الخميس, 28 مارس 2024

شراء الصين للذهب .. استراتيجية تنويع أم محاولة لكسر هيمنة الدولار؟

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

واصلت الصين في رفع حيازتها من الذهب بوتيرة متسارعة مع تراجع حيازتها من النقد الأجنبي، الأمر الذي اثار تساؤلا بشأن ما الذي يعنيه ذلك؟!

موجة شراء:
قالت مجلة نيوزويك الأمريكية في تقرير حديث لها بعنوان “الصين تخزن ذهب العالم” أنه على الرغم من أن الصين تعتبر أكبر منتج للذهب في العالم، إلا أن بنكها المركزي كان في طليعة موجة شراء المعدن النفيس في السوق الدولية في إطار سعيها لتقليل اعتمادها على الدولار.
وكانت الدولة الواقعة في شرق آسيا قد أنتجت 375 طناً من الذهب في عام 2022، وفقاً لأرقام مجلس الذهب العالمي، وهو هيئة صناعية، ولكن في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، اشتري بنكها الحكومي 181 طناً من إجمالي 800 طن تم شراؤها من قبل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم.

وتقدر احتياطياتها من الذهب بـ 2113 طنًا اعتبارًا من شهر يوليو – وهو خامس أكبر احتياطي عالمي للذهب بعد الاحتياطي الفيدرالي البالغ 8133 طنًا – وتشكل الآن 4% من إجمالي أصولها المعلنة. سجل البنك المركزي الصيني زيادة في مخزونه من الذهب لمدة 11 شهرًا متتاليًا.

اقرأ المزيد

تحركات أوسع:
وفي حين أن النطاق الكامل لحيازات ومشتريات الصين غير واضح للمراقبين الدوليين، يقول الخبراء إن الزيادة في الاهتمام بالذهب هي جزء من تحرك أوسع بعيدًا عن الأصول القائمة على الدولار والذي يحدث منذ فترة، في وقت الأزمة المالية والتقلبات الاقتصادية والجيوسياسية.
لافتين إلى إنه بدلاً من السعي للتأثير على الاقتصاد الأمريكي، فإن اندفاع الصين نحو الذهب يمكن أن يكون محاولة لدعم وضعها المالي بأصول مستقرة وقابلة للبيع بشكل كبير في ظل معاناة أسواق السندات وتدهور علاقاتها مع الدول الغربية.

من جانبه، قال نيكولاس لاردي، زميل بارز في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي وخبير في الاقتصاد الصيني، لمجلة نيوزويك : “ربما تكون استراتيجية للتنويع وربما تكون جزءًا من جهد لتقليل تعرضهم لأي عقوبات محتملة قد تفرضها الولايات المتحدة على النظام المالي الصيني.

حادث البالون الصيني:
في 28 يناير 2023، دخل منطاد على ارتفاعات عالية مصدره الصين إلى المجال الجوي لأمريكا الشمالية، مما تسبب في توترات دبلوماسية. وقال الجيشان الأمريكي والكندي أن المنطاد كان جهاز مراقبة، بينما قالت الحكومة الصينية أنه منطاد أبحاث مدني للأرصاد الجوية خرج عن مساره بفعل الرياح.

وتصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة والصين منذ حادث المنطاد – وهو ما نفته بكين.
هناك أيضًا حساسية متزايدة تجاه الصين في الولايات المتحدة بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي. منذ حادثة بالون التجسس، أثيرت تساؤلات حول شراء الأراضي بالقرب من قواعد القوات الجوية الأمريكية، في حين تم اتهامها بسرقة التكنولوجيا الزراعية الأمريكية والملكية الفكرية.

دوافع استثمارية:

إلا أن دعم الموارد المالية للصين في مواجهة أي أزمة دبلوماسية محتملة مع أميركا ليس السبب المحتمل الوحيد وراء استحواذها الشره على الذهب.
فقد قال جوليان جيسوب، الخبير الاقتصادي والزميل في معهد الشؤون الاقتصادية، لمجلة نيوزويك: “أعتقد أن هذا قرار استثماري، بكل وضوح وبساطة”. “لقد قامت البنوك المركزية بتنويع أصولها بالدولار الأمريكي لبعض الوقت، لذا فإن هذا جزء من اتجاه أوسع. في الواقع، كان التحول من السندات الحكومية الأمريكية إلى الذهب قرار جيد في الآونة الأخيرة، مع تراجع سوق سندات الخزانة.

بسبب جهود للحد من التضخم بعد وباء كوفيد، قامت العديد من البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة، الأمر الذي أثر بدوره على عائدات السندات الحكومية التي أدت إلى انخفاض العائد على هذه الاستثمارات.

وفي المقابل، يُنظر إلى الذهب باعتباره استثمارًا مستقرًا نسبيًا وقادرًا على الاحتفاظ بقيمته مقابل التضخم. ومنذ عام 1971، ارتفعت أسعار العقود الآجلة للذهب بنحو 5700 %. لذلك ليس من المفاجئ أنه وفقًا لشركة غينزفيل كوينز، وهي شركة لتجارة السبائك مقرها الولايات المتحدة، فإن احتياطيات الذهب العالمية بلغت ذروتها في يونيو عند 38764 طنًا.

ولفت لاردي الى أن معظم البنوك المركزية تشعر بالقلق بشأن استقرار أصولها وسيولة أصولها وما إلى ذلك. عدد قليل جداً من البنوك المركزية تدير احتياطياتها من أجل تعزيز العائدات.

وقال الخبير الاقتصادي: ان البعض قد يعتبر بلا شك إنها لعبة سياسية تهدف إلى رفع أسعار الفائدة الأمريكية وتقويض الاقتصاد الأمريكي”. “لكن هذا من شأنه أن يضر الصين أيضًا، لأن الصين لا تزال تمتلك عددًا كبيرًا من السندات الحكومية الأمريكية، وبالتالي سوف تضر هذه الخطوة الصين وتكبدها خسائر فادحة.

في ذات السياق، تساءلت صحيفة نيكاى اليابانية عن السبب وراء انخفاض حيازة الصين من سندات الخزانة الأمريكية بنسبة 40%؟.

وتشير الصحيفة إلى أن الصين تواصل تقليص حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية، مما يثير تكهنات السوق حول دوافعها. وبلغ مخزون البلاد من الديون الحكومية الأمريكية أدنى مستوى له منذ 14 عامًا في نهاية أغسطس، مع تسارع وتيرة التراجع.

فيما قال بعض المحللين إن السلطات النقدية الصينية تقود التحرك لدعم اليوان، بينما يلقي آخرون باللوم عليها في تراجع السندات الأخير في الولايات المتحدة.

ذات صلة

المزيد