الثلاثاء, 29 أبريل 2025

“ستاندرد آند بورز”: السعودية تمتلك احتياطيات معدنية بقيمة 9.4 تريليون ريال بزيادة 90% عن 2016

أكد تقرير صادر عن وكالة ستاندرد آند بورز إلى أن المملكة العربية السعودية تمتلك موارد معدنية ضخمة غير مستغلة، إذ من المتوقع أن تصل قيمة هذه الاحتياطات إلى 9.375 تريليون ريال بحلول عام 2025، بزيادة 90% عن قيمتها في عام 2016 البالغة 5 تريليون ريال، وذلك للعناصر الأرضية النادرة والمعادن الانتقالية المكتشفة حديثا، إضافة إلى الزيادات الكبيرة في احتياطات الفوسفات والمعدن الخام والنحاس والزنك والذهب.

ويرجح التقرير، أن التقدم في تقنيات الاستكشاف، مثل رسم الخرائط الجيومكانية المدعمة بالذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الرقمية، في تعزيز كفاءة وقوة تقييم الموارد، يؤدي إلى تحسين تخصيص الموارد وتسريع تنفيذ المشاريع وزيادة الإنتاجية في القطاع.

يعتمد قطاع التعدين والمعادن في المملكة إلى حد كبير على الكيانات المملوكة للدولة، التي تمثل ركيزة أساسية لاستراتيجية تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط. وتعد شركة التعدين العربية السعودية (معادن) المشغل الرئيسي للقطاع، وهي من أكبر شركات التعدين عالميًا.

اقرأ المزيد

وتتوزع الموارد على محفظة متنوعة لشركة التعدين العربية السعودية “معادن” تشمل الفوسفات، الألمونيوم، الذهب، والمعادن الأساسية، ينتج قسم الذهب حوالي 450 ألف أونصة سنويًا، كما تقدر عمليات الفوسفات بنحو 6.5 مليون طن متري سنويًا.

وبحسب تقرير سنوي للعام 2024، حققت شركة معادن إيرادات موحدة بلغت نحو 32 مليار ريال (8.5 مليار دولار)، مع أرباح بلغت نحو 11 مليار ريال (3 مليارات دولار)، قبل احتساب الفوائد والضرائب والإهلاكات وإطفاء الدين.

وأشارت الوكالة في توقعاتها بخصوص قطاع المعادن والتعدين على مستوى العالم أن تكون سلبية إلى حد ما، وتواجه شركات المعادن والتعدين ضغوطا مستمرة في التكلفة بسبب تراجع أصناف الخام ومتطلبات إعادة الاستثمار المرتفعة، إذ رغم بقاء أسعار المنتجين وتكاليف المدخلات مرتفعة، فقد تعرضت الأرباح الإجمالية والتدفقات النقدية لضغوط منذ الارتفاع في التضخم خلال الفترة 2021-2022.

وترى الوكالة أنه رغم ذلك، يبقى الطلب على المعادن قويا وتتوقع أن تصبح الأصول الملموسة – بما في ذلك المناجم والمصانع والمطاحن ومصاهر المعادن والميزانيات العمومية القوية أكثر أهمية للتخفيف من المخاطر، مثل الاضطرابات التنظيمية وقيود التدفق النقدي.

وفي افتراضاتها الرئيسية تتوقع أن تظل أسعار المعادن مستقرة في ظل الظروف الاقتصادية المعاكسة وأن تعطي الشركات الأولوية للانضباط المالي وهذا، إلى جانب انخفاض مستويات الديون على مدار عقد وعمليات الاندماج والاستحواذ المحدودة، سيساعد في الحفاظ على جودة الائتمان، على الرغم من التقلبات

ويوضح التقرير أن السعودية تخالف الاتجاه العالمي للتعدين، حيث قد تساعد الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها المملكة والموارد الضخمة التي تمتلكها في تعويض ضغوط التكلفة المستمرة ودعم مرونة الأوضاع الائتمانية لشركات المعادن والتعدين المحلية الرائدة، وعلى عكس بعض نظيراتها العالمية تستفيد بعض أكبر شركات المعادن والتعدين السعودية من الدعم الحكومي القوي، والأطر التنظيمية الجديدة – مثل نظام الاستثمار التعديني والاستثمارات الرأسمالية الكبيرة التي تقودها الحكومة في المشاريع الضخمة والبنية التحتية المحلية.

مع توقعات أن تؤدي هذه المبادرات إلى تحفيز الطلب المحلي على المعادن، وتقليص الاعتماد على الواردات، وتحسين الكفاءة التشغيلية للقطاع بمرور الوقت. وستعمل هذه الاستثمارات أيضا على دعم قدرة قطاع المعادن والتعدين المحلي على تلبية الطلب العالمي المتزايد، خاصة على الفلزات الأساسية والمعادن، إذ تتمتع المملكة باحتياطيات كبيرة من الفلزات والمعادن التي يحتاجها العالم بكميات كبيرة في المستقبل. معتبرة المعادن الأساسية – بما في ذلك النحاس والنيكل والليثيوم – ضرورية للتحول في مجال الطاقة، في حين تعتبر المعادن مثل الأسمدة الفوسفاتية، ضرورية لسلامة الغذاء.

ويشير التقرير إلى كون المملكة تشهد المملكة تحولاً اقتصاديًا كبيرًا في ظل رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليص اعتماد البلاد التاريخي على قطاع المحروقات، خاصة النفط والغاز. وتستهدف الاستثمارات العامة والخاصة تطوير قطاعات مثل السياحة والتصنيع والطاقة الخضراء والتعدين. ومنذ انطلاق رؤية المملكة 2030 في عام 2016 ، ارتفعت مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية بوتيرة مطردة خلال الفترة 2015 – 2024.

ويتوقع التقرير أن يؤدي الزخم المستمر في استثمارات رؤية المملكة 2030 والنشاط المرتبط بها في قطاعات البناء والخدمات اللوجستية والتصنيع المحلي والتعدين إلى تحقيق نمو رئيسي في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 64% في المتوسط خلال الفترة 2025 – 2028، كما يفيد أن الحكومة السعودية تسعى إلى استثمار 40 مليار دولار سنويًا في مشاريع محلية عملاقة عبر صندوق الاستثمارات العامة. ومع ارتفاع الاستثمارات في البنية التحتية والتصنيع، متوقع أن يشهد الطلب المحلي على المعادن ارتفاعا ملحوظا.

وتهدف المبادرات الحكومية، مثل استثمار ما يقرب من 29 مليار ريال (7.7 مليار دولار) في مشروع وعد الشمال، مع التركيز على الفوسفات وخطة تمويل بقيمة 100 مليار دولار تستهدف المعادن الحيوية بحلول عام 2035، إلى تقليل الاعتماد على الواردات وتحفيز الإنتاج المحلي وتعتبر هذه الإجراءات التمويلية ضرورية لدعم النمو الداخلي للمملكة العربية السعودية، وبالتالي تنويع اقتصادها.

ويعد التوسع الصناعي المحلي أمرًا أساسيا لزيادة الطلب المحلي على المعادن، وبحسب التقرير، يمكن للمشاريع العملاقة – مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية وروشن والدرعية وغيرها – أن تعمل على إجراء تحول في المشهد الحضري في المملكة العربية السعودية وتعزيز الطلب على مواد البناء والمعادن عالية القيمة. على سبيل المثال، من المتوقع أن تؤدي التجمعات الصناعية المتكاملة في نيوم، وتركيز مشروع القدية على قطاعات مثل الترفيه والسفر والسياحة والمرافق والضيافة والنقل، إلى زيادة الاستهلاك المحلي على الصلب والألمنيوم والنحاس.

وتهدف هذه المشاريع التي تستفيد من التمويل والاستثمارات في البنية التحتية، إلى خفض تکالیف استيراد البلاد للمعادن (بما في ذلك الحديد والصلب والأحجار الكريمة وشبه الكريمة)، من خلال إنشاء سوق محلية قوية للفلزات والمعادن وبلغت تكاليف الاستيراد ما بين 20 – 24 مليار دولار في عام 2024، بحسب الهيئة العامة للإحصاء.

ويستفيد قطاع المعادن والتعدين في المملكة أيضًا من الموقع الجغرافي للبلاد، حيث يمثل قربها من أسواق مهمة في أوروبا وآسيا وأفريقيا ميزة تنافسية. مع ذلك، فإن التطور واسع النطاق للقطاع يعتمد على تنفيذ لوائح واضحة وقابلة للتنبؤ، لا سيما فيما يتصل بالانفتاح في العقود الدولية، أو سهولة شراكة المستثمرين الأجانب مع الشركات المحلية والكيانات الحكومية للحصول على الموارد والخبرة والمعرفة بالسوق.

ويضيف التقرير، أن المملكة تملك موارد معدنية وتعدينية هائلة، ولكنها غير مستغلة حتى الآن، إذ تشير التقديرات الحالية إلى أن قيمة هذه الاحتياطيات تبلغ نحو 9.375 تريليون ريال (2.5 تريليون دولار)، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 90% مقارنة بتقديرات عام 2016 التي بلغت 5 تريليون ريال 1.3 تريليون دولار). وهذه التقديرات الإضافية تشتمل على عناصر أرضية نادرة ومعادن انتقالية مكتشفة حديثا، إلى جانب الزيادات الكبيرة في احتیاطیات خام الفوسفات والنحاس والزنك والذهب.

إذ تحتضن المنطقة الغربية من المملكة – التي يهيمن عليها الدرع العربي والسهل الساحلي للبحر الأحمر والحقول البركانية – معظم مناجم البلاد، في حين أن المنطقة الشمالية غنية برواسب الفوسفات وتوفر هذه المزايا الجيولوجية أساسا متينا لأنشطة الاستكشاف والإنتاج المستقبلية.

ذات صلة



المقالات