الثلاثاء, 8 أبريل 2025

فيما تتجه الولايات المتحدة الى وضع خطة لإنشاء صندوق سيادي أمريكي اقتداءا بـ PIF

بعد ان وصفه ترمب بأنه (مصدر إلهام) .. ورقة بحثية لـ «ستانفورد» الامريكية توصي بـ 4 دروس مستفادة من صندوق الاستثمارات العامة السعودي 

اقرأ المزيد

كشفت ورقة بحثية حديثة صادرة عن مؤسسة ستانفورد الامريكية أن الرئيس الامريكي دونالد ترمب وقع في 2 فبراير الماضي أمراً تنفيذياً بقيام الحكومة الفيدرالية بوضع خطة لإنشاء صندوق سيادي أمريكي جديد على غرار صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي اعتبره مصدر إلهام ومعرباً عن طموحه لمضاهاة حجم استثمارات وتأثير الصندوق السعودي، فيما خلصت الورقة إلى 4 دروس هامة وملهمة من صندوق الاستثمارات السعودي اوصت بالاستفادة منها.
واوضحت الورقة التي حملت عنوان “صندوق سيادي أمريكي جديد: التطوير والتنويع والأداء”، أن الأمر التنفيذي الصادر من الرئيس الأمريكي اعطى الحكومة الفيدرالية فترة 90 يوماً لتقديم خطة شاملة لإنشاء الصندوق الجديد على أن تتضمن الخطة آليات التمويل، واستراتيجيات الاستثمار، وهيكل الصندوق، ونموذج حوكمته، بالإضافة إلى تقديم تقييم للاعتبارات القانونية لإنشاء وإدارة الصندوق وما يحتاج إنشاءه من تشريع جديد.
وقدمت الورقة البحثية صندوق الاستثمارات العامة السعودي كدراسة حالة ومصدرا للإلهام، مشيرة إلى أنه منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 قامت المملكة بإعادة تنشيط صندوق الاستثمارات العامة ليبرز كواحد من أكبر صناديق الثروة السيادية وأكثرها أهمية استراتيجية في العالم، ومُحركاً لخطة المملكة الطموحة للتنويع الاقتصادي. ففي غضون فترة زمنية قصيرة أصبح الصندوق  أداةً حاسمة لتحويل الاقتصاد السعودي بعيدا عن الاعتماد الكبير على عائدات النفط، ليقدم نموذجا ناجح في كيف يُمكن لصندوق سيادي أن يُحفز بفعالية التحول الاقتصادي على المستوى الوطني.
وأشارت الورقة البحثية إلى أن هناك 4 دروس هامة تم استخلاصها من دراسة حالة الصندوق السيادي السعودي يمكن الاستفادة منها، الأول أن جزء كبير من الدافع وراء تمكين صندوق الاستثمارات العامة على مدى العقد الماضي يُعزى إلى رغبة قيادته في فصل قرارات الاستثمار طويلة الأجل عن عملية صنع القرار البيروقراطية، وتعزيز الاستثمارات الرأسمالية والاستراتيجية الحيوية بالتعاون مع القطع الخاص، مؤكدة على أهمية أن يسير الصندوق السيادي الامريكي الجديد على هذا النهج من خلال ضرورة بناء ثقة المستثمرين وتشجيع الاستثمارات المشتركة مع القطاع الخاص مما يُبدّد الشكوك التي غالباً ما تُصاحب التدخلات الحكومية في السوق والسياسات الصناعية.
أما الدرس الثاني فهو الالتزام بالجدوى التجارية من الاستثمارات، ففي الوقت الذي يدعم فيه صندوق الاستثمارات العامة السعودي صراحة أهداف التنمية الوطنية للمملكة – وخاصةً التنويع الاقتصادي – يُعطي الأولوية للعوائد المالية المرتفعة وقرارات الاستثمار الموجهة نحو السوق مع ضمان تحقيق أقصى قدر من النتائج المالية الإيجابية مما رسخ مكانته كشريك فعّال للمستثمرين من القطاعين الخاص والمؤسسات، مشيرة إلى أنه يمكن للولايات المتحدة الامريكية، بالمثل، التركيز على الأهداف التجارية والأداء المالي، مع تعزيز الاستثمارات الاستراتيجية في البنية التحتية، والطاقة المتجددة، والتصنيع المتقدم، والتقنيات الناشئة.
وحول الدرس الثالث المستخلص من دراسة حالة صندوق الاستثمارات العامة أوضحت الورقة البحثية أن الموائمة التي تمت بين أهداف الصندوق وأهداف المملكة الأوسع في مجال البيئة والاستدامة، من خلال تخصيص استثمارات كبيرة لتحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفرية، حيث يقوم صندوق الاستثمارات العامة بدورا محوريا في استراتيجية المملكة لتحقيق صافي الانبعاثات الصفرية – التي تعد تحوّل طموح للغاية للاقتصاد السعودي -، من خلال تمويل مشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق والمبادرات المستدامة المصممة لتحويل الاقتصاد نحو نموذج أكثر استدامة، وبالتالي يمكن للصندوق الأمريكي أن يتولى مشاريع تحول طموحة مماثلة، مثل دفع عجلة عودة التصنيع المحلي أو ضمان استقلال قطاع الطاقة.
أما الدرس الرابع المستخلص فهو ضمان الإدارة المالية المنضبطة للمملكة استثمار الإيرادات غير المتوقعة (مثل تلك الناتجة عن السلع أو مبيعات الأصول) بشكل ثابت في مشاريع طويلة الأجل بدلاً من النفقات قصيرة الأجل، مؤكداً أن من شأن مستوى مماثل من الانضباط المالي أن يفيد الولايات المتحدة من خلال تعزيز ممارسات الاستثمار المستدام ومصادر التمويل للصندوق السيادي الامريكي الجديد، وإدارة التقلبات بفعالية، وتحقيق الاستقرار المالي طويل الأجل.
ووفقاً للورقة البحثية يهدف الصندوق السيادي الأمريكي الجديد إلى تحقيق مجموعة كبيرة من أهداف صناديق الثروة السيادية مثل: إدارة الثروة الوطنية، وخفض الأعباء الضريبية، وضمان الاستقرار الاقتصادي، وتحقيق التوازن بين الأجيال، وتعزيز الريادة الاقتصادية والاستراتيجية الأمريكية عالميا، حيث أشارة إدارة ترمب خلال حفل التوقيع الرسمي على الامر التنفيذي أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) يُمثل مصدر إلهام ومعيارا أساسياً للصندوق السيادي الامريكي.
ونقلت الورقة عن الرئيس ترمب أمله في أن يتجاوز صندوق الثروة السيادية الأمريكي الجديد في نهاية المطاف حجم وتأثير صندوق الاستثمارات العامة السعودي، قائلاً: “في النهاية، سنلحق به”.
وعلقت الورقة البحثية بأن إشارة الرئيس ترمب إلى صندوق الاستثمارات العامة السعودي تُعدّ نقطة انطلاق قيّمة للنظر في كيفية تصميم وإدارة صندوق ثروة سيادي أمريكي جديد، مع ضرورة مراعاة الاختلافات الجوهرية بين اقتصادَي الولايات المتحدة والسعودية وهياكل الحوكمة فيهما.
وبين التقرير أن هناك تكهن من بعض المحللين بأن الصندوق السيادي الامريكي الجديد قد يُنافس صناديق ثروة سيادية دولية بارزة أخرى (مثل تلك الموجودة في النرويج وسنغافورة وأبوظبي والصين)، لتفويضه الصريح بخدمة “مصلحة المواطنين الأمريكيين فقط”.
وقدمت الورقة البحثية مجموعة مختارة من المبادئ وأفضل الممارسات لإرساء حوكمة وتمويل وإدارة فعّالة لصناديق الثروة السيادية وصناديق التنمية المستدامة، مستهدفه أن تُقدّم هذه المبادئ توجيهاتٍ قبل الخطة التفصيلية المقرر إصدارها في مايو من قِبل وزارتي التجارة والخزانة الأمريكيتين، مشيرة إلى أن مصادر تمويل الصندوق ووضعت احتمالات ومنها (الجمرك) والاصول الحكومية الامريكية المقدرة ٥.٧ ترليون دولار.
ورجحت الورقة أن تُصبح الولايات المتحدة الامريكية لاعبا رئيسيا في مشهد صناديق الثروة السيادية العالمي، مع توفير فرصٍ لصناديق الثروة السيادية وغيرها من المستثمرين طويلي الأجل لمتابعة استثمارات استراتيجية في السوق الأمريكية من خلال الشراكات.
واوضحت الورقة انه استنادا إلى بحث حول صناديق التنمية المستدامة الأخرى، قد تكون الوظيفة الأساسية لهذا الصندوق الجديد هي العمل كمستثمر مشارك موثوق في الاقتصادات الفرعية والصناعات الأمريكية الصعبة، مما يُؤكد على ضرورة أن يُظهر هذا الصندوق الجديد حوكمةً وإدارةً وعملياتٍ استثنائية.

ذات صلة



المقالات