الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في الوقت الذي أظهرت فيه أحدث بيانات وزارة العمل الأمريكية حدوث تراجع في معدلات التضخم الشهر الماضي، إلا أن هذه الأرقام قد لا تكون مطمئنة بصورة كافية للشركات والمستهلكين وصناع القرار في مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي في الولايات المتحدة)، لما يمكن أن تؤدي له التعريفات الجمركية من ارتفاع الأسعار لبعض السلع في الأشهر المقبلة، وذلك وفقا لما ذهبت إليه صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.
وأفادت وزارة العمل أن أسعار المستهلك ارتفعت بنسبة 2.8% في فبراير مقارنة بالعام السابق، وذلك في انخفاض من 3%، النسبة التي كانت عليها في يناير الذي سبقه. كما جاءت أسعار المستهلك أقل من التوقعات، حيث كانت التوقعات عند 2.9%.
وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني الغذاء والطاقة، إلى 3.1%، وهو ما يعد الأدنى قراءة سنوية منذ عام 2021. ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن التضخم الأساسي هو ما يراقبه الاقتصاديون، سعيا منهم لفهم الاتجاه طويل الأمد أو الأساس الذي يقف وراء ظاهرة التضخم، بعيدا عن التقلبات المؤقتة أو العوامل القصيرة الأجل.
إلا أن “وول ستريت جورنال”، لفتت في تقرير لها، إلى تحذيرات أطلقها محللون من أن قراءة التضخم المشجعة ليست بالكافية لتعويض ما يخلفه الغموض والضبابية التي تسببها الرسوم الجمركية. وزادت الصحيفة أن صناع القرار في البنك المركزي الأمريكي قد لا يكونوا مطمئنين لهذه البيانات كما كان يأمل المستثمرين، إذ أن البيانات تشير إلى أن التضخم لا يزال أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2%.
بيد أن الصحيفة ذكرت أنه من غير المرجح أن تؤدي هذه البيانات إلى تغيير قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة، عندما يجتمع صناع السياسات الأسبوع المقبل.
وأوضحت أن الاحتياطي الفيدرالي يتبع مقياس أسعار منفصلا وهو مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي الذي تصدره وزارة التجارة، ونقلت الصحيفة تحذيرات من خبراء اقتصاديين بأن انخفاض قراءة التضخم الصادرة عن وزارة العمل قد لا ينطبق على قراءة وزارة التجارة. ويرجع ذلك إلى أن بعض البيانات التي تستخدمها وزارة التجارة تأتي من مصادر منفصلة.
ولفتت الصحيفة الى أن العقود الآجلة لأسعار الفائدة، الأدوات المالية المستخدمة للتنبؤ باتجاهات أسعار الفائدة المستقبلية والتحوط ضد تغيراتها، أظهرت أن فرص استئناف بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة بحلول اجتماعه للسياسة في يونيو المقبل، أصبحت أقل قليلا مما كانت عليه قبل صدور بيانات التضخم.
وأشارت إلى أنه في حال أبقت التعريفات الجمركية التضخم مرتفعا، فإنها قد تحد من قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة بسرعة عند أي علامات على ضعف الاقتصاد، لأن صناع السياسات قد يخشون أن تؤدي محاولاتهم لمنع أي تباطؤ محتمل إلى زيادة الضغوط التصاعدية على التضخم.
وذكرت “وول ستريت جورنال” أن الرسوم الجمركية ليست هي المشكلة الوحيدة التي تثير القلق بشأن التضخم، فهناك تفكير الناس وتوقعهم للتضخم، موضحة أنه عندما بدأ التضخم بالارتفاع بشكل حاد في عامي 2021 و2022، لم ترتفع مؤشرات توقعات التضخم لدى الناس كثيرا، حيث كان ذلك خبرا سارا للاحتياطي الفيدرالي.
وزادت أنه عندما يتوقع الناس والشركات المزيد من التضخم، يمكنهم الضغط لزيادة الأجور والأسعار قبل حدوثها، وهو ما قد يتحول إلى نبوءة ذاتية التحقق. وقد يؤدي ذلك إلى خلق تحديات إضافية أمام بنك الاحتياطي الفيدرالي، وخاصة في ظل كل الأخبار المتعلقة بالتعريفات الجمركية.
ونقلت الصحيفة عن كارولا بايندر، الخبيرة الاقتصادية في جامعة تكساس، أن أسعار المواد الغذائية، شأنها شأن أسعار البنزين، شديدة التقلب، ولذلك تستبعد من مقاييس التضخم الأساسية. ولكن قد تلعب أيضا دورا بالغ الأهمية في تفكير الناس بشأن التضخم. وأضافت: “يعرف الناس السعر الذي اعتادوا دفعه، لذا فإن تغيرات الأسعار واضحة جدا”.
وأردفت بايندر أنه بعد أن مر المستهلكون مؤخرا بهذه الموجة الكبيرة من التضخم، سيكونون أكثر وعيا بالوضع. وسيصعب إقناعهم بأن أي زيادات في الأسعار، والتي يصفها صانعو السياسات بأنها مؤقتة، هي في الواقع مؤقتة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال