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والتوائم الرقمية لتسريع عملية البحث والحصول على نتائج أفضل، وعلى صعيد التعاون الدولي، نساهم في مشاريع مثل مشروع الجينوم السعودي، ونسعى لتوحيد الجهود لإجراء دراسات موسعة تهدف إلى جمع بيانات متنوعة تسهم في إيجاد حلول بيولوجية ودعم التخطيط الاستراتيجي في المملكة.

وفي ختام الحوار قالت الأميرة الدكتورة هيا بنت خالد بن بندر آل سعود إن مؤسسة هيفولوشن ليست مجرد جهة بحثية، بل هي كيان شامل يهدف إلى التأثير على مختلف الجوانب الصحية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بالشيخوخة. نحن نركز على إيجاد حلول عملية تدعم المجتمعات محليًا وعالميًا. من خلال شراكاتنا مع المؤسسات الأكاديمية والعلمية، نسعى لتطوير برامج تعليمية وبحثية تسهم في تدريب جيل جديد من العلماء السعوديين المتخصصين في هذا المجال، وبناء مجتمع يتمتع أفراده بحياة أكثر صحة لفترة أطول. نحن نؤمن بأن التغيير يبدأ من تعزيز البحث العلمي والابتكار ونشر الوعي حول أهمية الوقاية. من خلال هذه الجهود، نسعى لتحقيق رؤيتنا في أن تكون المملكة العربية السعودية رائدة عالميًا في مجال أبحاث الشيخوخة، مع ضمان تحقيق أثر إيجابي ومستدام على صحة المجتمع واقتصاده.

ذات صلة



المقالات