الجمعة, 27 يونيو 2025

أكد على صمود الاقتصاد السعودي في ظل الصدمات العالمية والإقليمية

للعام الرابع .. صندوق النقد الدولي يوصي بإلغاء الحد الأقصى الحالي لأسعار البنزين في السعودية

أكد خبراء صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد السعودي أبدى صمودا كبيرا في مواجهة الصدمات خلال العام 2024 بدعم من استمرار نمو القطاع غير النفطي بنحو 4,2%، مدفوعا في المقام الأول بالاستهلاك الخاص والاستثمار الخاص غير النفطي، هذا في الوقت الذي رحب فيه خبراء الصندوق بالتعديلات الجارية لأسعار الطاقة، بما في ذلك مضاعفة أسعار الديزل منذ يناير 2024 ، وأوصى الخبراء بتعجيل الجهود الرامية إلى الحد من دعم الطاقة، بوسائل منها إلغاء الحد الأقصى لأسعار البنزين.

يذكر ان توصية خبراء الصندوق حول إلغاء الحد الأقصى لسعر البنزين تكررت للعام الرابع على التوالي، حيث اتخذت الحكومة قرار بتحديد سقف اعلى لاسعار الطاقة في البلاد الامر الذي كان له اثره المباشر في التحكم بالتضخم وتخفيف تأثيراته على الاقتصاد وسكان المملكة بعكس كثير من دول العالم التي وصل فيها التضخم الى ارقام كبيرة جدا مع بداية جائحة كورونا وفي أعقاب بدء الأزمة الروسية الأوكرانية.

وأوضح البيان الختامي الصادر حول مناقشات المادة الرابعة الصادر اليوم أن نمو قطاعات تجارة التجزئة والضيافة والبناء في جاء في طليعة مسيرة نمو القطاع الغير النفطي خلال العام 2024، مشيرين إلى أن تكرار تمديد فترات تخفيض الإنتاج بموجب اتفاقية أوبك+ أدى إلى استمرار حجم إنتاج النفط عند 9 ملايين برميل يوميا – وهو أدنى مستوى له منذ عام 2011 – مما نتج عنه انخفاض نسبته 4,4% في إجمالي الناتج المحلي النفطي، في حين سجل معدل النمو الحقيقي الكلي 1,8%. ويدل مؤشر مديري المشتريات المركب على استقرار النشاط في الربع الأول من عام 2025، حيث تشير آخر تقديرات إجمالي الناتج المحلي في الربع الأول من السنة إلى توسع الأنشطة غير النفطية بنسبة 4,9% محسوبة على أساس سنوي.

اقرأ المزيد

حول معدلات البطالة أكد خبراء الصندوق أن قوة الزخم في سوق العمل مستمرة، فقد تراجع معدل بطالة المواطنين السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7% في عام 2024، متجاوزا الهدف الأصلي في “رؤية السعودية 2030″، والذي خُفِّضَ إلى 5%. ويتسم هذا التحسن باتساع نطاقه، حيث انخفضت معدلات بطالة الشباب والنساء بمقدار النصف على مدار فترة بلغت أربع سنوات، وسجل التوظيف في القطاع الخاص ارتفاعا بلغ 12% في المتوسط في عام 2024، في حين استمر تباطؤ التوظيف في القطاع الحكومي، نتيجة لإعادة التعيين في الكيانات غير الحكومية.

واوضح خبراء الصندوق انه بالرغم من ارتفاع التضخم الكلي بنسبة طفيفة حيث بلغ 2,3% في إبريل 2025، إلا أنه لا يزال منخفضا، بدعم من ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية. وساعد تراجع أسعار النقل والاتصالات على موازنة تضخم إيجارات المساكن، الذي تباطأ للشهر السادس على التوالي مسجلا 8,1% على أساس سنوي (وهي أدنى نسبة ارتفاع سنوي منذ فبراير 2023). وظلت الأجور الحقيقية مستقرة، مع ارتفاع طفيف في أجور العمالة عالية المهارات.

وحول الاداء المالي اوضح البيان انه في ظل السيناريو الأساسي، سوف يسجل العجز الأولي غير النفطي انخفاضا بنحو 4,2% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي خلال الفترة من عام 2025 إلى عام 2030. وسوف يُمَوَّل عجز المالية العامة في المقام الأول عن طريق الاقتراض، بما في ذلك من خلال إصدارات الدين، أو القروض المصرفية المشتركة أو التسهيلات التي تقدمها وكالات ائتمان الصادرات، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي وبلوغه نحو 42% بحلول عام 2030.

وتوقع خبراء الصندوق بلوغ النفقات الجارية مستويات أعلى من المتوقعة في الميزانية فإلى جانب انخفاض أسعار النفط وتوزيع شركة أرامكو الحد الأدنى من الأرباح المرتبطة بالأداء، سيؤدي ذلك إلى بلوغ عجز المالية العامة الكلي 4,3% من إجمالي الناتج المحلي. ومع هذا، لا تزال هذه النتيجة تعكس تحسنا في الرصيد الأولي غير النفطي قدره 3,6 نقطة مئوية من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، وهو ما يساهم فعليا في تركيز جزء من التعديل اللازم مع حلول عام 2030 في بداية الفترة دعما للعدالة بين الأجيال. وبالنظر إلى التعديل في بداية الفترة ووفرة هوامش الأمان المالي المتاحة، يرى خبراء الصندوق أن تقييد الإنفاق بشكل إضافي في 2025 غير ضروري، إذ قد يؤدي إلى سياسة مالية مسايرة للدورة الاقتصادية وتفاقم تباطؤ النمو

وأشاروا إلى ان ضبط أوضاع المالية العامة بالتدريج سيظل ضروريا على المدى المتوسط لتحقيق العدالة بين الأجيال. فمن أجل تجنب التعديلات المربكة وبناء هوامش الأمان، يجب توليد زيادة قدرها 3,3% إضافية في إجمالي الناتج المحلي غير النفطي على مدار الفترة من 2026–2030، وذلك بصفة أساسية من خلال تعبئة الإيرادات غير النفطية، إذ رحب خبراء الصندوق بخطط زيادة سعر الضريبة على الأراضي غير المُطَوَّرة، وتطبيق ضريبة على الأراضي البيضاء، وتوسيع قاعدة ضريبة القيمة المضافة (لتشمل معاملات التجارة الإلكترونية، على سبيل المثال)، واوصوا ببذل جهود إضافية، بما في ذلك من خلال اتخاذ تدابير جديدة على صعيد السياسة الضريبية ومواصلة بذل الجهود لتعزيز الإدارة الضريبية. وينبغي عدم تجديد مبادرة إلغاء الغرامات والإعفاء من العقوبات المالية الضريبية، التي تم تمديدها عدة مرات منذ جائحة كوفيد، عندما تنتهي مدتها في شهر يونيو لأنها تسبب مخاطر سلوكية ويمكن أن تضعف الامتثال الضريبي.

كما رحبت البعثة بالمراجعات الجارية للإنفاق بهدف تحديد مجالات الادخار ومكاسب الكفاءة المحتملة، بما فيها التقييمات التي أجرتها مختلف الكيانات الحكومية مؤخرا بشأن تنفيذ المشروعات. وفي سياق مواصلة الترشيد، أوصى الخبراء بإعطاء الأولوية لتخفيض النفقات الجارية بمضاعف مالي منخفض، مع الحفاظ على خطط البنية التحتية المعززة للنمو على المدى المتوسط. ويمكن لزيادة الشفافية بشأن اتساق تحديد أولويات الإنفاق وإعادة معايرتها مع خطط الاستثمار التي أعلنتها الحكومة أن تزيد ثقة المستثمرين.

ونظرا لارتفاع حالة عدم اليقين العالمي، رحب خبراء الصندوق بتخطيط الحكومة للطوارئ بهدف ضمان استدامة المالية العامة في حالة التعرض لصدمة قوية. وفي ظل سيناريو تنخفض فيه أسعار النفط بشكل كبير، سيكون من الضروري انتهاج استراتيجية أشد لضبط أوضاع المالية العامة. فتحديد المشروعات التي يمكن تمديدها أو خفضها وترتيبها حسب الأولوية، إذا لزم إجراء مزيد من التصحيح، يمثل منهجا حريصا للحفاظ على استدامة المالية العامة. ويوصي خبراء الصندوق بالسحب الجزئي من هوامش الأمان المالي في حالة مواجهة صدمة مؤقتة في أسعار النفط، وهو ما من شأنه أن يساعد على تمهيد التحول إلى حالة مستقرة وتخفيف وطأة تأثير تقلبات أسعار النفط على المدى القصير.

واثنى خبراء الصندوق على استمرار الجهود الجارية التي تبذلها الحكومة لتعزيز مؤسسات المالية العامة خاصة فيما يتعلق بتصحيح أوضاع المالية العامة وأهداف “رؤية السعودية 2030”. ويظل تعزيز إطار المالية العامة متوسط الأجل إحدى الأولويات، وخاصة من خلال تحسين دمج توقعاته متعددة السنوات في عملية إعداد الميزانية السنوية لتحقيق اتساق الحدود القصوى للإنفاق مع تنبؤات المالية العامة، بما في ذلك الالتزامات بموجب العقود متعددة السنوات. ومن شأن تفعيل قاعدة مالية قائمة على النفقات وضمان الامتثال لها المساعدة على تثبيت موقف المالية العامة على المدى المتوسط.

كما أوضح الخبراء أن الحرص في إدارة الدين واعتماد إطار مناسب لإدارة الأصول والخصوم السيادية يكتسب أهمية متزايدة في بيئة تتسم بانخفاض أسعار النفط. وتحث البعثة حكومة المملكة على تقييم المفاضلات المعقدة بين استخدام ودائع الحكومة المركزية بقدر أكبر (تبلغ حاليا حوالي 9,25% من إجمالي الناتج المحلي) وإصدارات السندات الجديدة.

وأيدت البعثة كذلك الجهود الحالية لتفعيل إطار شامل لإدارة الأصول والخصوم السيادية بهدف تعزيز مراقبة انكشاف الميزانية العمومية السيادية، حيث سيسهم نشره إلى جانب بيان الميزانية في تعزيز الشفافية وتوفير أدوات إضافية لتحليل سياسة المالية العامة وصياغتها. وإضافة إلى ذلك، ينبغي مراقبة الالتزامات الاحتمالية عن كثب، مثل التزامات تمويل المشروعات الكبرى، وضمانات الديون، وعلاقات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

 

ذات صلة



المقالات