الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أكدت وكالة ستاندرد آند بورز أن 70% من نمو الائتمان المصرفي في السعودية خلال العامين الماضيين كان مدفوعًا بالإقراض للشركات، وهو ما يرتبط بشكل وثيق بتحقيق رؤية 2030. وأوضحت زينة نصرالدين، مستشارة الخدمات المالية في الوكالة، أن نمو القروض فاق نمو الودائع خلال السنوات الأربع الماضية، ما أدى إلى تجاوز نسبة القروض إلى الودائع 100%، مما دفع البنوك إلى الاقتراض الخارجي لدعم عمليات التمويل المحلية. وعلى الرغم من هذا التحول، أكدت نصرالدين أن الديون الخارجية لا تزال تشكل نسبة منخفضة لا تتجاوز 1%، مع توقعات بألا تتجاوز 5% خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة.
وأشارت نصرالدين، خلال جلسة نقاشية حول توقعات الائتمان في السعودية التي نظمتها ستاندرد آند بورز، إلى أن مقارنة التجربة السعودية مع دول أخرى مثل قطر خلال تحضيراتها لكأس العالم 2022، توضح أن حجم الدين الخارجي في السعودية أقل بكثير. وأضافت أن النمو في المملكة يتركز بشكل أساسي على الإقراض للشركات والأفراد، خاصة في قطاع الرهن العقاري، ومن المتوقع أن تستمر البنوك في الاقتراض الخارجي لدعم نمو الودائع وإعادة تمويل التزاماتها. كما توقعت أن يسهم التوسع المحتمل لسوق الرهن العقاري الثانوي في تحسين هيكل ميزانيات البنوك، مما يمكنها من تقديم قروض جديدة تدعم تحقيق أهداف رؤية 2030.
من جهتها، قالت زهبية غوبتا، المديرة المشاركة في تصنيفات الديون السيادية بـ ستاندرد آند بورز، إن التصنيف الائتماني للسعودية شهد تحسنًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث تم رفع التصنيف السيادي للمملكة في 2023 بدرجة واحدة، مما يعكس تحسن آفاق النمو الاقتصادي، وتعزيز الإصلاحات المؤسسية، وتوسع أسواق رأس المال المحلية.
وأضافت غوبتا أن السعودية كانت مصنفة عند AA- لفترة طويلة، ولكن مع انخفاض أسعار النفط في 2014، ارتفع العجز المالي إلى 16% من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2015-2016، ما أدى إلى تخفيض التصنيف ثلاث درجات إلى A-. ومع ذلك، فإن الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية والتوسع في الاستثمارات غير النفطية حسّنت من النظرة المستقبلية للاقتصاد السعودي.
وأكدت أن النفط لا يزال يشكل 30% من الناتج المحلي الإجمالي السعودي، إلا أن الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد تدفع نمو قطاعات السياحة، الطاقة المتجددة، والتصنيع. وعلى الرغم من التحديات، من المتوقع أن يرتفع العجز المالي إلى أكثر من 4% خلال السنوات الأربع المقبلة، مقارنة بـ 2.8% في 2024، نتيجة انخفاض الإيرادات النفطية وزيادة الإنفاق على المشاريع الكبرى.
وفيما يتعلق بالأسواق العالمية، أكدت غوبتا أن السعودية قادرة على إدارة التحولات في قطاع الطاقة بفضل احتياطاتها الضخمة وانخفاض تكلفة الإنتاج، بالإضافة إلى الاستثمارات المتزايدة في التعدين، الخدمات المالية، والبنية التحتية. كما توقعت أن يظل التصنيف الائتماني مستقرًا طالما أن الحكومة مستمرة في تحقيق نمو مستدام في القطاع غير النفطي، وتعزيز الاستثمار الأجنبي، والحد من العجز المالي.
أما الدكتور محمد داماك، المدير العام ورئيس قطاع التمويل الإسلامي في ستاندرد آند بورز، فقد أشار إلى أن البنوك السعودية بدأت في توسيع قاعدة الديون الخارجية، ما أدى إلى تحول في صافي وضع الأصول الخارجية ليصل إلى عجز بقيمة 9 مليارات دولار في 2024، مقارنة بالفوائض السابقة. ومع ذلك، أكد داماك أن هذا لا يشكل مخاطر كبيرة على استقرار البنوك.
وأضاف أن إحدى الأدوات التي يمكن أن تساعد في تعزيز سوق التمويل العقاري او التوريق العقاري، حيث توجد إمكانيات كبيرة لتطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري ، من المتوقع أن تتحسن هذه الظروف، مما قد يؤدي إلى تطوير سوق تمويل ثانوي قوي للرهون العقارية، ما يعزز قدرة البنوك على إعادة تمويل محافظها العقارية بكفاءة أكبر.
وعن التوجهات المستقبلية للاقتصاد السعودي اكد داماك الى تراجع الاعتماد على النفط تدريجيًا، لكنه لا يزال يمثل أكثر من 60% من الإيرادات الحكومية. مع انخفاض أسعار النفط إلى 70 دولارًا للبرميل وتأثير ذلك على توزيعات أرباح أرامكو، يُتوقع أن يرتفع العجز المالي إلى أكثر من 4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المقبلة.
وأشار الى ان المملكة تستثمر في البنية التحتية والمشاريع الكبرى، مثل نيوم وإكسبو 2030، مما يعزز النمو في قطاعات السياحة، الخدمات المالية، الطاقة المتجددة، والتعدين. ومع ذلك، فإن استدامة هذا النمو تتطلب تعزيز مشاركة القطاع الخاص وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.
البنوك السعودية تعيد هيكلة استراتيجيات التمويل عبر تحويل بعض القروض إلى أدوات توريق، مما يساعدها على تحرير ميزانياتها لتمويل مشاريع جديدة. ومع تحسن الإطار القانوني والتنظيمي، قد نشهد توسعًا في استخدام الأوراق المالية المدعومة بالأصول العقارية.
واكد ان معدلات الديون الخارجية لا تزال منخفضة نسبيًا، ومن غير المتوقع أن ترتفع بشكل مفرط كما حدث في بعض الدول الأخرى خلال مراحل التنمية الكبرى. ومع ذلك، يجب على البنوك السعودية تطوير نماذج تمويل أكثر استدامة لتجنب الاعتماد الزائد على الاقتراض الخارجي.
واكد المتحدثين على أن الاقتصاد السعودي يسير في اتجاه إيجابي نحو التنويع وتقليل الاعتماد على النفط، مع استمرار تحسن بيئة الاستثمار وتنفيذ مشاريع ضخمة تدعم رؤية 2030. ومع ذلك، فإن إدارة المخاطر المالية، وتعزيز التمويل المستدام، ودعم سوق الرهن العقاري ستكون عوامل رئيسية في الحفاظ على استقرار الاقتصاد على المدى الطويل.
وكانت رفعت وكالة التصنيف الائتماني “ستاندرد آند بورز” (S&P) خلال الاسبوع الجا ري تصنيف المملكة الائتماني بالعملات المحلية والأجنبية إلى “A+” مع نظرة مستقبلية “مستقرة”. وأوضحت الوكالة في تقريرها بأن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني مع نظرة مستقبلية مستقرة، يأتي نتيجة لتقدم المملكة المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة وتطوير سوق رأس المال المحلي، مما يوازن بين مخاطر ارتفاع الدين السيادي الخارجي المستثمر في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 وتكاليف خدمة الديون.
كما أشادت الوكالة بحراك المملكة نحو تحفيز الاستثمار، والذي سيعزز نمو القطاع غير النفطي، كما يعزز مرونة الاقتصاد على المدى المتوسط. ونتيجة لذلك، تتوقع “ستاندرد آند بورز” أن يبلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 4% خلال الفترة 2025-2028م. كما توقعت الوكالة بأن يبلغ متوسط عجز الميزانية العامة للدولة 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال ذات الفترة، وذلك نتيجة للإنفاق التحولي الذي يسهم في دفع عجلة التنويع الاقتصادي، بالإضافة إلى توقعها بأن تحافظ المملكة على وضع جيد لصافي الأصول الخارجية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال