الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لم يكن مظهر ليانج وينفينج بتسريحة شعره غير التقليدية وافكاره المبعثرة كما وصفه احد شركائه التجاريين وهو يطرح فكرته بشأن شركة ديب سيك، يترك انطباعا بأن هذه الفكرة يمكن أن تتحول إلى ثورة وتجعل من هذا الشاب بطلا قوميا في نظر أبناء وطنه، لأن هذا الاعلان جاء في وقت تعاني فيه التكنولوجيا الصينية من قيود الإدارة الأمريكية على صادراتها للصين المرتبطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
لمع نجم ليانج وينفينج رائد الأعمال الصيني مع إطلاق شركته ديب سيك لنموذجها من الذكاء الاصطناعي الذي اربك شركات التكنولوجيا الأمريكية وتسبب في موجة بيع للأسهم افقدت هذه الشركات نحو ترليون دولار في فترة وجيزة.
ألتمان الصين:
لقد أطلق البعض في وسائل الإعلام الغربية على مؤسس شركة ديب سيك، ليانج وينفينج، لقب “سام ألتمان الصين”. ولكن على عكس نظيره في وادي السيليكون، فقد حافظ على مستوى منخفض من الشهرة.
وعلى الرغم من أن شركة ديب سيك الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي قد حققت شهرة عالمية، مما أدى إلى إحداث تغيير كبير في عالم الذكاء الاصطناعي، لكن الفريق الذي يقف وراءها غير معروف نسبيًا خارج الصين. كما أن فريق ليانغ، الذي يضم خريجين شباب من بعض الجامعات الرائدة في البلاد، غير معروف أيضًا.
يتكون الفريق من أقل من 140 شخصًا، وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية الصينية، على الرغم من أن ورقة بحثية حول أحدث نموذج استدلال R1 الخاص بها ادرجت نحو 200 مساهم. لم تتمكن شبكة “سي إن بي سي” من تأكيد الحجم الرسمي للفريق.
وفقًا لمصادر مطلعة على الشركة، أنه باستثناء مطوري التكنولوجيا الأساسية، شاركت شركة ديب سيك في الغالب فريق الإدارة العليا وموظفي العمليات وقسم الموارد البشرية والمحاسبين الماليين في شركتها الأم هاي فلاير.
بروفايل:
ولد ليانغ في عام 1985 في مدينة زانجيانغ في إقليم غوانغدونغ. كان والديه معلمين في المدرسة الابتدائية. تلقى ليانغ تعليمه في جامعة تشجيانغ، وحصل على بكالوريوس الهندسة في مجال المعلومات الإلكترونية في عام 2007 وماجستير الهندسة في هندسة المعلومات والاتصالات في عام 2010. كانت أطروحته للماجستير بعنوان «البحث في خوارزمية تتبع الهدف استنادًا إلى كاميرا PTZ منخفضة التكلفة»، اشرف على اطروحته البروفيسور شيانغ تشيو.
شكل ليانغ في عام 2008، فريقًا مع زملائه لجمع البيانات المتعلقة بالأسواق المالية. كما قاد الفريق لاستكشاف التداول الكمي باستخدام تعلم الآلة وتقنيات أخرى. كان هذا خلال ذروة الأزمة المالية عامي 2007 و2008. بعد تخرجه، انتقل ليانغ إلى شقة رخيصة في تشنغدو بمقاطعة سيتشوان، حيث جرب طرق تطبيق الذكاء الصناعي في مجالات مختلفة.
فشلت هذه المشاريع، حتى حاول تطبيق الذكاء الصناعي في مجال التمويل. في عام 2013، حاول ليانغ دمج الذكاء الصناعي مع التداول الكمي وأسس شركة هانغتشو ياكيبي لإدارة الاستثمارات المحدودة مع شو جين، خريج جامعة تشجيانغ. في عام 2015، شاركا في تأسيس شركة هانغتشو هوانفانغ للتكنولوجيا المحدودة، والتي أصبحت اليوم شركة جيجيانغ جيوتشانغ لإدارة الأصول المحدودة. في فبراير 2016، شارك ليانغ واثنين من زملائه في الهندسة في تأسيس شركة نينغبو هاي فلاير لإدارة الاستثمار الكمي. اعتمد الفريق على الرياضيات والذكاء الصناعي لإجراء الاستثمارات.
في عام 2019، أسس ليانغ شركة هاي فلاير للذكاء الصناعي التي كانت مخصصة للبحث في خوارزميات الذكاء الصناعي وتطبيقاتها الأساسية. بحلول هذا الوقت، كان لدى هاي فلاير أكثر من 10 مليار يوان من الأصول قيد الإدارة. في 30 أغسطس 2019، ألقى ليانغ وينفنغ خطابًا رئيسيًا بعنوان «مستقبل الاستثمار الكمي في الصين من منظور المبرمج» خلال حفل توزيع جوائز جولدن بول، مما أثار نقاشات واسعة.
وأوضح ليانغ أن المعيار لتحديد ما إذا كان الاستثمار كميًا أو غير كمي يعتمد على ما إذا كان القرار يتخذ باستخدام أساليب كمية أو بواسطة أشخاص.
وأشار إلى أن الصناديق الكمية لا تعتمد على مديري محافظ لاتخاذ القرارات، بل تعتمد بشكل كامل على الخوادم. كما أكد أن مهمة هاي فلاير هي تعزيز كفاءة السوق الثانوي في الصين. في فبراير 2021، نُشر كتاب غريغوري زوكرمان « الرجل الذي حل السوق: كيف أطلق جيم سيمونز الثورة الكمية» .
كتب ليانغ مقدمة للطبعة الصينية من الكتاب حيث ذكر أنه كلما واجه صعوبات في العمل، فإنه كان يفكر في كلمات سيمونز «يجب أن تكون هناك طريقة لنمذجة الأسعار».
خلال عام 2021، بدأ ليانج في شراء آلاف وحدات معالجة الرسوميات من إنفيديا لمشروعه للذكاء الصناعي أثناء تشغيل هاي فلاير.اعتبر بعض المطلعين على الصناعة أن هذا التصرف غريبًا لملياردير يبحث عن هواية جديدة.
وأشار أحد شركاء ليانغ التجاريين إلى أنهم في البداية لم يأخذوه على محمل الجد، ووصفوا اجتماعهم الأول معه بأنهم رأوا رجلاً غريب الأطوار للغاية، بتسريحة شعر غير اعتيادية، ولم يكن قادرًا على التعبير عن رؤيته بوضوح.
ومع ذلك، قال ليانغ ببساطة إنه يريد بناء شيء ما سيكون بمثابة تغيير كبير في اللعبة، وهو ما اعتقد شركاؤه التجاريون أنه أمر يمكن تحقيقه فقط من قبل عمالقة مثل بايت دانس ومجموعة علي بابا. في مايو 2023، أعلن ليانج أن هاي فلاير ستسعى إلى تطوير الذكاء الصناعي العام وأطلقت ديب سيك.
خلال ذلك الشهر في مقابلة مع 36Kr، ذكر ليانغ أن شركة هاي فلاير استحوذت على 10000 وحدة معالجة رسومية من نوع إنفيديا A100 قبل أن تفرض الحكومة الأمريكية قيودًا على شريحة الذكاء الصنعي على الصين. وقد أرسى ذلك الأساس لـ ديب سيك للعمل مطورًا لنموذج لغوي كبير. كما ذكر أن ديب سيك يحصل على تمويل من هاي فلاير.
ويرجع السبب في ذلك إلى أن شركات رأس المال المخاطر كانت مترددة في توفير التمويل عندما تأسست شركة ديب سيك، حيث كان من غير المرجح أن تتمكن من تحقيق مخرج في فترة زمنية قصيرة.
وبما أن الهدف كان طويل الأمد، فقد بحثت شركة ديب سيك عن موظفين يتمتعون بالقدرة والشغف بدلاً من الخبرة. في يوليو 2024، أجرت 36Kr مقابلة أخرى مع ليانغ. وأوضح أنه عندما أُطلق ديب سيك V2 وتسبَّب في حرب أسعار الذكاء الصناعي في الصين، كان الأمر بمثابة مفاجأة كبيرة، حيث لم يتوقع الفريق أن تكون الأسعار حساسة إلى هذا الحد.
وأضاف أيضا أنه مع تطور الاقتصاد الصيني، ينبغي له أن يصبح تدريجيًّا مساهمًا بدلًا من أن يكون مجرد راكب مجاني. ما ينقص الابتكار في الصين ليس رأس المال، بل الافتقار إلى الثقة والمعرفة في تنظيم المواهب فيه.
لم تُعين شركة ديب سيك أي شخص مميز على وجه الخصوص، ويميل الموظفون إلى أن يكونوا متعلمين محليًا. عندما يتعلق الأمر بالتقنيات المبتكرة، فإن مناهج المصدر المغلق لا يمكنها إلا أن تؤخر الآخرين مؤقتًا عن اللحاق بالركب. في 20 يناير 2025، دُعي ليانغ لحضور الندوة مع الخبراء ورجال الأعمال وممثلي مجالات التعليم والعلوم والثقافة والصحة والرياضةالتي استضافها رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ في بكين.
وطُلب من ليانغ، باعتباره خبيرًا في الصناعة، تقديم آراء واقتراحات بشأن تقرير عمل الحكومة السنوي لعام 2024.
أصدرت شركة ديب سيك نموذج R1 ، وهو نموذج ذكاء صناعي مفتوح المصدر يحتوي على 671 مليار معلمة، إلى جانب نشر ورقة فنية مفصلة تشرح بنية ومنهجية التدريب الخاصة به.
بُني النموذج باستخدام 2048 وحدة معالجة رسومية من نوع إنفيديا H800 بتكلفة 5.6 مليون دولار، مما يُظهر نهجًا فعالًا في استخدام الموارد يتناقض بشكل حاد مع ميزانيات المليارات من الدولارات للمنافسين الغربيين.
بحلول 27 يناير، تفوق ديب سيك على شات جي بي تي ليصبح التطبيق المجاني رقم 1 في متجر تطبيقات آي أو إس في الولايات المتحدة. كما هبطت الأسهم الأمريكية بشكل حاد وخسرت السوق أكثر من تريليون دولار وسط حالة من الذعر بسبب ديب سيك.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال