الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كريستيان هورنر خارج أسوار ريد بول. مطرود، الرجل الذي صنع أمجاد الفريق وأسس واحدة من انجح الحقب في تاريخ الفورمولا 1، بات الآن خارج الصورة.
حتى تتخيل حجم ما شيده هورنر، عليك ان تتذكر ان ريد بول لم تكن شيئا قبل ان يأتي. فريق بلا تاريخ، بلا ارث، ولا حتى طموح. جاء شابا بطموح مجنون، وبدأ من الصفر ليبني فريقا ينافس اساطير الحلبات: مكلارين، فيراري، ويليامز. فرق تصنع المجد منذ خمسينيات القرن الماضي، في رياضة لا تكفي فيها الأموال، بل تحتاج ذكاء، إدارة، أعصاب، ورؤية.
في قرار مفاجئ وصادم لأوساط الفورمولا 1، أقدمت الإدارة النمساوية لفريق ريد بول على اقالة مدير الفريق كريستيان هورنر بعد عشرين عاما من الإنجاز. مساء الثلاثاء، أبلغ الرجل الذي قاد ريد بُل منذ ولادتها، بانه لم يعد على رأس المشروع الذي كرس له كل ما يملك.
عشرون عاما بناها من الصفر، نحت فيها اسم ريد بُل في لوحات المجد الى جوار عمالقة الحلبة. رجل دخل هذا العالم من مجرد مبنيين وموظفين، وخرج منه بثمانية القاب عالمية للسائقين، وستة ألقاب صانعين.
لكن، كما في كل الحكايات القاسية، فان المجد لا يشفع دائما. وفي كلمة مقتضبة صباح الأربعاء، داخل مصنع الفريق في ميلتون كينز، قال هورنر بصوت حاول ان يخفي ما لا يمكن اخفاؤه: “ابلغتني ريد بول بالأمس انني لن أكون منخرط في العمليات اليومية للفريق او الشركة بعد هذا اللقاء.”
قالها بنبرة حاول ان يُغلفها بالتماسك، لكن العيون من حوله قرات الانكسار في صوته. الرجل الذي حلم يوما بان يُحدث فرق، اقصي في لحظة بدا فيها كل شيء على وشك الانهيار.
نعم، ريد بول لا تزال تفوز بسباقات، وماكس فيرستابن ما زال نجم الفريق، لكن وراء الأرقام كانت علامات التأكل واضحة. تراجع في الأداء، انسحاب شخصيات رئيسية مثل المصمم الأسطوري ادريان نيوي، ورحيل المدير الرياضي جوناثان ويتلي.
الادهى من ذلك: القلق المتزايد بشأن مستقبل فيرستابن نفسه، في ظل بنود تسمح له بالخروج من عقده الطويل، وسط اهتمام جاد من مرسيدس.
الرياضة التي لطالما امتدحت عبقرية هورنر، لم تنتظر كثيرا حين بدأت النتائج تتذبذب. تماما كما ابتلعت السنوات فرقا كاملة كانت تُنسب لأساطير مثل ليجييه وويليامز، جاء الدور الان على هورنر في زمن الإدارة المؤسسية. لا وجوه تُحترم، ولا تاريخ يُراعى. فقط النتائج هي ما يكتب الاستمرار او يرسم النهاية.
الخسارة لم تكن فنية فقط، بل شخصية ايضا. مع رحيل هورنر، غادر اثنان من اقرب معاونيه: مدير التسويق اوليفر هيوز، ومدير الاتصالات بول سميث. لم يكن خروجه مجرد نهاية منصب، بل تفكيك لمنظومة كانت تُدار بروح عائلة.
المهمة الثقيلة الت الان الى الفرنسي لورون ميكيز، مدير فريق ريسينغ بولز سابقا.
قال ميكيز في بيان ترحيبي: “سنحقق معا نتائج رائعة، مستندين الى الارث المذهل الذي تركه كريستيان هورنر خلال عقدين من الزمن.”
لكن الحقيقة الصارخة: لا احد يمكنه تكرار ما فعله هورنر. قد ياتي مدير جديد، لكن بناء امبراطورية من لا شيء، كما فعل هو، لا يتكرر كل عقد.
كان من المفترض ان يمتد عقد هورنر حتى عام 2030، لكن – كما تسرب من خلف الابواب – فان الفضائح الشخصية، والصراعات الداخلية، وغياب الغطاء من مجلس الإدارة، كلها كانت كافية لإنهاء الحكاية قبل اوانها. ريد بول، في نسختها الجديدة، قررت المضي قدما، بغض النظر عن الكلفة او الرمزية.
وفي نهاية المطاف، ما حدث مع هورنر ليس غريبا في رياضة لا تعترف بالولاء، ولا تنحني للتاريخ. الفورمولا 1 لعبة لا تُدار بالعاطفة، بل بالارقام. لعبة المال، والتقنية، والإدارة، والتوقيت… وكل ما لا يُكتب في كتب المجد.
ويبقى السؤال الأكثر الحاحا اليوم في أوساط الفورمولا 1:هل يُكمل ماكس فيرستابن سلسلة السقوط في ريد بول، ويقرر الرحيل مع نهاية الموسم؟ ام ان لدى الفريق فرصة أخيرة للعودة… من دون مهندسه الأول؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال