الجمعة, 19 أبريل 2024

القروض الاستهلاكية في المملكة ترتفع 35% آخر 5 سنوات إلى 428.40 مليار ريال

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

كشف رصد لصحيفة مال ارتفاع مستوى القروض الاستهلاكية في المملكة في السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تقترب من 35%، وذلك نتيجة اتجاه المواطنين إلى أنماط مختلفة من الاستهلاك تسارعة معها فاتورة الإنفاق الاستهلاكي في المملكة.

ومع زيادة مستويات التضخم في المملكة يزداد إقبال الأفراد على القروض الاستهلاكية أو قروض البطاقات الائتمانية؛ لتلبية احتياجاتهم اليومية من السلع والخدمات المختلفة. ففي العام الماضي بلغ مجموع القروض الاستهلاكية 428.40 مليار ريال بزيادة 17.3% عن عام 2020. في حين ارتفعت قروض بطاقات الائتمان بنسبة 6.1% في 2021 على أساس سنوي لتصل إلى 19.49 مليار ريال.

وأشارت “مال” إلى ارتفاع التضخم في المملكة بالربع الأخير من عام 2021 بنسبة 1.1% على أساس سنوي، وحقق زيادة بواقع 0.5% مقارنة بالربع الثالث من نفس العام. كما شهد قفزة بين شهري يناير وفبراير من عام 2022 ليرتفع من 0.3% إلى 1.6% متأثراً بصعود قسم النقل مع ازدياد أسعار البنزين نتيجة ارتفاع أسعار النفط وانعكاس ذلك على سعر الوقود وأسعار الطاقة بشكل عام.

اقرأ المزيد

معدل التضخم على مدار العام الماضي لم يشهد هبوطاً إلا في نهاية الربع الأول من 2021 وبلغت نسبته آنذاك قرابة (-1%) مقارنة بالربع الرابع من عام 2020. لكنه سرعان ما شهد زيادة على مستوى الفصول الثلاثة التالية بنسب بلغت (+0.19%) و(+0.38%) و(+0.57) على الترتيب.

ومن المتوقع أن تزداد أرقام التضخم في المملكة خلال الربع الأول من 2022 وربما تستمر حتى نهاية العام، وفقاً للمُعطيات الحالية من صعود أسعار النفط والسلع من جهة، ومن تصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية والعالمية من جهة أخرى؛ وانعكاس ذلك على أسعار كافة السلع والخدمات وارتفاع التضخم على مستوى العالم.

المملكة العربية السعودية بصفتها دولة قيادية سياسياً واقتصادياً على مستوى المنطقة العربية وتلعب دوراً مؤثراً على المستويين الإقليمي والعالمي، لم تكن بمنأى عن مشكلة الإنفاق الاستهلاكي الذي يُعرقل خطط الحكومة في إحراز أي تقدم اقتصادي.

ويشهد العالم في الوقت الحالي ارتفاعاً كبيراً في مستويات الأسعار للعديد من السلع والخدمات خاصة مع ارتفاع أسعار النفط وتكاليف الوقود على وقع الأزمة الراهنة في أوكرانيا.

وقبل أيام قليلة من حلول شهر رمضان الكريم تتجه الأسر العربية إلى عمليات الشراء وتخزين السلع بنهم كبير تبعاً لعقلية واستراتيجية نتبناها نحن فقط في عالمنا العربي؛ وهو أمر يؤدي بشكل تلقائي لزيادة أسعار مختلف السلع بما يمثل عبئاً على كاهل المواطنين.

الأزمات الطاحنة على المستوى الإقليمي والصراعات الجيوسياسية التي يخوضها العالم من حولنا من المفترض أن تدفعنا إلى إعادة التفكير في طريقة الإنفاق والاستهلاك وضرورة الترشيد قدر المُستطاع حتى لا ينعكس ذلك بالسلب على فاتورة التضخم التي ترتفع بشكل قياسي يوماً بعد يوم.

ومع قرب نهاية الربع الأول من عام 2022 يحل شهر رمضان في مطلع أبريل المُقبل بالتزامن مع بداية الربع الثاني من العام؛ وهي فترة من العام تشهد تغيراً في سلوكيات الأفراد من الناحية الاستهلاكية خاصة أن تلك الفترة تشهد أعياداً إسلامية يليها موسم الإجازات والسفر، وكلها أمور تُرجح ارتفاع فاتورة الاستهلاك وزيادة التضخم.

من الناحية الاقتصادية، يزداد الاستهلاك في شهر رمضان نتيجة عادات خاطئة يمارسها المواطن العربي في الشهر الفضيل. لكن من الناحية الدينية، يُعد رمضان شهر الإكثار من العبادات والطاعات وترك السلوكيات والعادات السلبية وخاصة تلك التي تتعلق بالإنفاق الإستهلاكي غير المُبرر والذي يؤثر بالسلب على الاقتصاد بشكل عام.

إن تبني ثقافة الاستهلاك خاصة في ظل تفشي جائحة كورونا، التي لا يعلم نهايتها إلا الله، بات من الضرورة أن نُعيد التفكير فيها لأن ذلك يؤدي إلى مخاطر لا تقتصر فقط على الجانب الاقتصادي بل تمتد للجانب الاجتماعي والسياسي.

على صعيد المخاطر الاقتصادية فالأمور واضحة، حيث تؤدى سيادة ثقافة الاستهلاك إلى انهيار المقومات الأساسية للنمو مثل الادخار والاستثمار، فالدخل القومي هو محصلة الاستهلاك والادخار، وزيادة الاستهلاك سوف تكون بالطبع على حساب الادخار الذي يساعد على زيادة التكوين الرأسمالي مما يساعد بدوره على زيادة الإنتاج والتشغيل.

وبالنسبة للبُعد الاجتماعي، فالثقافة الاستهلاكية تؤدى إلى مخاطر اجتماعية على الأسرة يأتي في مقدمتها نشر ثقافة الدول المُصدرة وما ينتج عن ذلك من تبعية ثقافية، وفقدان للهوية، فضلاً عن افتقاد العديد من السلع لمعايير السلامة الصحية، بالإضافة إلى إرباك ميزانية الأسرة المُتخمة أساساً بالالتزامات التي لا تنتهي.

أما من الناحية السياسية، فحدث ولا حرج، حيث تنقل ثقافة المستهلكين الدولة من مرحلة الاستقلالية إلى التبعية نتيحة الاعتماد على الغير في تلبية حاجات المستهلكين، فضلاً عما يترتب عن التمادي في سياسة الاستهلاك الترفي غير الرشيد التي يمتد ضررها إلى بنيان الدولة ذاتها.

لا شك بأن المواطن سيتحمل عبئاً كبيراً خلال الشهور المُقبلة لمواجهة آثار التضخم، لكن الحكومات أيضاً تتحمل عبئاً كبيراً في دعم المواطن بكافة الطرق الممكنة. ومن الضروري أن يعمل كلا الطرفين في تقليص حجم الضرر الواقع عليهما، المواطن يجب أن يقلل من الإنفاق الاستهلاكي الزائد عن الحاجة، والحكومة من جانبها يجب أن تتبع السياسة الرشيدة التي تخلق التوازن بين العرض والطلب عملاً بمبدأ “اقتصاد الضروريات”.

ذات صلة

المزيد