الإثنين, 12 مايو 2025

“منتدى حوار المدن” يستعرض مشاريع التحول الحضري في الرياض

اقرأ المزيد

استعرضت جلسة حوارية ضمن أعمال منتدى حوار المدن العربية الأوروبية في الرياض ملامح المشهد الحضري الجديد للعاصمة، من خلال مناقشة المشاريع الرئيسة التي تُشكّل تحولًا إستراتيجيًا في مجالات السياحة والثقافة والاستدامة، بمشاركة مباشرة من قادة المشاريع الكبرى.
وتركزت الجلسة على طرح الرؤى والطموحات التي تقف خلف هذه المشاريع، وآليات تحويل الخطط بعيدة المدى إلى واقع ملموس، إضافة إلى إبراز مكانة الرياض نموذجًا للنمو الحضري المستدام.
وشارك في الجلسة كل من جين ماكجيفرن الرئيس التنفيذي لمؤسسة المسار الرياضي، وجورج تناسيفيتش، الرئيس التنفيذي لمؤسسة حديقة الملك سلمان  و جيري إنزيريلو الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية، الذين قدّموا رؤاهم حول مساهمة مشاريعهم في رسم مستقبل الرياض وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وأكدت ماكجيفرن أن مشروع المسار الرياضي يُعد نقلة حضرية نوعية لمدينة الرياض، إذ يجمع بين نمط الحياة الصحي وجودة الحياة من خلال بنية تحتية متكاملة ومرافق حديثة.
وأشارت إلى أن المشروع يستند إلى رؤية طموحة أطلقها ولي العهد ؛ بهدف أن يكون المسار شريانًا يربط شرق الرياض بغربها، ويدعم الاستدامة عبر تخصيص 60% من مساحته للحدائق والنباتات، مع مراعاة تقليل الانبعاثات الكربونية وتوفير بيئة صديقة للإنسان, لافتة النظر إلى أن المسار أسهم في رفع مؤشر قابلية العيش في المدينة، وهو ما بدا واضحًا في إقبال السكان والزوار عليه.
من جانبه أكد تناسيفيتش أن حديقة الملك سلمان تُعد القلب الأخضر النابض للعاصمة، ومثالًا حيًّا على التزام المملكة برؤيتها 2030 في تعزيز الاستدامة وجودة الحياة, مبينًا أن التحدي الأكبر في المشروع كان في ربط الأنشطة المختلفة ضمن مساحة الحديقة الشاسعة، إلا أن الفريق نجح في ذلك عبر حلول هندسية مبدعة تُراعي الهوية المحلية، وتدعم أحياء المجتمع.
وأوضح أن المشروع استقطب خبرات عالمية في أنظمة الري والبنية التحتية، بمشاركة فاعلة من القطاع الخاص، بهدف توفير تجربة حياتية فريدة تُسهم في سعادة السكان، وتجسّد جمال مدينة الرياض, مؤكدًا أن المشروع يعد أحد النماذج التنموية الطموحة المنبثقة من مستهدفات رؤية المملكة 2030، مشيرًا إلى أن الحديقة تتطور من مجرد فكرة إلى أن تصبح إحدى أكبر الحدائق الحضرية في العالم عبر مشروع نوعي يركز على الجودة والتكامل، لا على الحجم فقط.
وأوضح أن الحديقة تشكل لوحة بيضاء لإعادة تشكيل ملامح مدينة الرياض من خلال تقديم محتوى وتجارب فريدة غير تقليدية، مؤكدًا أن النماذج الروتينية غير مقبولة؛ مما دفع الفريق إلى تطوير مفاهيم جديدة غير مسبوقة في طبيعتها ومكوناتها.
وأفاد بأن المشروع يسعى إلى الارتقاء بجودة الحياة من خلال إيجاد بيئة متكاملة تُقدَّم فيها فرص وتجارب لم تكن ممكنة سابقًا في هذا المناخ، موضحًا أن الكثير من الأنشطة التي ستحتضنها الحديقة كانت تتطلب في السابق السفر إلى الخارج للاستمتاع بها، إلا أنها ستصبح متاحة داخل العاصمة.
وبيّن أن المساحات الخضراء تمثل 70% من إجمالي المشروع، وستضم أكثر من 1.1 مليون شجرة ونحو 800 نوع من النباتات، بينها 600 نوع غير محلي؛ مما يستدعي أنظمة تشغيل وري متقدمة تراعي الجوانب المناخية والبيئية, مشيرًا إلى أن المؤسسة استعانت بخبراء في علوم البيئة لتصميم حلول مستدامة تضمن بقاء هذه المكونات الحيوية على المدى الطويل.
وبين أن النسبة المتبقية من المشروع فستخصص لاستخدامات تجارية تسهم في تحقيق العائد المالي اللازم لتشغيل المشروع والمحافظة عليه، عبر شراكات استثمارية مع القطاع الخاص تُطبق من خلالها معايير موحدة للبناء والتشغيل تضمن الالتزام بالاستدامة, موضحًا أن المشروع يعتمد على شراكات متعددة لتنفيذ مختلف عناصره، مؤكدًا أهمية التكامل بين الجهات المشاركة لتحقيق رؤية موحدة تعزز من استدامة المشروع وقدرته على التأثير الحضري طويل المدى.
وأكد أن المؤسسة تعمل أيضًا على دمج المشروع بالنسيج الحضري المحيط من خلال ما يُعرف بـ”منطقة التأثير”، التي تشهد إشرافًا مباشرًا على عمليات التصميم والتنفيذ، بما يضمن تحسين جودة الحياة في الأحياء المجاورة.
واختتم تناسيفيتش حديثه بدعوة إلى تعزيز التعاون الدولي بين المدن، وتبادل الدروس والخبرات في مجالات التنمية الحضرية، مؤكدًا أن رؤية المملكة 2030 ليست نقطة نهاية، بل بداية لمرحلة جديدة من الفرص الطموحة، وأن أفضل سبيل لتحقيق ذلك هو بناء شراكات قوية مع أصحاب الرؤى والتجارب من مختلف أنحاء العالم.
من جانبه أشار الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية جيري إنزيريلو إلى أن الدرعية ستكون مركزًا ثقافيًّا ودبلوماسيًّا للتراث السعودي، مؤكدًا أن المشروع، الذي يمتد على مساحة 14 مليون متر مربع بتكلفة 64 مليار دولار، يسير وفق الجدول الزمني والميزانية المحددين.
وقال: “بحلول 22 فبراير 2027، سنفتح العديد من الأصول التراثية والثقافية للجميع, وافتُتح مؤخرًا فندقًا جديدًا بنسبة إشغال بلغت 91%، واستقبل موسم الدرعية مليون زائر، مع التركيز على الثقافة والتراث, ونهدف إلى جذب 20 مليون زائر في السنوات المقبلة”.
واختُتمت الجلسة بتأكيد أن المشاريع الكبرى في الرياض لا تسعى فقط إلى إعادة تشكيل المشهد الحضري، بل تهدف أيضًا إلى تعزيز مكانة المدينة وجهة عالمية، ودعم مستهدفات رؤية 2030 لتحقيق تنمية حضرية شاملة ومستدامة، تضع الرياض في طليعة المدن العالمية التي تجمع بين الأصالة والحداثة، وتحقق معايير جودة الحياة والاستدامة البيئية.

ذات صلة



المقالات