السبت, 24 مايو 2025

“موديز”: دول الخليج تتجه نحو الائتمان الخاص والاستثمارات البديلة مع نمو أسواق رأس المال 

أصدرت وكالة موديز تقريرا بعنوان (Sector In-Depth: Capital Markets – Gulf) ، حللت خلاله العوامل الداعمة والمخاطر المحتملة لتوجّه المنطقة نحو الائتمان الخاص والاستثمارات البديلة، في ظل مواصلة مساعيها للابتعاد عن نموذج الاعتماد على النفط، حيث أظهرت أحدث المؤشرات أنّ أسواق رأس المال في دول مجلس التعاون الخليجي تواصل نموّها السريع، مدفوعة بالإصلاحات الهيكلية وتوسّع المشاريع الضخمة في المملكة وباقي بلدان المنطقة.

ووفقا للتقرير، شهدت القروض المصرفية في المملكة نمواً صافياً تخطّى 127 مليار دولار بين عامي 2021 و2023، في حين زادت الودائع في البنوك بنحو 70 مليار دولار فقط خلال الفترة ذاتها. ويؤدّي هذا الفارق إلى ما يُعرف بـ”فجوة التمويل المصرفي”، ما يدفع البنوك إلى إصدار سندات أساسية ومنها إصدارات من الفئة (AT1)، بالإضافة إلى اللجوء إلى خيارات أخرى كالتوريق عبر الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري.

وتتصدّر سوق الأسهم السعودية (تداول) المشهد بعد إدراجها في مؤشرات عالمية مثل MSCI وFTSE Russell للأسواق الناشئة خلال عامي 2019 و2020، ما أدى إلى تدفّق مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية.

اقرأ المزيد

كما أشار التقرير إلى أن المملكة أكبر اقتصادات الخليج تقود التغيير من خلال رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتطوير قطاعات العقارات والسياحة والترفيه والنقل، فضلاً عن التقنية المتقدمة. وتُقدَّر القيمة الإجمالية للاستثمارات التي تستهدفها المملكة بحوالي 3.3 تريليون دولار حتى عام 2030، مع تخصيص حصة تبلغ 40% من هذه الاستثمارات للقطاع الخاص.

ويقول أحد محللي الائتمان المشاركين في إعداد التقرير: “إنّ المشاريع الواسعة النطاق في السعودية، مثل مدينة نيوم والمناطق الاقتصادية الخاصة، تحتاج إلى مصادر تمويل متعددة تشمل السندات والصكوك والائتمان الخاص؛ وهي فرصة تاريخية أمام المؤسسات المحلية والدولية للحصول على موطئ قدم أعمق في سوق تمويل المشاريع”. (آريبيان بزنس)

وإلى جانب تحفيف قيود ملكية الأجانب (التي كانت لا تتجاوز 5% من إجمالي حقوق الملكية أواخر 2017)، سمحت المملكة للمستثمرين الأجانب المؤهلين بالوصول المباشر إلى الأسهم السعودية، إضافةً إلى تحرير قواعد الطرح العام الأولي.

يوضح التقرير، مشيراً إلى التوسّع الملحوظ في مشاركة الكيانات الأجنبية في السوق: “عند بداية الإصلاحات، كانت الحصة الأجنبية في البورصة السعودية نحو 10% فحسب. لكنها ارتفعت إلى أكثر من 12% من إجمالي الرسملة السوقية بحلول عام 2024”.  (آريبيان بزنس).

وفي دول خليجية أخرى، مثل الإمارات وقطر، تستمرّ الهيئات التنظيمية في توسيع نطاق التشريعات. وقد أُطلِقَت عدة مناطق حرة في أبوظبي ودبي، كسوق أبوظبي العالمي (ADGM) ومركز دبي المالي العالمي (DIFC) – تقدم إطاراً قانونياً أقرب إلى القانون الإنجليزي، وتوفر محاكم مستقلة وتشريعات مفصّلة للإعسار والتصفية. ويشير الخبراء إلى أنّ هذا النموذج يعزز ثقة الدائنين ويخلق بيئة أفضل للائتمان الخاص.

ويلقى الائتمان الخاص بحسب التقرير، أي التمويل غير المصرفي الموجَّه للشركات خارج نطاق الأسواق العامة، رواجاً استثنائياً في المنطقة. ففي حين قد تصل الأصول المُدارة عالميًا في فئة الائتمان الخاص إلى 3 تريليونات دولار بحلول عام 2028، يتوقع المحللون أن تستحوذ دول الخليج على حصة متنامية من هذه الكعكة.

ووفق ما جاء في التقرير: “أسهمت عوامل عدة في توسّع الائتمان الخاص، أهمها الاهتمام المتزايد من صناديق الثروة السيادية في أبوظبي والرياض، وتوجّه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى إيجاد بدائل أسرع وأقلّ تعقيداً من القروض المصرفية.”

ويذكر التقرير أنّ صفقات الائتمان الخاص تتركّز حالياً حول الإقراض المباشر والديون الثانوية، فيما تتزايد التوجهات نحو أدوات أكثر تخصصاً مثل التمويل المهيكل والديون المتعثرة وحلول الحالات الخاصة.

وتشير الأرقام إلى بروز شركات وصناديق عالمية مثل “Ares” و“Apollo” و”Blackstone” التي بدأت عقد شراكات مع كيانات خليجية، إضافةً إلى إعلان بعض الصناديق عن نيتها فتح مكاتب محلية في دبي وأبوظبي.

لا يمكن الحديث عن أسواق رأس المال الخليجية دون الإشارة إلى الدور المحوري الذي تؤديه صناديق الثروة السيادية، على غرار صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF)، وجهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA)، ومبادلة، وجهاز قطر للاستثمار (QIA). فهذه الصناديق توفّر سيولة ضخمة وتخلق عمقاً في الأسواق، فضلاً عن تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب.

وعلى الرغم من الصورة الإيجابية، ينبه التقرير إلى جملة عراقيل قد تؤثر على سرعة النمو واستدامته. وتشمل هذه العقبات: التشريعات الضريبية والاختلاف في أطر المعاملة بين المستثمرين المحليين والأجانب، صعوبة توريق الديون بسبب نقص اليقين القانوني حول حقوق الدائنين وآليات الإفلاس، التقلبات المحتملة في أسعار النفط، ما قد يغيّر أولويات الإنفاق الحكومي ويؤثر على ثقة المستثمرين، والتوترات الجيوسياسية في بعض المناطق، مع احتمال تعرّض الاستثمارات طويلة الأجل للخطر.

يخلُص التقرير إلى أنّ دول مجلس التعاون الخليجي تملك الفرصة لبناء قطاع مالي متطوّر ومتنوّع، قادر على استيعاب طفرة الائتمان الخاص والاستثمارات الأجنبية المتزايدة. ومع توافر الرؤية الاستراتيجية في السعودية، أكبر سوق في المنطقة، والإرادة السياسية لدى الإمارات وقطر لتوسيع البنية التحتية المالية، تبدو آفاق الأسواق إيجابية للسنوات المقبلة.

يختم التقرير بتفاؤل حذر: “المطلوب الآن هو مواءمة أكبر للأنظمة التشريعية والاقتصادية، مع تكثيف الجهود لجذب المؤسسات المالية العالمية وصناديق الاستثمار البديل، ورفع مستوى الشفافية وحماية الدائنين. بذلك، سيكون بمقدور الأسواق الخليجية تحقيق قفزة نوعية تُرسّخ مكانتها كمركز مالي عالمي.”

ذات صلة



المقالات