الخميس, 28 مارس 2024

الشرق الأوسط كيف تغلب على الرياح الاقتصادية المعاكسة؟

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

اقرأ المزيد

عانت أسواق الأسهم العالمية من خسائر فادحة؛ لكنها ازدهرت في الشرق الأوسط، حيث سجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مستوى قياسي من الاكتتابات الأولية العامة في العام الماضي.

ارتفاع قياسي:

من جانبها، كشفت شركة الخدمات المهنية العالمية “إرنست ويونغ” في تقييمها للسوق خلال الربع الأخير من عام 2022، عن تضاعف عدد شركات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تم طرحها للاكتتاب العام بأكثر من الضعف خلال عام وصفته “بالممتاز”، فقد سجلت 51 إدراجًا قياسيًا جمعت من خلالها 22 مليار دولار.

في السياق، أفادت المجموعة المالية هيرميس، أحد أكبر البنوك الاستثمارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ديسمبر 2022 ، بأن عمليات الإدراج بمجلس التعاون الخليجي قد استحوذت على 23٪ من مجموع 91 مليار دولار تم جمعها من خلال الاكتتابات العامة الأولية في جميع أنحاء العالم.

فيما قال مسرور باتين، الرئيس التنفيذي لإدارة الثروات لدى بنك «بي إن بي باريبا» في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، أنه بينما تراجع العالم خطوة إلى الوراء بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والحرب في أوروبا، احتلت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مقعدًا في الصفوف الأولى.

في ذات الاتجاه يقول سامر الدغيلي، الرئيس المشارك لتمويل رأس المال والخدمات المصرفية الاستثمارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في “اتش اس بي سي”، أن هناك العديد من العوامل التي تدفع بهذا الازدهار الحالي للاكتتاب العام. سيما وأن المستثمرين ينظرون بشكل متزايد إلى الشرق الأوسط على أنه فرصة آمنة وموثوقة بالإضافة إلى أنه منطقة مفتوحة ومشجعة للأعمال.

وأفاد الدغيلي ان البنك شارك في جميع الاكتتابات العامة الأولية في المنطقة تقريبًا، مما ساعد العملاء على جمع أكثر من 19 مليار دولار في عام 2021 وأكثر من 15 مليار دولار في النصف الأول من عام 2022. لافتا إلى أنه “أدت أسعار الطاقة القوية إلى خلق سيولة، جنبًا إلى جنب مع الإصلاح وإلغاء الضوابط التنظيمية في المنطقة على خلفية تحديات اقتصادية في أماكن أخرى من العالم، مما خلق بيئة مثالية لعمليات الإدراج الجديدة، وفقًا لمجلة جلوبال فاينانس الأمريكية.

أسواق نشطة:

وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أكثر الأسواق نشاطاً في المنطقة من حيث القيمة وعدد الصفقات. فقد سجلت المملكة العربية السعودية 13 اكتتابا عاما وإدراجين مباشرين في الربع السنوي الرابع. وتضمنت عمليات الطرح الأولي العام تلك الخاصة بشركة النهدي الطبية بقيمة 1.4 مليار دولار في مارس. وشركة أرامكو السعودية لزيوت الأساس (لوبريف)، بقيمة 3.2 مليار دولار تقريبًا في ديسمبر، وشركة مرافق للكهرباء والمياه بقيمة 897 مليون دولار ، وشركة علم التقنية مقابل 819 مليون دولار. ولفت التقرير إلى أنه بين تداول وسوق الأسهم الموازية، نمو، أشرفت المملكة على أكثر من 5 مليارات دولار من العائدات المجمعة.

وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، جمعت 12 شركة 11 مليار دولار، بما في ذلك هيئة كهرباء ومياه دبي بقيمة 6.1 مليار دولار – وهو أكبر طرح عام أولي في دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2022. وشركة بروج الإماراتية المصنعة للبولي أوليفينات بقيمة 2 مليار دولار، وشركة سالك المشغلة لنظام رسوم الطرق بقيمة مليار دولار، اضافة الى صفقات أخري.

من جانبه يقول باتين أن الاكتتابات العامة الأولية الكبيرة مثل هيئة كهرباء ومياه دبي أو شركة أرامكو هي أصول حقيقية، تحقق الكثير من المال، وتستفيد من التحول في المنطقة؛ حيث يرغب المستثمرون في جميع أنحاء العالم بالمشاركة في ذلك. ويقول باتين نرى رأس المال يتم تخصيصه حيث يكون لديك تفاؤل حقيقي بالنمو للمستقبل، مدعومًا بنظام اقتصادي أفضل بشكل عام.

وتمثل خصخصة الجهات الحكومية أكبر الصفقات. ومع ذلك، انضمت شركات القطاع الخاص هذا العام أيضًا إلى قوائم مثل شركة الرعاية الصحية برجيل، التي جمعت 300 مليون دولار في سوق أبوظبي للأوراق المالية. ومنصة “تعليم” التي جمعت 204 ملايين دولار في سوق دبي المالي. وتمثل الإنجاز البارز في الإدراج المزدوج الأول في المنطقة، حيث قامت شركة مطاعم أمريكانا الخاصة بطرح أسهم في كل من تداول وسوق أبوظبي للأوراق المالية مقابل عائدات مجمعة بلغت 1.8 مليار دولار. تم توقيع مزيد من الاتفاقيات مؤخرًا للإدراج في المملكة العربية السعودية وعُمان والكويت.

تطورات مذهلة:

ويقول أحمد عبد العال، الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك المشرق، إن تطور أسواق رأس المال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مذهل وتاريخي. خاصة وأنه من خلال تعويم أصولها، تشير حكومات الشرق الأوسط إلى أسواق العالم بأنها جادة بشأن النمو المستدام والشفافية والحوكمة الرشيدة والمساءلة “، “توفر هذه الاكتتابات الأولية للمستثمرين فرصة فريدة للمشاركة في أصول وطنية ناجحة بشكل استثنائي ومستقرة مالياً مدعومة بالنمو الوطني ورؤية طويلة الأجل للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

تغييرات عميقة:

مثل هذا النشاط ممكن فقط لأن معظم دول مجلس التعاون الخليجي أجرت مؤخرًا إصلاحات لرفع مستوى أسواق رأس المال لديها لتعزيز نمو القطاع الخاص وجذب الاستثمار الأجنبي. افتتحت المملكة العربية السعودية، أكبر سوق في المنطقة، بورصتها الرئيسية للمستثمرين المؤسسيين الأجانب المؤهلين في عام 2015؛ أضافت سوقًا ثانوية، نمو، في عام 2017 قبل السماح لبعض المستثمرين المؤسسيين غير السعوديين المؤهلين بدقة بشراء الأسهم في عام 2019. وفي الوقت نفسه، بدأت معظم دول المنطقة أيضًا في السماح بملكية أجنبية بنسبة 100 ٪ للشركات، بما في ذلك الشركات المدرجة.

ويتوقع المحللون أن تستمر المنطقة في لعب دور أكبر في الاكتتابات الأولية العامة للسنوات المقبلة، في الغالب على خلفية خطط التحول الإقليمي أو رؤية 2030 أو المبادرات المماثلة في البلدان الأخرى، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الطاقة، وتشجيع للقطاع الخاص للقيام بدور أكبر في الاقتصاد ودعم المنطقة للعب دور أكبر في النظام البيئي المالي العالمي.

جهود مطلوبة:

على الرغم من الجهود التي تبذلها معظم الحكومات، إلا أن العديد من البورصات العربية لا تزال في مرحلة التطوير. يقول جريجوري هيوز، الشريك في خدمات استشارات المعاملات بشركة إرنست ويونغ: “يظل أداء ما بعد البيع والسيولة يمثلان تحديًا في بعض الأسواق، لا سيما الأسواق الإقليمية الأصغر”. يجب القيام بالمزيد من العمل لتحسين الوصول إلى أسواق رأس المال الإقليمية لأسهم النمو في المراحل المبكرة. سيكون من الرائع أيضًا رؤية المزيد من الإصدارات الأولية، مقابل الإصدارات الثانوية فقط، لتغذية المرحلة التالية من نمو المزيد من الشركات عبر أسواق رأس المال. أخيرًا، هناك دفعة مستمرة لتحسين المزيد من حوكمة الشركات والشفافية في جميع أنحاء المنطقة، وهو أمر حاسم للعمليات الفعالة للأسواق.

التحدي الآخر بحسب التقرير هو أن الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة في معظم دول مجلس التعاون الخليجي حيث يتم ربط العملة المحلية بالدولار قد يغري بعض المستثمرين للمراهنة على الودائع المصرفية بدلاً من السوق، كما حذرت المجموعة المالية هيرميس في تقريرها الأخير. ولكن بشكل عام، فإن التوقعات للمستقبل القريب إيجابية للغاية، حيث تقوم الحكومات بخصخصة المزيد من أصول الدولة.

وقد بدأ بالفعل إدراج شركة لين الخير التجارية هذا العام في السوق الموازية نمو في المملكة العربية السعودية وشركة التأمين الإسلامية “بيما” في قطر. هناك المزيد من الصفقات في طور الإعداد. وعلق عبد العال من بنك المشرق قائلاً: “من المرجح أن تؤدي توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة إلى زيادة تدفقات رأس المال الأجنبي بدعم من العملات المرتبطة بالدولار، مما يمهد الطريق لعام آخر ناجح للاكتتابات العامة الأولية”. “من ناحية أخرى، نتوقع أن تتراجع التقييمات عن أعلى مستوياتها في عام 2022.

ستستمر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في الهيمنة على السوق بحسب التقرير، على سبيل المثال، نشاطات صندوق الثروة السيادية السعودي؛ أو قيام السلطات الإماراتية بإدراج المزيد من الشركات العامة، بما في ذلك الشركات التابعة لشركة النفط الوطنية أدنوك.

كما يتعين على دول أخرى مثل عُمان أن تقدم أداءً متميزًا هذا العام، حيث من المتوقع أن تكون عمليات الاكتتاب الأولية العامة للقطاع العام في أصول الطاقة والبنية التحتية. كما تعد مصر أيضًا واحدة من أكبر المناطق التي يجب مراقبتها في عام 2023، مع تداول أكثر من 20 شركة مملوكة للدولة، بما في ذلك مزودي الخدمات المالية البارزين مثل بنك القاهرة وبنك الإسكندرية ومصر لتأمينات الحياة.

ذات صلة

المزيد