الأربعاء, 18 يونيو 2025

اقتصاديون لـ (مال): التوترات الإقليمية تنذر بتقلبات في أسواق المال الخليجية .. والاقتصاد السعودي قادر على تحمل التحديات

أكد اقتصاديون لـ (مال) أن الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران أدت إلى اضطرابات في أسواق المال الخليجية، حيث سجلت المؤشرات تراجعات حادة مع بداية التصعيد، وسط مخاوف من تأثيرات أوسع على ثقة المستثمرين وتدفقات السيولة الأجنبية، مع تأكيداتهم قدرة السوق السعودي على امتصاص الصدمات، ورجح المختصون أن استمرار التوترات قد يبقي الأسواق في حالة من التقلب، رغم الدعم المحتمل من ارتفاع أسعار النفط.

وإلى جانب تداعياتها في الخليج، فإن الحرب تلقي بظلالها أيضا على الأسواق العالمية، حيث تسببت في ارتفاع أسعار النفط وتكاليف الشحن، مع احتمالات حدوث اضطرابات في سلاسل الإمداد، وضغوط تضخمية قد تدفع البنوك المركزية إلى الإبقاء على معدلات الفائدة مرتفعة لفترة أطول.

يأتي ذلك في الوقت الذي تؤكد فيه وكالة “ستاندرد آند بورز”، قدرة الاقتصاد السعودي والقطاع المالي على تحمل التحديات، حيث أوضحت في تقرير أن الرسملة القوية للبنوك، ومتوسط نسبة رأس المال من المستوى الأول الذي يبلغ 17.2% بنهاية 2024، يمنح النظام المصرفي مرونة كبيرة في مواجهة السيناريوهات الضاغطة، مع إشارة إلى أن هذه القوة الرأسمالية تجعل البنوك السعودية قادرة على امتصاص الصدمات المحتملة دون أن تتأثر ملاءتها المالية، حتى في حال تدهور جودة الأصول أو خروج تدفقات ودائع محلية وخارجية.

اقرأ المزيد

وأضافت الوكالة أن التوترات الجيوسياسية، تمثل اختبارا لمرونة القطاع المالي في المنطقة، مع التأكيد على انطلاق البنوك السعودية من قاعدة متينة، بدعم من قوة المركز المالي الحكومي ووفرة الأصول السيادية، موضحة أن استمرارية تدفق التمويل، بما في ذلك عبر أدوات الدين في السوق المالية، تعد عاملا حاسما في تمكين المملكة من مواصلة تمويل مشاريعها التنموية الطموحة ضمن رؤية 2030، خاصة في ظل ارتفاع النفقات المرتبطة ببرامج التحول الاقتصادي، كما أشارت إلى أن البنية التحتية النفطية، ولا سيما خط أنابيب الشرق والغرب، توفر للمملكة قدرة استراتيجية للحفاظ على استقرار عائداتها التصديرية في حال تعطل الملاحة عبر مضيق هرمز.

ورأى الدكتور عبدالله باعشن المحلل الاقتصادي في حديثه لـ (مال)، أن الأسواق الخليجية تأثرت بالحرب بين إسرائيل وإيران نتيجة ارتفاع درجة المخاطر وعدم وضوح الرؤية، وهو ما انعكس على نفسية المستثمرين، خاصة الأفراد، ودفع بعضهم إلى سحب السيولة وتسجيل موجات بيع، مشيرا إلى أن التوترات الجيوسياسية أدت إلى ارتفاع تكاليف التأمين في الممرات الحيوية مثل مضيق هرمز وباب المندب، ما عمق حالة الترقب والحذر بين المتعاملين في الأسواق.

ورغم هذا، أكد باعشن أن السوق السعودي أظهر قدرة على امتصاص الصدمات، حيث حافظ على استقراره قرب مستوى 10,700 نقطة منذ أبريل، دون أن يتأثر بشكل مباشر بالحرب، لافتا إلى أن أسعار النفط لم تسجل ارتفاعات كبيرة حتى الآن، سوى بنسبة 1 إلى 2% نتيجة مضاربات في العقود المستقبلية، مشددا على أن اتساع رقعة الصراع أو تدخل قوى دولية قد يؤدي إلى تصحيح واسع في الأسواق المالية وارتفاع في منسوب المخاطر.

سعد ال ثقفان (2)

وأوضح سعد آل ثقفان عضو مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية، أن الأسواق الخليجية كانت الأكثر تأثرا مع بداية التصعيد، حيث سجلت انخفاضات حادة فاقت نظيراتها العالمية، لكنها تمكنت لاحقا من تقليص خسائرها بشكل ملحوظ، مبينا أنه إذا اتجهت الأوضاع الجيوسياسية إلى التهدئة، فمن المرجح أن تستقل الأسواق عن الأخبار السياسية وتبدأ موجة صعود، أما إذا استمر التصعيد أو تطور، فقد تعود الأسواق الإقليمية إلى التراجع.

وقال محمد بن فريحان المحلل المالي، إن أي صراع في الخليج يؤدي مباشرة إلى ارتفاع أسعار النفط، بسبب المخاوف من تعطل الإمدادات، لا سيما مع أهمية مضيق هرمز الذي تمر عبره نحو 20% من إمدادات النفط العالمية، مما يدعم اقتصاديات الدول المنتجة مثل السعودية على المدى القصير، مشيرا إلى ارتفاع تكاليف التجارة في المنطقة لزيادة القلق، مما رفع تكاليف التأمين والشحن وأثر على سلاسل الإمداد، وهو ما انعكس في تأخير الصناعات المستوردة لمكونات إنتاجها، إضافة إلى زيادة الضغوط التضخمية.

وفي أسواق المال، قال إن المستثمرين عادة ما يتجهون إلى الذهب والدولار والسندات الأمريكية كملاذات آمنة، مما يؤدي إلى تقلبات شديدة، وهبوط في الأسواق القريبة من مناطق النزاع، وبالنسبة للسوق المالية السعودية، أشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط قد يدعم بعض القطاعات على المدى القصير مثل الطاقة والبتروكيماويات.

من جهته، قال محمد الشميمري المحلل المالي، إن التصعيد بين إسرائيل وإيران له تداعيات اقتصادية واسعة تشمل الأسواق الخليجية، موضحا أن أي ارتفاع في أسعار النفط نتيجة الأزمة يعزز أداء بعض الأسواق الخليجية، لكنه يقترن بهروب رؤوس الأموال إلى الملاذات الآمنة، مما يضغط على السوق على المدى القصير.

وأضاف الشميمري، أن القطاع المصرفي والسياحي والعقاري سيكون عرضة للضغوط في حال استمرت التوترات، مشيرا إلى أن الحكومات الخليجية قد تتدخل لتقليل الأثر، عبر حزم تحفيزية أو إنفاق مالي مستند إلى ارتفاع الإيرادات النفطية.

وفي تقرير حديث لـ “الراجحي المالية”، أفاد المحللون أن توترات الشرق الأوسط دفعت بأسعار النفط إلى الارتفاع، كما ارتفع الذهب كملاذ آمن، مدفوعا بتزايد المخاطر الجيوسياسية، وأضاف التقرير أن الأسواق الأمريكية والأوروبية تفاعلت مع الأزمة، لكن التأثير الأكبر كان على الأسواق الآسيوية والخليجية القريبة من منطقة النزاع، وسط تخوف من انقطاعات محتملة في الإمدادات وتأثيرات تضخمية عالمية.

يذكر أن الحرب بين إسرائيل وإيران اندلعت في الأسبوع الثاني من يونيو 2025، بعد تصعيد عسكري مفاجئ شمل هجمات متبادلة وتحركات بحرية قرب مضيق هرمز، ما أثار قلقا في أسواق الطاقة والشحن والتأمين، إلى جانب مخاوف من توسع النزاع ليشمل دولا مجاورة في المنطقة، وتعد هذه المواجهة الأخطر بين الجانبين منذ عقود، وتخضع لمراقبة حثيثة من الأسواق العالمية وصناع القرار الاقتصادي.

ذات صلة



المقالات