عامان على تملك صندوق الاستثمارات العامة في الأندية الرياضية: قفزة في القيم السوقية بنسبة 185% وإيرادات بالمليارات وتحولات هيكلية

شهد القطاع الرياضي السعودي تحولا استثماريا نوعيا منذ إطلاق مشروع الاستثمار والتخصيص الرياضي في يونيو 2023، والذي أسفر عن استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على 75% من ملكية أندية الهلال، النصر، الأهلي، والاتحاد، ضمن استراتيجية وطنية تهدف لتعزيز تنافسية الدوري السعودي للمحترفين وجذب الاستثمارات الأجنبية.

وأعقب ذلك الاستحواذ نقلة نوعية في الهيكل الإداري والمالي لتلك الأندية، ما أسهم في تعزيز تنافسيتها على المستويين المحلي والدولي، وفتح الباب واسعا أمام استقطاب النجوم العالميين والمدربين الكبار، وتحقيق حضور إعلامي وتسويقي غير مسبوق.

وقد قفزت القيمة السوقية الإجمالية للأندية الأربعة من 312.7 مليون يورو في يونيو 2023 إلى 891.78 مليون يورو في يونيو 2025، بزيادة بلغت 185.2%، وكان الأهلي الأسرع نموا في القيمة السوقية، إذ ارتفعت من 15.58 مليون يورو إلى 132.93 مليون يورو بنسبة بلغت 753.5%، يليه الهلال بزيادة 299%، ثم الاتحاد بنسبة 281%، والنصر بنسبة 87%، وفقا لبيانات شبكة “ترانسفر ماركت”.

وتزايد الحديث خلال الموسمين الماضيين عن المرحلة المقبلة من التخصيص، في ظل أنباء عن اهتمام شركات محلية ومستثمرين أمريكيين بالحصول على حصص في الأندية، وسط تطلعات لطرح نسب من الملكية للاستثمار.

وعلى مستوى التعاقدات، أنفقت الأندية الأربعة مجتمعة أكثر من 1.37 مليار ريال (تعادل نحو 360 مليون يورو) على صفقات الانتقال خلال موسمي 2023-2024 و2024-2025، وتصدر الهلال الإنفاق في الموسم الأول بـ376 مليون يورو، بينما قاد النصر التعاقدات في الموسم التالي.

وكشفت بيانات عن ارتفاع كبير في قيمة الرواتب السنوية للاعبين الأجانب في الموسم الماضي، حيث تصدر النصر القائمة بقيمة إجمالية بلغت 333.19 مليون يورو، متفوقا على الهلال الذي بلغت قيمة رواتبه نحو 256.41 مليون يورو، فيما حل الاتحاد ثالثا بقيمة 182.36 مليون يورو، والأهلي رابعا بنحو 166 مليون يورو، ما يعكس حجم الاستثمارات التي ضخت في سوق الانتقالات خلال فترة قصيرة.

ورغم هذه القفزات في حجم الرواتب، تمكنت بعض الأندية من تعزيز إيراداتها، فقد أعلنت شركة نادي الهلال في تقريرها السنوي عن تسجيل إيرادات بلغت 1.09 مليار ريال خلال موسم 2023-2024، مقابل مصروفات بقيمة 923.5 مليون ريال، ليحقق النادي صافي ربح بلغ 33.3 مليون ريال، وسجلت الإيرادات التجارية للهلال، باستثناء الدعم الحكومي والمكافآت، نموا بنسبة 105%، حيث بلغت 646 مليون ريال مقارنة بـ314 مليونا في الموسم السابق، وتصدرت الرعايات التجارية قائمة مصادر الدخل بمساهمة بلغت 440 مليون ريال.

في المقابل، سجل نادي النصر إيرادات بلغت 615 مليون ريال بنسبة ارتفاع 71% عن العام السابق، فيما بلغت مصروفاته 654 مليون ريال بزيادة قدرها 33%، مسجلا عجزا قدره 39 مليون ريال، فيما لم يفصح تفصيليا عن توزيع الإيرادات بين المصادر التجارية والحكومية.

أما نادي الاتحاد فقد أشار إلى نمو إيراداته التجارية بنسبة 243% خلال عام 2024 مقارنة بالعام السابق، في حين أعلن الأهلي تحقيق إيرادات بلغت 342 مليون ريال، رغم تسجيل خسائر صافية بلغت 113 مليون ريال، وشملت مصادر الإيرادات ارتفاعا في العوائد التجارية بنسبة 222%، ودخلًا قدره 6 ملايين ريال من العضويات، إلى جانب استثمارات بقيمة 40 مليونا في البنية التحتية، وتحمل انتقالات ورواتب لاعبين بـ430 مليون ريال، إضافة إلى تسوية ديون بلغت 300 مليون ريال.

وفي جانب التفاعل الجماهيري، تصدر الاتحاد مشهد الحضور في موسم 2024-2025 بعدد تجاوز 594 ألف متفرج، بزيادة قدرها 180 ألف مقارنة بالموسم السابق، في حين سجلت أندية الأهلي والهلال والنصر انخفاضات متفاوتة في الحضور الجماهيري، وسط توقعات بارتباط ذلك بتذبذب النتائج ومستوى المنافسة.

على الصعيد التجاري، نجحت الأندية الأربعة في استقطاب رعاة بارزين، إذ جذبت أندية الهلال والنصر علامات مثل المملكة القابضة، بنك الرياض، القدية، كافد، BMW، وطيران ناس، بينما وقع الأهلي عقودًا مع البحر الأحمر الدولية، أديداس، وسينومي، وأبرم الاتحاد شراكات مع شركات مثل هنكوك، فولكس واجن، SRC، وسيف، ما يعكس نضج النموذج الاقتصادي الجديد للأندية.

ومنذ بداية استثمار الصندوق، توج الهلال بأربعة ألقاب، شملت دوري روشن، كأس الملك، وكأس السوبر بنسختيه، فيما نال الاتحاد لقبي دوري روشن وكأس الملك في الموسم الأخير، بينما ظفر الأهلي بلقب دوري أبطال آسيا للنخبة 2024-2025، في إنجاز قاري يعكس أثر الدعم الاستثماري في رفع جاهزية الفرق للمنافسات الدولية.