الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع تصاعد التوترات الإقليمية خلال يونيو 2025، كشفت تقارير دولية عن تحول نوعي في طبيعة المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، تمثل في الاستخدام الواسع لتقنيات الذكاء الاصطناعي AI ضمن العمليات الهجومية والدفاعية، ما أثار اهتماما متزايدا بمدى تأثير هذه الأنظمة على مستقبل النزاعات المسلحة.
ووفقا لما نشرته صحف ومراكز دراسات دولية مثل واشنطن بوست، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS، فقد استعانت إسرائيل خلال العملية التي أطلقت عليها اسم “Rising Lion” بأنظمة ذكاء اصطناعي لتحليل البيانات الاستخباراتية وتحديد الأهداف عالية الأهمية داخل إيران، استهدفت فيها أكثر من 100 موقع عسكري ونووي إيراني، شملت مطارات وقواعد صواريخ ومراكز اتصالات.
وتشير التقارير لاستناد العملية إلى تحليلات ذكاء اصطناعي قامت بفرز ومعالجة بيانات ضخمة لاسلكية وبيومترية، لتحديد شخصيات ومواقع قيادية رفيعة مثل الفريق الأول حسين سلامي، واللواء محمد باقري، إلى جانب استخدام طائرات مسيرة ذكية لتعطيل الدفاعات الجوية الإيرانية قبل بدء الهجوم الجوي.
في المقابل، استخدمت إيران خلال الحرب منظومات هجومية مدعومة جزئيا بالذكاء الاصطناعي، أبرزها طائرات مسيرة من طراز “شاهد-136”، التي تعتمد على توجيه شبه ذاتي ضمن أسراب منسقة إلكترونيا، كما طورت إيران طائرات “مهاجر-10” بعيدة المدى، التي تتمتع بقدرات هجومية وتوجيه متقدم، وتشير تقارير استخباراتية إلى أن إيران طورت استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل صور الاستطلاع وتشغيل أنظمة الردع الإلكتروني، دون تأكيد مباشر على استخدامها الفعلي خلال المواجهة الأخيرة.
في مساء 13 يونيو، أطلقت إيران ردا واسعا شمل أكثر من 100 صاروخ باليستي و100 طائرة دون طيار، بحسب وكالات أنباء عالمية، لكن منظومة القبة الحديدية، التي تم تعزيزها بأنظمة ذكاء اصطناعي لتحديد أنماط التهديدات والتعامل مع أسراب الطائرات، تصدت لنسبة كبيرة من الهجمات، مسجلة نسب اعتراض مرتفعة غير مسبوقة.
وتشير تحليلات مفتوحة المصدر إلى أن إسرائيل قد استخدمت طائرات تجسس مسيرة مدعومة بالذكاء الاصطناعي في مهام مراقبة واستطلاع، دون تأكيد رسمي على استهداف شبكات الاتصالات الإيرانية بشكل مباشر، كما يعتقد أن إسرائيل استفادت من تجاربها السابقة في غزة، حيث طورت أدوات AI مثل Lavender وGospel، لتسريع عمليات تحديد الأهداف، والتصفية، وتحليل الاتصالات، بحسب تقارير استخباراتية دولية، غير أن استخدام هذه الأدوات تحديدًا في “Rising Lion” لم يؤكد حتى الآن من مصادر رسمية.
وفي تطور لافت بعد نحو أسبوع من الغارات الإسرائيلية، نفذت الولايات المتحدة في 22 يونيو 2025 عملية عسكرية منفصلة عرفت باسم “Midnight Hammer”، استهدفت منشآت نووية إيرانية يعتقد أنها نجت من الضربات الأولى، العملية التي تمت بطائرات شبحية وأسلحة دقيقة التوجيه، جاءت ردا على معلومات استخباراتية مشتركة بين واشنطن وتل أبيب، ما أضفى على النزاع طابعا دوليا أوسع، وزاد من تعقيد الحسابات الجيوسياسية والأمنية في المنطقة.
وبحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، بلغ الإنفاق العسكري العالمي 2.718 تريليون دولار في 2024 بارتفاع نسبته 9.4%، مع تركيز متزايد على الأنظمة المأهولة وغير المأهولة، أما في سوق الذكاء الاصطناعي العسكري، تشير توقعات من Markets & Markets إلى أن نموه من 9.2 مليار دولار في 2023 إلى نحو 38.8 مليار في 2028، وتشير تقارير مالية إلى أن شركات الدفاع المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، مثل Palantir وAnduril، قد تشهد نموا كبيرا في عقودها التصديرية، خاصة في أسواق الشرق الأوسط وشرق آسيا، في ظل تزايد الطلب العالمي على الأنظمة المؤتمتة والمسيّرات القتالية، وتحوّل الإنفاق العسكري نحو دعم التقنيات المتقدمة.
وكانت الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا منذ عام 2022، قد شكلت ساحة اختبار رئيسية لتقنيات الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية، حيث استخدمت أوكرانيا نظما ذكية لتحليل صور الأقمار الصناعية والاستطلاع الجوي، وتوجيه الطائرات المسيرة بدقة نحو الأهداف، من خلال منصة Delta التي تعد من أوائل أنظمة إدارة المعركة المؤتمتة في أوروبا، كما نفذت كييف عمليات هجومية بطائرات مسيرة رخيصة مدعومة جزئيا بقدرات AI ضمن أسراب منسّقة، في حين طورت روسيا برامج للتنسيق الإلكتروني بين المسيرات، وأنظمة تشويش مدعومة بالتعلم الآلي.
يذكر أن استخدام الذكاء الاصطناعي في السياقات العسكرية قد بدأ منذ تسعينيات القرن الماضي، حين طورت الولايات المتحدة أنظمة دعم لوجستي قائمة على البرمجيات الذكية، مثل نظام DART الذي استخدم في حرب الخليج لتحسين توزيع الإمدادات، لكن الاستخدام العملياتي الفعلي للذكاء الاصطناعي بدأ يتبلور بعد عام 2015، مع دخول خوارزميات تحليل الصور والتعرف على الأهداف في منظومات الطائرات دون طيار، وخلال العقد الأخير، تطورت هذه التقنيات لتشمل إدارة المعركة، التصنيف الآلي للتهديدات، وأنظمة القيادة والتحكم الذكية، وصولًا إلى مرحلة الاستخدام شبه المستقل في النزاعات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال