الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا يحيى إنسان بكرامة في (عصرنا) إذا نقصه أحد عناصر مقوماته الطبيعية (المسكن والمأكل والملبس والعلاج والتعليم والمواصلات). لا غنىً لحياته عنها (مجتمعةً). فأنّى له ذلك في خضم غلاء ماحق ؟
الجواب هو (العمل)، أثمن سلعة يقايض بها رب العمل بعائد يفترض أن (يضمن) له حاجياته (الأساسية) وهو الأجر.
لذا فإن مطلب الحد الأدنى للأجور هو لضمان أدنى درجات (الحياة الكريمة). أي ما نسميه حد (الكفاية) لمعيشة الفرد ومن يعول دون إسراف أو تقتير وفقاً لمستوى معيشة المجتمع سعةً أو ضيقاً. أمّا إن اقتصر الأجر على الضروريات الأولى (سكن ومأكل) فقط فيُسمى حد (الكفاف).
والمؤمل تصحيحه في مفهوم الأجر أن يرتبط بالوظيفة ومهامها لا بـ (لون بشرة) شاغلها، فـ (التفرقة) في أجور نفس الوظيفة بين (الأيدي الوطنية) واليد الغربية وأيادي العالم الثالث لنفس المؤهلات العلمية والخبرات والمهارات تُعد من معوقات توطين الوظائف وارتفاع البطالة. لذلك لن نرى (استقطاباً) على مستوى الوظائف العليا، و لا (جاذبيةً) لسعودة الوظائف الدنيا.
صحيح أن المسألة عرض وطلب، لكن (إغراق) السوق بأيدي عاملة رخيصة يصرف أصحاب العمل عن وضع أجور تضمن حد الكفاية لـ (سواعد) الوطن، فما تفعله وزارة الداخلية من تصحيح أوضاع المقيمين، واستمرار حملات العمل التفتيشية للتأكد من التزام أطراف العمل بالأنظمة سيكون له دور إيجابي (لتحجيم) هذا الإغراق.
على أن مسألة الحد الأدنى للأجور لم تُحل حتى في بريطانيا أسبق الدول للاعتراف بالأهلية الكاملة للنقابات العمالية في 1871م إذ يشغل نحو مليون بريطاني وظائف بعقود لا تضمن حداً أدنى للأجر، كما كان رفع الأجر الأدنى في الساعة الواحدة من 7.25 إلى 9 دولار إحدى النقاط الرئيسية لبرنامج الرئيس الأمريكي أوباما في حملته الانتخابية الرئاسية الثانية.
أما في سويسرا التي لديها أعلى تصنيف أوروبي في مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2010م، فقد قامت (ثورة) ضد الأجور (الفاحشة) بعد تسجيل التصنيف السنوي لنقابة العمل السويسرية أكبر (فجوة) في الأجور عام 2012 في شركة روش للأدوية بـ 261 ضعفاً مقارنة بأدنى راتب، فقد كان المدير التنفيذي سيفيرين شفان يتقاضى راتب 15.791 مليون فرنك. ثم أتى بول بولكي المدير التنفيذي لشركة نستله في المركز الثاني براتب 12.608 مليون فرنك بـ 238 ضعفاً. فخرجوا بمبادرة تنص على (12:1) أي أن لا يزيد أعلى راتب في أي منشأة عن إثني عشر ضعفاً من أدنى راتب فيها. فيضطر أصحاب الرواتب العليا إلى (التفكير) في زيادة الرواتب الدنيا كلما أرادوا زيادة دخلهم. و كان التنافس بين المؤيدين والمعارضين على أشده بأربعة وأربعين صوتاً لكل منهما في التصويت الأولي حتى رُفض في استفتاء 24 نوفمبر2013 بأغلبية 65%.
تُعتبر (طاولة) منتدى الحوار الاجتماعي في السعودية من أدوات (السلم) الأهلي و (الأمن) الاجتماعي حتى عندما تكتنفها (أضرى) المعارك بين أصحاب العمل الممثلين بمجلس الغرف السعودية حاملي لواء حد (الكفاف) وبين العمال الممثلين باللجنة الوطنية للجان العمالية صاحبة لواء حد (الكفاية)، لتؤول (مسؤولية) إيجاد أرضية مشتركة إلى (عاتق) وزارة العمل حاملة راية (الوطن) بما تقضيه مصلحة (المواطن) التي تكمن (بإقرار) حد أدنى للأجور لا يقل عن (6000) ريال (لا غير).
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال