الثلاثاء, 15 أبريل 2025

شبكة CNBC الأمريكية: إعفاء جمركي ينقذ عمالقة التقنية الأمريكيين من كارثة اقتصادية

ذكرت شبكة “سي إن بي سي” الأمريكية أن قرار إدارة الرئيس دونالد ترمب بإعفاء الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وغيرها من الأجهزة الإلكترونية من الرسوم الجمركية المتبادلة مع الصين، يعد بمثابة انتصار كبير لشركات التقنية، وفي مقدمتها شركة “آبل” التي تصنع معظم منتجاتها في الصين.

ونقلت القناة عن خبراء أن تطبيق هذه الرسوم كان يمكن أن يحدث كارثة حقيقية بالنسبة لشركات التكنولوجيا الكبرى، ويهدد سلاسل التوريد العالمية المرتبطة بالصناعات الإلكترونية الدقيقة.

وتعد الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر من بين العديد من الأجهزة والمكونات التقنية التي تم استثناؤها من الرسوم الجمركية المتبادلة، وفقا لتوجيهات جديدة صادرة عن هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية.

اقرأ المزيد

وتأتي هذه الخطوة بعد أن فرض الرئيس ترمب، في وقت سابق من هذا الشهر، رسوما جمركية بنسبة 145بالمئة على المنتجات القادمة من الصين، ضمن تصعيد جديد للحرب التجارية بين البلدين.

وتضمنت التوجيهات أيضا استثناءات واسعة شملت الأجهزة والمكونات الإلكترونية الأخرى، بما في ذلك أشباه الموصلات، الخلايا الشمسية، شاشات التلفزيون ذات اللوحة المسطحة، وحدات التخزين (الفلاشات)، وبطاقات الذاكرة.

ونقلت “سي إن بي سي” عن دان آيفز، الرئيس العالمي لأبحاث التكنولوجيا في شركة “ويدبوش سيكيوريتيز” للخدمات المالية، قوله إن القرار يعتبر سيناريو مثاليا لمستثمري قطاع التكنولوجيا، مشيرا إلى أن استبعاد الهواتف الذكية والرقائق الإلكترونية من الرسوم يمثل نقطة تحول كبرى عند الحديث عن التعريفات الجمركية على الصين.

وأضاف آيفز أن الرسوم كانت مصدر إزعاج وقلق منذ البداية لهذا القطاع، لأنه لا يوجد قطاع آخر كان سيتضرر أكثر من قطاع شركات التكنولوجيا الكبرى، مؤكدا أن الرؤساء التنفيذيين في هذا القطاع تحدثوا بصوت عال في النهاية، ما دفع البيت الأبيض إلى الاستماع وفهم خطورة الوضع الذي كان يمكن أن يتطور إلى كارثة اقتصادية حقيقية إذا تم تنفيذ القرار الجمركي دون استثناءات.

وأشارت القناة الأمريكية إلى أنه في الأيام التي أعقبت إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية، خسرت شركة آبل أكثر من 640 مليار دولار من قيمتها السوقية، ووفقا لبعض التقديرات، فإن سعر هاتف آيفون كان مرشحا للارتفاع إلى 3500 دولار أمريكي بموجب خطة ترامب الجمركية، ما كان سيضعف الطلب بشكل كبير.

من جانبها، أوضحت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن أجهزة آيفون تحتوي على مجموعة متنوعة من القطع المتطورة، يتم الحصول عليها من بلدان عديدة، ويتم تجميعها بشكل رئيسي في الصين، التي طورت قطاع تصنيع الإلكترونيات على مدى جيل كامل. وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة لا تمتلك منشآت صناعية تضاهي نظيراتها الصينية، كما لا تملك القوى العاملة الماهرة الكافية لتجميع أجهزة معقدة مثل آيفون بهذا الحجم والكفاءة.

ونقلت الصحيفة عن غاري جيريفي، الأستاذ الفخري في جامعة “ديوك” والمتخصص في دراسات التصنيع العالمي، أن جهاز آيفون يحتوي على أجزاء قادمة من أكثر من 40 دولة مختلفة، وتشمل المكونات الأكثر تعقيدا أجزاء من نحو ست دول.

كما أكد جيريفي أن العديد من هذه الأجزاء يصنع في الصين أو بالقرب منها، بما في ذلك تايوان، كوريا الجنوبية، واليابان، ما يمنح الصين ميزة القرب الجغرافي من مراكز التكنولوجيا المتقدمة.

ونوه إلى أن السبيل الواقعي الوحيد لنقل تجميع الآيفون إلى الولايات المتحدة هو إعادة هيكلة سلسلة التوريد العالمية بالكامل، بحيث يتم نقل بعض تصنيع المكونات الرئيسية إلى منطقة أمريكا الشمالية الأوسع، بما يشمل المكسيك وكندا، وربما بعض دول أوروبا الغربية. وأضاف أنه حتى في حال بدء عمليات التجميع في الولايات المتحدة خلال السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة، فإن العملية ستظل تعتمد على مكونات قادمة من آسيا أيضا، بسبب تعقيد الجهاز وتشابك سلاسل التوريد.

وذكرت الصحيفة أن محاولة شركة “آبل” في وقت سابق تصنيع جهاز “ماك برو” في الولايات المتحدة واجهت صعوبات كبيرة منذ البداية، كان أبرزها عدم توفر كميات كافية من بعض المكونات الأساسية مثل البراغي من موردين محليين. كما أوضح جيريفي أن الأمر لا يتعلق بالتمويل فقط، بل بالقدرة على بناء “نطاق وجودة” إنتاجية كبيرة. ووفقا لتقديراته، فإن تجهيز مشروع تصنيع أمريكي ضخم قد يتطلب من ثلاث إلى خمس سنوات من العمل المتواصل.

وتابعت الصحيفة نقلا عن تينغلونغ داي، أستاذ إدارة الأعمال بجامعة “جونز هوبكنز”، أن شراء معدات التصنيع ليس مستحيلا، ولكن توفير عدد كاف من الكوادر القادرة على تشغيلها يعد تحديا حقيقيا. وقال داي: “نحن نعاني من نقص حاد في العمالة، وقد فقدنا فن التصنيع على نطاق واسع”.

كما أشارت الصحيفة إلى تصريحات سابقة أدلى بها تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة آبل، في مقابلة مع مجلة “فورتشن” عام 2017، حيث أكد أن التصنيع في الصين لا يعود فقط إلى انخفاض الأجور، بل إلى توفر أدوات ومعدات تصنيع متقدمة جدا. وأضاف كوك: “المنتجات التي نصنعها تتطلب أدوات وتصنيع متقدم للغاية”، مشيرا إلى أنه في الولايات المتحدة، “يمكنك عقد اجتماع لمهندسي الأدوات، ولست متأكدا أننا سنستطيع ملء غرفة واحدة، أما في الصين، يمكنك ملء عدة ملاعب كرة قدم من مهندسي الأدوات فقط”.

وأوضحت “وول ستريت جورنال” على لسان داي، أن الروبوتات يمكن أن تساعد في عمليات التعبئة والتغليف والاختبارات، لكن هناك مهاما دقيقة مثل توصيل الكابلات، إضافة الغراء، وتثبيت البراغي الصغيرة، ما تزال تتطلب تدخلا بشريا مباشرا.

 

ذات صلة



المقالات